عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 12 Dec 2007, 11:26 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

الأمر الحادي عشر: التثبت والثبات

ومن أهم الآداب التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم : التثبت فيما ينقل من الأخبار ، والتثبت فيما يصدر من الأحكام ؛ فالأخبار إذا نقلت فلابد أن تتثبت –أولاً- هل صحت عمن نقلت إليه أو لا ؛ ثم إذا صحت فتثبت في الحكم ؛ ربما يكون الحكم الذي سمعته مبنياً على أصل تجهله أنت ؛ فتحكم أنه خطأ، والواقع أنه ليس بخطأ .

ولكن كيف العلاج في هذه الحال ؟

العلاج: أن تتصل بمن نُسب إليه الخبر وتقول: نُقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح؟ ثم تناقشه ؛ فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه -أول وهلة سمعته - لأنك لاتدري ما سبب هذا المنقول ؛ ويقال "إذا علم السبب بطل العجب" ؛ فلابد أولاً من التثبت في الخبر والحكم، ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أم لا ، ثم تناقشه ؛ إما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه ، أو يكون الصواب معك فيرجع إليه.

وهناك فرق بين الثبات والتثبت .فهما شيئان متشابهان لفظاً مختلفان معنى.

فالثبات معناه : الصبر والمثابرة ، وألا يمل ولا يضجر و ألا يأخذ من كل كتاب نتفة، أو من كل فن قطعة ثم يترك؛ لأن هذا الذي يضر الطالب، ويقطع عليه الأيام بلا فائدة ؛ فمثلاً بعض الطلاب يقرأ في النحو : في الآجرومية ومرة في متن قطر الندى، ومرة في الألفية ؛ وكذلك الحال في: المصطلح، مرة في النخبة، ومرة في ألفية العراقي ؛ وكذلك في الفقه: مرة في زاد المستقنع، ومرة في عمدة الفقه، ومرة في المغني ، ومرة في شرح المهذب ؛ وهكذا في كل كتاب، وهلم جرا ؛ هذا في الغالب لا يحصلُ علماً ؛ ولو حصل علماً فإنه يحصل مسائل لا أصولاً ؛ وتحصيل المسائل كالذي يتلقط الجراد واحدة بعد الأخرى ؛ لكن التأصيل والرسوخ والثبات هو المهم ؛ فكن ثابتاً بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع وثابتاً بالنسبة للشيوخ الذين تتلقى عنهم ؛ لا تكون ذواقاً كل أسبوع عند شيخ، كل شهر عن شيخ ؛ قرر أولاً من ستتلقى العلم عنده ؛ ثم إذا قررت ذلك فاثبت ولا تجعل كل شهر أو كل أسبوع لك شيخا ؛ ولا فرق بين أن تجعل لك شيخاً في الفقه وتستمر معه في الفقه، وشيخا آخر في النحو وتستمر معه في النحو، وشيخاً آخر في العقيدة والتوحيد وتستمر معه ؛ المهم أن تستمر لا أن تتذوق ؛ وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة وجلس عندها أياماً طلقها وذهب يطلب أخرى.

أيضاً التثبت أمر مهم ؛ لأن الناقلين تارة تكون لهم نوايا سيئة، ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه قصداً وعمداً ؛ وتارة لا يكون عندهم نوايا سيئة ولكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أُريدَ به ؛ ولهذا يجب التثبت، فإذا ثبت بالسند ما نٌقل أتى دور المناقشة مع صاحبه الذي نقل عنه قبل أن تحكم على القول بأنه خطأ أو غير خطأ ؛ وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة أن الصواب مع هذا الذي نٌقل عنه الكلام.

والخلاصة أنه إذا نقل عن شخص ما، ترى أنه خطأ فاسلك طرقا ثلاثة على الترتيب:

الأول : التثبت في صحة الخبر.
الثاني: النظر في صواب الحكم، فإن كان صواباً فأيده ودافع عنه، وإن رأيته خطأ فاسلك الطريق الثالث
وهو : الاتصال بمن نسب إليه لمناقشته فيه وليكن ذلك بهدوء واحترام.

رد مع اقتباس