عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 09 Feb 2010, 10:42 AM
أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

متى يكون العفو (( التجاوز عن العقوبة )) محمودا يستحق الثناء فاعله ؟


وقوله : (أو تعفوا عن سوء) : العفو: هو التجاوز عن العقوبة.
فإذا أساء إليكم إنسان فعفوت عنه ؛ فإن الله سبحانه وتعالى يعلم ذلك. ولكن العفو يشترط للثناء على فاعله أن يكون مقروناً بالإصلاح ؛ لقوله تعالى : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) (الشورى: من الآية40) ، وذلك أن العفو قد يكون سبباً للزيادة في الطغيان والعدوان ، وقد يكون سبباً للانتهاء عن ذلك، وقد لا يزيد المعتدي ولا ينقصه.
1- فإذا كان سبباً للزيادة في الطغيان ؛ كان العفو هنا مذموماً ، وربما يكون ممنوعاً ؛ مثل أن نعفوا عن هذا المجرم ، ونعلم - أو يغلب على الظن أنه يذهب فيجرم إجراماً أكبر ؛ فهنا لا يمدح العافي ؛ عنه ، بل يذم.
2-وقد يكون العفو سبباً للانتهاء عن العدوان ؛ بحيث يخجل ويقول : هذا الذي عفا عني لا يمكن أن أعتدي عليه مرة أخرى، ولا على أحد غيره. فيخجل أن يكون هو من المعتدين ، وهذا الرجل من العافين ؛ فالعفو محمود ومطلوب وقد يكون واجباً.
3-وقد يكون العفو لا يؤثر ازدياداً ولا نقصاً ؛ فهو أفضل لقوله تعالى : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(البقرة: من الآية237) .
وهنا يقول تعالى: ( أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً )؛ يعني: إذا عفوتم عن السوء ؛ عفا الله عنكم ، ويؤخذ هذا الحكم من الجواب: ( فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) ؛ يعني : فيعفو عنكم مع قدرته على الانتقام منكم ، وجمع الله تعالى هنا بين العفو والقدير؛ لأن كمال العفو أن يكون عن قدرة . أما العفو الذي يكون عن عجز ؛ فهذا لا يمدح فاعله ؛ لأنه عاجز عن الأخذ بالثأر . وأما العفو الذي لا يكون مع قدرة ؛ فقد يمدح لكنه ليس عفواً كاملاً، بل العفو الكامل ما كان عن قدرة.
ولهذا جمع الله تعالى بين هذين الاسمين ( العفو) و ( القدير ) :
فالعفو: هو المتجاور عن سيئات عباده، والغالب أن العفو يكون عن ترك الواجبات، و المغفرة عن فعل المحرمات.



انظر (شرح العقيدة الواسطية)

الشيخ العلامة الإمام
محمد الصالح العثيمين
رحمه الله

رد مع اقتباس