عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22 Aug 2019, 05:30 PM
أبو جويرية عجال سامي أبو جويرية عجال سامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2018
المشاركات: 147
افتراضي معالم منهجية في بيان الشيخ أبي أسامة




معالم منهجية في بيان الشيخ أبي أسامة


الحمد لله فالق الإصباح محب الإصلاح والحاث عليه {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} محب الانتصار للحق ونجدة المظلوم {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ومحب العدل والإقساط وتقديم الحق وإيثاره ولو على أقرب قريب {فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه الكرام أما بعد:

فقد ظهرت كتابات عديدة تطلق الأحكام جزافا وتنقد المقالات بالاطلاقات والدعاوي، بلا تفصيل ولا تبيين َولا تحقيق ولا تدقيق، بعضها تتضمن توصيفات خطيرة وأحكاما جريئة على وقع بيان الشيخ أبي أسامة الذي تراجع به من من آراء الفرقة لنور الجماعة ومن منهج المفرقين لسبيل العلماء الربانيين الراسخين حلاه بحقائق علمية تفصيلية وكان حريا بمن نقده أن يقابل الحجة بالحجة والتفصيل بالتفصيل لا أن يكون جبارا في العلم عصيا فيطلق الأحكام على عواهنها دون دليل ولا برهان فهذا والله منهج جبار وحش، لا تقبله الفطر السوية التي تشبعت بمثل قوله تعالى {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}. وحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجالٌ أموال قومٍ ودماءهم، لكن البينة على المدَّعِي، واليمين على من أنكر»؛ حديث حسنٌ،*(رواه البيهقي وغيره هكذا، وبعضه في الصحيحين).
وإن من منهج أهل العلم الراسخين عدم إغفال هذا والتفطن لتمريراته بين طيات الكلام وفي عمومات الإبهام والإجمال فإن التلبيس الذي هو سيما اليهود هو سوس العلم بالحقيقة فبه تنخر عظامها وتصبح هشيما تذروه الرياح، ولذلك كان حتما لازما على من ولج باب الحكم على الرجال خاصة في عصرنا الذي فشا فيه الكذب والشهادة بالزور حتى تسبق شهادة الرجل يمينه ويمينه شهادته، كان حتما عليه أن يكون كيسا محتاطا، فطنا بهذه الأساليب والألاعيب وهي صفة العلماء الراسخين العارفين كفضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله
ومن هنا تدرك سر اعتبار العامة للأدلة المنشورة أنها بينة للعميان في قلة أدب منقطعة النظير وهم يعلمون جيدا أن أهل التحقيق والاختصاص درسوا ما فيها فما وجدوه يحسب ذرا في موازين الاعتبار
كان المفروض أن يقابل البيان الذي كتبه الشيخ ابو أسامة بالمناقشة والتحقيق وأن يتحلى من يتصدى لذلك بالعلم والإنصاف لكن للأسف الشديد مورس إرهاب فكري شديد وحاص الكثير من الشباب والكتاب وأطلقوا من سهام الإجمال ما أطلقوا وكان حريا بكل عاقل مشاهد ومتابع لما يجري أن تكون هذه الحيصة من أمارات فساد منهج هؤلاء وحيفهم فبين عشية وضحاها صار الشيخ الفاضل عندهم مجرد صعفوق مغمور وسلبوه كرامته و علمه وأنكروا جهاده وجهوده ولو كانوا أهل عدل وورع لخطؤوه وحفظوا كرامته ونصحوا له وبينوا له بالحجة والبرهان ما ينقض ما خطته يمينه بحسبهم، فالأصل أن المؤمن وفي لإخوانه وشيوخه مقر بفضلهم وسابقتهم وإن زلت بهم قدم قوموه بالطرق المثلى فكيف والذي قرره هو عين الحق والإنصاف الذي عليه جمع من أهل العلم على رأسهم رجلان من أكابر العلماء في زماننا يدعوان إليه ويصبران عليه رسوخا وثباتا رغم كثرة الغوغاء التي تهاطلت على مجالسهم وبخاصة الإمام ربيع هادي فقد أرسل له المشغبون جنودهم بل وثبت عن بعض أصحاب المال من المفرقين ومسعري هذه الفتنة العالمية أنهم دفعوا أموالا كثيرة ليذهبوا بكثير من أتباعهم إلى العمرة قصد النزول على العلامة ربيع بأسلوب المكاثرة والمهارشة فدخلوا بيته وأساؤوا إليه ولبنيه وطعنوا فيهم وأكثروا عليهم بالجلبة والصراخ ونقل كل أنواع الكلام التي تمر على جبل راسخ ثابت يستقريها بقوانين العلم وقواعده ويخضعها له فلا يمر منها إلا الصحيح ولا يعتبر منها إلا سليم الدلالة فكانت النتيجة التي توصل إليها هذا الامام أن لهم حمية كبيرة وعصبية هوجاء وأنهم لم يتربوا تربية سلفية ولم يعرفوا حقيقة المنهج السلفي، وهو نفس الأسلوب الذي أمر به أحد كبار المفرقة عندنا أتباعه حتى نطق البكم الذين لم يسبق لهم نطق في مثل هذه القضايا وتكلموا من باب توقيع الحضور وإظهار البيعة للمرشد العام، ذكرتني هذه الوفود من العامة الذين يحشدون لكل من جهر بموقف طيب جنودهم فيحيطون بالصادع، ذكروني بطريقة اهل الانتخابات تجدهم ينقلون الأتباع من ولاية لأخرى ومن دشرة لأخرى قصد الاستقواء بالكثرة وإرهاب الخصم وإظهاره في صورة الضعيف الشاذ الغريب وهنا لا يثبت إلا الراسخ الذي عقد قلبه على طاعة الله والإخلاص له أهل الله وخاصته أهل القرآن أهل قوله تعالى ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا الا الله وكفى بالله حسيبا) وقوله ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)
فحري بالمتابع لهذا الوضع أن يتأمل سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأن يتأمل قصص الانبياء سادات الدعاة وأئمتهم وأن يتدبر في سور القرآن التي تحكي ذلك وأن يعتبر في محن العلماء، وإن رجالا تفطنوا لمكايد عظيمة حيكت للسنة وانقلابات فكرية على منهج الحق فقاموا قومة صدق أيدهم فيها العلماء ذبا عن شريعة الله المطهرة حقيقون بتوفيق الله ونصرته لهم لا خذلهم في آخر أعمارهم وقد شهد لهم من شهود الله تعالى الكم الهائل من أولي العلم الذين قال اللهم فيهم (شهد الله أنه لا إله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط) وإن بيان الشيخ أبي أسامة الذي وصفه بعضهم بالمشؤوم ظهر فيه من معالم منهج أهل السنة نقاط عديدة لا يحل لمخلوق أن يصفها بالشؤم بل من وصفها بذلك فهو منتكس المنهج زائغ الفطرة مبطل على شفا جرف هار يقول إفكا من القول وزورا مبينا ومن هذه المعالم المنهجية
1/ رجوعه الصريح لكبار العلماء ولزوم غرزهم في الفتن المدلهمة
ويتجلى ذلك في مثل قوله ( فإنَّني وببالغ الأسى والحسرة على ما آلت إليه الأمور أتقدَّم أمامكم لأُعلمكم أنَّني راجع إلى ما دعا إليه كبار العلماء)
وقوله (وبعد فعل ما استطعت من النظر في الأدلة وفي نصائح العلماء الكبار الغيورين على هذه الدعوة)
وهذا من تأدبه بقول الله – تبارك وتعالى -: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً*[النساء: 83].
قال محمد بن الحسين الآجري – رحمه الله -:*(فما ظنكم –رحمكم الله- بطريق فيه آفات كثيرة، ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلة ظلماء، فإن لم يكن فيه ضياء وإلا تحيروا؛ فقيض الله لهم فيه مصابيح تضيء لهم، فسلكوه على السلامة والعافية. ثم جاءت طبقات من الناس لابد لهم من السلوك فيه فسلكوا، فبينما هم كذلك إذ طفئت المصابيح، فبقوا في الظلمة؛ فما ظنكم بهم؟!
هكذا العلماء في الناس، لا يعلم كثير من الناس كيف أداء الفرائض، ولا كيف اجتناب المحارم، ولا كيف يعبد الله في جميع ما يعبده به خلقه؛ إلا ببقاء العلماء، فإذا مات العالم تحير الناس، ودرس العلم بموتهم، وظهر الجهل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، مصيبة ما أعظمها مصيبة) (أخلاق العلماء)) للآجري (ص: 28 - 29).
ولا شك أن تهميش نصائح العلماء والإعراض عن توجيهاتهم حكم عليهم بالموت إذ النتيجة واحدة
فمن معالم المنهج السلفي الرجوع لأهل العلم والإنصات لهم وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه
بَابا في هذا سماه الإِنصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ
وأورد فيه حديث " جَرِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -*قَالَ لَهُ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ:*"اسْتَنْصِتِ النَّاسَ،*فَقَالَ:*لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض
وقال شيخنا ربيع بن هادي حفظه الله :
في الحوادث والنوازل يعني لا يتكلم فيها إلا أفذاذ أهل العلم، حتى كثير من العلماء قد لا يرتفع إلى هذا المستوى، ولهذا قال الله عز وجل ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم))، أولوا الأمر هم العلماء والحكام، وليس كل واحد منهم يستطيع أن يواجه الأحداث بالاستنباط والتغلغل في معرفة الأحكام، إلا الأفراد، فالآن إذا جاءت الأحداث خاض الناس، يخوض الرجال والنساء والأطفال وصغار طلاب العلم! هذه الأمور تسند إلى أولي الأمر المسلمين وإلى من هو أرقى وأعرف بمواجهة الأحداث، هذه الأمور -يا إخوة- الآن ما الذي يجعل كثيرا من الطيبين يختلفون؟ هو الخوض في أمور لا يحسنونها، فهذه الأمور والأحداث والنوازل ترجع إلى نوعية خاصة من العلماء بارك الله فيكم، لا لكل أحد، فأرى أن [جماعة]كلهم على منهج واحد ولكن يختلفون ويحذر بعضهم من بعض، ما أصل هذا التحذير؟ من أسباب هذا التحذير الخوض قي الكلام، وإذا خاضوا في الكلام أدى إلى فرقة، وإذا جاءت الفرقة نشأت الآراء الفاسدة التي قد تسبب التحذير، فأرى أن من أسباب هذه الفرقة والاختلافات والتنابز بالألقاب و..و..إلخ، من أسبابها أن كل الناس يخوضون في هذه المعاميع التي ليسوا أهلا لها، ولو ردوا الأمر إلى أهله لما وُجدت مثل هذه الخلافات وهذه التحذيرات وهذه الفرقة، فتعلموا يا إخوة، و"السعيد من وعظ بغيره"، و"لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين"، فلا تلدغوا مرارا، وإذا حدث أمر فلا تتسرعوا بالخوض فيه، فإن ذلك يجر إلى الفرقة ويجر إلى التحزب ويجر إلى فتن ومشاكل لا أول لها ولا آخر، والله قد أدبنا هذا الأدب في هذه الآية التي قرأتها عليكم، فافهموها حق الفهم و"دعوا القوس لباريها" كما يقال، ليس كل واحد يحسن الرمي وإنما يحسنه العلماء، بارك الله فيكم.
[شريط بعنوان: إزالة الإلباس عما اشتبه في أذهان الناس]*
وهذا من أسباب السلامة والنجاة وعدم الزعزعة والضياع يقول الشاعر
إن الأمور إذا الأحداث دبَّرها *** دون الشيوخ ترى في سيرها الخللا
ويقول القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي:
متى يصل العِطاش إلى ارتواءٍ *** إذا استقت البحارُ من الركايا
ومن يَثني الأصاغر عن مرادٍ *** وقد جلس الأكابر في الزوايا
فتقدم الأصاغر على العلماء من البلايا الجسيمة ولست مجملا هذا اللفظ فمرادي بالعلماء فضيلة الشيخ ربيع وفضيلة الشيخ عبيد وإخوانهم من المشايخ ولا يقولن قائل حصرتم المسألة في شيخين اثنين أو ثلاث أو أربع نقول جوابا علي هذا التهويل سموا لنا أعلى منهما شأنا و رتبة من المتكلمين في هذه الفتنة إلا وهو في رتبة طلابهم أو دون ذلك بل تجده من جملة من حذروا منه سابقا وتركوه
فالله المستعان على غلبة السفهاء وقلة أنصار العلماء وقد رأيت كلمة موفقة للفاضل المرابط أبي معاذ يتحدث فيها عن موت العلماء الكبار الذين طالما كانوا سندا للعلامة ربيع وطالما وقفوا في صفه لعلمهم الراسخ بقوة مواقفه وانبثاقها من الأدلة الشرعية الملزمة لكن كما يقول الشاعر
إذا استوت الأسافل والأعالي *** فقد طابت منادمة المنايا
فقد سوي بين العلماء وبين مجاهيل تويتر وصبيان النت، استوت الرؤوس وصاروا يقولون ويعقبون تحت ذريعة هم رجال ونحن رجال فليتهم يفقهون ان كلمة الطير تصدق على الصقر والدجاجة
قال السمعاني: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمه الله: قلت لأبي: ما لك لم تسمع من إبراهيم بن سعد، وقد نزل بغداد في جوارك؟ فقال: اعلم يا بني أنه جلس مجلسًا واحدًا، وأملى علينا، فلما كان بعد ذلك خرج، وقد اجتمع الناس، فرأى الشباب تقدموا بين يدي المشائخ، فقال: ما أسوأ أدبكم! تتقدمون بين يدي المشائخ؟! لا أحدثكم سنة، فمات، ولم يحدث [أدب الإملاء والاستملاء " للسمعاني ص (120) ] .
ومن المعالم المنهجية أيضا
2/ تعظيم السنن والرجوع للحق متى تبين
يتجلى ذلك في مثل قوله ( أتقدَّم أمامكم لأُعلمكم أنَّني راجع) وقوله (وبعد أن نبَّهني جماعة من طلبة العلم ممَّن يحب لي الخير فأطلعوني على كثير من الحقائق المغيبة بسبب قاعدة التهميش، فتبيَّن لي أنَّني كنت مخطئًا)
وقوله (لأنَّني لاشك معنيٌّ بهذا الحديث، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) متفق عليه) وقوله (ولم نؤمر أن نشق عمَّا في قلوب الناس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ، وَمَن حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيءٍ) والحديث صححه الألباني في (الإرواء) (2698). انتهى كلامه
وهذا الاحتجاج منه بالسنة والرجوع لدلالتها معلم عظيم من معالم أهل السنة فقد
أخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (سورة النساء الآية 59) قال: الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة.
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: إذا بلغك عن رسول الله حديث، فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغا عن الله تعالى، وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله، العلم بالآثار) ، وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين) .
وقال الشافعي رحمه الله (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا صحيحا فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب) . وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولا وجاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط) ،
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا، وقال أيضا رحمه الله: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي سفيان، والله سبحانه يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} سورة النور الآية 63 ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك) ،
وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال:*كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، وقال موفق الدين ابن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام،*ما نصه:*(والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله بطاعته، وتحذيره من مخالفة أمره)*. انتهى المقصود،*وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى:*{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(سورة النور الآية 63)*أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته، وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان،*كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:*«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد*صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256)**» .*أي:فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا:*{أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}*سورة النور الآية 63*أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة*{أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(سورة النور الآية 63)*أي: في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك. كما روى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه،*قال:*هذا ما حدثنا أبو هريرة،*قال:*قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها،*قال:*فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها*أخرجاه من حديث عبد الرزاق.(صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3427) ، صحيح مسلم الفضائل (2284) ،)*»
وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة:*(مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة)*ما نصه:*(اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة)*انتهى المقصود. والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جدا، وأرجو أن يكون في ما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق) مجموع فتاوى الشيخ بن باز 1/221،220،219
ومنها أيضا:
3/ ذم الفرقة والاختلاف والدعوة للاجتماع والائتلاف
كما في قوله (أن الشيخين الكريمين الفاضلين ربيعا بن هادي، وعبيدًا الجابري -حفظهما الله وبارك فيهما- قد قاما بما هو الحق من الدَّعوة إلى الاجتماع والائتلاف ونبذ الفرقة والخلاف، والسَّعي إلى إصلاح ذات البين والدعوة إلى معالجة الأخطاء برفق ولين وترك الشدة المهلكة في معالجة أخطاء لم تصل إلى حد البدعة،) وقوله (وقد ثبت بالدليل أن (مشايخ الإصلاح) سعوا للإصلاح والاجتماع ومناقشة الأمور والمصارحة والمعالجة بالحكمة وبذلوا ما لا يبذله غيرهم لو كان مكانهم وقد بيّنوا ذلك ولم ينكره أحد، في حين أن المشايخ المناوئين لهم تنصَّلوا وماطلوا وأوصدوا جميع الأبواب دون أي اجتماع، كما جاءت الوصية في مكالمة الشيخ محمد بن هادي مع الشيخ لزهر) انتهى كلامه
وهذا منبثق من مثل قوله تعالى:*وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ*[آل عمران: 105 - 107].
قال ابن جرير رحمه الله يعني بذلك جل ثناؤه:*(ولا تكونوا يا معشر الذين آمنوا كالذين تفرقوا من أهل الكتاب، واختلفوا في دين الله وأمره ونهيه، من بعد ما جاءهم البينات، من حجج الله، فيما اختلفوا فيه، وعلموا الحق فيه، فتعمدوا خلافه، وخالفوا أمر الله، ونقضوا عهده وميثاقه، جرأة على الله، وأولئك لهم يعني ولهؤلاء الذين تفرقوا، واختلفوا من أهل الكتاب، من بعد ما جاءهم عذاب من عند الله عظيم،*يقول جل ثناؤه:*"فلا تفرقوا يا معشر المؤمنين في دينكم تفرق هؤلاء في دينهم، ولا تفعلوا فعلهم، وتستنوا في دينكم بسنتهم، فيكون لكم من عذاب الله العظيم مثل الذي لهم)*((جامع البيان)) (4/ 39)..
ثم ذكر ابن جرير بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما:*(قوله: وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ[آل عمران: 105]: ونحو هذا في القرآن أمر الله جل ثناؤه المؤمنين بالجماعة، فنهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله)*((جامع البيان)) (4/ 39)..
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآيات السابقة:(ينهى الله تبارك وتعالى هذه الأمة أن يكونوا كالأمم الماضين في افتراقهم واختلافهم وتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قيام الحجة عليهم)*(((تفسير القرآن العظيم)) (1/ 390))
4/ الاعتبار بمواقف العلماء والسابقين
كما في قوله ( فعلى سبيل المثال قد دافع الشيخ ربيع عن الشيخ فركوس وردَّ طعونات فالح الحربي فيه وقال: (إذا عندكم ملاحظات قدِّموها بالرفق، عقلاؤكم يقدمونها وبأدب، لا تشهِّروا) كما بيَّن -حفظه الله- أن معالجة الأخطاء بتلك الشدة والتَّحامل يؤدي إلى موت السلفية.
وهذا هو نفس كلامه اليوم في الدفاع عن (مشايخ الإصلاح) وطلبة العلم، وهكذا فعل مع الشيخ لزهر لمَّا ردَّ عليه من رد من أهل العلم وطعن فيه فالح، فرد الشيخ ربيع على فالح الحربي وقال عن أزهر: (وعنده بعض الأخطاء التي تستدعي المناصحة الأخوية لا هذه الحرب الشديدة التي شنَّها عليه الشيخ فالح وهذا التضليل والتجهيل استجابة لتحريشات المجهولين المغرضين الذين يسعون في تفريق أهل السنة وتشتيتها)
انتهى كلامه
فهذا الاقتداء منه بمواقف العلماء وعدم استحداث أقوال خارجة عن أسانيد أهل السنة وأئمتهم من تأدبه بالمنهج السلفي كما قال مجاهد- في قول اللّه تعالى: (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) [الفرقان/ 74] قال: أئمّة نقتدي بمن قبلنا، ويقتدى بنا من بعدنا.[قال الحافظ في الفتح (13/ 265) [أخرجه الفريابي والطبري وغيرهما]
وعن إبراهيم النّخعيّ؛ قال: لقد أدركت أقواما، لو لم يجاوز أحدهم ظفرا لما جاوزته، كفى إزراء على قوم أن تخالف أفعالهم .[رواه الدارمي (1/ 83) برقم (218)].
وهذا لكمال ورع الائمة المتبوعين وعظيم تدينهم
عن وهب بن منبّه؛ قال: كان جبّار في بني إسرائيل يقتل النّاس على أكل لحوم الخنازير، فلم يزل الأمر ... حتّى بلغ إلى عابد من عبّادهم، قال: فشقّ ذلك على النّاس، فقال له صاحب الشّرطة: إنّي أذبح لك جديا، فإذا دعاك الجبّار لتأكل فكل، فلمّا دعاه ليأكل أبى أن يأكل، قال: أخرجوه فاضربوا عنقه، فقال له صاحب الشّرطة: ما منعك أن تأكل وقد أخبرتك أنّه جدي قال: إنّي رجل منظور إليّ، وإنّي كرهت أن يتأسّى بي في معاصيّ، قال: فقتله.[كتاب الورع لابن أبي الدنيا (114- 115)]
اللهم إلا أن يكون في ذلك ترك للكتاب والسنة أو اقتداء بالزلل والغلط
- قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : كانت الأئمّة بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السّنّة لم يتعدّوه إلى غيره اقتداء بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.[فتح الباري (13/ 351) ].
5/ معرفة الفضل لأهل الفضل وذوي السابقة

كما في قوله (فكيف تُحذف نصائح من يُعد على رأس البقية الباقية من العلماء الربانيين الذين يرشدون إلى الحق ويدلون عليه وينصحون أبناءهم ويشفقون عليهم.
فالواجب إنكار هذا الفعل والبراءة إلى الله منه)

وهذا من فعل السلف وصنيعهم مع أئمتهم من سالف الأزمان معرفة لفضلهم وإمامتهم وتقديرا لهم وتبجيلا فقد سئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة، فقال: إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا [سير أعلام النبلاء " (8/ 420)].
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: « ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا » [سنن الترمذي (1920) وقال الألباني صحيح] .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: «أخبروني بشجرة مَثلها مَثَلُ المسلم، تؤتي أكلَها كلَّ حين بإِذن ربها، لا تَحُتُّ ورقها»، فوقع في نفسي النخلة، فكرهت أن أتكلم، وثَمَّ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما لم يتكلما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة»، فلما خرجتُ مع أبي قلت: يا أبت وقع في نفسي النخلة، قال:، ما منعك أن تقولها؟ لو كنت قلتها كان أحبَّ إلي من كذا وكذا، قال: ما منعني إلا لم أرك ولا أبا بكر تكلمتما، فكرهتُ [متفق عليهما] .
عن معمر عن الزهري قال: إن كنت لآتي باب عروة فأجلس، ثم أنصرف، ولا أدخل، ولو أشاء أن أدخل لدخلت؛ إعظاماً له* تاريخ ابن ابي خيثمة 3/73 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، (ص 62)].
عن عاصم قال: كان أبو وائل عثمانيًّا، وكان زِرُّ بن حُبيش علويًّا، وما رأيتُ واحدًا منهما قط تكلم في صاحبه حتى ماتا، وكان زِرٌّ أكبرَ من أبي وائل، فكانا إذا جلسا جميعًا، لم يُحدث أبو وائل مع زِرٍ - يعني يتأدب معه لسنِّه [سير أعلام النبلاء (168/ 4)
6/ الذب عن العلماء

كما في قوله عن العلامة ربيع (فلا وجه لمحاولة تصويره بصورة المُغْلَق عليه والحكم عليه بأنه تغيَّر وأصبح يُملَى عليه)
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: قال الحافظ ابن عساكر: كان العبدري أحفظ شيخ لقيته، وكان فقيهًا داوديًّا .. وسمعته وقد ذُكر مالكٌ فقال: جِلف جاف؛ ضرب هشام ابن عمّار بالدرة، وقرأت عليه الأموال لأبي عبيد فقال -وقد مر قول لأبي عبيد-: ما كان إلا حمارًا مغفلاً لا يعرف الفقه، وقيل لي عنه: إنه قال في إبراهيم النَّخَعَي: أعورُ سوء، فاجتمعنا يومًا عند ابن السمرقندي في قراءة كتاب الكامل فجاء فيه: وقال السعدي كذا ، فقال: يكذب ابن عَديّ، إنما ذا قولُ إبراهيم الجوزجاني، فقلت له: فهو السعديُ، فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب؟ تقول في إبراهيم كذا وكذا، وتقول في مالك: جاف، وتقول في أبي عبيد؟! فغضب، وأخذته الرعدة، وقال: كان ابن الخاضبة والبَردانيّ وغيرهما يخافونني فآل الأمر إلى أن تقول فيَّ هذا؟! فقال له ابن السمرقنديّ: هذا بذاك ، فقلت: إنّما نحترمك ما احترمت الأئمة ..[سير أعلام النبلاء (19/ 581)] .
7/ النهي عن الغلو والتعصب

يتجلى ذلك في قوله (وفي مقابل محاولة إسقاط الشيخين والتشويش على أحكامهما نرى غلوا في غيرهما كما في المواقع التي يشرف عليها المشايخ الثلاثة، على غرار قول القائل وهو يمدح الشيخ فركوس:
محمد أحيا النَّاس والنَّاس في بلى***مواتٌ ألا إنَّ الجهالة تقتل
ونظير ذلك ما جاء في موقع الشيخ فركوس الرسمي عن إدارة الموقع أنَّه: $حُقَّ لأهل وطنه مِنْ إخوانه وأبنائه أَنْ يتجاوزوا مرحلةَ الإعجاب بشخصيَّته الدِّينيَّة وآثاره العلمية إلى مرحلة الفخر والاعتزاز بكونهم أحَدَ أبناءِ هذا الوطنِ العزيز الغالي، الذي يتضمَّن في جَنَباتِه عَلَمًا؛ هذه آثارُه، وتلك ثمارُه؛ وسيبقى الصادقون أوفياءَ لشرفِ معدنه، وسُمُوِّ أخلاقه، وسَعَةِ علمه؛ وما عساهم إلَّا أَنْ يُردِّدوا ما شَهِد به الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي للشيخ عبد الحميد بنِ باديس -رحمهما الله - اقتباسًا: (وإذا كان الرجال أعمالًا فإنَّ رجولةَ شيخِنا تُقوَّم بهذه الأعمال، وحَسْبُه مِنَ المجد التاريخيِّ: أنه أحيا أمَّةً تعاقبَتْ عليها الأحداثُ والغِيَر، ودِينًا لابَسَتْه المُحدَثاتُ والبِدَع، ولسانًا أكلَتْه الرَّطاناتُ الأجنبية، وتاريخًا غطَّى عليه النسيانُ، ومجدًا أضاعه وَرَثةُ السوء، وفضائلَ قتلَتْها رذائلُ الغرب، وحسبُه مِنَ المجد التاريخيِّ: أنَّ تلامذته اليومَ هم جنود النهضة العلمية، وهم ألسِنَتُها الخاطبة، وأقلامها الكاتبة، وهم حامِلُو ألوِيَتِها، وأنَّ آراءه في الإصلاح الدِّينيِّ والاجتماعيِّ والسياسيِّ هي الدستور القائم بين العلماء والمفكِّرين والسياسيِّين، وهي المنارة التي يهتدي بها العاملون، وأنَّ بناءَه في الوطنية الإسلامية هو البناء الذي لا يتداعى ولا ينهار)

ومن أدلة هذا قوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً) [النساء: 171].
وقوله تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31].
وقوله : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) [المائدة: 77
8/ التحري والانصاف في مواطن النزاع بعيدا عن التقليد

كما يظهز ذلك في قوله (وبعد فعل ما استطعت من النظر في الأدلة) وقوله ( هذا، وقد تبيَّن لي -بعد الدراسة- أن الأخطاء التي أُدين بها مشايخ الإصلاح لا تبلُغ مبلَغ التَّحذير منهم وتنفير النَّاس عنهم ومعاملتهم ومن يقف معهم بالتَّبديع أو التَّهميش أو التَّحذير والبراءة منه،)
وكذا قوله (فلا حجة تمنع من الاجتماع وتوجب التهميش ومعاملة الإخوان بهذه الصورة، فالأدلة واضحة في وجوب الاجتماع على الحق والتحاكم إلى الكتاب والسنة ومعالجة الأمور برفق للقضاء على الخلاف والفرقة.
وقد ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه واشتغلوا بتنصيب الإمام لأجل المحافظة على جماعة المؤمنين واستبقاء بيضة الإسلام.)

وقد بين عمرو بن العاص رضي الله عنه صورة من صور هذا التقليد المذموم الذي يصد عن اتباع الحق وذلك أن رجلا قال له: ما أبطأ بك عن الإسلام وأنت أنت في عقلك؟ قال عمرو: إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم (يعني أباه ومن هم في طبقته) وكانوا ممن نوازي حلومهم الجبال. فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فأنكروا عليه، قلدناهم، فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا فإذا حق بين، فوقع في قلبي الإسلام [المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال للذهبي (ص 606) ] .
قال سهل بن عبد الله: عليكم بالأثر والسنة ، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه ، وأذلوه وأهانوه [تفسير القرطبي 7/139،140] .
9/ عدم التفرقة بين المتماثلات
ويتجلى ذلك في قوله (كما تبيَّن لي أن المشايخ الثلاثة قد فرَّقوا بين المتماثلات وكالوا بمكيالين في التعامل مع كثير من المؤاخذات التي أدانوا بها إخوانهم وقد وقع بعضهم في مثلها، فمن ذلك:
1- جلوس الشيخ فركوس مع ابن حنفية في وليمة دعاه إليها رجل مخالف، وكذا تزكيته لمحمد حاج عيسى.
2- وقد جلس الشيخ عبد المجيد جمعة مع بدر الدين مناصرة وطعن أمامه في الإمام الألباني رحمه الله فنصحه بالعدول عنها برفق ولين، ولم يستعمل معه ما ألزم به مشايخ الإصلاح في جلستهم مع عبد المالك.
3- حضور الشيخ نجيب جلواح وليمة عبد الغني يخلف والتي اتَّهم بها الشيخ جمعة بعض (مشايخ الإصلاح).
4- بيع الشيخ أزهر لكتب أهل البدع وطعنه الصريح في الشيخ ربيع ومحاولة قلب الحقائق في مسألة (لافاج)، وكذا جعله نفسه في خندق واحد مع أنور مالك لأجل دفع مفسدة التشيُّع، فأيُّهما أولى أن يتخندق معه في خندق واحد.
5- أمر الشيخ عبد المجيد بإحراق كتب لمرابط وفيها كتب تحوي دفاعًا عن الصحابة وفي المقابل حث على إضافة أسامة بن عطايا -الذي اجتمعت كلمتهم على التحذير منه قبل الفتنة- في المجموعات للرد على من يسمِّيهم صعافقة.
6- اعتماد شهادات المخالفين في إدانة إخوانهم السلفيين ورميهم بالتميُّع مع أن من المخالفين من لهم شهادات ضد المشايخ الثلاثة نحوها.
7- قبول بعض قول الكذاب ورد الآخر دون فرق كما وقع في التعامل مع صوتيات عبد المالك الرمضاني.
8- إشادة الشيخ عبد المجيد جمعة ببعض كتب الصوفي محمد علِّيش بذكره أنه حصل بها النفع مع ما فيها من تقرير لعقائد الأشاعرة والدفاع عنها، وهذا شيءٌ يوجب البيان والجواب بوضوح.
9- الانتقاد بالتفريق بين الكلام في العام والكلام في الخاص، وقد وقع فيه من ينتقد غيره به.
فليس من العدل في شيء أن نكيل بمكيالين ونفرق بين المتماثلات وننتصر لجماعة دون أخرى ونقبل حكمًا من أحد المتخاصمين في الآخر، وقد صدر منهما من الأخطاء ما هو من جنس واحد.)
انتهى كلامه
وهذا من الإنصاف الذي حضت عليه الشريعة قال الله تعالى في ذم اليهود:*أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ*[البقرة: 85]*وذلك أنهم أغفلوا حكم التوراة في سفك الدماء وإخراج أنفسهم من ديارهم، وأقاموه -أي حكم التوراة- في مفاداة الأسرى*وهذا من التفريق بين المتماثلات ومن اتباع الهوى (انظر بدائع الفوائد (4/143،144)
وقال تعالى: في شأنهم –أيضاً-:*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ[البقرة: 91]*فكفروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم مع ما فيها من التصديق لما معهم من التوراة والإنجيل، والجميع يخرج من مشكاة واحدة؛ فكان الكفر ببعض ذلك كفراً بالجميع وجحداً له* (انظر تفسير ابن كثير 1/180)
10 /إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعياً فالدليل
ويتجلى ذلك في توثيقه لما ينقله وعزوه لمصدره تأدبا بمثل
قوله تعالى:*قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*[البقرة: 111]*فهذا عام في كل دعوى، لابد من تصديقها بالدليل.
وقال تعالى:*قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*[الأحقاف: 4]فطالبهم أولا بالطريق العقلي، وثانيا بالطريق السمعي*(انظر درء التعارض 7/395)
11/ مراعاة المصالح والمفاسد والآثار المترتبة على الأقوال والمذاهب
وبيانه بمجمله وثيقة تاريخية شاهدة على هذا ودالة عليه
12/ الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف رجاله
ويظهر هذا في عدم الترجيح بمجرد الاسم فقد صدع بقوله ذاكرا الحجج والأسباب بخلاف غيره ممن كتب في هذه الفتنة ممن سجلت لهم كلمات طويلة في إيجاب التقليد و قصر ذلك على الدكتور فركوس تحكما كما في توجيهات سالم موريدا وأضرابه فلا تكاد تخلو كتاباتهم من هذا المحور الرئيس وهو المبالغة في تعظيم وتقديس الدكتور وأنه ريحانة البلد وأعلم من فيها وهذا لا يصح بإطلاق فيوجد من هم أعلم منه قطعا بالعقيدة والمنهج ويوجد من هم اعلم منه بالحديث واللغة والنحو والصرف ويوجد من هم أعلم منه بالتفسير والتاريخ ومن هم أفصح منه خطابا وأكثر منه بيانا ومنهم من هو أوعظ وأنشط وأشد تنقلا منه للإصلاح وتبليغ الدعوة فهو قليل الحركة والتنقل
هذه إشارات مختصرة لم تكن على سبيل التتبع والاستقراء التام بل مجرد إشارات للهدف منها إظهار شيء من ركائز هذا البيان ومعالم أهل السنة فيه حتى لا يأتي بطال كسول فيقول عن مثل هذه المعالم السَنية أنها بيان مشؤوم وفيها من هذه الخيرات ما فيها والظلم ظلمات يوم القيامة وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه:
سامي أبو جويرية عجال

رد مع اقتباس