عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04 Jan 2022, 03:56 PM
الطيب عزام الطيب عزام غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
المشاركات: 22
افتراضي ضررٌ على الدين .. بقلم الشيخ توفيق عمروني .

ضرر على الدين ..
بقلم الشيخ توفيق عمروني حفظه الله تعالى ورعاه .

قال ابنُ القيِّم رحمه الله في كتابه «مفتاح دار السَّعادة» (3/ 1419) : «ضَرران عظيمان على الدِّين : ضرَرُ مَن يطعَنُ فيه ، وضرَرُ مَن ينصُرُه بغَير طريقِه » فانظر - رحمَك الله ـ إلى دقَّة نظر هذا الإمام كيف سوَّى بينَ الاثنين من جهة إضرارهما بالدِّين ، وَوَصَف ضررهما بأنَّه عظيمٌ ، مع أنَّهما مُختَلفان ومُتبَاينَان في مقاصدِهما ومراميهما ، فالأوَّل عدوٌّ ظاهرٌ ، وهو طعَّانٌ مثيرٌ للشُّبهات ، همُّه تنفير النَّاس وتشكيكهم في دينهم ، وإبعادهم عنه ، والثَّاني يحسبُ نفسَه أنَّه يدعو إلى الدِّين وينصُره ، ويُحاولُ تزيينَه في نفوس النَّاس ، لكنَّه يخطئُ طريقَ الدَّعوة وأسلوبَ النُّصرة ، ويُخالفُ منهجَ الرَّسول صلّى الله عليه وسلم وطريقةَ أهل السُّنَّة والحديث ومسلَكهم في ذلك .
وبما أنَّ الضَّرر يُزالُ ويُدفَعُ ، فالأوَّل يُدفعُ ضررُه بالرَّدِّ على طعوناته وشُبهاته بمتين العلم وصريح براهينه وحُججه ، ذبًّا عن الدِّين ودفاعًا عن عقائده ، وصيانةً لأحكامه ، وتثبيتًا له في نفوس المؤمنين .
وأمَّا الثَّاني فيُدرَأُ ضررُه بكشف أمره وبيان حقيقتِه ، وأنَّه ليس على الطَّريقة الشَّرعيَّة في دعوته ، وتحذير النَّاس من الانخداع به ، حتَّى لا تنطليَ عليهم جهالاتُه، ولا تُلحَق بالدِّين تحريفاتُه وتأويلاته ، ولا شكَّ أنَّ هذا الصِّنفَ أشدُّ ضررًا على الدِّين من الأوَّل ، لهذا اشتَدَّ تشنيع علماء السُّنَّة على هذا الصِّنف ، وكانت ردودُهم على المخالفين للحقِّ من أهل القبلة أكثر من ردودهم على غيرهم ، لأنَّ شرَّهم لا يكادُ ينكشفُ إلاَّ لمن نوَّر اللهُ بصيرتَه بالعلم ، ولازمَ العلماءَ النَّاصحين ، أمَّا غالبُ النَّاس فيظنُّونهم من خيَار الأمَّة وصفوتها ، والذَّابِّين عن شريعتِها ، وهم في الحقيقَة سببُ نكستها وهزيمتها ، وهم أضرُّ عليها من أهل الذُّنوب والشَّهوات ، لأنَّهم لبسُوا ثوب الهُداة وهم آخذون بأيدي النَّاس إلى الضَّلالات ، فما أعظمَها من خُدعَة !!
إنَّه لا يتضايقُ من الطَّريق المشروع لنُصرة الدِّين إلاَّ من كان له أغراضٌ يطمَحُ إليها ، كالرٍّياسَة والجاه ونحوهما .. فيختَلُّ أمرُه من جهتَيْن .
الأُولى : قصورُ فهمِه لمقاصد الشَّرع الحريص على هداية الخَلْق .
والثَّانية: سوءُ قصدِه المنافي للصِّدق والإخلاص .
وبه يتأكَّد أنَّ هؤلاء وبالٌ على الأمَّة ، يُفسدون عليها دينَها ، وإن اغترَّ بهم مَن لم يقف على حقيقة أمرهم ، ولا أدرك باطلَهم ، كما لم يُدرك بعضُ الأفاضل قديمًا ضلالات ابن عربي لعَدم علمهم بحقيقَة أمره ومرامي كلامِه ، وظنُّوه رجُلاً متميِّزًا ينصُر الدِّين بأحسَن عبارة وأجمَل إشارة ، وهو يُقرِّرُ عقيدة الحلول والكفْر الصَّريح .
فالجهل بحقيقة الزَّاعمين نُصرةَ الدِّين بغير طريقِه سببٌ للوقوع في الغواية وإثارة الفتنة ، لأنَّ الدِّينَ يُنصَر بمُتابعَة الرَّسول صلّى الله عليه وسلم ، وطريقَة السَّلف الصَّالحين في الفهم والعلم والعمل ، نسألُ اللهَ أن يتداركنَا جميعًا بالعلم والهداية .

منشور في العدد (66) من مجلة الإصلاح .

رد مع اقتباس