عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25 Feb 2015, 11:15 PM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي قال الشيخ عبيد-لله دره-: حياتي العلمية والعملية تزيد على خمسين سنة وما أعهد أني يوما من الأيام سألت أحدا أن يزكيني.


الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :

فقد قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند قوله جل وعلا " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء : 115]:

وقوله : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ) أي : ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فصار في شق والشرع في شق ، وذلك عن عمد منه بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له . وقوله : ( ويتبع غير سبيل المؤمنين ) هذا ملازم للصفة الأولى ، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع ، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية ، فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقا ، فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ ، تشريفا لهم وتعظيما لنبيهم [ صلى الله عليه وسلم].

ومن نعم الله وتوفيقه أن ربط هذه العصمة من الخطأ باجتماعهم على الحق ولم يربطها بأشخاصهم وذواتهم، ولذلك وبيانا لهذا المعنى العظيم رُوي عن العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله أنه قال عند قوله تعالى :أولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ [الأنعام : 90]:


قال سبحانه { فبهداهم } ولم يقل [فبهم] لأن العبرة بالمنهج وليس بالأشخاص. اهـ

وقد ضرب السلف رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في اتفاقهم واجتماعهم على هذا النهج القويم والطريق المستقيم لأنهم من مشكاة واحدة يغترفون ومن معين صاف ينهلون فمن أمثلة ذلك ما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (8/15):

عن عقبة بن علقمة قال : كنت عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس : ما تقولون في الرجل يُجالس أهل السُنة ويخالطهم ، فإذا ذكر أهل البدع قال : دعونا من ذكرهم لا تذكروهم ، فقال أرطأة : هو منهم لا يُلّبس عليكم أمره ، قال : فانكرتُ ذلك من قول أرطأة قال : فقدِمتُ على الأوزاعي وكان كشافا لهذه الأشياء إذا بلغتهُ فقال : صدق أرطأة والقول ما قال هذا ينهى عن ذكرهم ومتى يُحذروا إذا لم يُشَد بذكرهم .

فإن رمت وصل القوم فاسلك سبيلهم :::فقد وضحت للسالكين عيانا

و إن من أعظم سمات هذا المنهج السلفي المبارك أن السلفي تزكيه أعماله و أقواله ودعوته و نشاطه لا كما يفعله أهل التشغيب من طرق ماكرة ووسائل فاجرة من التملق لأهل العلم والتظاهر عندهم بالسنة والاستقامة لأجل أن يظفروا بأدنى كلمة -ولو كانت من باب الحكم على الظاهر أو إحسان الظن أو في مقابل الجرح المفسر المبين بدليله من عارف بأسبابه- ليطيروا في كل ناد وبلاد فيبلغوا بها الآفاق وكأنه ظفر بصك مختوم عليه بأنه من أهل الجنان ونسي المحروم أن الله عز وجل هو الرافع الخافض هو الذي ذمه شين ومدحه زين ولا يدري المغبون أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله و أنه يعامل بنقيض قصده.

وليعلم السلفي الصادق أن هذا هو ديدن القوم منذ القدم إذ هو ليس حديث العهد بل هو ناشئ في المهد ، فجذور هذا الفعل الشنيع تتغلغل في تاريخ الاسلام ولكل قوم وارث وكذلك يفعلون؛ كما كان يفعله الرواة مع يحيى بن معين رحمه الله فقد قال العلامة مقبل رحمه الله في الفتاوى الحديثية ٢/ ٢٩:

" كان المحدث الضعيف يتصنع ليحيى بن معين ،
ثم يقول يحيى بن معين عنه بأنه
(ثقة)

وأهل بلده يجرحونه
من أجل هذا ،

فإذا رأيت يحيى يوثق رجلًا غريبًا
وقد جرحه أهل بلده
فأهل بلده أعلم به من يحيى.


و من جنس ما سبق نقله عن يحيى بن معين ما جرى للإمام أحمد رحمه الله مع داوود الظاهري فقد جاء في تاريخ بغداد ( 8/374 ):

" وقدم داود الأصبهاني الظاهري بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن، فكلم صالحاً أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه،

فأتى صالح أباه

فقال له: رجل سألني أن يأتيك.

قال: ما اسمه؟

قال: داود.

قال: من أين؟

قال: من أهل أصبهان،

قال: أيّ شيء صنعته؟

قال وكان صالح يروغ عن تعريفه إيَّاه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن

فقال: هذا قد كتب إليّ محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني.

قال: يا أبت ينتفي من هذا وينكره،

فقال أبو عبد الله: محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له في المصير إليَّ " .


قال الشيخ عبيد حفظه الله:

"جُرب عبر التاريخ أن كل من تترس بأهل العلم وتمسح بهم حتى حصل على تزكياتهم متسترًا بذلك أن الله يفضحه ويهتك ستره ويكشف عن حاله"
-تغريدة الأخ رائد آل طاهر يوم 2015/02/15-

ومهما يكن عند امرئ من خليقة::: وإن خالها تخفى على الناس تعلم


وكنت قد قرأت كلمة أثرية وعبارة سلفية في هذا الصدد من الشيخ العلامة الفقيه عبيد بن عبدالله الجابري حفظه الله نقلها الأخ رائد آل طاهر في تغريدة له على برنامج التويتر جاء فيها:



فما أعظمها من كلمة صادقة من عالم مربي تدل على سير على منهج السلف واتباع لآثارهم واقتفاء لمنارهم في مدة تزيد على خمس عقود فلله دره.


قال الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ :

يجب على الشخص الذي يختلف حوله الناس ولا يزكي نفسه بابراز المنهج السلفي وانما يعتمد على تزكية فلان وفلان ، وفلان وفلان ليسوا بمعصومين في تزكياتهم فقد يزكون بناءا على ظاهر حال الشخص الذي قد يتملقهم ويتظاهر لهم بأنه على سلفية وعلى منهج صحيح ، وهو يبطن خلاف ما يظهر ، ولو كان يبطن مثلما يظهر لظهر على فلتات لسانه وفي جلساته وفي دروسه ومجالسه فإن الإناء ينضح بما فيه ، وكل إناءا بما فيه ينضح ، فإذا كان سلفيا فلو درّس أي مادة ولو جغرافيا أو حساب ، لرأيت المنج السلفي ينضح في دروسه وفي جلساته وغيرها .

الى أن قال حفظه الله:

فبعض الناس لا تزكيه أعماله ولا مواقفه ، ولا تشهد له بأنه سلفي ، فيلجأ إلى هذه الوسائل الدنيئة من الإحتيال على بعض الناس والتملق لهم حتى يحصلوا على التزكية ، ويكتفون بهذا ويذهبون ، ليتهم يكفون بأسهم وشرهم عن أهل الحق والسنة ، فيذهبون ويتصيدون أهل السنة بهذه التزكيات ، فتكون مصيدة يضيعون بها شبابا كثيرا ويحرفونهم عن المنهج السلفي ، وأنا أعرف من هذا النوع كثير وكثير الذي يسلك هذا المسلك السيء ـ نسأل الله العافية ـ
(من شريط أسباب الانحراف وتوجيهات منهجية)

ومن المضحكات المبكيات ما حدثنا به الشيخ الفاضل لزهر سنيقرة حفظه الله أنه جاءه يوما شخص فقال له يا شيخ : تعرفني؟ فقال له الشيخ: لا. فقال له: ولدك فلان يعرفني!!!
فعلق الشيخ عليه متعجبا : وهل يجب أن أعرف كل من يعرفه ولدي؟

قال الشيخ : ولما أكملت معه الكلام علمت أنه يدرس بعض إخوانه في مدينته فقالوا له : أنت غير معروف وغير مزكى فجاء ليأخذ تزكية والله المستعان.

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الصور المرفقة
 

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 10 Jan 2018 الساعة 09:02 AM
رد مع اقتباس