عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 20 Dec 2014, 05:35 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العلمين، الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قرأت جميع ما جاء في الموضوع الذي تفضل به أخونا "مراد" وجميع ما جاء من تعليقات إخواننا الطيبين جزاهم الله خيرا، ومشاركة مني في هذا الخير، أقول وأرجو أن تسامحوني إن جانبت الصواب:
1- جاء في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بدأ الإسلام غريبا"، وتأملوا معي وجه الاستدلال لتعرفوا وجه المعارضة الأولى، لمَّا جاء الإسلام - العام والخاص - غريبا أتى بشرائع لم تألفها النُّفوس ولم تعتدها، وكان في القيام بها وتجشم ذلك مشقة على النفوس، فالصغير الذي لم يبلغ سن التكليف – وأقولها ولا أجد حرجا في استعمالها –حين يبدأ في الاستقامة على الشريعة يتجشم ذلك ويكون شاقا عليه، ولا يكاد يتم له ذلك إلا بكلفة، حتى يتعود على ذلك، وهذا يستقيم مع ما جاء في التعريف اللغوي لهذه الكلمة الشرعية، وذلك في قول ابن منظور رحمه الله: "كلّفه تكليفا،أي:أمره بما يشقّ عليه،وتكلّفت الشيء أي:تجشمتَه على مشقّة وعلى غيرعادتك" ومعلوم بالضرورة عند أهل العلم أن من شروط التكليف البلوغ ، وهذا ينطبق تماما على حدثاء العهد وهو الشرط الثاني أعني: الإسلام،فافهم بارك الله فيك.
2- ثم لما قال ذلك الصحابي - رضي الله عنه - للنَّبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَانَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ"، قَالَ:"لَقَدْسَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ،وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌعَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ علَيْهِ"، فلم نعرف اليسر إلا بعد العسر، ولا السَّهل إلا بعد الصَّعب، ولا التخفيف إلا بعد الثقل والكلفة، والإنسان قد يناقض نفسه أحيانا، فالشرائع في بدايتها فيها كلفة ومشقة ولكن بعون الله وتيسيره تصبح خفيفة وسهلة، ومن هذا جاء قوله تعالى: "إيَّاك نعبد" هذا الميثاق الذي أعطيته لربك فعليك الوفاء به ولو بمشقة وكلفة، حتى إذا كان كذلك جاء قوله:"وإيَّاك نستعين"، فالإنسان ضعيف وإن لم يعنه الله على مقصوده استطال الطريق وضعف مشيه،ولهذا لما كان الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء والصالحون من أكمل الناس استعانة وتوكلا على ربهم، كانوا أشدَّ الناس بلاء،و"يبتلى العبدُ على حسب تمسُّكه بدينِه".
3- ثم إني أريد الجواب على هذه الأسئلة: لماذا أمرنا الله بالصبر في كتابه؟ ولماذا قال الله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"؟ وهل التكليف بما يطاق ينافي المشقة؟ أم هو على غير العادة؟
4- ولقد جاء في صحيح مسلم 168 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) (البقرة: من الآية284) ، أشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا : أي رسول الله ، كلفنا من الإعمال ما نطيق : الصلاة والجهاد والصيام والصدقة ، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ....".
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 25 :
روى الطبراني ( 1 / 19 / 1) حدثنا علي بن عبد العزيز أنبأنا محمد بن أبي نعيم الواسطي أنبأنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال :جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي كان يصل الرحم و كان وكان فأين هو ؟ قال : في النار ، فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال : يا رسول الله فأين أبوك ؟ قال : فذكره، وفي رواية مسلم: فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ قال : فأسلم الأعرابي بعد ذلك ، فقال : "لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبًا: ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار".
وبهذا تعلم أن هذا الاستعمال كان سائغا عند الصحابة، وقد أقرَّ ابن عمر الأعرابي على قوله، والله أعلم.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 20 Dec 2014 الساعة 05:47 PM
رد مع اقتباس