عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 23 Aug 2019, 02:40 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





الأدعية المستجابة، والأوقات الّتي يتحرّى فيها المسلم الدّعاء
لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

السؤال:
ما هو الدعاء الذي أدعو به ليستجاب لي؟ وهل الدعاء كطلب الزواج وغيره جائز في السجود في الفريضة؟ وما هي الأوقات التي يتحرى فيها المسلم الدعاء؟

الجواب:
الله شرع لعباده الدعاء، فقال عزّوجلّ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] وقال عزّوجلّ: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة: 186]، والسّجود محل للدّعاء في الفرض والنفل، وأحرى الأوقات لإجابة الدعاء: آخر الليل، وجوف الليل، وهكذا السجود في الصلاة فرضًا أو نفلًا، يُسْتَجَاب فيه الدّعاء، وهكذا آخر الصلاة قبل السّلام بعد التّشهد والصلاة على النبي ﷺ.

وهكذا الدعاء يوم الجمعة حين يجلس الخطيب على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس يوم الجمعة. فينبغي لمَن أراد أن يدعو أن يتحرّى هذه الأوقات، وهكذا ما بين الأذان والإقامة: الدّعاء فيه لا يُرَد، ومن أهمّها: آخر الليل، لقول النبي ﷺ: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ مَن يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟ وفي لفظ آخر فيقول: هل مِن داع فيُسْتَجَاب له؟ هل مِن سائل فَيُعْطَى سؤله؟ هل من تائب فيتاب عليه حتى يطلع الفجر.
وهذا وقت عظيم ينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يكون لهما فيه حظ من التّهجد والدعاء والاستغفار، وهذا النزول الإلهي نزول يليق بالله عزّوجلّ لا يشابهه نزول خلقه، فهو ينزل سبحانه نزولا يليق بجلاله لا يعلم كيفيته إلاّ الله عزّوجلّ، ولا يشابه الخلق في شيء من صفاته، كالاستواء، والرحمة، والغضب، والرضا وغير ذلك، لقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ومن ذلك قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5].
فـالاستواء يليق بجلاله سبحانه، ومعناه: العُلُوّ والارتفاع فوق العرش، لكنّه استواء يليق بالله لا يشابه فيه خلقه ولا يعلم كيفيته إلاّ الله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] وكما قالت أم سلمة رضي الله عنها: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإقرار به إيمان وإنكاره كفر) وقال ربيعة بن أبي عبدالرحمن -شيخ الإمام مالك أحد التابعين رضي الله عنه لمّا سئل عن ذلك قال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول التبليغ، وعلينا التصديق)، ولمّا سئل الإمام مالك رحمه الله -إمام دار الهجرة في زمانه في القرن الثاني- عن الاستواء قال: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)، ثم قال للسائل: (ما أراك إلاّ رجل سوء)، ثم أمر بإخراجه.
وهذا الذي قاله الإمام مالك، وأم سلمة، وربيعة رضي الله عنهم، هو قول أهل السُّنَّة والجماعة كافّة، يقولون في أسماء الله وصفاته: إنّها يجب إثباتها لله عزّوجلّ على الوجه اللائق به عزّوجلّ، فالإيمان والإقرار بها واجب، والتكييف منفي لا يعلم كيفيتها إلا الله عزّوجلّ، ولهذا يقول سبحانه: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 4] ويقول سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ويقول سبحانه: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل: 74] وهو سبحانه يغضب على أهل معصيته والكفر به، ويرضى عن أهل طاعته، ويحبّ أولياءه، ويبغض أعداءه، وهذا الحب والبغض والرضا والغضب وغيرها من صفاته سبحانه، كلّها ثابتة له سبحانه على الوجه الذي يليق بجلاله عز وجل، وهو قول أهل السُّنَّة والجماعة. فالواجب: التزام هذا القول، والثّبات عليه، والرد على مَن خالفه.

ومن أدلّة الدّعاء في السّجود: قول الرسول ﷺ: فأمّا الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنَ أن يُسْتَجَابَ لكم وقال ﷺ: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء أخرجهما مسلم في صحيحه.

فإذا سألت المرأة زوجا صالحا في السجود أو في آخر الليل، أو مالا حلالا، وكذلك الرجل إذا سأل ربه أن يعطيه زوجة صالحة، أو مالاً حلالاً، فكل ذلك طيب.
والنكاح عبادة، وفيه مصالح كثيرة للرجل والمرأة، وهكذا بقية الحاجات الخاصة، كأن يقول: اللّهم اغنني بفضلك عمّن سواك، اللّهم اغنني عن سؤال خلقك، اللّهم ارزقني ذريّة صالحة، ونحو ذلك[1].
----------------------------------------------------
مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (386/8).

المصدر






الصور المرفقة
نوع الملف: png اللهم آت نفسي تقواها.png‏ (394.6 كيلوبايت, المشاهدات 15600)
نوع الملف: jpg ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك.jpg‏ (97.9 كيلوبايت, المشاهدات 5847)
رد مع اقتباس