الموضوع: عشرة المضطر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05 Jan 2017, 02:58 PM
وليد ساسان
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي عشرة المضطر



عشرة المضطر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أبويه النبيين الكريمين إبراهيم وإسماعيل وآل كل أما بعد :
ألا فليعلم القارئ الفاضل أننا في زمن قد رمى كل ذي سهم سهمه عن قوسه,وألقى كل ذي رأي رأيه بقلمه وقوله, فانتشرت الفوضى في المعمورة ,واختلط الحابل بالنابل,وصار كل ذي رأي مسرورا برأيه,يقاتل دونه ,ويحب ويعادي لأجله باسم ألفاظ عالمية مقيتة صاغها ألد أعدائنا لنا ؛لبث الفوضى وزرع القلق, ونشره بين الناس, كـ "حرية الرأي" و"حرية التعبير""حق الأقليات", و"احترام الرأي" و"حرية التفكير", وغيرها من الالفاظ المقيتة... وروج لهذه القضية إعلاميون جاهلون قد درسوا على مناهجهم ,أوتعلموا في مدارسهم, فتراهم كتلك الدمى التي تحركها أصابع المكر من خلف ستار خفيف يراهم من خلفه أهل العلم والفضل, فهيجوا الشعوب وخربوا الأوطان, وأفسدوا البلاد والعباد مستعينين في ذلك بعلماء السوء قطاع الطرق ,فأفتوا على أهوائهم وأجابوا من كيسهم, وأهل العلم من على منابرهم ينادون ويصرخون,ولكن صوتهم غائب في أسماعهم فحدث في الأرض فساد كبير لا يعلم جرمه على الحقيقة إلا الله سبحانه, نرى آثاره في بلاد الشام والعراق ومصر وتونس وغيرها ,وإن تعجب فعجب كيف استطاعوا أن يسلموا نواصيهم إلى أعدائهم,وكيف سلبوا كل تدبير وتفكير, فإذا هم يهدمون لا يبنون, ويفسدون من حيث يرون أنهم يصلحون , ولكن دع عنك العجب فهذا الزمن هو زمن الكلام بغير علم ,والقول على الله من غير فهم,وما أجمل ماقاله الاستاذ “ محمود شاكر رحمه الله في آخر رسالته قال رحمه الله :".... فالأديب منّا مصوّر بقلم غيره، والفيلسوف منّا مفكّر بعقل سواه، والمؤرّخ منّا ناقد للأحداث بنظر غريب عن تاريخه، والفنّان منّا نابض قلبه بنبض أجنبيّ عن تراثه و فنّه وأمّا الثرثرة والاستخفاف، فحدّث ولا حرج، فالصبي الكبير يهزأ مزهوا بالخليل وسيبويه وفلان وفلان....." رسالة في الطريق الى ثقافتنا" . ، وقد قال تعالى قولا يغني عن كل قول وينسخ كل فهم فقال سبحانه: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا"
وإليك أخي القارئ هذه القصيدة التي يبين لنا مضمونها حقيقة العداوة الجوهرية الموجودة بين أهل الحق والباطل, وأهل الإيمان والكفر, وأهل السنة والبدعة , حيث لا يمكن أبدا أن تجتمع في محل واحد إلا كانت الغلبة لأحدهما , والدولة للمنتصر منهما ؛إذ كل فكر يلزم صاحبه كي يصح له أن أن يكفر بجميع الأفكار والطرق والأديان التي تناقضه وتخالفه.

****عشرة المضطر***
الحمد لك ربي ..... حمد سليم القلب
ثم الصلا من بعدهِ..... على النبي وصحبهِ
وبعد ذي الصلاةِ.....لكامل الصفات
أشرع في المرادِ.....والضعف مني بادِ
أنظم ما زعمتُ.....نفعا به وخلتُ
من غير ما مراءِ.....يطيب للقراءِ
وأصله في الكتبِ.....من نثرأهل الآدبِ
وما يرى من العبرْ.....من كيسنا فليغتفرْ
وأرجو من رب النعمْ.....نفعا بهذه الحكمْ

****قال الحكيم****
روى ألو الأفهام..... عن ملك همام
سؤاله الحضارا..... وجمعه المختارا
أن يسندوه قصةً.....مرموقة مبسوطةً
عن رجل قد كثرا.....أعداؤه وما درى
فالتمس النجاةَ..... والفكر والأناةَ
فقرر أن يصلحهْ.....بعض العدا للمصلحهْ
فسلم من خوفهِ.....وأمن من كربهِ
ثم وفى من صالحهْ.....وأدى من قد عاهدهْ
ومن يكن في قصهِ..... ذا حكمة سأجزهِ
فقال بعض من حضرْ.....أنا لها كفؤ أبرْ
فقال في جوابهِ.....يسكب من آدابهِ
ياملكي المبجلِ..... وسيدي المعدلِ
الودّ والعداوهْ..... كالمر والحلاوهْ
فأحبب من أحببتهُ.....هونا متى صحبتهُ
كذا اذا أبغضتهُ.....فبش إن رأيتهُ
فربما عاداكَ..... من بعد ما صفاكَ
وربما أحبكَ.....من بعد ما أمجكَ
فاسمع حديث الفأرِ.....والفخ والسنورِ
إذ وقعا في الورطةِ..... واشتركا في الشدةِ
فاصطلحا في الحينِ.....من غير ما ظنين
فنجَوَا جميعا..... من غير ما خديعا

****قال الحكيم****
قد زعــم أهل الأثـــرْ ..... الناقلــون للعبــــرْ
حكاية طريفهْ..... في غابة كثيفهْ
وكان فيها شجرهْ..... تعلو الجميع منظرهْ
في أصلها جا جحرُ..... يسكنه السنورُ
وقرب تلك الشجرِ..... فأر شديد الحذرِ
من وثبة السنورِ..... فهْو شديد المكرِ
وكان ذا المكانُ..... يرده الإنسانُ
يصيد فيه الطيرَ..... والوحش والسنورَ
وذات يوم قصدهْ..... ونصب حبالتهْ
وبعد أن عدّلها..... ومدها وشدها
بقرب تلك الشجرهْ..... مموّها ليس يره
غادر ذا المكانا..... وترك الأمانا
ولم يكد أن يتركهْ.....حتى هوى في الشبكهْ
سنور كان يقفزُ..... كالأصل لا يحترزُ
فحاول الخلاصا..... والفك والمناصا
وكلما تحركهْ .....كانت تضيق الشبكهْ
فسكن مستبئسا.....مستلقيا قد يئسا
وخرج الفأر يدبْ..... يطلب رزقا فاقتربْ
فأبصر السنورا..... فاستبشر وسرا
وابن عرس خلفهُ..... يريد أن يأخذهُ
وبومة ترصدهُ..... تريد أن تخطفهُ
فحار كيف يصنعُ..... للجحر كيف يرجعُ
فقال ذا بلاءُ..... ضاق بنا الفضاءُ
فتن تظافرتْ..... ومحن تظاهرتْ
وليس اليوم ينجو..... من غير الله يرجو
وإن عقلي معيا..... لا يفزعنّي أمريا
فالعاقل لا يفرقُ.....والسابح لا يغرقُ
والعقل شبه البحرِ..... صافٍ بعيد الغورِ
لا يُجهد البلاءُ..... من قاده الذكاءُ
كذا الرجا لا ينبغي.....أن يطغى فيه المبتغي
ولا أرى في أمريا..... شيئا يكون مرضيا
إلا اصطلاحا في عجلْ..... مع السنور المحتبلْ
إّذ إنه قد نزلَ..... به الذي بي نزلَ
فعله إن سمعَ..... مقالتي أن يقنعَ
فالصلح مني مرتقبْ..... إذ لا مجال للكذبْ
فقال يابن عمَّ..... كيف أُراك اليوم
فقال يا رفيقِ.....في ضنك وضيقِ
كما تحب ان ترى.....قبحا لك فيما ترى
فقال لا عداءُ..... قد عمنا البلاءُ
فلست ارجو من فككْ..... إلا الذي أرجوه لكْ
فابن عرس صدني..... والبوم يسترصدني
والكلُّ قد عاداني..... فاجعلني في أمانِ
فإن فعلت فععلتكْ..... خلَّصتك من ورطتك
فننجوا بالمعاهدهْ..... من شرك المطاردهْ
كالسفن في البحرِ..... يحملن فوق الظهرِ
قوما إذا ما سلموا..... يكون السلم لهمو
فسمع مقالتهْ..... وعلم صداقتهْ
فقال إن قولكَ..... يشبه حقا فعلكَ
وإني أيضا راغبُ..... فيما له تطالبُ
ثم إذا فعلتَ..... فالشكر ما بقيتَ
فجاء الفأر عجلا..... وقطّع الحبائلا
إلا بلا نفاقِ.....حبلا للاستوثاقِ
فلما أن تبصّرا..... عدوا الفأر ما جرا
ورأيا هذا الصّفا..... استيأسا وانصرفا
فحقق الحنانا..... واستشعر الأمانا
والفأر في ذا الوضعِ..... قد أبطأ في القطعِ
فقال الخل مالي..... قصرت في حبالي
هو الإعياء بدلكْ..... أم قد اتى ما بدا لكْ
فما ذا فعل الصالحِ..... والفاضل المناصحِ
فالنفع مني حصلا..... من غير ريب جعلا
فالحق من ذا النفعِ..... أن تكمل في القطعِ
لا تذكرنّ ما مضى..... فالصلح يقضي بالرضــى
وقد قضى من غبرا..... بالثأر ممن غدرا
ونقل أهل الإدبْ..... قولا جميلا في الكتبْ
إن الخليل ينسى..... بالخير كل مأسا
ثم الكريم الشاكرُ..... لا تأته المخاطرُ
فقال الفأر إنما..... في ذاك قال الحكما
إن الصديق إمّا..... مخير وإمّا
كحالنا مضطرا..... فافهم كلام الخبرا
فكلنا يرجو بهِ..... النفع من صاحبهِ
فأما من قد صدقَ..... في حبه ما نافقَ
فيقرب المحبوبا..... ويفرج الكروبا
وأما أنت وأنا..... فالنفع من جمعنا
ولا يزال العاقلُ..... يحذر من يصاولُ
والقصد من تواصلي..... هو ابتغاء العاجلِ
وأنت ممن يفترسْ..... وإني عنك محترسْ
وخوفي أن يدركني..... الذي إليك قادني
وقادك فإنهُ..... لكل شيئ حينهُ
وكل فعل لم يكنْ..... في حينه ليس حسنْ
وإنني واف بما..... من بيننا قد أبرما
وواصل مسائلكْ..... وقاطع حبائلكْ
وتارك حبلا فقط..... مستأمنا به الغلطْ
لكنني أقطعهُ..... في زمن آمنهُ
وذاك عندما أرى..... صيادنا قد ظهرا
وبينما هم في كربْ..... وكلل وفي تعبْ
إذ ظهر الصيادُ..... يحمله الجوادُ
فقال ذاك الندُّ..... الآن جاء الجدّ
لا وقت للأماني..... والضعف التواني
فلبّى الفأر فكرتهْ..... وأكمل ما تركهْ
فوثب السنورُ..... يعلو عليه الذعرُ
ودخلا جحريهما..... قد حير في امريهما
وأبكم الصيادُ..... يغمره السوادُ
برؤية الحبائلِ..... مقطوعةَ الوصائلِ
فعاد منها خائبا..... في وجهه مغاضبا
وبعدما أتى الفرجْ..... من جحره الفأر خرجْ
فأبصر السنورا..... فسلم و فرّا
فقال يا رفيقُ..... أنت لنا صديقُ
يا ذا البلاء الحسنِ..... والموقف المستحسنِ
تعال تجز أفضلَ..... من ما إلينا وصلَ
من ذا الذي يمنعكَ..... عن قرب من ينفعكَ
قد قال أهل الخيرِ..... الناقلو للبرِ
إن الصديق إن صدقْ..... صديقه ثم ودقْ
كان كمثل الحنظلِ..... في ذوقه المستجهلِ
وقالوا إن الرفقا..... المحسنين الطلقا
هذا بذاك ينتفعْ..... وبرهم لا ينقطعْ
وغلظ الأيمانا..... إن له الأمانا
فقال الفأر إنما..... في ذاك قال العلما
رب صداقة ترى..... في بطنها الداء جرا
وهذه العداوهْ..... أشد في الضراوهْ
وإن من لا يحذرُ..... من كسره لا يجبرُ
والسمّ يخدع الولي..... إذا أتى في العسلِ
وأخشى أن يصيبني..... شيئ يطيل حزني
والأخذ للخلانِ..... للنفع والإحسانِ
ثم العدوّ نبذا..... لما به من الأذى
والعاقل متى رجا..... نفع العدوّ أدرجا
في فعله الصداقهْ..... والبشر والطلاقهْ
وإن يخف من ضررهْ..... يُسيمه من شررهْ
ألا ترى البهائمهْ..... تتبع الُام سائمهْ
متى رجت ألبانها..... ودفع من أدانها
فإن يزل ما طلبتْ..... تغيرت وانصرفتْ
وربما ينقطعُ..... والنفع لا ينقطعُ
ما لم تكن سجيّهْ..... عداوهْ جوهريهْ
كحالتي وحالكَ..... فالصلح من محالكَ
إذ الذي حق الرضا..... شيئ غريب عرضا
فلما زال العرضُ..... عاد إلينا المرضُ
وليس من أعدائيا..... أشد منك قاليا
وإنما اضطرني..... للصلح ما أضرني
وجاد من قد ذكرا..... قولا جميلا للورى
احذر جناب الضرِّ..... وصحبة المضطرِّ
ولا دليل أقربُ..... من الذي أصاوبُ
من صحبة الدنيِّ..... للفاجر القويِّ
وصحبة الذّليلِ..... العائل القليلِ
للملك المبجلِ..... أو الوزير الأعجلِ
لا شيئ لك قبلي..... إلا ابتغاء أكلي
وإنني علمتُ..... في الدنيا وعقلتُ
أن ضعيف الشاةِ..... أقرب للنجاةِ
إن لم تكن في غررِ..... من القويْ المغرّرِ
فالحق ما سمعتهُ..... والشرُّ ما أنكرتهُ
وإنني أصالحُ..... قولا ولا أصافحُ
مثل مريض الجلدِ..... والصاحب المجدِّ
والعاقل يرخي العننْ..... لكنه لا يأمننْ
ومن تزد ثقتهُ..... تقتلهُ عثرتهُ
ويردى في الحبالِ..... سريع لاِسترسالِ
ولست بذي الشانِ..... فاتركني في أشجاني
ما ثمت من داعِ..... يدعو للاجتماعِ
أما جزاؤك فلا..... أريده معجلا
إلا اجتناب الضرِّ..... ياعشرة المضطرِّ
فهذا قول الحرِّ..... الفاضل الأبرِّ
ومن يكن مجربا..... يسمو سماء الأدبا
فقال بعدها الملكْ..... في عجب قد ارتبكْ
هذا كلامٌ حقُّ..... يعلو به المحقُّ
فهذه حكايهْ..... لمن له درايهْ
بمن صفا كل العدا..... وهو طريد مبعدا
فذا له يقضُّ..... والآخر يعضُّ
وهو لاهٍ يلعبُ..... تقوده المعاطبُ
وأخشى دمّ الغمرِ..... تمثيلنا بالفأرِ
فلتأخذنَّ قولهُ..... ودعك ممن قالهُ
واستأنسنْ إن ارقكْ..... بقوله قد صدقكْ
إذْ قاله الشيطانُ..... المارد الخوانُ
وافهموا كلامي..... لا هجرَ للخلانِ
وذا الأخير ضبطا..... وبالشروط ارتبطا
كن مؤمنا صبورا..... ولا تكن هجورا
كما أتى في الأثرِ..... عن النبيّ الأخير
وأما ما قد سبقا..... فشره محقّقا
كصحبة الكفارِ..... والفسّق الفجارِ
فأبدا لن يجمعا..... كالماء والنار معا
أعني التقي الصالحْ..... مع الشقي الطالح
إذ كل فكر يلزمهْ..... بطلان ما يخالفه
واسمع كلام الفأرِ..... إن كنت بالمضطرِ
وهكذا أتمُّ..... قولي ولا ألمُّ
بكل ما يقالُ..... فذلك محالُ
وما بدا من العطبْ..... فلي وحيدا ينتسبْ
فالحمد لله الذي..... أتم ما قد ابتدي
ثم الصلا على النبي..... والاْهل والصواحب


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 07 Jan 2017 الساعة 11:55 AM
رد مع اقتباس