عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01 Jul 2017, 03:10 PM
أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي شَوَاهِدُ الاِمْتِحَان تَفْضَحُ المُمَيِّعَةَ أَهْلَ الخُذْلَان (رِسَالَةٌ إِلَى الحَلَبِيِّين)

شَوَاهِدُ الاِمْتِحَان تَفْضَحُ المُمَيِّعَةَ أَهْلَ الخُذْلَان
( رِسَالَةٌ إِلَى الحَلَبِيِّين )



بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللَّهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ بَيَانَ الْحَقِّ وَنُصْرَتَهُ مِنْ أَخَصِّ صِفَاتِ أهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ السَّلَفِيِّينَ، فَهُمْ الَّذِينَ تَبَنَّوْا الْحَقَّ وَالدِّفَاعَ عَنْهُ مُذْ وَرِثُوهُ عَنْ أَسْلَافِهِمْ إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمُرَادِ اللَّهِ وَمُرَادِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) ﴾ [ المائدة ].


وعَنِ ابْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «
إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ، كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا - وَقَالَ مَرَّةً: «أَنْكَرَهَا» - كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا، كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيّ.


وَإِنَّ مِمَّا أَفْجَعَ المُسْلِمِينَ -هَذِهِ الْأَيَّام- حَادِثَةَ دَفْنِ إمَامٍ فِي سَاحَة الْمَسْجِدِ بِمَنْطِقَةِ عَيْن مرَّان بِوِلَايَةِ الشّلف الْجَزَائِرِيَّةِ، وَلَقَدْ هَبَّ أَهْلُ السُّنَّةِ هَبَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَصَاحُوا فِي الْمُسْلِمِينَ صَيْحَةَ مُنْذِرٍ لَهُمْ مِنْ خَطَرِ مَا قَدْ يَنْجَرُّ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ مِنِ اِسْتِدْرَاجِ إبْلِيسَ لِلنَّاسِ حَتَّى يُوقِعَهُمْ فِي شَبَكَةِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَالْعِيَاذُ بِهِ سُبْحَانهُ.


وَإِنَّ الْحَقَّ لَيَتَمَيَّزُ أهْلُهُ عَنْ غَيْرِهِمْ فِي مَوَاطِنِ الْاِمْتِحَانِ، فَيَنْبُلُ الرِّجَالُ بِعُلُوِّ هِمَّتِهِمْ وَثَبَاتِ مَوَاقِفِهِمْ، وَيَتَخَنَّثُ الْأَشْبَاهُ بِخُذْلَانِهِمْ وَعَدَمِ نُصْرَتِهِمْ، قَالَ الشَّيْخُ الْعَلاَّمَةُ مُحَمَّد الْبَشِيرُ الِإبْرَاهِيمِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "
وَاجِبُ الْعَالِمِ الدِّينِيُّ أَنْ يَنْشَطَ إِلَى الْهِدَايَةِ كُلَّمَا نَشَطَ الضّلَالُ، وَأَنْ يُسَارِعَ إِلَى نُصْرَةِ الْحَقِّ كُلَّمَا رَأَى الْبَاطِلَ يُصَارِعُهُ، وَأَنْ يُحَارِبَ الْبِدْعَةَ وَالشَّرَّ وَالْفسَادَ قَبْلَ أَنْ تَمُدَّ مَدَّهَا وَتَبْلُغَ أَشُدَّهَا، وَقَبْلَ أَنْ يَتَعَوَّدَهَا النَّاسُ فَتَرْسَخَ جُذُورُهَا فِي النُّفُوسِ وَيَعْسُرَ اقْتِلاَعُهَا. وَوَاجِبُهُ أَنْ يَنْغَمِسَ فِي الصُّفُوفِ مُجَاهِدًا وَلَا يَكُونَ مَعَ الخَوَالِفِ وَالْقَعَدَة، وَأَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْأطِبَّاءُ النَّاصِحُونَ مِنْ غَشَيَانِ مَوَاطِنِ الْمَرَضِ لِإِنْقَاذِ النَّاسِ مِنهُ، وَأَنْ يَغْشَى مَجَامِعَ الشُّرُورِ لَا لِيَرْكَبَهَا مَعَ الرَّاكِبِينَ بَلْ لِيُفَرِّقَ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَيهَا " [ آثَار الْإمَامِ مُحَمَّد الْبَشيرِ الإبراهيمي ٤ / ١١٧].


وَلَقَدْ مَرَّتْ ( فَاجِعَةُ عَيْن مرَّان ) عَلَى الْحَلَبِيِّينَ كـ: لَا حَدَث!، وَهُمْ الَّذِينَ ظَلُّواْ يَصْرُخُونَ دَهْرًا مِنَ الزَّمَنِ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْوَسَطِيَّةِ وَالْاِعْتِدَالِ فِي دِيْنِ اللَّهِ، وَأَنَّ السَّلَفِيِّينَ ( مافيا! ) يُهَدِّدُونَ خَطَرَ الْأُمَّةِ...
وَمِنَ الْمَعْرُوفِ- يا عَبْدَ الْمَالِك- أَنَّ
( المافيا ) تُمَارِسُ السَّلْبَ وَالنَّهْبَ لِحُقُوقِ النَّاسِ، فِي حِينِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ السَّلَفِيِّينَ الَّذِينَ رَمَيْتَهُمْ بِهَذَا الْوَصْفِ هُمْ حُمَاةُ التَّوْحِيدِ الذَّابُّونَ عَنْ حِيَاضِ الدِّينِ مِنْ شوَائبِ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَمِنْ تَحْرِيفِ الغَالِينَ وَانْتِحَالِ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلِ الْجَاهِلِينَ، فَهُمْ يَسْعَوْنَ دَائِماً لِلْحِفَاظِ عَلَى سَلاَمَةِ أَغْلَى مَا يَمْلِكُهُ المُسْلِمُونَ، أَلاَ وَهُوَ دِينُهُمْ الحَنِيف..


أَلَيْسَتْ دَعْوَةُ الْإمَامِ الْمُجَدِّدِ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ -رَحِمَهُ الله- هِيَ الْوَسَطِيَّةُ بَيْنَ قَوْمٍ غَلَوا فِي الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَقَوْمٍ غَلَوا فِي إِنْكَارِ وُجُودِ اللَّهِ ؟
أَيْنَ الْوَسَّطِيَّةُ فِي قَوْمٍ لَمْ تُحَرِّكْهُمْ مَظَاهِرُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ تَحَرَّكَ عوَامُ النَّاسِ فِي إِنْكَار هَذَا الْمُنْكَرِ الْعَظِيمَ ؟!!


وَلَكِنَّهُ الْيَقِينُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ مِنَّا أَنْ نُدْرِكَهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْفَضَائِحَ -الَّتِي يَعْقُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا- فِي بَيَانِ حَالِهِمْ، فَبِالْأَمْسِ سَكَتُوا وَتَخَاذَلُوا عَنِ التَّحْذِيرِ مِنَ الْإِرْهَابِيَّيْنِ -الغُرْيَانِي وَالصَّلاَبِي- الَّذَيْنِ اِحْتَفَى بِهِمَا مَوْقِعُ
( الْكَــلّ )، وَالْيَوْمَ يَتَخَاذَلُونَ عَنْ نُصْرَةِ التَّوْحِيدِ وَدَحْضِ الشِّرْكِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [ التوبة: ١٢٦ ].


وَفِي هَذَا التَّخَاذُلِ عَنْ نُصْرَةِ التَّوْحِيدِ دَلِيلٌ كَافٍ لِكُلِّ ذِي عَقْلٍ فِي أَنَّ الْقَوْمَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ دَعْوَةِ التَّوْحِيدِ السَّلَفِيَّةِ، وَأَنَّهُمْ طَائِفَةٌ مُنْدَسَّةٌ عَمِيلَةٌ لِجَمَاعَةِ الْإِخْوَانِ الْمُفْلِسِينَ، فَقَدْ رَأْينَا حَمِيَّتِهِمْ بَعْدَ مَوَاقِفِ بَعْضِ الدُّوَلِ فِي التَّضْيِيقِ عَلَى جَمَاعَةِ الْإِخْوَانِ..


يا عَبْد المَالك، إِنَّ الرِّجَالَ لَا يَجْبُنُونَ، وَمِمَّنْ نَحْسِبُهُمْ مِنَ الرِّجَالِ الصَّادِقِينَ الَّذِينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ -وَاللَّهُ تَعَالَى حَسِيبُهُمْ وَلَا نُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أحَدًا- شَيْخُنَا الْعَلاَّمَة مُحَمَّد عَلِي فَرْكُوس -حَفِظَهُ اللَّهُ- وَالَّذِي قَالَ: "
كُنْتُ إذاَ اسْتَفَدْتُ فَائِدَةً فَرِحْتُ بِهَا فَرَحًا عَظِيمًا وَتَمَنَّيْتُ لَوِ اِسْتَطَعْتُ أَنْ أَطِيرَ بِهَا إِلَى الْجَزَائِرِ لِأُبَلِّغَهَا لِلنَّاسِ ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ "، فَلَمْ يَمْنَعْهُ بُعْدُ الدِّيَارِ مِنْ إِيلاَءِ الاِهْتِمَامِ أَهْلَ بَلَدِهِ وَإِرَادَةِ الخَيْرِ لَهُمْ، فَشَيْخُنَا وَإِخْوَانُهُ مِنَ مَشَايِخِ الْبَلَدِ كَالْشَّيْخِ عَبْد الْغَنِيّ وَالشَّيْخِ لزْهَر وَالشَّيْخِ عَبْد الْمَجِيد وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَشَايِخِ -الَّذِينَ يَنْهَجُونَ الْمَنْهَجَ السَّلَفِيَّ الْحَقَّ- لَا يَتَوَانَوْنَ فِي نُصْرَةِ دَعْوَةِ التَّوْحِيدِ، وَلَا يَفُوتُهُمْ أبَدًا التَّحْذِيرُ مِنَ المُخَذِّلَةِ أَمْثَالِكَ، وَلَنْ يَضُرَّهُمْ سَعْيُكُمْ بِالْفِتْنَةِ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الصُّفُوفِ، فَعَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَقُول: « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ » رواه مسلم.
وَلَا تَفْرَحْ بِمَا تُثِيرُهُ مِنْ إفْسَادِ ذَاتِ الْبَيْن، بَلْ خَفِ اللَّهَ عَلَى نَفْسِكَ مِنْ تَخَاذُلِكَ عَنْ نُصْرَةِ التَّوْحِيدِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الشِّرْكِ، فَلَرُبَّمَا كَرِهَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَنْصَارِ دِينِهِ، لِأَنَّ اللَّه يَقُولُ: ﴿
وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧) ﴾ [ التوبة ].
قَالَ الْإمَامُ السّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " ثُمَّ ذَكَرَ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ‏{‏ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا‏}‏ أَيْ‏:‏ نَقْصًا‏.‏‏ {‏ وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ‏}‏ أي‏:‏ وَلَسَعَوا فِي الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ بَيْنكُمْ، وَفَرَّقُوا جَمَاعَتكُمْ الْمُجْتَمِعِين،‏ {‏ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ‏}‏ أي‏:‏ هُمْ حَرِيصُونَ عَلَى فِتْنَتِكُمْ وَإِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنكُمْ‏.‏‏ {‏ وَفِيكُمْ‏}‏ أُنَاسٌ ضعفَاءُ الْعُقُولِ ‏{‏ سَمَّاعُونَ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ مُسْتَجِيبُونَ لِدَعْوَتِهِمْ يَغْتَرُّونَ بِهُمْ، فَإذاَ كَانُوا هُمْ حَرِيصِينَ عَلَى خِذْلَانِكُمْ، وَإِلْقَاء الشَّرِّ بَيْنكُمْ، وَتَثْبِيطِكُمْ عَنْ أَعْدَائِكُمْ، وَفِيكُمْ مَنْ يَقْبَلُ مِنهُمْ وَيَسْتَنْصِحُهُمْ‏، فَمَا ظَنُّكَ بِالشَّرِّ الْحَاصِلِ مِنْ خُرُوجِهِمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالنَّقْصِ الْكَثِيرِ مِنهُمْ، فَلِلَّهِ أَتَمُّ الْحِكْمَةِ حَيْثُ ثَبَّطَهُمْ وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةً بِهِمْ، وَلُطْفًا مِنْ أَنْ يُدَاخِلَهُمْ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ، بَلْ يَضُرُّهُمْ‏.‏‏ {‏ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ‏ }‏ فَيُعَلِّمُ عِبَادَهُ كَيْفَ يَحْذَرُونَهُمْ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مِنَ الْمَفَاسِدِ النَّاشِئَةِ مِنْ مُخَالَطَتِهِمْ‏.‏" [ تَيْسيرُ الْكَرِيمِ الرَّحْمَنِ ].


وَقَالَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ عُثَيْمِين -رَحِمَهُ اللَّهُ- بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الآيَةِ: " اللَّهُمَّ أَجِرْنَا.. هَذِهِ الْآيَةُ خَطِيرَةٌ جِدًّا، وَمِيزَانٌ.. فَاحْذَرْ!، فَتِّشْ، إذاَ رَأَيْتَ نَفْسَكَ مُتَكاسِلًا عَنِ الْخَيْرِ اِخْشَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَكَ فِي الخَيْرِ. ثُمَّ أَعِدِ النَّظَرَ مرَّةً ثَانِيَةً وَصَبِّرْ نَفْسَكَ وَأَرْغِمْهَا عَلَى الطَّاعَةِ، وَالْيَوْم تَفْعَلُهَا كَارِهًا وَغَدًا تَفْعَلُهَا طَائِعًا هَيِّنَةً عَلَيكَ. وَالْمُهِمُّ أَنَّ هَذَا فِيهِ تَحْذِيرٌ شَدِيدٌ لِمَنْ رَأَى مِنْ نَفْسِهِ أَنّهُ مُثبَّطٌ عَنِ الطَّاعَةِ، فَلَعَلَّ اللَّه تَعَالَى كَرِهَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُطِيعِينَ لَهُ فَثَبَّطَهُ عَنِ الطَّاعَةِ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعِينَنَا عَلَى ذِكْرِهِ شُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ".[ شَرْحُ عَقِيدَةِ أهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: ش/ ٧ ]


وَ « مِنْ آثَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ »، فَلَوْ كُنْتَ تُرَبِّي النَّاسَ عَلَى حُبِّ التَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ لَسَارَعْتَ وَأَتْبَاعُكَ إِلَى بَيَانِ مَوْقِفِكُمْ مِنْ هَذِهِ الْفَاجِعَةِ الْألِيمَةِ، فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ غَزْوَةِ أُحُد: أَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ؟ فَقَالَ: « لَا تُجِيبُوهُ »، فَقَالَ : أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ؟ قَالَ: « لَا تُجِيبُوهُ »، فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا، فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَجِيبُوهُ »، قَالُوا مَا نَقُولُ ؟ قَالَ: « قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ »، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَجِيبُوهُ »، قَالُوا: مَا نَقُولُ ؟ قَالَ: « قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ » رواه البخاري.


هَكَذَا رَبَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآلِهِ وَسَلَّمَّ أَصْحَابَهُ عَلَى عَدَمِ التَّوَانِي فِي رَفْعِ رَايَةِ التَّوْحِيدِ وَإِعْلَائِهَا عَلَى رايَةِ الشِّرْكِ..

فَقُلْ لِي يَا عَبْد الْمَالك -وَاصْدُقْنِي كَمَا صَدَقَ أَبُو سُفْيَانَ هِرَقْلَ-، مَنْ هُمْ الْمُنْتَسِبُونَ حَقًّا إِلَى مِنْهَج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهُ ؟ آ الذِينَ وَصَفْتَهُمْ بـ
( المافيا )، وَالذِينَ أَجَابُوا وَدَافَعُوا عَنْ حَقِّ اللهِ بَأَنَّهُ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ الله، أَمْ أَنْتُمْ مَعْشَرَ المُتَخَاذِلِينَ عَنْ نُصْرَةِ دِينِ الله ؟!



أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.



وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجَمْعَيْنِ..



البُلَيْـــدِي
٧ شوال ١٤٣٨ هــ

رد مع اقتباس