عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 04 Sep 2016, 07:11 PM
أبو الحسن نسيم أبو الحسن نسيم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2015
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 390
افتراضي

من أسباب التقاطع والتهاجر والتدابر الذي يقع بين الإخوان التلبس بفتنة الشبهات والوقوع في فتنة الشهوات،فبحسب وقوع الناس في هاتين الفتنتين يقع التدابر والتهاجر بين أصحاب المنهج الواحد
قال الحافظ ابن رجب-رحمه الله-في رسالة كشف الكربة ص15:(وأما فتنة الشهوات : ففي " صحيح مسلم " عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كيف أنتم إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم . أي قوم أنتم ؟ قال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله . قال : أو غير ذلك ؟ تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ) .
وفي " صحيح البخاري " عن عمرو بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ) .
وفي " الصحيحين " من حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه أيضاً .
ولما فتحت كنوز كسرى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكى فقال : إن هذا لم يفتح على قوم قط إلا جعل الله بأسهم بينهم . أو كما قال .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخشى على أمته هاتين الفتنتين كما في " مسند الإمام أحمد بن حنبل " عن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أخشى عليكم الشهوات التي في بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن ) . وفي رواية : ( ومضلات الفتن ) .)

قال الشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي في شرحه على كشف الكربة المجلس الأول:(إن الفروج ما تكون إلا بعد الشبع والغنى، فلا تقوم شهوة الفرج إلا بعد أن تحصل الكفاية في شهوة البطن، ثم بعد ذلك مضلات الفتن أو مضلات الهوى، إذا بسطت الدنيا واستغنى كل عن الآخر لم يسمع أحد من أحد لأنه غير محتاج إليه،في رفده وعطائه وعطفه فحينئذ استوت الرؤوس كما يقال، فلا احترام ولا سمع ولا توقير ولا قبول لوعظ ولا نصيحة وهذا أنتم جربوه من رأى نفسه قد استوى رأسه مع شيخه أو أبيه ونحو ذلك رأيت تكبره عليه لكن يوم أن كان محتاجا إليه رأيت تواضعه له وسماعه منه، فإذا حصل كما يقال تساوي الرؤوس شانت النفوس وحصل الشر والعياذ بالله، فمضلات الهوى حينئذ تفرق بين الناس وكل واحد يعرض عن الآخر فبعد أن كانوا متحابين متآلفين، أصبحوا متباغضين متفرقين، وبعد أن كانوا متحابين متواصلين أصبحوا أعداء متحاربين فنعوذ بالله من ذلك لم؟على الدنيا، بسبب هذه الدنيا التي بسطت عليهم فبعضهم يحصل بينه وبين أخيه لأمه وأبيه الهجران والقطيعة لأجل متر من الأرض دخل به عليه، فعشرات السنين لا يكلمه، أخوه من أمه وأبيه، أخوه يقاطعه لأجل متر من الأرض أخذه عليه، أو مبلغ من المال لا يكاد يُذكر أخذه عليه، فيقطع رحمه ،ويقطع صلته، ويقطع نسبه ،ويقطع أخوته كأنه أكفر الخلق نعوذ بالله من ذلك لأجل دينار ودرهم، وكلما جئت إليه لتصلح بينه وبين أخيه تجده متعنتا لكن الدين ربما في المقابل لا يقيم له وزنا يرى الخراب الديني كله لا يتمعر وجهه ولا يوالي عليه، ولا يعادي عليه ولا يبغض في الله ولله جل وعلا، فحينئذ يحصل البلاء بسبب ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم (فتهلككم كما أهلكتهم))

ثم قال الحافظ ابن رجب في ص15:
فلما دخل أكثر الناس في هاتين الفتنتين أو إحداهما أصبحوا متقاطعين متباغضين بعد أن كانوا إخواناً متحابين متواصلين ، فإن فتنة الشهوات عمت غالب الخلق ففتنوا بالدنيا وزهرتها وصارت غاية قصدهم ، لها يطلبون ، وبها يرضون ، ولها يغضبون ، ولها يوالون ، وعليها يعادون ، فتقطعوا لذلك أرحامهم وسفكوا دماءهم وارتكبوا معاصي الله بسبب ذلك .
وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعاً وكفر بعضهم بعضاً ، وأصبحوا أعداءً وفرقاً وأحزاباً بعد أن كانوا إخواناً قلوبهم على قلب رجل واحد ، فلم ينج من هذه الفرق إلا الفرقة الواحدة الناجية ، وهم المذكورون في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) .

رد مع اقتباس