عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03 Aug 2019, 10:39 AM
أم عكرمة أم عكرمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
المشاركات: 234
افتراضي

ذُكِر حديثان في الصّيام خاصّة ويبدو من ظاهرهما التّعارص .

أحدهما أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلم صام العشر
والآخر أنّه لم يصمها فما وجه الجمع بينهما ؟

ننظر في أقوال أهل العلم :

فقد سئل الشّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن هذا فأجاب :

قد تأمّلت الحديثين واتّضح لي أنّ حديث حفصة فيه اضطِّراب، وحديث عائشة أصحّ منه.
والجمع الذي ذكره الشّوكانيّ فيه نظر، ويبعد جدًا أن يكون النبي ﷺ
يصوم العشر ويخفي ذلك على عائشة،
مع كونه يدور عليها في ليلتين ويومين من كل تسعة أيّام؛
لأنّ سودة وهبت يومها لعائشة، وأقرّ النّبيّ ﷺ ذلك، فكان لعائشة يومان وليلتان من كل تسع.
ولكنّ عدم صومه ﷺ العشر لا يدلّ على عدم أفضليّة صيامها؛
لأنّ النّبيّ ﷺ قد تعرض له أمور تشغله عن الصّوم.
وقد دلَّ على فضل العمل الصالح في أيّام العشر
حديث ابن عباس المخرّج في صحيح البخاري، وصومها من العمل الصالح.
فيتّضح من ذلك استحباب صومها في حديث ابن عباس،
وما جاء في معناه. وهذا يتأيّد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطّراب،
ويكون الجمع بينهما على تقدير صحّة حديث حفصة
أنّ النّبيّ ﷺ كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطّلعت حفصة على ذلك وحفظته،
ولم تطّلع عليه عائشة، أو اطّلعت عليه ونسيته. والله وليّ التوفيق[1].

من أسئلة مقدّمة لسماحته من ع. س. م.
وقد أجاب عنها سماحته بتاريخ 7/2/1414هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشّيخ ابن باز 15/ 417).



**********************

وقد بيّن الشّيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في جوابه كيفيّة الجمع بينهما فقال :
فلنستعرض ما الّذي يُشرع في هذه الأيّام بخصوصه، فنقول
صيام هذه الأيّام العشر ما عدا يوم العيد،
فإنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصومها كما روى ذلك الإمام أحمد وأصحاب السّنن
عن حفصة بنت عمر بن الخطّاب رضي الله عنهم:
(أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم كان لا يدع صيامها) وهذا هو القول الرّاجح.
وأمّا حديث عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم العشر) فإنّ العلماء قالوا:
إذا تعارض عدلان ثقتان أحدهما مثبِت والثاني نافٍ، يُقدّم المثبِت؛
لأنّ معه زيادة علم.

وقد يكون نفي عائشة رضي الله عنها نفي علم لا نفي واقع
وبهذا يجمع بين الحديثين.

ثمّ على فرض أنّ حديث حفصة غير محفوظ
فإن الصّيام من أفضل الأعمال فيدخل في قوله:
(ما من أيّام العمل الصّالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيّام العشر)


اللّقاء الشهري (10/2)


**********************

وقد سئل الشّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عمّن يقول أنّ صيامها بدعة فأجاب :

هذا جاهل يُعلَّم،

فالرّسول ﷺ حضّ على العمل الصالح فيها، والصّيام من العمل الصّالح
لقول النّبي ﷺ: ما من أيّام العمل الصّالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيّام العشر
قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله
إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء
.رواه البخاريّ في الصّحيح.
ولو كان النّبيّ ﷺ ما صام هذه الأيّام،
فقد روي عنه ﷺ أنّه صامها، وروي عنه أنّه لم يصمها؛
لكنّ العمدة على القول،
القول أعظم من الفعل،
وإذا اجتمع القول والفعل كان آكد للسّنّة؛ فالقول يعتبر لوحده، والفعل لوحده، والتّقرير وحده،
فإذا قال النّبيّ ﷺ قولًا أو عملًا أو أقرّ فعلًا كلّه سنّة،

لكنّ القول هو أعظمها وأقواها، ثمّ الفعل، ثم التّقرير،
والنبي ﷺ قال:
ما من أيّام العمل الصالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيّام يعني العشر.
فإذا صامها أو تصدّق فيها فهو على خير عظيم،
وهكذا يشرع فيها التّكبير والتّحميد والتّهليل؛ لقوله ﷺ:
ما من أيّام أعظم عند الله ولا أحبّ إليه من العمل من هذه الأيّام العشر
فأكثروا فيهنّ من التّهليل والتّكبير والتّحميد وفّق الله الجميع.
من ضمن الأسئلة المقدّمة لسماحته في يوم عرفة،
حج عام 1418هـ، (مجموع فتاوى ومقالات الشّيخ ابن باز 15/ 418).



**********************

قال الشيخ العلامة إبن عثيمين رحمه الله :

وقوله "العمل الصالح" :
يشمل الصلاة والصدقة والصيام والذكر والتكبير وقراءة القران
وبر الوالدين وصلة الارحام والاحسان الى الخلق وحسن الجوار وغير ذلك،
كل الاعمال الصالحة.

شرح رياض الصالحين (٣٦٧/٣).


الخلاصة :

فممّا تقدّم يظهر لنا أنّ الصّيام مشروع في هذه الأيّام التّسع بل مستحبٌّ,
لأنّ الصّيام من جملة العمل الصّالح المستحبّ في هذه الأيّام ,
حتّى لو ثبت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يصمها ,
فقد حثّ على العمل الصّالح فيها والصّيام من الأعمال الفاضلة فيها .
وقوله مقدّم على فعله صلّى الله عليه وسلّم .

والله أعلم
تمّ بحمد الله


**********************

رد مع اقتباس