عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 23 Mar 2011, 12:07 AM
أبو عبد الرحمن العكرمي أبو عبد الرحمن العكرمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: ولاية غليزان / الجزائر
المشاركات: 1,352
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن العكرمي
افتراضي

إتماما للمراد :





و هنا بحث طيب مفيد جامع فيه الرد على من رفض الاحتاج بالحديث النبوي في اللغة من كتاب البحث اللغوي عند العرب للدكتور أحمد مختار عمر من (ص 35-41) طبعة عالم الكتب (بواسطة الشاملة), أدعوكم دعوة محب لقراءته كلّه بتأنٍ و روية ففيه مباحث عظيمة و حجج قوية على الرغم من طوله فالصبر الصبر يا مريد العلم , يقول الدكتور أحمد عمر:




3- الحديث النبوي:


المشهور بين الباحثين أن قدامى اللغويين والنحاة كانوا يرفضون الاستشهاد بالحديث في اللغة، فلا يستندون إليه في إثبات ألفاظها أو وضع قواعدها، يقول الشيخ أحمد الإسكندري: "مضت ثمانية قرون والعلماء من أول أبي الأسود الدؤلي إلى ابن مالك لا يحتجون بلفظ الحديث في اللغة إلا الأحاديث المتواترة"1. ويقول أبو حيان معترضًا على ابن مالك لاستشهاده بالحديث: "على أن الواضعين الأولين لعلم النحو والمستقرئين للأحكام من لسان العرب، والمستبطين المقاييس كأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر والخليل وسيبويه من أئمة البصريين، وكمعاذ والكسائي والفراء وعلي بن المبارك الأحمر وهشام الضرير من أئمة الكوفيين لم يفعلوا ذلك"2.
وقد حاول المتأخرون أن يعللوا هذا الرفض المزعوم وانتهوا إلى أنه يرجع لسببين: أحدهما أن الرواة جوزوا النقل بالمعنى والثاني أنه وقع اللحن كثيرًا فيما روي من الحديث لأن كثيرًا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع3.
والذي نحب أن نلفت النظر إليه أن هؤلاء القدماء الذين نسب إليهم رفضهم الاستشهاد بالحديث لم يثيروا هذه المسألة، ولم يناقشوا مبدأ الاحتجاج بالحديث، وبالتالي لم يصرحوا برفض الاستشهاد به. وإنما هو استنتاج من المتأخرين الذين لاحظوا -خطأ- أن القدامى لم يستشهدوا بالحديث، فبنوا عليه أنهم يرفضون الاستشهاد به، ثم حاولوا تعليل ذلك.
وهناك أسباب كثيرة تحمل على الشك في صحة ما نسب إلى الأقدمين من رفضهم الاستشهاد بالحديث، بل هناك من الدلائل ما يكاد يقطع -إن لم يكن يقطع فعلًا- أنهم كانوا يستشهدون به ويبنون عليه قواعدهم، سواء منهم من اشتغل باللغة أو النحو أو بهما معا.
ولهذا لا يسع الباحث المدقق أن يسلم بما ادعاه المتأخرون وسنده في ذلك ما يأتي:
1- أن الأحاديث أصح سندًا من كثير مما ينقل من أشعار العرب.
ولهذا قال صاحب "المصباح المنير" بعد أن استشهد بحديث: "فأثنوا عليه شرًّا" على صحة إطلاق الثناء على الذكر بشر - قال: "قد نقل هذا العدل الضابط عن العدل الضابط عن العرب الفصحاء عن أفصح العرب، فكان أوثق من نقل أهل اللغة، فإنهم يكتفون بالنقل عن واحد ولا يعرف حاله"4.
2- أن من المحدثين من ذهب إلى "أنه لا تجوز الرواية بالمعنى إلا لمن أحاط بجميع دقائق اللغة، وكانت جميع المحسنات الفائقة بأقسامها على ذكر منه فيراعيها في نظم كلامه. وإلا فلا يجوز له روايته بالمعنى"5. على أن المجوزين للرواية بالمعنى معترفون بأن الرواية باللفظ هي الأولى، ولم يجيزوا النقل بالمعنى إلا فيما لم يدون في الكتب، وفي حالة الضرورة فقط6. وقد ثبت أن كثيرًا من الرواة في الصدر الأول كانت لهم كتب يرجعون إليها عند الرواية. ولا شك أن كتابة الحديث تساعد على روايته بلفظه وحفظه عن ظهر قلب مما يبعده عن أن يدخله غلط أو تصحيف7.
3- أن كثيرًا من الأحاديث دون في الصدر الأول قبل فساد اللغة على أيدي رجال يحتج بأقوالهم في العربية. فالتبديل على فرض ثبوته إنما كان ممن يسوغ الاحتجاج بكلامه، فغايته تبديل لفظ يصح الاحتجاج به بلفظ كذلك8.
4- أن هناك أحاديث عرف اعتناء ناقلها بلفظها لمقصود خاص، كالأحاديث التي قصد بها بيان فصاحته -صلى الله عليه وسلم- ككتابه لهمدان، وكتابه لوائل ابن حجر، والأمثال النبوية 9.
5- وإذا كان قد وقع في رواية بعض الأحاديث غلط أو تصحيف؛ فإن هذا لا يقتضي ترك الاحتجاج به جملة، وإنما غايته ترك الاحتجاج بهذه الأحاديث فقط، وحمله على قلة ضبط أحد الرواة في هذه الألفاظ خاصة10، وقد وقع في الأشعار غلط وتصحيف، ومع ذلك فهي حجة من غير خلاف، وإذا كان العسكري قد ألف كتابًا في تصحيف رواة الحديث، فقد ألف كتابًا فيما وقع من أصحاب اللغة والشعر من التصحيف11.
6 -لو صح أن القدماء لم يستشهدوا بالحديث فليس معناه أنهم كانوا لا يجيزون الاستشهاد به، إذ لا يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به"12، فقد تكون العلة لتركه "عدم تعاطيهم إياه". وقد ثبت فعلًا أن أوائل النحاة من شيوخ سيبويه حتى زمن تدوين صحيح البخاري لم يكثروا من الاستشهاد بالحديث لأنه لم يكن مدونًا في زمانهم13.
7- على أني وجدت من قدامى اللغويين من استشهد بالحديث في مسائل اللغة كأبي عمرو بن العلاء14 والخليل15والكسائي16 والفراء 17 والأصمعي 18 وأبي عبيد 19 وابن الأعرابي 20 وابن السكيت 21 وأبي حاتم 22 وابن قتيبة 23 والمبرد 24 وابن دريد 25 وأبي جعفر النحاس26 وابن خالويه27 والأزهري 28 والفارابي 29 والصاحب بن عباد 30وابن فارس 31 والجوهري 32 وابن سيده وابن منظور والفيروزأبادي وغيرهم. ولا يختلف موقف النحاة عن هذا، إذ لا يعقل أن يستشهد الخليل مثلًا بالحديث في اللغة، ثم لا يستشهد به في النحو، وهما صنوان يخرجان من أصل واحد، وممن استشهد بالحديث من النحاة: أبو عمرو بن العلاء والخليل وسيبويه 35 والفراء 36 والكوفيون 37 والمبرد4 والزجاجي والزمخشري38 وابن خروف39 وابن الخباز40 وابن مالك8 وابن عقيل41 وابن الدماميني 42 والأشموني43 والسيوطي وغيرهم وغيرهم 44 وفاقهم في ذلك كل ابن مالك وبلغ الذروة في كتابه "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" حيث عقده للأحاديث التي يشكل إعرابها، وذكر لها وجوهًا يستبين بها أنها من قبيل العربي الصحيح. بل إن ابن الضائع 45 وأبا حيان46 وهما على رأس من رفض الاستشهاد بالحديث لم تخل كتبهما من بعض الحديث. وقد فطن إلى هذا ابن الطيب الفاسي فقال: "بل رأيت الاستشهاد بالحديث في كلام أبي حيان نفسه مرات ولا سيما في مسائل الصرف47. ولكن إحقاقًا للحق أقول: إن شواهد النحاة من الحديث ليست في غزارة شواهد اللغويين وكثرتها. فهي قليلة بالنسبة إليها وبخاصة عند قدامى النحاة. وقد رأينا كيف أن سيبويه لم يستشهد إلا بثلاثة عشر حديثًا فقط.
8- وقد وجدت في "المزهر" للسيوطي نصًّا يؤيد ما ذهبت إليه، فهو يقول: "قال أبو الحسن الشاري: ومذهبي ومذهب شيخي أبي ذر الخشني وأبي الحسن بن خروف أن الزبيدي أخل بكتاب العين كثيرًا لحذفه شواهد القرآن والحديث وصحيح أشعار العرب منه ... ولما علم بذلك الإمام ابن التياني عمل كتابه "فتح العين" وأتى فيه بما في العين من صحيح اللغة ... دون إخلال بشيء من شواهد القرآن والحديث ... 48.
فهذا صريح في أن الخليل كان يستشهد بالحديث في كتابه "العين". ولم يكن الخليل بدعًا من اللغويين، فما صنعه الخليل صنعه غيره من أئمة اللغة.
9- وقد انتهى ابن الطيب الفاسي إلى نفس النتيجة التي انتهيت إليها إذ قال: "ذهب إلى الاحتجاج بالحديث الشريف جمع من أئمة اللغة منهم ابن مالك وابن هشام والجوهري وصاحب البديع والحريري وابن سيده وابن فارس وابن خروف وابن جني وابن بري والسهيلي....
وغيرهم ممن يطول ذكره. وهو الذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه. على أنا لا نعلم أحدًا من علماء العربية خالف في هذه المسألة إلا ما أبداه الشيخ أبو حيان في "شرح التسهيل"، وأبو الحسن بن الضائع في "شرح الجمل" وتابعهما ... السيوطي49.
10- كذلك انتهت الدكتورة خديجة الحديثي إلى ما انتهيت إليه وأرخت بداية الاحتجاج بالحديث النبوي بأبي عمرو بن العلاء والخليل وسيبويه50.
وإذن فقد كان المتأخرون مخطئين فيما ادعوه من رفض القدماء الاستشهاد بالحديث، وكانوا واهمين حينما ظنوا أنهم هم أيضًا برفضهم الاستشهاد بالحديث إنما يتأثرون خطاهم وينهجون نهجهم. ونحن نحمل ابن الضائع وأبا حيان تبعة شيوع هذه القضية الخاطئة، فهما أول من روج لها ونادى بها3، وعنهما أخذها العلماء دون تمحيص أو تحقيق، ثقة في حكمها أو تخففًا من البحث وركونًا إلى الراحة والتماسًا لأيسر السبل. اهــ





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحواشي.
1 مجلة المجمع 1/ 299.
2 التذييل والتكميل 5/ 168.
3 خزانة الأدب 1/ 5، 6، والتذييل والتكميل 5/ 168، 169.
4 المصباح المنير مادة "ثني". وانظر مجلة المجمع 3/ 201.
5 ابن علان في "شرح الاقتراح" ص 94.
6 مجلة المجمع اللغوي 3/ 204.
7 تعليق الفرائد للدماميني- باب الفاعل "غير مرقم الصفحات".
8 ابن علان ص 94، تعليق الفرائد- باب الفاعل.
9 خزانة الأدب 1/ 6 عن الشاطبي.
10 مجلة المجمع اللغوي 3/ 207.
11 المرجع والصفحة.
12 خزانة الأدب 1/ 5.
13 شرح كافية المتحفظ ورقة 16، وانظر خديجة الحديثي ص 412
14 إعراب القرآن للنحاس ورقة 138.
15 العين 1/ 70- 72 وغير ذلك كثير.
16 إعراب القرآن للنحاس ورقة 72.
17 معاني القرآن للفراء ورقة 40، 85.
18 الأضداد للأصمعي ص 12، 23، 27.
19 إعراب القرآن للنحاس ورقة 173، والغريب المصنف لأبي عبيد ص 118، 478.
20 إعراب القرآن للنحاس ورقة 167.
21 الأضداد لابن السكيت ص 167، 172، والقلب والإبدال له 31.
22 الأضداد لأبي حاتم ص 36، 136، والمخصص لابن سيده ص 40.
23 المسائل والأجوبة لابن قتيبة ص 8.
24 إعراب القرآن للنحاس ورقة 200.
25 الجمهرة 1/ 16، 18، 21، 25، 26، 27، 31، 33، 34، 43، 44، 45، 48، 50،.... إلخ.
26 شرح المعلقات للنحاس ورقة 72، ومعاني القرآن له ورقة 44.
27 "كتاب ليس" لابن خالويه ص 5، 6، 11، 24، 40، 41، 50، 67، 74، 77، 83، 157، 163 ... إلخ.
28- 1/ 30، 33، 38، 42، 57، 68، 86، 88، 94، 98، 100، 113 ... إلخ.
29 انظر ديوان الأدب 1/ 73، 138، 139، 153، 201، 211.
30 المحيط للصاحب بن عباد 3/ 9، 17، 21، 66، 69، 89، 92، 123، 125، 127، 151، 178.... إلخ.
31 مقاييس اللغة 1/ 14، 16، 24، 41، 43، 44، 54، 55، 63، 65 ... إلخ.
32 المخصص 1/ 18، 22، 40، 48، 50، 60، 77، 108، 160 ... إلخ.
35 وقد استشهد بثلاثة عشر حديثًا في الكتاب "انظرها في موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث لخديجة الحديثي ص 53 وما بعدها وص 67".
وانظر خديجة الحديثي ص 42، 43، 46، 50.
36 شرح المفصل لابن يعيش 4/ 103، والإنصاف 2/ 300.
37 الإنصاف 2/ 300، 303، 367،368.
38 احتج المبرد في المقتضب بالحديث في ثلاثة عشر موضعًا "انظر خديجة الحديثي ص 97".
39 شرح الجمل لابن عصفور ورقة 65، وشرح المفصل لابن يعيش 3/ 7، 31، 4/ 6، 153، وخديجة الحديثي ص 111.
40 تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب لابن خروف ص 38.
41 شرح ألفية ابن معطي لابن الخباز ورقة 30، 71، 79، 100.
42 انظر كتابه شواهد التوضيح، في أماكن كثيرة.
43 شرحه على الألفية 1/ 58، 293، 538، 547.
44 حاشية على المغني ورقة 22، 23.
45 شرح الأشموني 1/ 82، 85، 96، 119، 183، 204، 225، 266، 292، 322، 400.
46 همع الهوامع 1/ 40، 171، 223، 2/ 25. وانظر استشهادات الزجاج وابن السراج وابن الأنباري وابن النحاس وابن درستويه وابن خالويه وابن علي الفارسي والرماني وابن حني. ... في خديجة الحديثي ص 98 وما بعدها.
47 شرح الجمل لابن الضائع "غير مرقم الصفحات" باب الاستثناء، باب الاختصاص، باب لولا.
48 التذييل والتكميل في شرح التسهيل لأبي حيان 1/ 4، 139.
49 شرح كفاية المتحفظ ورقة 16. وقد حصرت الدكتورة خديجة الحديثي لأبي حيان في كتابيه ارتشاف الضرب، ومنهج المسالك ثمانية وعشرين حديثًا انفرد في الاحتجاج بها، وبنى عليها حكمًا جديدًا أو معنى جديدًا أو استعمالًا جديدًا "ص 339، 363".
50 المزهر 1/ 88.

رد مع اقتباس