
08 May 2016, 07:17 PM
|
موقوف
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2015
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 390
|
|
هذا الموضوع منقول يبين فيه صاحبه أصل استعمال رابطة العنق،وأنها من رموزهم الدينية التي تمثل الصليب.
فى القرن السابع عشر ، كانت الحروب تدور على أشدها بين الدولة العثمانية وبين ملوك أوروبا ، وكان الأوروبيون يئنون تحت وطئة التطور العسكرى العثمانى من كل الجوانب ، سواء كانت التقينة أم الإستراتيجية ، وحدث أن إتحد العديد من أمراء فرنسا ورومانيا وبلغاريا تحت إمرة ملك كرواتيا ، ودارت إحدى المعارك فى عام 1660 بين الجيش الكرواتى وجيش السلطان محمد الرابع ، وحدث أن انتصر الجيش الكرواتى فى تلك المعركة بعد أن قتل منه عدد عظيم ، فقام الملك الكرواتى – على سبيل الفخر بهذا النصر – بإعداد مجموعة من الجنود الناجين وقام بإرسالهم إلى فرنسا وقدمهم إلى الملك لويس الرابع عشر فى هيئة الأبطال ، فكرمهم لويس ، وأصبحوا محل نظر أهل العاصمة الفرنسية طوال إقامتهم فيها …
المهم فى هذه القصة أن هؤلاء الجنود كانوا معتادين فى كل حروبهم ضد الدولة العثمانية على ارتداء رمز دينى عبارة عن منديل حريرى من اللون الأحمر (رمزاً للدماء) مربوط على شكل إنسان مصلوب (رمزاً للمسيحية) ، وكان هذا المنديل يرمزون به إلى تفانيهم فى الدفاع عن النصرانية ، فلما زار هؤلاء الجنود باريس ، ونزلوا على لويس الرابع عشر الذى كان معروفاً بولعه الشديد بالثياب والأناقة ، أعجبه ذلك الرمز وقام بتقليد هؤلاء الجنود فى ارتدائه ، وسرعان ما انتشر ذلك الرمز النصرانى بين أهالى باريس والطبقة الأرستقراطية فيها ، وعرف باسم (كروات) رمزاً للجنود الكرواتيين ثم حرف فى اللغة الفرنسية إلى (كرافت)…
هذه الصورة هى لوحة زيتية تمثل جنديا كرواتيا فى تلك الحقبة(أورد صورة جندي يحمل ربطة حمراء حول عنقه على شكل رجل كصلوب من قماش أحمر)
جندى كرواتى يرتدى ربطة عنق
يقول الدكتور تايلور مارشال [1] النائب السابق لمدير مركز المعلومات الكاثوليكى بواشنطن فى مقال حول هذه النشأة لربطة العنق : ” …واسمحوا لى أن أشير أن اليوم هناك بعض المسلمين الذين يقولون أنه من الخطأ ارتداء ربطة العنق لأنها ترمز إلى الصليب ، وأنا أقول للمسيحى العادى : ارتدى ربطة عنق بفخر لأنها ترمز إلى هؤلاء الجنود الذين بدورهم يرمزون إلى انتصار المسيحية على الإسلام” [2]
وبعد ذلك ببضع سنين قام تشارلز الثانى بنقل هذه الربطة من فرنسا إلى بلده انجلترا لتنتشر هناك أيضا ، ومع زيادة المستعمرات الأوروبية فى أمريكا فى ذلك الوقت انتشرت بين كافة الأوربيين هناك وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الزى الغربى ، وتطورت إلى أشكال عديدة و كثير منها ما نراه اليوم من ربطات العنق المعهودة
وظهرت تلك الربطات فى مصر مع بداية الإحتلال الفرنسى اللعين ، حيث كان الفرنسيين يرتدونها ، ولكنها لم تنتشر بين أبناء مصر إلى بعد عودة البعثة الأربعينية المشئومة التى أرسلها محمد على إلى فرنسا والتى كان على رأسها الطهطاوى الذى كان رأس التغريب فى مصر والمبشر الأول بالعلمانية [3] ، حتى بالرغم من جهود الخديو عباس لمحاربة التغريب ونفيه للطهطاوى ، إلا أن انتشار تلك الربطة – كمؤشر على انتشار التغريب – كان قد أخذ فى التوسع حتى فى عاصمة الدولة العلية العثمانية
الآن ، قد أصبحت تلك الربطة مظهراً لازما من مظاهر الأناقة – المزعومة – والتطور الزائف ، بل قد أصبحت فى كثير من الأحيان زيا رسميا للعديد من الهيئات والمؤسسات ، والمناسبات والإحتفالات ، وأصبح من يتنكر لمثل هذه الربطة – من المنتسبين للدين والثقافة الإسلامية – يتهم بأنه متخلفا رجعيا ، فبكل بساطة أصبح (رمز الصليب) دليلا على التقدمية والتحضر…!! بل ، من المؤسف أن بعض التيارات المنتسبة للعمل الإسلامى تتخذ هذا الرمز وسيلة للتقرب إلى أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين وإظهار ” تحضر الإسلام” و “شمولية الإسلام” …أما من يفتى من أهل العلم الصادقين بما يضاد قول الدكتور تايلور مارشال السابق ، أى بحرمة ارتداء هذه الربطة ، فإنه يوصم بالتطرف والتشدد و (الأصولية)…!!
وطائفة ممن يدافعون عن هذا التشبه المحض برمز من رموز الكفار يدعون أنها أصبحت من (العادات)…!! وهذا الإستدلال منطقيا وفلسفيا غير صحيح بالمرة ، إذ أنه من غير المنطقى والمعقول – على سبيل المثال – أن نبرر ونؤيد إنتشار وباء ما لأنه قد أصبح منتشراً…!! إن تبرير أو إجازة إرتداء هذه الربطة ذات الدلالة النصرانية فى شكلها وذات الدلالة السياسية المعادية للإسلام فى تاريخها ونشأتها يحتاج لمن يثبت عكس هاتين الدلالتين بطريق علمى واضح معقول ، لا أن يقول “إنها أصبحت عادة فلا بأس…!” فإن هذا من جملة الذوبان فى الفكر التغريبى والثقافة المائعة التى لا هى أصابت العلمانية فى تطورها المادى ولا أصابت الإسلام فى رقيه العلمى والإنسانى
ومن نافلة القول أنه فى البلاد الإسلامية الغير عربية تنتشر فكرة أن هذا من زى النصارى – الكفار – و الغرب عموما ، بل إنها فكرة مستساغة تماما ، حتى أنه فى ماليزيا – على سبيل المثال – الزى الرسمى فى الإحتفالات لا يزال هو الباتيك التقليدى وغطاء الرأس الأسود (السنجوك) ، ولايزال الأغلبية العظمى من المسلمين هناك لايرتدون تلك الرابطات ، أما بين مسلمى الهند والباكستان وآسيا الوسطى عموما ، فإن الفكرة أيضاً واضحة أن تلك الربطة هى من زى الغرب ، حتى وإن خفى أصلها ودلالتها الدينية والسياسية على الكثيرين …
_________________________________________
المراجع
[1] مدونة الدكتور تايلور مارشال “حكايات كانتربرى” http://cantuar.blogspot.com/2007/09/...-marshall.html
[2] تايلور مارشال 2008 “إحتفل بانتصار المسيحية : ارتدى ربطة عنق ” مترجم من الإنجليزية
[3] الدكتور هانى السباعى “دور رفاعة الطهطاوى فى تخريب الهوية الإسلامية”
|