عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 31 Dec 2014, 02:57 PM
ابومارية عباس البسكري ابومارية عباس البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر بسكرة
المشاركات: 703
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ابومارية عباس البسكري
افتراضي

أحمده على ما منَّ به من أنوار اليقين، و أشكره على ما أسداه من التمسك بالحبل المتين، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمداً عبده و رسوله سيد الأولين و الآخرين، صلى الله عليه و على آله و أصحابه و أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، صلاة دائمة إلى يوم الدين.

أما بعد:
فقد تكرر سؤال جماعة من المبارَكين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول، و يسمونه: المولد: هل له أصل في الشرع؟ أو هو بدعة وحدث في الدين؟

و قصدوا الجواب عن ذلك مبيَّناً، و الإيضاح عنه معيناً.

فقلت و بالله التوفيق: لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب و لا سنة، و لا يُنقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بِدعة أحدثها البطالون، و شهوة نفسٍ اغتنى بها الأكَّالون، بدليل أنَّا إذا أوردنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجباً، أو مندوباً، أو مباحاً، أو مكروهاً، أو محرماً.
و هو ليس بواجب إجماعاً، و لا مندوب؛ لأن حقيقة المندوب: ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، و هذا لم يأذن فيه الشرع، و لا فعله الصحابة و لا التابعون، و لا العلماء المتدينون -فيما علمت- و هذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سُئِلت.

و لا جائز أن يكون مباحاً؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين.

فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً، أو حراماً، و حينئذٍ يكون الكلام فيه في فصلين، و التفرقة بين حالين:

أحدهما: أن يعمله رجل من عين ماله لأهله و أصحابه و عياله، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام، و لا يقترفون شيئاً من الآثام، فهذا الذي وصفناه بأنه بدعةٌ مكروهةٌ و شناعة، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة، الذين هم فقهاء الإسلام و علماء الأنام، سُرُجُ الأزمنة و زَيْن الأمكنة.

و الثاني: أن تدخله الجناية، و تقوى به العناية، حتى يُعطي أحدهم الشيء و نفسه تتبعه، و قلبه يؤلمه و يوجعه؛ لما يجد من ألم الحيف، و قد قال العلماء رحمهم الله تعالى: أخْذ المال بالحياء كأخذِه بالسيف، لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء مع البطون الملآى بآلات الباطل، من الدفوف و الشبابات و اجتماع الرجال مع الشباب المُرد، و النساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أو مشرفات، و الرقص بالتثني و الانعطاف، و الاستغراق في اللهو و نسيان يوم المخاف.

و كذا النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك و التطريب في الإنشاد، و الخروج في التلاوة و الذكر عن المشروع و الأمر المعتاد، غافلات عن قوله تعالى: ((إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)) [الفجر:14[.

و هذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، و لا يستحسنه ذَوُو المروءة الفتيان، و إنما يَحِلُّ ذلك بنفوسِ موتى القلوب، و غير المستقلين من الآثام و الذنوب، و أزيدك أنهم يرونه من العبادات، لا من الأمور المنكرات المحرمات، فإنا لله و إنا إليه راجعون، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ"


2- الإمام عبد الله ابن الحاج رحمه الله:

قال في كتابه المدخل : (فصل في المولد: و من جملة ما أحدثوه من البدع، مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات و أظهر الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد و قد احتوى على بدع و محرمات جملة) [المدخل: (2/ 2-10)].

3_و من علماء المالكيَّة الإمام العلامة الأستاذ أبو عبد الله الحفَّار المالكي، و له في ذلك جواب حافل نقله الونشريسي في المعيار المعرب، نختصر منه ما يلي، قال رحمه الله: (ليلة المولد لم يكن السلف الصالح يجتمعون فيها للعبادة، و لا يفعلون فيها زيادةً على سائر ليالي السنة، و الخيرُ كلُّه في اتِّباع من سلف، فالاجتماع في تلك الليلة ليس بمطلوب شرعًا، بل يُؤمر بتركه....)

المعيار المعرب و الجامع المغرب لفتاوى علماء إفريقية و الأندلس و المغرب (7 / 99 ).


4_ و قال أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي

بعد حكاية أقوال المالكية في المفاضلة بين ليلة المولد و ليلة القدر قال رحمه الله تعالى : " قيل : و إن كان معظَّما عند المسلمين لكن و قعت فيه قضايا أخرجته إلى ارتكاب بعض البدع من كثرة الإجتماع فيه، أي اجتماع آلات اللهو إلى غير ذلك من البدع غير المشروعة. و التعظيمُ له صلى الله عليه و سلم إنما هو باتباع السنن و الإقتداء بالآثار لا بإحداث بدع لم تكن للسلف الصالح "
المعيار المعيار المعرب ( 8/255) .


5_ الإمام المحقق أبي إسحاق الشاطبي اللخمي رحمه االله تعالى :

" و أجاب رحمه الله على جملة مسائل فقال : " أما الأولى : و هي الوصية بالثلث ليوقف على إقامة ليلة مولد النبي صلى الله عليه و سلم فمعلوم أن إقامةَ المولد على الوصف المعهود بين الناس بدعةٌ محدثة و كلُّ بدعة ضلالة فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز، و الوصية به غير نافذة، بل يجب على القاضي فسخُها و ردُّ الثلث إلى الورثة يقتسمونه فيما بينهم و أبْعَدَ الله الفقراء الذين يطلبون إنفاذ مثل هذه الوصية ...." انتهى محل الشاهد ( فتاوى الإمام الشاطبي ص203_204 تحقيق : محمد أبو الأجفان ).


6-ومن علماء المالكية المتأخِّرين بمصر الشيخ المفتي محمَّد عليش المالكي، من علماء الأزهر وكبار فقهاء المالكية في زمانه من نحو قرن،

قال في كتابه فتح العلي المالك: "عملُ المولد ليس مندوبًا، خصوصًا إن اشتمل على مكروه، كقراءة بتلحين أو غناء، و لا يسلَم في هذه الأزمان من ذلك و ما هو أشدّ".
الشيخ محمد البشير الإبراهيمي :قال رحمه الله « الحب الصحيح لمحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي يدع صاحبه عن البدع’ ويحمله على الإقتداء الصحيح, كما كان السلف يحبونه, فيحبون سنته, ويذودون عن شريعته ودينه ,من غير أن يقيموا له الموالد وينفقوا منها الأموال الطائلة التي تفتقر المصالح العامة إلى القليل منها فلا تجده" ( آثار البشير الإبراهيمي 2/341

رد مع اقتباس