عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02 Nov 2013, 11:06 AM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

وإياكم أخي الفاضل خالد، وأشكرك على الاهتمام بالمقال.
ولو أنكم أتممتم قراءة كلام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى لزال عنكم الاشكال في قوله: "
...وهذا الذي يحصل من معرفته و إتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث ".
فمراد الإمام النسائي رحمه الله كما تفضلتم: مراتب الثقات وترجيح رواية بعضهم على بعض عند الاختلاف ،
وهذا النَّوعُ من التَّقسيم الطَّبَقيِّ أخي الفاضل خالد زادك الله توفيقا، يدخلُ في مباحث علم العلل ، والـمُصَنَّفاتُ الـمُستقلَّة فيه شحيحة وقليلة ، ومنها ما هو مفقود ، ككتاب "الطَّبقات" لعلي ابن المديني (ت 233 هـ):
حيث استفتح كتابه بمسائلَ عظيمة الفائدة من علوم الطَّبقاتِ ، فنراه يقول : "نظرتُ فإذا الإسنادُ يدورُ على ستَّة : فلأهلِ المدينة ابنُ شهاب ، ولأهلِ مكَّةَ عمرو بن دينار ، ولأهلِ البصرةِ قتادة بنُ دِعامة السَّدوسي، ويحي بن أبي كثير ، ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي ، وسليمان بن مهران..." ثمَّ ذكر أصحاب عبد الله بن مسعود والمفاضلة بينهم.
وهكذا يمضي علي ابن المديني في تأصيلِ هذه الخِبرةِ الإسناديّةِ وتفريعها . ومع ذِكْرِ الرَّاوي فإنَّه يذكرُ أصحابه ، ويبيِّن أوثقهم فيه وأكثرهم في الرِّواية عنه. أنظر:كتاب "العلل" لعلي ابن المديني ص39.
كذلك من الكتبِ التي احتوت على ذكر طبقات الرُّواة عن الإمام المكثر: كتاب "التَّاريخ" للدَّارمي (ت 280 هـ) فقد استفتح الكتاب بتوجيه أسئلة ليحي بن معين عن أصحاب كبار الأئمَّة المُكثرين كالزُّهري، وقتادة والأعمش، و أيُّوب السِّخْتياني، والشَّعبي وغيرهم. أنظر: التَّاريخ ، ص 41-64 .
وكذا غيرها من الكتب التي وجَّهت أسئلة لابن معين في ذلك : كأسئلةِ العبَّاس الدُّوري (ت 271 هـ) في كتابه "التَّاريخ"، وكذا ما نقله أبو خالد الدَّقَّاق يزيد بنُ الهيثم عن ابن معين في كلامه في الرِّجال، وكذا كتب العلل ؛ ككتاب "العلل ومعرفة الرجال" رواية عبد الله بن أحمد (ت 290 هـ) فإنَّ فيه فوائد نفيسة في المفاضلة بين أصحاب الإمام المكثر ؛ ينقلها عن والده الإمام أحمد ابن حنبل ، ومن كتب السُّؤالات كتاب "أسئلة البرذعي " الموجَّهة لأبي زرعة الرَّازي (ت 264 هـ) ، ومن كتب التَّواريخِ التي اعتنت بذلك كتاب "المعرفة والتَّاريخ" للفسوي (ت 277 هـ) ، فقد نقل في ذلك فوائد نفيسة خاصَّة عن أحمد بن حنبل فيما رواه عنه الفضل بن زياد وغيره ، وكذا كتاب "تاريخ أبي زرعة الدِّمشقي" (ت 281 هـ) نقل فيه فوائد في علم العلل والرِّجال عن أحمد ابن حنبل خاصَّة ، وكذا عن غيره من أئمة العلل .
ثُمَّ جاء الحافظُ ابن رجب الحنبلي (ت 759 هـ) ليجمع شتات علم طبقات الرُّواة عن الإمام المكثر ويُؤَصِّلُه ويقعِّد له ويبرز أهميته ، في كتابه الفريد الفَذ "شرح علل التِّرمذي" ، فكان كتابه هذا من أنفس الكتب التي جمعت الكثير ممَّا تفرَّق من كلام الأئمَّةِ في ذلك ، مع العناية بالتَّرتيب والتَّنظيم حيث ذكر أصحاب الأئمَّة المُكثرين مع المفاضلة بينهم من حيث القُوَّة والضَّعف ؛ ومن حيثُ الملازمة والمعرفة بحديث الشَّيخ ؛ فنجده يقول : "ولـمَّا انتهى الكلام على ما ذكره أبو عيسى التِّرمذي رحمه الله في كتاب الجامع وآخره كتاب العلل أحببت أن أتبع كتاب العلل بفوائد أُخرَ مُهمَّة، وقواعد كُلِيَّة تكونُ للكتاب تتمَّة وأردت بذلك تقريب علم العلل على من ينظر فيه، فإنَّه علمٌ قد هُجِر في هذا الزمان ، فقد ذكرنا في كتاب العلم أنَّه علم جليل قلَّ من يَّعرفه من أهل هذا الشَّأن ، وأنَّ بِساطه قد طُّوي منذ أزمان ، وبالله المستعان ، وعليه التُّكلان ، فإنَّ التَّوفيق كلَّه بيديه ومرجع الأمور كلها إليه" .


التعديل الأخير تم بواسطة مراد براهيمي ; 02 Nov 2013 الساعة 11:09 AM
رد مع اقتباس