عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14 Sep 2012, 10:03 AM
عبد الصمد بن أحمد السلمي عبد الصمد بن أحمد السلمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
الدولة: في بلد ممتدة أرجاؤه...وطيب هواءه وماؤه
المشاركات: 351
افتراضي المقامة الورجلانية

قال الفتى السلمي : قَادَنِي بعْضُ أغْرَاضِي إلَى سُوقٍ عَظيمٍ مِنْ أسْوَاق (وَرْجَلانَ) ، فَبَيْنَا أنََا أطُوفُ لِقَضَاءِ آرَابِي وَلِاقْتِنَاءِ ما يُسيلُ لُعَابي ، خَزَرْتُ فَإِذَا رجُلٌ مُتلفَّعٌ بطَيْلَسانِه ومُتَّكِأٌ عَلَى صَوْلجَانِه ، قَدْ كَدَّتِ الفَاقَةُ ظَهْرَه وأَصَابهُ مِن طُولِ عُمُْرِه ما أضرَّه ، شابٌ في صُورَةِ عَجُوزٍ محْطُومٍ و نَظِرٌ في هيْئَة مَكْلُومٍ ، رافِعاً عَقيرَتَه بأرْجازِهِ يَهُزُّ برَاحَتَيْهِ بعْضَ جَهَازِهِ :
إِنِّي أَنَا العَبْــلُ أَبُو العَمَيْثلِ .....صَرَنْدَحٌ عندَ اتِّقاد القَصْطلِ
مَاضٍ كَحَدِّ الصَّارِمِ المُجَحْدِل....مَن يَّبْغِ حَرْبِي يَلْقَ طَعْمَ الحَنْظَلِ

في أبْياتٍ ....ظاهِرُها فخْرٌ بالغٌ وباطِنُهَا نَفْخٌ فارِغٌ ، لَكِنْ رَاقَني حُسْنُ بَيانِه وجَمَالُ لسانه ، فاقْتَرَبْتُ منْه وقُلْتُ -وقَدْ أخْرَجْتُ دِينَاراً-: لَئِنْ أَحْسَنتَ وصْفَه وَهَبْتَكَهُ
فَقَالَ :
أَصْفَرُ اللَّوْنِ مِثْلَهَا يَاحَبيبُ....هُوَ شَمْسٌ لَكِنَّهُ لاَ يَغيبُ
فَقُلْتُ مُتَعَجِّباً : لا فُضَّ فُوكَ وَلا ثَكِلاَكَ أُمُّكَ وأَبُوكَ
زِدْنا وَأَفِدْنا ...
فَقَالَ :
كُلَّمَا قَلّبْتُ الحَنادِرَ فِيه....هَزَّني مَا يَحْلُو بِهِ وَيَطيبُ
مِنْ طَعَامٍ أوْ مَلْبسٍ أقْتَنِيهِ...بِهِ أكْفِي وَجْهاً بَرَاهُ الرَّقيبُ
فحَارنيِ لفْظُهُ ومَعْناهُ ومَا اصْطفَى منْ مطْبُوعِه واجْتَباهُ ، فقُلْت : زِدْنـا

فتَكعْكَع عَن رَّدّ سُؤالي ، فقُلْت : لِـمَ لَـمْ تجبني ، فقَال : يا هَذا أظَننْتَني صَبيًّا أم شَخْصًا غبيًّا ، هاتِ الدِّينارَ ، ثمَّ مدَّ يدَهُ وأخذَهُ خَطْفاً من يدي ، فسَقط لِثَامُه ، فنَظرْت فَإِذا هُو صَاحِبُنا (الدَّيْلَمِيُّ) ، فقُلْت مُبتَسِماً : لوْ عَرفتُك لأَعْطَيْتَكَهُ دونَ تجْريبٍ فَخُذْه طَيِّبةً نَفْسي بِلا تَثْريبٍ ، وإن شِئتَ زِدّتُك مثْلَه ، فَقالَ : لا علَيْكَ ، حَسبيَ منْهُ أنْ أُنفِقَه في هَذهِ الأيَّام فإنَّ البذْلَ فِيها صَار كالمَوْت الزُّؤامِ ، خاصَّة معَْ غَلاء الأسْعَارِ وقلَّة الغَلّاتِ والثِّمارِ....
فتَركْتُه وافْترَقْنا عَلى أحْسنِ حالةٍ أمْدحُ فِيها لُطْفه وأدَبَه وإِنْ دلَّ هَذا عَلى شيْءٍ فإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنيِّ أُحِبُّه !!!!.

رد مع اقتباس