عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 31 Mar 2011, 01:31 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

وفيك يبارك الله أخي أسامة
واعذرني لأني لم أرد عليك بسرعة
وجزاك الله خيرا

قال ابن رجب - رحمه الله -:
وندب صلى الله عليه وسلم مع التقلل من الأكل والاكتفاء ببعض الطعام إلى الإيثار بالباقي منه، فقال: ( طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة).[1]

فأحسن ما أكل المؤمن في ثلث بطنه، وشرب في ثلث، وترك للنفس ثلثا، كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المقدام، فإن كثرة الشرب تجلب النوم، وتفسد الطعام. قال سفيان: (كل ما شئت ولا تشرب، فإذا لم تشرب، لم يجئك النوم).[2]

وقال بعض السلف: ( كان شباب يتعبدون في بني إسرائيل، فإذا كان عند فطرهم، قام عليهم قائم فقال: لا تأكلوا كثيرا، فتشربوا كثيرا، فتناموا كثيرا، فتخسروا كثيرا).


وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجوعون كثيرا، ويتقللون من أكل الشهوات، وإن كان ذلك لعدم وجود الطعام، إلا أن الله لا يختار لرسوله إلا أكمل الأحوال وأفضلها. ولهذا كان ابن عمر يتشبه بهم في ذلك، مع قدرته على الطعام، وكذلك كان أبوه من قبله.

ففي "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: ( ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من خبز بُرٍّ ثلاث ليال تباعا حتى قبض)، ولمسلم: قالت: (ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض).[3]

وخرج البخاري عن أبي هريرة قال: (ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من طعام ثلاثة أيام حتى قبض).

وعنه قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير).[4]

وفي "صحيح مسلم"[5] عن عمر أنه خطب، فذكر ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ به بطنه).

وخرج الترمذي، وابن ماجه من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاث من بين يوم وليلة وما لي طعام إلا ما واراه بطني إبط بلال).[6]

وخرج ابن ماجه[7] بإسناده عن سليمان بن صُرد، قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكثنا ثلاث ليال لا نقدر – أو لا يقدر – على الطعام).

وبإسناده عن أبي هريرة، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام سخن، فأكل، فلما فرغ، قال: ( الحمد لله، ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا).[8]

وقد ذم الله ورسوله من اتبع الشهوات، قال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (59) إلا من تاب}(مريم:59-60).

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السِّمَن).[9]

وفي "المسند"[10] أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا سمينا، فجعل يومئ بيده إلى بطنه ويقول: ( لو كان هذا في غير هذا، لكان خيرا لك ).

وفي "المسند"[11] عن أبي برزة عن النبي صلىى الله عليه وسلم، قال: ( إن أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم، ومضلات الهوى ).

وفي "مسند البزار"[12] وغيره عن فاطمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (شرار أمتي الذين غدو بالنعيم يأكلون ألوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون في الكلام ).

وخرج الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر، قال: تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (كف عنا جشاءك، فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة ).[13]

وخرجه ابن ماجه[14] من حديث سلمان أيضا بنحوه، وخرجه الحاكم[15] من حديث أبي جحيفة وفي أسانيدها كلها مقال.

وروى يحي بن منده في كتاب "مناقب الإمام أحمد" بإسناد له عن الإمام أحمد أنه سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلث للطعام: هو القوت، وثلث للشراب: هو القوى، وثلث للنفس: هو الروح)، والله أعلم.
ــــــ
[1] رواه من حديث أبي هريرة البخاري(5392)، ومسلم (2058)، والترمذي (1820)، وليس عندهم: 'طعام الواحد يكفي الاثنين'.
[2] "الحلية" (7/18).
[3] رواه البخاري (5416 و6454)، ومسلم (2970 و2971).
[4] البخاري (5414).
[5] رقم (2978)، وفيه أن النعمان بن بشير خطب، فقال: ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا...
[6] رواه الترمذي (2472)، وابن ماجه (151)، وصححه ابن حبان (6526).
[7] برقم (4149)، وإسناده ضعيف لجهالة التابعي. ورواه الطبراني في "الكبير" (6490) عن عبد الله بن أحمد حنبل بإسناد ابن ماجه، ثم قال عبد الله: ذكرت هذا الحديث لأبي – رحمه الله – فاستحسنه.
[8] هو في "سنن ابن ماجه" (4150)، وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف.
[9] رواه من حديث عمران بن الحصين البخاري (2615)، ومسلم (2535)، وأبو داود(4657)، والترمذي (2221)، والنسائي (7/17-18).
[10] (4/339) من حديث جعدة الجشمي. ورواه أيضا الطبراني في "الكبير" (2184 و2185)، وصححه الحاكم (4/121-122 و317)، ووافقه، وجود إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/138).
[11] (4/420 و423)، ورواه أيضا البزار (132)، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" و"الصغير" (511)، وكره الهيثمي في "المجمع" (1/188) وقال: رجاله رجال الصحيح.
[12] هذا وهم من المؤلف – رحمه الله -، فالحديث في "مسند البزار" (3616) من مسند أبي هريرة، وليس من مسند فاطمة، وفي سند البزار عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وهو ضعيف.
وحديث فاطمة نسبه الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/115) إلى ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الغيبة" وغيره، وصدَّره بقوله: (روي) إشارة إلى عدم صحته. ورواه أحمد في "الزهد" ص77، عن فاطمة بنت الحسين، رفعته، ورجاله ثقات لكنه مرسل.
ووصله الحاكم في "المستدرك" (3/568) من طريق آخر، عن عبد الله بن جعفر، وفي سنده أصرم بن حوشب، وهو منهم بالكذب، وإسحاق بن واصل الضبي، وهو متروك، وعد الذهبي في "الميزان" (1/202)، هذا الحديث من بلاياه. ورواه ابن المبارك في "الزهد" رقم (758)، عن الأوزاعي، عن عروة بن رويم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم....، ورجاله ثقات، لكنه مرسل.
[13] حديث حسن بشواهده، رواه الترمذي(2478)، وابن ماجه (3350)، وفي سنده يحي البكاء وهو ضعيف.
[14] برقم (3351) وإسناده ضعيف.
[15] في "المستدرك" (4/121)، وصححه، ورد الذهبي فقال: فيه فهد بن عوف: كذاب، وعمر 'هو ابن موسى' هالك، وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/137) ردا على تصحيح الحاكم: بل واه جدا، فيه فهد بن عوف وعمر بن موسى، ورواه البزار (3669 و3670) بإسنادين رواة أحدهما ثقات.

تم بحمد الله


وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.





التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 04 Sep 2011 الساعة 09:09 AM
رد مع اقتباس