التنبيه على خطأ شنيع في بيت من الشعر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فلا شك أن الشعر من الكلام : حسنه حسن وقبيحه قبيح ، فإذا كان يدعو للتمسك بالشريعة الإسلامية والاستقامة على دين الله والدعوة إلى الفضيلة والأخلاق الحسنة فهو ممدوح مأجور صاحبه ، أما إذا كان على النقيض من ذلك بأن يوجد فيه ما يخالف الشرع سواء في مجال التوحيد أو الأخلاق فهو مذموم مأزور صاحبه .
قال الله جل وعلا :" والشّعراء يتّبعهم الغاوون " ثم استثنى فقال :" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظُلموا وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون " .
وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في الشعر بيانا شافيا فقال ـ عن الشعر الحسن المحمود ـ :" إن من الشعر لحكمة " ( رواه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه برقم 5679 من حديث أبي بن كعب ) .
كما أيّد الشاعرَ المفوّه حسّان بن ثابت فقال له :" اهجهم ـ أو هاجهم ـ وجبريل معك " (رواه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه برقم 2974 ومسلم في كتاب فضائل الصحابة برقم 4541 من حديث البراء بن عازب )
بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم ، فقد صحّ عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنّه كان أحيانا يسمع بعض الأشعار مقرّا لها كما هو معلوم مشهور .
بينما نجده ـ عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ـ في مقابل ذلك يقول ـ عن الشعر الخبيث المذموم أو عمن يكثر من الشعر فيلهيه ـ :" لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا " ( رواه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن برقم 5688 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ).
وبعد هذا التأصيل المختصر أحبّ أن أنبّه إلى بيت من الشعر يتداوله كثير من الناس اليوم بحيث إنّه قد انتشر انتشار النار في الهشيم ـ خصوصا بعد الذي حدث في تونس مؤخرا ـ ( بل إن بعض الصحف في بلادنا نسبت لعائض القرني ـ هداه الله ـ الاستدلال به فقال في معرض إشادته بما فعله التونسيون من إسقاط حاكمهم والخروج عليه :" ... فقد حققتم ما قال شاعركم ـ ثم ذكره ـ !! ) .
والبيت الذي أشرت إليه يُنسب لأبي القاسم الشّابي أحد الشعراء التونسيين :
إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بدّ أن يستجيب القدر
وهذا لا شكّ أنه بيت من الشعر منكر لأنّ فيه جعل القضاء والقدر الذي هو ركن من أركان الإيمان تابعا لإرادة الناس ومشيئته ، وربّنا جل وعلا يقول :" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين "
وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال وعرشه على الماء " ( رواه مسلم في كتاب القدر برقم 4797 )
وقد عثرت على فتوى للشيخ المحدّث الإمام الألباني رحمه الله وهذا نصّها ( وهي منشورة في بعض المجلات ) :
سؤال ..:ما رأيكم بقول الشاعر أبو القاسم الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بدّ أن يستجيب القدر
الجواب : هذا هو الكفر بعينه، وهو يدل على أن الناس ابتعدوا عن العلم ، فلم يعرفوا ما يجوز وما لايجوز لله وحده، وهذه من الغفلة وهي من الأسباب التي جعلت هذا الشاعر يقول ذلك وأن تتبنى ذلك بعض الاذاعات العربية نشيدا عربيا يعني أن القدر تحت مشيئة الشعب !! وهذا عكس قول رب العالمين {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } اللهم اهدنا فيمن هديت ، وهب لنا من لدنك رحمة ـ إنك أنت الوهاباهـ"
وهذه فتوى أخرى للعلامة الدكتور صالح الفوزان حفظه الله تعالى جاء فيها :
السؤال : ما حكم قول الشاعر : إذا المرء يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ؟
أجاب الشيخ حفظه الله : هذا كلام فاضي .. لا بد أن يستجيب القدر؟! .. يعني المرء هو الذي يفرض على القدر أنّه يستجيب؟! .. بالعكس القدر هو الذي يفرض على الإنسان .. هذا كلام شاعر الله أعلم باعتقاده .. أو أنّه جاهل مايعرف .. على كل حال هذا كلام شاعر .. والله عز وجل يقول : ( وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ 0 أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ) [الشعراء :224 225] .. ويقول أهل البلاغه عن الشعر " أعذبه أكذبه " .. فهذا كلام باطل بلا شك .. إذا المرء يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر .. هذا مبالغة .. هذا يُنسب ... للشابي شاعر جزائري ( قلت : إنما هو شاعر تونسي توفي عن خمس وعشرين سنة )من الشعراء المعاصرين .. بعض الناس وبعض الصحفيين يكتبون كتابات سيئة يقول " ياظُلم القدر " .. " ظلمهُم القدر " .. " يالسخرية القدر " .. هذا كلام باطل يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله .. القدر يسخر ؟! .. القدر يظلم ؟! .. " اه
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?p=816838
هذا ما تيسر جمعه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
وصلّ اللهم وسلّم على محمد وآله وصحبه .
التعديل الأخير تم بواسطة هشام بن حسن ; 22 Jan 2011 الساعة 02:38 PM
|