عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14 Jul 2010, 10:22 PM
أبو معاوية كمال الجزائري أبو معاوية كمال الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: الجزائر(قادرية- ولاية البويرة)
المشاركات: 513
افتراضي

جزيتم خيراً أخي الحبيب سليم على هذه المناقشة العلمية الماتعة وأسأل الله أن ينفع بها إنه جواد كريم .

وأستسمحك عذراًَ على نقل هاتين الفقرتين للشيخ الأديب ابن عقيل الظاهري حفظه الله ، لما فيهما من حكاية صادقة لمرارة التجربة مع سماع صوت الخنا ، وصدق العودة إلى الله ،وفقنا الله جميعا لمرضاته وعصمنا من أسباب غضبه وعقوبته .

قال الشيخ - ثبّته الله -:

"...... ثم جاءت العثرات التي لا (لعاً) لها عندما جاء عشق الصورة، والهيام مع الأوهام، واستعباد القلب بمثل (الصوت الدافئ)، وما أشبه ذلك من مُكرِّسات التعبيد؛ وبهذه التجربة المخذولة - بحمد الله - علمت أن مثل هذا الغناء بَريدُ الفاحشة أو أنه تمنٍّ لها، وقد سجلتُ ذلك على نفسي بقولي:

وفي ضَيْعةِ الأوهام همتُ مُخَدَّراً ... بصوتٍ حنون ذي شجون وتصفيدِ
يجيش بأنات الجوى مُتمظْهراً ... ولم يشكُ حرماناً ولا كَرْبَ مفؤود
فصفَّق قلبي في حنايا جوانحي ... دهاه وداد ظِلُّه غير ممدود
أُعلِّل نفساً في سراديب ظُلْمة ... بكذب الأماني أو بأضباع تجعيد
وعلمت أن الغناء ينبت النفاق في القلب، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من كلامه - رضي الله عنه -، وليس كل نفاق هو نفاق أهل الدرك الأسفل من النار، ولكنه من خصالهم التي قد يعفو الله عنها برحمته، وقد يعذب عليها بعدله؛ فأول علامات النفاق أننا نخفي استمتاعنا عن الصلحاء، وأننا نتظاهر بأننا نُروِّح عن قلوبنا، ونكتم ما في تلك القلوب من حب محرم ولو أتيح بالحلال فهو لا يليق لفساد ذلك الوسط المحبوب.. وأن قلوبنا مشحونة بالأماني المحرمة، وأن قلوبنا مستعبَدة، وأن ذلك صدنا عما حرم الله علينا هجره، وهو القرآن والذكر الحكيم.. وأتحدى أن يوجد هائم مع الطرب وله صلاة تهجد تدوم له أسابيع في العام غير شهر رمضان.. وأتحدى أن يوجد هائم مع الطرب يصح له بعض الانتظام مع تلاوة القرآن إلا في رمضان أو بعض الجمع إن ذهب مبكراً، أو في نفحات يشعر فيها بِبُعْدِه عن ربه.. وفي كلمات الغناء مجون وتجديف وهز وغمز؛ فكيف يكون مباحاً بإطلاق.. وأما غناء هذا العصر - عصر الأصباغ والطقطوقة والكلمة العامية المتلعثمة والصور والأزياء - فهو قبل استفتاء الشرع محرَّم فنياً وجمالياً؛ لقبحه، وناهيك عن دعوى خُلُوِّه من العناصر الجمالية؛ فيكون حينئذ بارداً لا قبيحاً؛ فالحمد لله شكراً شكراً الذي أسرع بفيئتي قبل لقائي له، ومنحني التمييز بين مواضع الإحسان والإساءة في تأرجحات عمري المضطربة، فأسأل الله الثبات حتى الممات، وحسن الخاتمة، وأسأله جلت قدرته برحمته وبجميع أسمائه الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن يعفو عني وعن إخواني المسلمين، وأن يخفف حسابنا، وأن يستر علينا عند لقائه؛ إذ يكون حياؤنا منه عن قبائحنا أشد إن وجدت عندنا مِسْحة من الحياء منه سبحانه في دنيانا، ونسأله أن لا يفضحنا بقبائحنا يوم يقوم الأشهاد ولا سيما عند من نستحيي منهم ونرجو أن نحشر في زمرتهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. إنه عفو غفور، رحيم وودود. ..."


وقال أيضا ـ ثبّته الله ـ :

"...وعندما عزفت عن استماع الطرب - ومنه ما هو أقبح من مواء القطط، ومنه ما هو في منتهى الجمال يحرك وجداني - مرضاةً لربي لم أكن بعدُ اجتهدت في تحقيق النصوص الواردة في الغناء، ولا ريب أن اجتهاد من بلغ سن الورع، وأيقن بقرب الرحيل غير اجتهاد من كان في فوعة الشباب محكوماً بالإلف والعادة والتقليد لمن يحب.. نعم لم أكن اجتهدت بعد في ذلك، ولكن الأمر كان مني عزوفاً نفسياً؛ لأنني لم أستمتع بالقرآن الكريم في تذوُّق أسلوبه، وفهم معانيه واستنباط براهينه، والتفاعل مع ما فيه من أشواق القلب والروح وإن كنت أُدندن من خلال المذياع (بتفسير التفاسير)؛ فذلك جدل عقلي علمي لم أُحسّ قط أنه لامس قلبي مع ما فيه من جهد، وكانت النية غير خالصة؛ لأنني أتقاضى من الإذاعة أجراً مالياً، وكان دافعي للبرنامج الحاجة، ولأن السمعة وبعد الصيت مما لا أكرهه.. وما وجدتُ لتلاوتي للقرآن، ولا بمراجعتي كتب التفسير، ولا لممارستي بعض العبادات لذة كهذه اللذة التي وجدتها بعد أن هجرت الغناء.. بل ثبَّت الله يقيني وله الفضل والمنة؛ فكان خبر ربي المُغيَّب كالحقيقة العيانية أمام ناظري بلا ريب، وكان كمال الله المطلق وتنزُّهه المطلق أمرين يجيشان في قلبي ولا يقدر عقلي على إحصاء ذلك أو تصوره إلا بالتقديس المطلق و التحميد المطلق كما قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)،..."

وقد أعرضت عن كتابة المقال كاملا لبعض مافيه مما لا نرتضيه ، من ذكر لماضٍ عُصي الله فيه ، وأسماءٍ لبعض من دعا إلى هوى القلوب بملئ فيه ...واللهَ نسأل أن يعافينا ممّا يفسد علينا عبوديتنا له ، ويضعف فينا صلتنا به إنّه وليّ ذلك والقادر عليه .

أخوكم ومحبكم : أبو معاوية -كان الله له -.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاوية كمال الجزائري ; 20 Jul 2010 الساعة 08:59 PM
رد مع اقتباس