![]() |
رسالة للجزائريين بالقرآن رفعنا الله [ العلامة عبد الحميد بن باديس نموذجا ] ربع قرن في التفسير.
بسم الله الرحمن الرحيم رسالة للجزائريين بالقرآن رفعنا الله [ العلامة عبد الحميد بن باديس أنموذجا ] ربع قرن في التفسير. الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا. أمابعد: قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) رواه مسلم، وفي رواية الدارمي ( إن الله يرفع بهذا القرآن...) وقد جاء في شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري : باب منْ يُرفع بالقرآن عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ: أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا؟ قَال:َ فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ». الشرح: هذا الحديث في فضل القرآن وأهله، وقد رواه مسلم في صلاة المسافرين (817) وقد بوب عليه النووي: باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، وفضل من تعلم حكمةً من فقهٍ أو غيره فعمل بها وعلّمها... والشاهد من هذا الحديث قوله : فقال له عمر رضي الله عنه: «استخلفت عليهم مولى؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله، وإنه عالم بالفرائض» أي إن عمر تعجب كيف تستخلف على أهل مكة، وعلى قريش التي هي أشرف العرب نسبا، وفيها مشايخ العرب وأشرافهم، تستخلف عليهم رجلا كان عبدا فأعتق؟! أي استغرب عمر رضي الله عنه من ذلك الاستخلاف، فقال عامله نافع: إنه قارئٌ لكتاب الله، وإنه عالمٌ بالفرائض، يعني أنه حافظٌ لكتاب الله سبحانه وتعالى، وعالم بأحكامه وفرائضه؛ لأن القارئ في عُرف السلف ليس مجرد من يقرأ القرآن، فمجرد القراءة لا يقال لصاحبها: إنه قارئ لكتاب الله، بل لا بد من شيء من الفهم والعلم والفقه والدراية بكتاب الله سبحانه وتعالى، وأيضا هو عالم بعلم الفرائض، الذي هو علم المواريث، وهذا العلم من العلوم العزيزة، أي قلّ منْ يتقن هذا العلم الشريف، بل جاء في بعض الآثار: أن علم الفرائض هو أول علم يرفع وينسى، أو أول علم يتركه الناس فلا يكاد يعلمه إلا القليل. فبين له سبب أن استخلاف ابن أبزى على أهل مكة هو العلم والفقه والقرآن، فعند ذلك قال عمر رضي الله عنه: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: «إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين» يعني أن الله يرفع بالقرآن أقواما منازل عالية في الدنيا والآخرة، حتى يفوقوا غيرهم ممن هو أشرف منهم نسبا وحسبا، كما قال سبحانه: {يرفع اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أُوتوا العلمَ درجات} (المجادلة:11). قوله «ويضع به آخرين» يضع يعني يذل ويخفض، أي: يضع منزلتهم فتكون منزلتهم وضيعة أي دنيئة، وسبب الذلة: الإعراض عن القرآن وتعلمه وفهمه. قال العلامة صديق حسن خان: وهذا الحديث عَلَمٌ من أعلام النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذا، ورفع الله بكتابه العظيم جمعاً جما من الناس الموالي وغيرهم، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، ووفق عصابةً عظيمة منهم لتفسيره، وضبط معانيه ومبانيه، فارتفعت منازلهم، وهكذا. وترك أقوام إياه - أي تركوا القرآن – قال: كالروافض ومن يحذوا حذوهم، ونبذوه وراء ظهورهم وهجروه، فاتضعتْ مراتبهم، وُنسوا كما نسوه. وهاهو العلامة عبد الحميد بن باديس في زمن الإستدمار الفرنسي ثبت ثبوت الجبال الراسيات ، عمل وعلم ،فكان شعلة بل نجما وقمرا وشمسا أضاء الدجى في زمن الظلم والظلمات الحالكات ، وفسر كتاب الله تعالى في ربع قرن ، ليثبت للوجود بأن الجزائر مسلمة عربية لا تغير الهوية ونترككم مع العلامة البشير الإبراهيمي يحكي لنا قصة العلامة المفسر قدوة شعب الجزائر قدس الله روحه ورفعه في الأخرة أعلى المقامات و الدرجات مع النبين والصدقين والشهداء وحسن أولائك رفيقا.– آمين- قال – رحمه الله - كما في آثاره {1/318}: أَتَمَّ اللهُ نِعمتَهُ على القطرِ الجزائريِّ بِختمِ الأستاذِ عبد الحميدِ بنِ باديس لِتفسيرِ الكتابِ الكريمِ دَرْساً على الطَّريقةِ السَّلفيةِ، وكان إكمالُهُ إيَّاهُ على هذه الطَّريقةِ في خمسٍ وعِشرينَ سنةً مُتوالِياتٍ مَفخرةً مُدَّخَرَةً لهذا القُطر. وبُشْرى عامَّةً لِدُعاةِ الإصلاحِ الدِّيني في العالَمِ الإسلاميِّ كُلِّهِ، تَمسَحُ عن نُفُوسِهِمُ الأسَى لِما عاقَ إمامَ المصلحين محمد عبدُهُ عن إتمامِهِ دَرساً، ولِما عاقَ حوَاريه الإمامَ رشيد رِضا عن إتمامِه كتابةً(1). إنَّ إكمالَ تفسيرِ القرآنِ على تلكَ الطَّريقةِ في مُدَّةٍ تُساوي – بعد حذفِ الفترات – المُدَّةَ التي أكملَ اللهُ نُزُولَهُ فيها، يُعَدُّ في نَظَرِ المُتَوسِّمِينَ إيذاناً مِن اللهِ بِرجوعِ دولةِ القرآنِ إلى الوُجودِ، وتَمكينِ سُلطانِه في الأرض، وطُلوعِ شَمسِهِ مِن جديدٍ، وظُهورِ المُعجِزَةِ المحمديةِ كَرَّةً أُخرى في هذا الكونِ. ثُمَّ كان الاحتفالُ بِختمِهِ بمدينةِ قسنطينةَ في الثالثِ عشـر مِـن ربيعِ الثاني 1357 هـ دليلاً على انسياقِ الأمَّةِ الجزائريةِ المسلمةِ إلى القرآنِ واستجابتِها لِداعِي القرآنِ واجتماعِ قُلوبِها على القرآنِ وشُعورِها بلزومِ الرُّجوعِ إلى هِدايةِ القرآن.. ثم قال: وانهالت الوُفودُ على قسنطينةَ يوم الجمعةِ وتلاحقتِ الأمدادُ يوم السبت، وشعرَ النَّاسُ شُعوراً عاماًّ أنَّ الجامِعَ الأخضرَ لا يسعُ الوافدين إذا انهالَ سَيْلُهُم..فرأينا هناكَ وُفودَ البلدانِ الساحليةِ مِن بِجايةَ إلى الحدودِ التونسيةِ ووفودَ مناطقَ التلول مِن سطيف إلى سوق أهراس ووفود المناطق الصحرواية من بسكرة إلى سُوف.. جاذبيةُ القرآن هوَّنت عليهم النَّصَبَ واللُّغُوبَ. رآى الوفدُ التلمساني أن يقطعَ الطَّريقَ مِن الجزائر إلى قسنطينةَ في سيارة أوتوبيس ذات أربعين مقعداً ليجمع بين الفائدة والنُّزهة وعَمِل الاتفاقَ مع الوفد الجزائري على أن يخرُجَ الوفدان مِن الجزائر معاً ويدخُلا قسنطينةَ مساءَ السبت معاً وبلغَ أهالِي سطيف أنَّ الوفديْنِ يَمُرَّانِ ببلدتِهِم فأبى عليهِم كرمُهُم إلاَّ أن يُقيموا لهما حفلةَ شايِ فاخرة... وما كادت تشرُقُ شمسُ يومِ الأحد حتَّى اكتظَّ الجامِعُ الأخضَرُ بالوفودِ، فلم يبـق فيه مُتَنَفَّسٌ وشَمَلَ الخُشوعُ تلكَ الصُّفوف المُتَراصَّة حتى لا حركةَ ولا ضَوضاء. وتجلَّى جلالُ كلامِ اللهِ في بيتِ اللهِ فكانَ مشهداً يَستنزلُ الرَّحمات، ويتكفَّلُ باستجابةِ الدَّعواتِ، وصَعِدَ الأستاذُ المفسِّرُ مِنبرَ الدَّرسِ فشَخصَت العيونُ وخَفَتَتِ الأنفاسُ واستهلَّ بتلاوةِ المعوِّذتين، وشرعَ في تفسيرِها بما هو معهودٌ منه.. واستغرق الدَّرس ما يقربُ من ساعةٍ ونصف أخذَ الناس فيها على نفوسِهِم، وجلَّلتهم سحابةٌ مِن الخشيةِ والسَّكينةِ. وكذلك المؤمنون الذين يخشونَ ربَّهم بالغيبِ تَقشَعِرُّ جُلودُهم عند سماع كلامه، ثُمَّ تلينُ جلودُهم وقلوبُهم لذكر الله. وختنم الأستاذُ الدَّرسَ بأدعيةٍ وابتهالاتٍ مأثورةٍ، ثم طلبَ من الحاضرين أن يسألوا اللهَ الرَّحمةَ والمغفرةَ لأخيهم حسين باي، مؤسِّسُ الجامع الأخضر ومُحَبِّسُهُ في سبيل العلم وإقام الصلاة وذكر الله كما هو مَنقوشٌ على رُخامةٍ في المسجد. وذكرَ أنَّ مِن علامات إخلاص هذا الرَّجل في عملِه وحُسنِ نِيَّتِهِ أن يَسَّرَ اللهُ ختمَ تفسير كلامِه مِن أوَّلِه إلى آخِرِه في مُدَّةِ خمسةٍ وعشرينَ عاماً بهذا المسجد، فانطلقت الألسنةُ بالدُّعاء والتَّرَحُّمِ وافترقوا على مثل ما اجتمعوا عليه بقلوبٍ خاشعةٍ ونُفوسٍ مُتراحمةٍ وألسنةٍ رَطبةٍ بحمدِ اللهِ وشُكرِهِ على ما وَفَّقَ إليهِ مِن الخيرِ وأعانَ. إهـ. (تنبيه): لو أنَّ الطلبةَ كانوا يَكتبونَ تفسيرَ الإمام لحَفِظوا لنا عِلماً عظيماً، ولكن لم يبق إلا "مجالس التذكير" وبعض الآيات التي كان يفسّْرها الشيخ تِباعاً في طليعة مجلته الغراء "الشهاب" وقد تأسَّفَ تلميذُه البار العلامةُ الإبراهيميُّ على ذلك التُّراث الذي ضاع. فقال - رحمه الله – كما في آثاره{2/253}: ولم يكتُبْ تلامذتُهُ الكثيرون شيئاً منها، وضاع على الأمَّةِ كنزٌ لا يُقَوَّمُ بِمالٍ، ولا يُعَوَّضُ بحالٍ.. إهـ. من نصائح العلامة ابن باديس رحمه الله تعالى : لا نجاةَ لنا من هذا التّيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوَّع الذي نذوقه ونقاسيه، إلاَّ بالرّجوع إلى القرآن: إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتّفقُّه فيه، وفي السُّنَّة النّبويّة شرحُه وبيانُه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد وصحَّة الفهم والاعتضاد بأنظار العلماء الرّاسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن ربّ العالمين . [آثار ابن باديس ج1\410]. ياليت قومي يعلمون أن سبب عزهم ورفعتهم هو حبل الله المتين – القرآن الكريم – وتمسكهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والعلماء الربانيين. كتبه وجمعه : أبو عبد السلام جابر البسكري االأربعاء 27 شوال, 1436 هجري |
كلمة حق في محمد عبده و رشيد رضا ، لأن العلماء كانوا يحسنون بهم الظن فتبين أمرهم من بعد فلابد من البيان وعدم الكتمان . (1) - قال الشيخ مقبل رحمه الله رحمة واسعة : "هذا ومما ينبغي أن يعلم أنه ليس بيني وبين محمد رشيد عداوة دنيوية، فهو شاميّ وأنا يمنيّ، وكلانا يجمعنا الإسلام، ولكني رأيت له ولجمال الدين الأفغاني ولمحمد عبده ومن سلك مسلكهم أخطاءً اشمأز منها قلبي، ورأيت أنه لا يجوز السكوت عليها، وأنا بحمد الله أعلم أنه ردّ على كثير من المبتدعة، منهم الرافضة فقد رأيت الرافضي الأثيم محسن أمين العاملي في كتابه "كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب" ذلك الكتاب الذي يدعو إلى الوثنيّة، رأيته فيه يرد على محمد رشيد رضا، ويتوجع من ردود محمد رشيد رضا عليهم، لكني أريد أن أبيّن أن الرجل ليس ملتزمًا بمذهب السلف الذي هو قبول ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تضعيف لأحاديث صحيحة، ولا تصحيح لأحاديث ضعيفة، وقد تقدمت بعض الآيات وتحريفها عما يخرجها عن تفسير السلف رحمهم الله". ثم قال : "فإن قلت: أيهم أضر على الإسلام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، أم محمد رشيد رضا؟ قلت: محمد رشيد رضا، لأنه عالم بعلم الحديث، فهو يستطيع أن يلبّس على الجهال بعلم السنة ولذا فقد أكثر النقل عنه أبوريّة في ظلماته، ولما سئل عن ذلك قال ما معناه: إن محمد رشيد رضا عالم كبير ومشهور بالسلفية فأحب أن يكون كلامي مقبولاً". اهـ و قال رحمه الله : "وفي هذا الزمن شاع وذاع أن جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، من المجددين وأنّهم علماء الفكر الحر، فقام غير واحد من المعاصرين ببيان ضلالهم وأنّهم مجدّدون للضلال وترهات الإعتزال فعلمت حقيقتهم، وصدق الله إذ يقول: {فأمّا الزّبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض} فصارت معرفة ضلالهم كلمة إجماع بين أهل السنة، لكن محمد رشيد رضا لم يوفّ حقه واغترّ بعض الناس ببعض كلماته في الردود على بعض أهل البدع، وما يدري أن عنده من البدع والضلال ما يقاربهم، ولقد صدق مروان بن محمد الطاطري إذ يقول كما في ترجمته من "ترتيب المدارك" للقاضي عياض: ثلاثة لا يؤتمنون: الصوفي والقصاص والمبتدع يرد على المبتدعة". و قد ظن بعضهم متوهما أن رشيد رضا خالف شيخه محمد عبده في كثير من الأمور بعده، فرد عليهم الشيخ مقبل رحمه الله تعالى بقوله : "وكون محمد رشيد خالف أستاذه بعد وفاة أستاذه كما ذكره في "المنار" ص(16) فهل أقصر عن رد الأحاديث التي لا توافق هواه؟ الجواب: لا، فقد انتهى شيخه محمد عبده عند تفسير: {وكان الله بكلّ شيء محيطًا}آية (125) من سورة النساء كما في "المنار" ثم مشى على تضعيف ما لم يوافق هواه، وهل تراجع عن الأحاديث التي وافق شيخه على تضعيفها، وكان الواجب عليه أن ينبّه في أثناء التفسير وعند مناسبات المواضيع من الأحاديث. ولما كان فعل أصحاب المدرسة العقلية الحديثة يهدم الإسلام وكثير من الناس لا يعلمون أن الطعن في حديث الآحاد طعن في الدين كله، وقد اهتم العلماء رحمهم الله برد هذه الفكرة الخطيرة على الدين فرد عليهم الإمام الشافعي رحمه الله في "الرسالة"، والإمام البخاري في "صحيحه" عقد كتابًا للرد عليهم وأبومحمد ابن حزم في كتاب "إحكام الأحكام" وابن القيم رحمه الله في كتاب "الصواعق المرسلة"، وردّهم لما يخالف أهواءهم من السنة أمر قد أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم". ثم قال في موضع آخر : "وهذا يدل أن محمد رشيد رضا لم يغيّر منهجه عن شيخه في التفسير بالرأي، ولكنه يستكثر من الاستدلال بالسنة إذا كانت موافقة لهواه، بل أقبح من هذا أنه يستدل بأقوال الصوفية والرافضة إذا كانت موافقةً لهواه". و قال أيضا ردا على من جعل رشيد رضا سلفيا : "ائتوني بسلفي حرّف ما تقدم من الآيات، ورد ما تقدم من الأحاديث، وأضعاف أضعافها، والرجل لم يؤت من جهل فقد بهرتني كثرة استدلالاته، وسعة اطلاعه، ولكنه صاحب هوى، فتن بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده". و قال كذلك رحمه الله : "وفى أخرى كنت أحذر من أئمة الضلال وذكرت منهم جمال الدين الإيراني المتأفغن، ومحمد عبده المصري، ومحمد رشيد رضا، وكان ذلك بمسجد (النزيلي) بصنعاء وبعد أيام التقيت بأخ محب للخير فنصحني أن لا أذكرهم فإنّهم قدموا خدمات جليلة للإسلام، ولم يكن الوقت متسعًا لتفهيم الأخ ببعض ضلالهم. وفى أخرى كتب إليّ من مصر بعض الأخوة يقول: إنه قيل له: لم ذكرت محمد رشيد في الصحيح المسند من دلائل النبوة؟ وشاركته مع أولئك في الضلال، وهو معروف بالسلفية، فكتبت للأخ: إقرأ كتابه "المنار" الذي هو بالظلام أشبه، وكذا مجلة "المنار" وستقول إن شاء الله: أف لهذه السلفية، ستجده بعيدًا عن السلفية، والسلفية بعيدة عنه، فأنا أحيل طلبة العلم الذين قد عرفوا الحق من الباطل أن يرجعوا إلى كتبه، وأنا متأكد أنّهم سيعلمون أنه بريء من السلفية، والسلفية بريئة منه". و قال أيضا رحمه الله تعالى : "فإن رأينا من يجادل أو يدافع عن بعد محمد رشيد رضا عن السلفية، فإننا إن شاء الله سنكلف بعض إخواننا بجمع ما ردّه أو شك فيه أو شكّك من السنن، ولكننا يعلم الله (نستثقل) هذا أو نراه تحصيل حاصل، فأحاديث الدجال قد جمعت وحكم العلماء بتواترها، وأحاديث المهدي قد جمعت وحكم العلماء بتواترها، وكان قدح ابن خلدون فيها نقيصة فيه، ودليل على قصوره في علم الحديث، وهكذا حديث انشقاق القمر وغيرها من دلائل النبوة، قد جمعت الصحيح منها في "الصحيح المسند من دلائل النبوة" والذي أعتقده وأدين الله به أن دعوة جمال الدين الأفغاني ومن سلك مسلكه، نكبة على الإسلام، وجناية على العلم، وفتح باب للشر بجميع أنواعه، وفتح باب لأعداء الإسلام، وللفسقة من المسلمين، للطعن فيما لا يوافقهم من السنن. على أنني أحمد الله فقد استيقظ الشباب المصري، وعلموا أن هذه دعوة هدّامة للدين فجزاهم الله خيرًا، وإذا كنا لا نرضى بتقليد أئمة الهدى، مثل: مالك والشافعي وأحمد، فنحن بحمد الله عن تقليد هؤلاء أبعد. وهذا من فضل الله علينا والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله". و قال رحمه الله في تفسيررشيد رضا المسمى بـ"المنار" : "وهو بالظلام أشبه". ثم ساق رحمه الله في ثنايا كتابه لبعض ضلالات و انحرفات هذا الرجل نجمعها كالتالي: - تشكيكه في أحاديث الدجال (ج9 ص490) إلى ص (499) وقد ألّف الأخ أحمد بن عيسى رسالة ماجستير في أحاديث الدجال، وطعنه في أحاديث المهدي (ج9 ص499-504) وقد ألّف الشيخ عبدالمحسن العباد رسالة قيمة في أحاديث المهدي. - قول محمد رشيد رضا إنه يصح أن تكون الميكروبات نوعًا من الجن، "المنار" (ج3 ص96) وهذا كلام ما أنزل الله به من سلطان، بل هو مناف لصفات الجن الواردة في الكتاب والسنة. - طعنه في معجزة انشقاق القمر كما في "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" (ص580)-إلى ص (586) وعزاه إلى مجلة "المنار". ومحمد رشيد رضا يشكك في المعجزات النبوية التي لم ترد في القرآن كلها كما في "المنار" (ج11 ص155). - قدحه في كعب الأحبار ووهب بن منبه، "المنار" (ج9 ص480) وهو لم يسبق إلى هذا، اللهم إلا قول معاوية رضي الله عنه في كعب الأحبار: إنه يكذب، ولكنه مؤول على أنه بمعنى الخطأ، كما في "الفتح" (ج13 ص346) طبعة الريان. ووهب وثقه أبوزرعة والنسائي، وقال عمرو بن علي: كان ضعيفًا كما في "تهذيب التهذيب"، ووهب من رجال الشيخين، وكعب الأحبار روى له البخاري تعليقًا، ومسلم موصولاً، كما ذكره الحافظ في "تهذيب التهذيب". - ثناؤه على جمال الدين الأفغاني: وقد أنكر عليه بعض معاصريه فقال أبوالهدى الصيادي لمحمد رشيد رضا: (إني أرى جريدتك طافحة بشقاشق المتأفغن جمال الدين الملفقة، وقد تدرجت به الحسينية التي يزعمها زورًا، وقد ثبت في دوائر الدولة رسميًا أنه مازندراني من أحلاف الشيعة). اهـ من "منهج المدرسة العقلية في التفسير" ص(76). - يشكك في رفع عيسى بروحه وجسده حيًا حياة دنيوية بهما ... وليس في القرآن نص صريح بأنه ينزل من السماء، وإنما هذه عقيدة أكثر النصارى، وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهور الإسلام إلى الآن بثها في المسلمين. اهـ بالمعنى من "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" (ص712) وعزاه إلى مجلة "المنار" (الجزء العاشر من المجلد28 ص756)، - ثناؤه على محمد عبده وفتنته به. ثم ذكر رحمه آثار هذه المدرسة الخبيثة على الدين فقال : "أما آثار المدرسة العقلية على الدين فإفساد الأزهر، والتبرج والسفور، ومهاجمة السنة، وما ذكرت شيئًا بالنسبة لكتاب "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" وكتاب "دعوة جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام". ---------------------- المصدر : ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر وبيان بعد محمد رشيد رضا عن السلفية، جمعها أبوعبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى http://shamela.ws/browse.php/book-96785 |
من درر العلامة عبد الحميد بن باديس في الحث على التمسك بالقرآن الكريم والسنة ومنهج سلف الأمة. 1- عندما يختلف عليك الدعاة اللذين يدعي كل منهم أنه يدعوك إلى الله تعالى ،فانظر من يدعوك بالقرآن إلى القرآن ومثله ما صح من السنةلأنها تفسيره وبيانه فاتبعه لانه هوالمتبع للنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده بالقرآن ...[آثار ابن باديس ج1\429 ]2 - اعلموا جعلكم الله من وعاة العلم، ورزقكم حلاوة الإدراك والفهم، وجملكم بعزة الاتباع، وجنبكم ذلة الابتداع، أنّ الواجب على كلّ مسلم في كلّ مكان وزمان أن يعتقد عقدا يتشربه قلبه وتسكن له نفسه وينشرح له صدره، ويلهج به لسانه، وتنبني عليه أعماله، أنّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان، وقواعد الإسلام، وطرائق الإحسان إنّما هو في القرآن والسنة الثابتة الصحيحة وعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأنّ كلّ ما خرج عن هذه الأصول ولم يحظ لديها بالقبولء قولا كان أو عملا أو عقدا أو احتمالا فإنّه باطل من أصله ءمردود على صاحبه كائنا من كان في كلّ زمان ومكانء فاحفظوها واعملوا بها تهتدوا وترشدوا إن شاء الله تعالى، فقد تضافرت عليها الأدلة ءمن الكتاب والسنةء، وأقوال أساطين الملة ءمن علماء الأمصارء وأئمة الأقطار ءوشيوخ الزهد الأخيارء وهي لعمر الحق لا يقبلها إلاّ أهل الدين والإيمانء ولا يردها إلاّ أهل الزيغ والبهتان» [آثار الإمام ابن باديس» (3/ 222)]. 3- وقال الإمام ابن حزم في كتاب الإحكام ءوهو يتحدث عن السلف الصالح كيف كانوا يتعلمون الدينء: «كان أهل هذه القرون الفاضلة المحمودة ءيعني القرون الثلاثةء يطلبون حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفقه في القرآن، ويرحلون في ذلك إلى البلاد، فإن وجدوا حديثا عنه عليه السلام عملوا به واعتقدوه»، ومن راجع كتاب العلم من صحيح البخاري ووقف على كتاب جامع العلم للإمام ابن عبد البر ءعصري ابن حزم وبلديه وصديقهء عرف من الشواهد على سيرتهم تلك شيئا كثيرا. هذا هو التعليم الديني السني السلفي، فأين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم منذ قرون وقرون؟»[«آثار الإمام ابن باديس» ابن باديس (4/ 78)] 4- «نحن معشر المسلمين قد كان مِنَّا للقرآن العظيم هجرٌ كثيرٌ في الزّمان الطّويل، وإن كنَّا به مؤمنين، بَسَط القرآن عقائد الإيمان كلّها بأدلّتها العقليّة القريبة القاطعة، فهجرْناها وقلنا تلك أدلَّةٌ سمعيّةٌ لا تحصِّل اليقين، فأخذْنا في الطّرائق الكلاميّة المعقَّدة، وإشكالاتها المتعدِّدة، واصطلاحاتها المحدثة، مِمَّا يصعب أمْرَها على الطلبة فضلاً عن العامّة». [«مجالس التّذكير من كلام الحكيم الخبير» ابن باديس (250)] 5- قلوبنا معرضة لخطرات الوساوس بل لأوهام الشكوك .فالذي يثبتها ويدفع عنها الإضطراب ويربطها باليقين هو القرآن العظيم .ولقد ذهب قوم مع تشكيكات الفلاسفة وفروضهم ومماحكات المتكلمين ومناقضاتهم فما ازدادوا إلا شكا وما ازدادت قلوبهم إلا مرضا حتى رجع كثير منهم في أواخر أيامهم إلى عقائد القرآن وأدلة القرآن فشفوا بعد ما كادوا ،كإمام الحرمين والفخر الرازي [آثار ابن باديس ج1\417 ]. |
الساعة الآن 10:42 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013