![]() |
والدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول
صفحة(618) من الكتاب الماتع الممتع فضل العلم للشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى
والدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول : ما أرسل الله تعالى رسولا , ولا بعث نبيا , إلا وهو قدوة سلوكية يجسد للمدعوين ما يدعوهم إليه من مكارم الاخلاق,وحميد الخصال وكريم الخلال, وحقيقة التوحيد . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق اتباعا لأمر ربه , واجتنابا لنهيه, وقد كان صلى الله عليه وسلم يجسد الدين تجسيدا , فما أمر بشيئ إلا كان أول الناس إتيانا له , ولا نهى عن شيئ إلا كان أول الناس انتهاء عنه وأبعد الناس عنه , فصلى الله تعالى وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين . والناس إلى الاقتداء بالعمل أحوج منهم إلى استماع القول , وقديما قيل : فعل رجل أنفعل لألف رجل من كلام ألف رجل لرجل. فالدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول , وهو درس تعلمه ابن الجوزي رحمه الله وهو بعد حدث صغير , فكان أفعل في نفسه من السحر , وأجدى عليه من كثير من القول ثم ها هو يدل عليه ويرشد إليه : )) لقيت مشايخ ، أحوالهم مختلفة ، في مقاديرفي العلم . و كان أنفعهم لي في صحبته العامل منهم بعلمه ، و إن كان غيرهأعلم منه . و لقيت جماعة من علماء الحديث يحفظون و يعرفون و لكنهم كانوايتسامحون بغيبة يخرجونها مخرج جرح و تعديل ، و يأخذون على قراءة الحديث أجرة ، ويسرعون بالجواب لئلا ينكسر الجاه و إن وقع خطأ . و لقيت عبد الوهاب الأنماطي، فكان على قانون السلف لم يسمع في مجلسه غيبة ،و لا كان يطلب أجراً على سماعالحديث ، و كنت إذا قرأت عليه أحاديث الرقاق بكى و اتصل بكاؤه . فكان ـ وأنا صغير السن حينئذ ـ يعمل بكاؤه في قلبي ،و يبني قواعد . و كان على سمتالمشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل . و لقيت الشيخ أبا منصور الجواليقي ،فكان كثير الصمت ، شديد التحري فيما يقول ، متقناً محققاً . و ربما سئلالمسألة الظاهرة التي يبادر بجوابها بعض غلمانه ، فيتوقف فيها حتى يتيقن . وكان كثير الصوم و الصمت . فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما . ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول . ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط و مزاح ، فراحوا عن القلوب و بدد تفريطهم ماجمعوا من العلم . فقل الانتفاع بهم في حياتهم ، و نسوا بعد مماتهم ، فلا يكاد أحدأن يلتفت إلى مصنفاتهم . فالله الله في العلم بالعمل ، فإنه الأصل الأكبر . و المسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ، ففاته لذات الدنيا وخيرات الآخرة فقدم مفلساً على قوة الحجة عليه ((. |
الساعة الآن 02:33 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013