منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   حفظ الجوارح السبعة (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=15483)

أبو عبد السلام جابر البسكري 28 Feb 2015 12:50 PM

حفظ الجوارح السبعة
 
بسم الله الرحمن الرحيم



حفظ الجوارح السبعة



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أمابعد :


وهب الله لنا نعما كثيرة لا تحصى ، قال المنعم سبحانه وتعالى : {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل:18].ومن هذه النعم نعمة الجوارح التي أوجب الله شكرها {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل 78]. فمن شكر نعم الله أن نحفظ هذه الجوارح و نستعملها إلا فيما أمرنا به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد جمعت هذه الجوارح السبعة في حديث صحيح رواه مسلم يبين فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجوارح عرضة للمعاصي، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه). [رواه مسلم حديث رقم 2657]. وفي هذا الموضوع سأبين -بفضل الله - كيف نحفظ هذه الجوارح السبعة .
قال ابن القيم رحمه الله:
وقد مثلت النفس مع صاحبها بالشريك فى المال، فكما أنه لا يتم مقصود الشركة من الربح إلا بالمشارطة على ما يفعل الشريك أولا، ثم بمطالعة ما يعمل، والإشراف عليه ومراقبته ثانيا، ثم بمحاسبته ثالثا، ثم بمنعه من الخيانة إن اطلع عليه رابعا، فكذلك النفس: يشارطها أولا على حفظ الجوارح السبعة التى حفظها هو رأس المال، والربح بعد ذلك. فمن ليس له رأس مال، فكيف يطمع فى الربح؟ وهذه الجوارح السبعة وهى العين، والأذن، والفم، واللسان والفرج، واليد، والرجل: هى مراكب العطب والنجاة، فمنها عطب من عطب بإهمالها. وعدم حفظها، ونجا من نجا بحفظها ومراعاتها فحفظها أساس كل خير، وإهمالها أساس كل شر. قال تعالى: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيحفظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30]. [كتاب إغاثة اللهفان ص -80-]
وكما ذكر ابن القيم هذه الجوارح السبعة أحببت أن أتطرق إليها مرتبة بإختصار .
أولا : حفظ جارحة العين .
إن نعمة البصر من أعظم النعم إذا استخدمها العبد في طاعة الله عز وجل ، فهي سلاح فتاك يمر على القلب فلربما يقتله إن استعملها فيما يسخط الرب سبحانه ، فاحذر أخي من إطلاق البصر فقد أمرت بغضه عمّا حرم الله ، فلا تطلقه في النظر إلى المحرمات و العورات ،تقلب بصرك في الشاشات و مواقع الأنترنات ،و في الشوارع في السارحات الغاديات الرائحات من المتبرجات ، فالبصر سهم مسموم من سهام إبليس ، بسببه إنتكس من انتكس عن الدين وخرج عن طاعة رب العالمين ، قال تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }.
قال بن كثير في تفسير هذه الأية : هذا أمر من اللّه تعالى لعباده المؤمنين، أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا لما أباح لهم النظر إليه، وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً، كما روي عن جرير بن عبد اللّه البجلي رضي اللّه عنه قال: سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري ""أخرجه مسلم ورواه أبو داود والترمذي والنسائي أيضاً"". وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعلي: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة) ""أخرجه أبو داود الترمذي""وفي الصحيح عن أبي سعيد قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إياكم والجلوس على الطرقات) قالوا: يا رسول اللّه لا بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه) قالوا: وما حق الطريق يا رسول اللّه؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). إهـ .
ثانيا : حفظ جارحة الأذن
نعمة السمع من النِعَمِ العظيمة ، فالبسمع تدرك الامور وتميز الأصوات وتسمع العلوم وتحفظ ما تعلمت وتدرك الشر من الخير ، فلابد من حفظ هذه الجارحة وشكرها لأنك ستسأل يوم القيامة عنها قال تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا). فلا تسمع لما يغضب الرحمان من كفر وسب و غناء والحان ، لا تسمع لدعاة الضلال والأهواء، لا تسمع القبيح من الكلام من غيبة وكذب و بهتان ، فلا تكن أخي ممن أعرض بسمعه عن الحق فتندم يوم لا ينفع الندم قال تعالى : ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (10/الملك) ، ولا تسمع يا أخي لحديث قوم وهم له كارهون ، فقد صحَ عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه ِوسلم النهي عن ذلك : ( منّ اسَتَمَعَ إلى حديثِ قَومٍ وهمّ لهُ كَارِهون ُصبَ في أُذنَيه الآنكُ يومَ القيامةِ ).والآنك : هو الرصاص المذاب ، لا تسمع أخي للغناء وألات اللهو والطرب بجيع أنواعها ، فالغناء حرام بنصوص الكتاب والسنة ، قول الله عز وجل في كتابة الكريم "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ " قال بن مسعود رضي الله عنه في هذه الأيه " والله هو الغناء " وأقسم علي أن لهو الحديث هو الغناء، وفي صحيح البخاري أن النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " أي يستحلون سماعها والعياذ بالله. وكذلك لا يحل لك أخي الإستماع إلى الأناشيد المسماة بالدينية فهي من الأمور المبتدعة التي لم يفعلها السلف.
فائدة : اختلف العلماء المسلمون في المفاضلة بين السمع والبصر, فذهب عدد كبير من العلماء إلى تفضيل السمع على البصر, وحشد في ذلك العديد من الأدلة, وذهب فريق منهم إلى تقديم البصر على السمع. ولأبن القيم كلام نفيس فليرجع إليه في كتابه القيم "بدائع الفوائد".
ثالثا : حفظ جارحة اللسان.
اللسان تلك المضغة الصغيرة التي أنعم الله بها علينا ، بها ينطق الإنسان ويخاطب غيره و يعرف ما يريد ، وبها يتذوق الأشياء فيعرف طعمها ويميزه ، فسبحان الخلاق القائل : ( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ - وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ - وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ï´¾ [البلد: 8 - 10]. واللسان رغم صغره فهو أخطر جارحة في الإنسان لذلك أخبر صلى الله عليه وسلم محذرا منه قائلا لمعاذ : .. قال : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله " قلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه فقال : " كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به . قال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم. فيا أخي أحفظ هذه الجارحة من الكذب و شهادة الزور والغيبة والنميمة والبهتان والقذف ،والفحش والتكلم بغير علم ، قال تعالى ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) [ق: 18 ]. فرُب كلمة قالت لصاحبها دعني ، فخير الكلام مانفع وقل ودل ، وكما قيل لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك ، ومن صمت نجى ، احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان، وقد كان السلف لا يتكلمون إلا فيما ينفعهم ، ممتثلين حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت)وحديث (أمسك عليك لسانَك، وليسعْك بيتك، وابكِ على خطيئتك) ،كان أبو بكر يمسك لسانه يقول: هذا الذي أوردني الموارد، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيرا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا أنك ستندم. فقيل له: يا ابن عباس ! لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا منه على لسانه، إلا من قال به خيراً، أو أملى به خيراً. وكان ابن مسعود يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. وقال الحسن: اللسان أمير البدن، فإذا جنى على الأعضاء شيئا جنت، وإذا عف عفت.. فجعلوا ألسنتهم لذكر الله وقراءة القرآن والكلام الطيب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،قال صلى الله عليه وسلم : (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)؛ [رواه البخاري ومسلم] فتدبر أخي هذا الحديث العظيم والأجر الكبير واتقي الله في لسانك.
رابعا :حفظ جارحة الفم.
حفظ هذه الجارحة أن لا تدخل فمك ماحرم الله عليك من المأكل والمشرب ، كالخبائث المسكرات الخمر و الدخان وجميع المخذرات ، فإنك محاسب على كل ما تدخله في فمك وجوفك ، فلا تأكل ولا تشرب إلا حلالا طيبا، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (إنَّ الله طيِّب لا يَقبَل إلا طيبًا، وإنَّ الله - تعالى - أمَر المؤمنين بما أمَر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ï [المؤمنون: 51]، وقال - تعالى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]، ثم ذكَر الرجل يُطِيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يدَيْه إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومَطعَمه حَرام، ومَشرَبه حَرام، ومَلبَسه حَرام، وغُذِي بالحرام، فأَنَّى يُستَجاب لذلك؟!). [أخرجه مسلم].
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله – "والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة".
خامسا: حفظ جارحة الفرج .
جعل الله تعالى في خلقه غرائز وخلقهم ذكورا وإناثا وأمر سبحانه بحفظ النسل بحفظ الفرج بالبعد عن الزنا، والسفاح والبغاء ، وكذلك حرم الشذوذ الجنسي من لواط وسحاق و استمناء قال تعالى: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} [المؤمنون: 1-5]. وجزاء من عمل بهذه الأوامرالفردوس قال تعالى :{أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}. ومن لم يحفظ هذه الجارحة فهو متوعد بالنار ، فقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: "الفم والفرج". [حسنه الالباني صحيح الترغيب 2648] ، وحفظ الفرج من الفاحشة يكون باجتناب وسائلها الموصلة إليها ، فلا يخلو الرجل بإمرأة لا تحل له ، ويغض بصرها عن النساء والمردان ، و يتقي شر القنوات والأنترنات وغيرها من وسائل الإباحية ، وعليك أخي بالتعفف والزواج ، قال صلى الله عليه وسلم : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج...". [رواه البخاري ومسلم]. وقد ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لمن حفظ لسانه وفرجه الجنة ، فقال صلى الله عليه وسلم ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ) رواه البخاري .
سادسا : حفظ جارحة اليد .
جارحة اليد من النعم التي لا يستغني عنها الإنسان فبها يأكل وبها يشرب وبها يقضي حاجته و بها يكد ويعمل وبها يكتب و يخط ، والحمد لله أن فضلنا على كثير من مخلوقاته الأخرى ، قالى تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ولكن هل شكرنا هذه النعمة باستعمالها فيما يرضي الخالق سبحانه وتعالى ، فلا يؤذي المسلم أخاه المسلم ،لقوله صلى الله عليه وسلم : (المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجَر ما نهى الله عنه)؛ متفق عليه. قال الحافظ بن رجب : وفي ذكر اليد دون غيرها من الجوارح نُكتة، فيدخل فيها اليد المعنوية كالا‌ستيلا‌ء على حق الغير بغير حقٍّ.
فلا تبطش يدك على حرام ، كضرب الناس وظلمهم وقطع طرقهم وسرقة أموالهم والتعدي على ممتلكاتهم ، وكذلك جنبها الآثام ، فلا تكتب إلا مايرضي الله ، ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنق بالشح والبخل ، ولا تبسطها كل البسط بالإسراف والتبذير ، ولاتلمس ما لا يحل لك من النساء ولا تعتدي على حدود الله ففي الحديث (و اليد زناها اللمس) وفي رواية البطش .ويكف يده عن طلب مال غيره من غير حاجة قال صلى الله عليه وسلم : ( ... اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة) .رواه مسلم ، و امر بالمعروف وانهى عن المنكر بيدك إن كنت من أهل الاستطاعة ، وأعن بيدك المحتاج ومن أراد حمل متاعه تكتب لك صدقة ، قال صلى الله عليه وسلم : وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة. و اجعل يدك للعطاء مبذولة و انصر بها المسلمين ،ولا تكن يدك على المسلمين تسفك دمائهم و تفسد البلاد وتقتل العباد كفعل الخوارج المارقين الذين جعلوا بطشهم في المسلمين .
سابعا : حفظ جارحة الرِّجل.
نعمة القدمين كذلك من النعم التي لا يستغني عنها الإنسان ، بها يسعى ويمشي ويقضي حاجاته ، أقام الله بها الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته بالصورة الحسنة قائما معتدلا ، فسبحان الخلاق ، فلابد من شكر هذه النعمة وإلا نستعملها إلا فيما يرضي ربنا سبحانه وتعالى ، لا تمش في الأرض مرحا ، لا تمشِ إلى معصية الله ، لا ترفس برجلك وتظلم بها الناس ، لا تذهب للأماكن التي يشرك بها كالأضرحة والمزارات ، أو الأماكن التي يعصى بها الله كالملاهي والخمارات ، واجعل هذه الجارحة في مرضاة الله كالذهاب للمساجد فإنك ما خطوة خطوة إلا رفعت لك بها درجة وحطت عنك بها خطيئة، وغذا مشيت إلى الصلاة في اليل فأبشر بالنور التام ، قال صلى الله عليه وسلم : (وبشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ). و الذهاب إلى االجمعة ماشيا أجره عظيم ، قال صلى الله عليه وسلم : (من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة: صيامها وقيامها) [صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي]. وزيارة الإخوان فأنّ رجلاً لما زار أخاه بسبب أنه يحبه في الله أرسل إليه ملكاً ليخبره بأن الله يحبه كما أحبّ أخاه فيه ،.فلتكن أخي خطواتك لله ولا تتبع خطوات الشيطان ، قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان) يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به،( ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) ، هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها. قال ابن عباس ( خطوات الشيطان) : عمله، وقال عكرمة: نزغاته، وقال قتادة: كل معصية فهي من خطوات الشيطان .
فمن حافظ على جوارحه بطاعة الله فإنه يمشي بنور من الله سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث القدسي الصحيح : ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ). وجاء في رواية أخرى يقول سبحانه : ( فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ) ومعنى ذلك كما قال العلماء : أن الله يوفقه ويسدده في أعماله ، وأقواله ، وسمعه ، وبصره ، لا كما تعتقد الحلولية بأن الله يحل في خلقه والعياذ بالله.
واعلموا رحمكم الله ان أمير هذه الجوارح كلها هو القلب ، فلا تنفع الأعمال الظاهرة إلا بصلاح النية والقصد باطنا ، فإذا صلحت هذه المضغة صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " ومن تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب ، وأنها لا تنفع بدونها ، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح ، وهل يُميِّز المؤمن عن المنافق إلا بما في قلب كل واحد منهما من الأعمال التي ميَّزت بينهما؟! وهل يمكن أحد الدخول في الإسلام إلا بعمل قلبه قبل جوارحه؟! وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم ، فهي واجبة في كل وقت " .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا مخلصين في أعمالنا ظاهرا وباطنا قلبا وقالبا ، هذا والحمد الله أولا وأخرا.


كتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
السبت 9 جمادى الأولى 1436 هجري

أبو ميمونة منور عشيش 01 Mar 2015 08:45 PM

شكر.
 
جزاك الله خيرا أخي أبا عبد السّلام، مقال موفّق، نفع الله بك.

أبو البراء 02 Mar 2015 09:33 AM

بارك الله فيك أخي جابر على هذه الالتفاتة الفقهيَّة الإيمانيَّة النافعة.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل بما فيها.


الساعة الآن 12:49 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013