منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   شَهْرُ اللهِ المُحَرَّم ، فَضَائِلٌ وَ أَحْكَامٌ (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=19568)

أبو أيوب صهيب زين 30 Sep 2016 11:58 PM

شَهْرُ اللهِ المُحَرَّم ، فَضَائِلٌ وَ أَحْكَامٌ
 
<بسملة1>

إِتْحَافُ الأَخِلاّءْ بِفَضَائِلِ وَ أَحْكَامِ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ وَ يَوْمِ عَاشُورَاءْ




الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السّلام على أشرف المرسلين ؛ نبيّنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن من كمال ربوبيّة االله تعالى و حكمته في خلقه أن فضل بعضهم على بعض ، و اصطفى منهم صفايا , قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ ) [القصص:68]. و كان ممّا فضّل سبحانه من الأزمنة ;بعض الشّهور على بعض ، و اختصها بمزيد حرمة و تعظيم فجعل بعضها أشد حرمة من غيرها، فقال سبحانه وتعالى: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )[التوبة - 3،6]. و عن أبي بكرة -<رضي الله عنه>- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خطب الناس يوم النحر في حجة الوداع ، فكان مما قال : ( إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ ، شَهْرُ مُضَرَ ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) [متفق عليه ؛رواه البخاري (3197) ومسلم (1679)].

و كان مما اختصّ الله من تلك الشّهور ، أول شهور السنّة الهجرية ؛شهر الله المحرم ، و هو أحد الأشهر الحُرُم -التي سبق الاشارة إليها- ، فحريّ بالمؤمن أن يعظم شعائر الله ،أن تعظيمها و ما اختصّه الباري بالتّشريف و التعظيم من تقوى القلوب ،و خير للعبد عند ربّه في دنياه و أخراه ، كما قال سبحانه: ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ) [الحج:30] ، و قال بعدها سبحانه : ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )[الحج:32]

أيّ الأشهر الحرم أفضل ؟

قال ابن رجب -<رحمه الله>- : "اختلف العلماء في أي الأشهر الحرم أفضل فقال الحسن وغيره : أفضلها شهر الله المحرم .
ورجحه طائفة من المتأخرين وروى وهب بن جرير عن قرة بن خالد عن الحسن قال: "إن الله افتتح السنة بشهر حرام وختمها بشهر حرام فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم وكان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه".["لطائف المعارف" له(34)]
نقلت : قيل أن تّسميته ب"الأصم" من تسمية أهل الجاهلية و الله أعلم .

تعظيم أهل الجاهليّة للأشهر الحرم

قال ابن جرير -<رحمه الله>- : "هذه الشهور الاثنا عشر منها أربعة أشهر حرم كانت الجاهلية تعظمهن ، وتحرمهن ، وتحرم القتال فيهن ، حتى لو لقي الرجل منهم فيهن قاتل أبيه لم يهجه ، وهن : رجب مضر وثلاثة متواليات ، ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم . وبذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".["تفسيره" 14/235]

العلّة في تسمية الشهّر المحرّم بهذه التّسمية

قال ابن كثير -<رحمه الله>- : "ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه " المشهور في أسماء الأيام والشهور " : أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما ، وعندي أنه سمي بذلك تأكيدا لتحريمه ؛ لأن العرب كانت تتقلب به ، فتحله عاما وتحرمه عاما ، قال : ويجمع على محرمات ، ومحارم ، ومحاريم" .["تفسيره" 4/ 128]

العلّة في أضافة هذا الشهر إلى الله ( شهر الله المحرّم ) و استحباب الصّيام فيه

قال الحافظ ابن رجب -<رحمه الله>- : "وقد سمى النبي -<صلى الله عليه وسلم>- المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله عز وجل تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، كما نسب محمدًا وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته.
ولما كان هذا الشهر مختصًا بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافًا إلى الله تعالى، فإنه له سبحانه من بين الأعمال؛ ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام.
وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله ﻷنّه إشارة إلى أن تحريمه إلى الله عز وجل ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمون مكانه صفرًا، فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرمه، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره.
شهرُ الحرام مباركٌ ميمونُ **** والصوم فيه مضاعفٌ مسنون
وثوابُ صائمهِ لوجه إلههِ **** في الخُلدِ عند مليكهِ مخزُونُ" . انتهى["لطائف المعارف" (ص:90-91)]

و قال السّيوطي -<رحمه الله>-: " قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفَضْل الْعِرَاقِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ : مَا الْحِكْمَة فِي تَسْمِيَة الْمُحَرَّم شَهْر اللَّه وَالشُّهُور كُلّهَا لِلَّهِ ؟!
يَحْتَمِل أَنْ يُقَال : إِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْأَشْهُر الْحُرُم الَّتِي حَرَّمَ اللَّه فِيهَا الْقِتَال, وَكَانَ أَوَّل شُهُور السَّنَة أُضِيفَ إِلَيْهِ إِضَافَة تَخْصِيص وَلَمْ يَصِحّ إِضَافَة شَهْر مِنْ الشُّهُور إِلَى اللَّه –تَعَالَى- عَنْ النَّبِيّ -صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا شَهْر اللَّه الْمُحَرَّم ". اهـ["شرح سنن النسائي" للسيوطي( 1613 )]


من فضائل هذا الشّهر المبارك

و مع ما مرّ من بيان مزيّة هذا الشّهر على غيره ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرّم ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) .[رواه مسلم (1163)] "و هذا "تَصْرِيح بِأَنَّهُ أَفْضَل الْمَشْهُور لِلصَّوْمِ . وَأَمَّا إِكْثَار النَّبِيّ صَلَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَوْم شَعْبَان دُون الْمُحَرَّم فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : لَعَلَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ فَضْله فِي آخِر حَيَاته . وَالثَّانِي : لَعَلَّهُ يَعْرِض فِيهِ أَعْذَار مِنْ سَفَر أَوْ مَرَض أَوْ غَيْرهمَا .["عون المعبود في شرح سنن أبي داود" ( 2429 )] .

ولكن قد ثبت في الصّحيح أنّ النبي -<صلى الله عليه وسلم>- لم يصم شهراً كاملاً قطّ -كما في حديث أمِّنا عائشة <رضي الله عنها>- غير رمضان فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصّيام في شهر محرم لا صومه كله .

أفضل الأيام في شهر الله المحرّم العشر الأُول

قال أَبِو عُثْمَانَ النَّهْدِيّ : كَانُوا يُعَظِّمُونَ ثَلاثَ عَشَرَاتٍ : " الْعَشْرُ الأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ , وَالْعَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ , وَالْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ ".["قيام الليل" للمروزي(33 -باب الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان-) و "لطائف المعارف" لابن رجب(35)]

و قال ابن رجب -<رحمه الله>- : "قيل: إن العشر الذي أتم الله به ميقات موسى عليه السلام أربعين ليلة وإن التكلم وقع في عاشره.
وروي عن وهب بن منبه قال: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن مر قومك أن يتوبوا إلي في أول عشر المحرم فإذا كان يوم العاشر فليخرجوا إلي أغفر لهم.
وعن قتادة أن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السنة" .["لطائف المعارف" (35)]
فهذا بعض ما قيل في فضائل هذه العشر دون غيرها من الشّهر ، و أفضلها -كما صحّت الأحاديث- يوم عاشوراء ، قال العز بن عبدالسلام: "وتفضيل الأماكن والأزمان ضربان: أحدهما: دنيويٌّ... والضرب الثاني: تفضيل ديني، راجع إلى أنَّ الله يجود على عباده فيها بتفضيل أجر العاملين، كتفضيل صوم رمضان على صوم سائر الشهور، وكذلك يوم عاشوراء.. ففضلها راجع إلى جود الله وإحسانه إلى عباده فيها" .["قواعد الأحكام" 1/38]

أي يومٍ هو يوم عاشوراء ؟

قال النووي -<رحمه الله>- :" وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَرُدُّ قَوْلَهُ ; لِأَنَّهُ قَالَ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صل الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تَصُومُهُ فَقَالَ صل الله عليه وسلم : إنَّهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَصُومُ التَّاسِعَ ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ صل الله عليه وسلم لَيْسَ هُوَ التَّاسِعَ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْعَاشِرَ , وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ " .["المجموع شرح المهذّب" 6/ 433 - 434]

قال ابن القيّم -<رحمه الله>-: (فمن تأمل مجموع روايات ابن عباس، تبَّين له زوال الإشكال، وسعة علم ابن عباس -<رضي الله عنهما>-، فإنه لم يجعل عاشوراء هو اليوم التاسع ،بل قال للسائل:" صم اليوم التاسع "، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعده الناس كلهم يوم عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول الله -<صلى الله عليه وسلم>- كان يصومه كذلك، فإما أن يكون فعل ذلك هو الأولى، وإما أن يكون حمل فعله على الأمر به، وعزمه عليه في المستقبل، ويدل على ذلك أنه هو الذي روى: ( صوموا يوماً قبله ويوماً بعده ) وهو الذي روى: " أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصوم يوم عاشوراء يوم العاشر". وكل هذه الآثار عنه، يصدق بعضها بعضاً ".ـ [زاد المعاد :2/75،76]

نقلت : حديث ( صوموا يوماً قبله ويوماً بعده ) الذي أشار إليه ابن القيّم -رحمه الله- ، أورده الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (2225) بنفس اللفظ، وقال : "رواه أحمد والبيهقي بسند ضعيف ، لضعف محمد بن أبي ليلى ، لكنه لم ينفرد به ، فقد تابعه عليه صالح بن أبي صالح بن حي".

من فضائل يوم عاشوراء

لهذا اليوم المبارك عدّة فضائل ، نذكر منها :

أنَّ من الأنبياء -عليهم الصلاة و السلام- مَن صام يوم عاشوراء لِشَرَفه ومكانته؛ فعن ابن عبَّاس -<رضي الله عنهما>- أنَّ رسول الله -<صلَّى الله عليه وسلَّم>- قَدِم المدينة فوجدَ اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله -<صلَّى الله عليه وسلَّم>- : ( ما هذا اليوم الَّذي تصومونه ؟ )، فقالوا: هذا يومٌ عظيم؛ أنجَى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعونَ وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله -<صلَّى الله عليه وسلَّم>-: ( فنحن أحَقُّ وأولى بموسى منكم )، فصامه رسولُ الله -<صلَّى الله عليه وسلَّم>- وأمرَ بصيامه .[رواه مسلم (1911)] ،و كان ذلك قبل فرض صيام رمضان .

و منها أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتوخَّى صيامه، ويتحرَّى فضله، ويطلب أجره؛ فعن ابن عبَّاس -<رضي الله عنهما>- وسُئِل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: "ما علمتُ أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - صام يومًا يطلب فضله على الأيام إلاَّ هذا اليوم - يعني يوم عاشوراء - ولا شهرًا إلاَّ هذا الشهر"؛ يعني شهر رمضان ".[متًفق عليه، رواه البخاري (2006) ، ومسلم (1914)]

و من فضائله أيضا ، أنه يوم نجَّى اللَّه بَني إِسْرائيل من عدُوِّهم ؛فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -<رضي اللَّه عنهما>- قال : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ : ( مَا هَذَا ؟ ) ، قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ : ( فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) ".[رواه البخاري (1865)]

و منها -أيضا- أنَّ صيامه يُكفِّر خطايا و ذُّنوب لسنةٍ الماضية كاملة إذا اجتُنِبت الكبائر؛ فعَن أبي قتادة -<رضي الله عنه>- أنَّ رجلاً سأل النبيَّ -<صلَّى الله عليه وسلَّم>- عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: ( أحتَسِبُ على الله أن يُكفِّر السنة التي قبله).[رواه مسلم(1976)]. لذلك استحبت هذه العبادة في هذا اليوم المبارك .

أيهما أفضل: يوم عرفة أم يوم عاشوراء؟

قال ابن حجر -<رحمه الله>- : "روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعاً: ( إن صوم يوم عاشوراء يكفر سنة، وإن صيام يوم عرفة يكفر سنتين ).
وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك: "إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلذلك كان أفضل" اهـ.["فتح الباري" له(4/315)]

وقال ابن القيم -<رحمه الله>-: "فإن قيل: لم كان عاشوراء يكفر سنة، ويوم عرفة يكفر سنتين؟ قيل: فيه وجهان:
أحدهما: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام، بخلاف عاشوراء.
الثاني: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا، بخلاف عاشوراء، فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم". ["بدائع الفوائد" 4/293]

حكم صيامه

حين هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ورأى اليهود يصومون هذا اليوم فرحًا بنجاة موسى -<صلى الله عليه و سلم>- قال: ( أنا أحق بموسى منكم ) فصامه وأمر بصيامه. [متفق عليه]. وكان ذلك في أول السنة الثانية، فكان صيامه واجبًا ، فلما فرض رمضان فوض الأمر في صومه إلى التطوع، و ذلك لما أخرج البخاري :
أوّلا : برقم (2002) من حديث أمّنا عائشة -<رضي الله عنها>- : ( كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ،فلما قدم -<صلى الله عليه وسلم>- المدينة صامه - أي عاشوراء - وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء ، من شاء صامه ومن شاء تركه) .

ثانيا : برقم (2003) عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – يوم عاشوراء، عام حجّ، على المنبر يقول: (يا أهل المدينة ! أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر" .[ورواه مسلم في صحيحه (1129)].

قال ابن حجر -<رحمه الله>- : "ونقل ابن عبد البر الإجماع على أنه الآن ليس بفرض ، والإجماع على أنه مستحب ، وكان ابن عمر يكره قصده بالصوم ، ثم انقرض القول بذلك " .["فتح الباري" 2/290]

مراتب صيام عاشوراء وأفضلها

قال الإمام ابن القيم -<رحمه الله>- : "مراتب الصوم ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم.
وأما إفراد التاسع فمن نقص فهم الآثار ، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها ، وهو بعيد من اللغة والشرع ، والله الموفق للصواب ".[زاد المعاد في هدي خير العباد (2/76)]

نقلت : روى أحمد في "المسند"(2155) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا) ، وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث ، فحسنه الشيخ أحمد شاكر ، وضعفه محققو المسند و الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصّغير ، و لكن لا يخفى فضل الصّيام في هذا الشّهر عموما كما مرّ .

و في حكم إفراده بالصّيام

سئل الإمام ابن باز -<رحمه الله>- ما نصّه : إذا صام الشخص يوم عاشوراء من محرم فقط ولم يصم يوماً قبله ولا يوماً بعده, هل يجزئه ذلك؟
فأجاب -طيّب الله ثراه- : "نعم يجزئه، لكن ترك الأفضل، الأفضل أن يصوم قبله يوم أو بعده يوم، هذا هو الأفضل، يعني يصوم يومين، التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر أو يصوم الثلاثة، التاسع والعاشر والحادي عشر، هذا أفضل، خلافاً لليهود" .["فتاوى نور على الدّرب" (4894)]

علّة صيام يوم إضافيّ مع يوم عاشوراء :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -<رحمه الله>- : "ولما كان آخر عمره صلى الله عليه وسلم بلغه أن اليهود يتخذونه عيدًا ، قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) ليخالف اليهود، ولا يشابههم في اتخاذه عيدًا، وكان من الصحابة والعلماء من لا يصومه ولا يستحب صومه بل يكره إفراده بالصوم، كما نقل ذلك عن طائفة من الكوفيين، ومن العلماء من يستحب صومه، والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع؛ لأن هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: ( لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر ) كما جاء ذلك مفسرًا في بعض طرق الحديث، فهذا الذي سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ["مجموع الفتاوى" (13/167)]

و قال ابن حجر -<رحمه الله>- في تعليقه على حديث: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ): "ما همّ به من صوم التاسع يحتمل معناه ألا يقتصر عليه بل يضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مخالفة لليهود والنصارى وهو الأرجح، وبه يُشعر بعض روايات مسلم ". ["فتح الباري" 4/245]

من اشتبه عليه الحساب فلم يدر متى اليوم العاشر

قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله -: "فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر ، ابن سيرين يقول ذلك". ["المغني" لابن قدامة 3/174].
و روى ابن أبي شيبة في ["المصنف" (2/313)] : عن طاوس -<رحمه الله>- أنه كان يصوم قبله وبعده يوما مخافة أن يفوته .

ما المقصود بتكفير صيام يوم عاشوراء للذنوب ؟هل هو للصغائر أم الكبائر ؟

الذي عليه أكثر أهل العلم أن صوم يوم عاشوراء لا يكفر إلا صغائر الذنوب ،مثله مثل يوم عرفة ، وأما كبائرها فتحتاج إلى توبة نصوح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : صيام يوم عرفة يكفر سنتين ، وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة . لكن إطلاق القول بأنه يكفِّر ، لا يوجب أن يكفر الكبائر بلا توبة ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال في الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان : ( كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) ؛ ومعلوم أن الصلاة هي أفضل من الصيام ، وصيام رمضان أعظم من صيام يوم عرفة ، ولا يكفر السيئات إلا باجتناب الكبائر كما قيده النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكيف يظن أن صوم يوم أو يومين تطوعا يكفر الزنا والسرقة وشرب الخمر والميسر والسحر ونحوه ؟ فهذا لا يكون ".["مختصر الفتاوي المصرية" 1 /254 ] . و بنحوه قال النووي -<رحمه الله>- في ["المجموع" ( 6 / 428 - 431)] و غيرهما.

التحذير من ظلمِ النفس بالمعاصي في هذه الأشهر و بالأخص شهر الله المحرّم

خص الله تعالى الأربعة الأشهر الحرم بالذكر ، ونهى عن الظلم فيها تشريفا لها وإن كان منهيا عنه في كل الزمان . قال الشيخ السعدي -<رحمه الله>- : "(مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهي: رجب الفرد، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها.
و قوله تعالى : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثنى عشر شهرا، وأن اللّه تعالى بين أنه جعلها مقادير للعباد، وأن تعمر بطاعته، ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها، وتقييضها لمصالح العباد، فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها.
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم، وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها، خصوصا مع النهي عن الظلم كل وقت، لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها.
ومن ذلك النهي عن القتال فيها، على قول من قال: إن القتال في الأشهر الحرام لم ينسخ تحريمه ، عملا بالنصوص العامة في تحريم القتال فيها" .["تفسيره" (336)]

وقال القرطبي -<رحمه الله>- : "في الظلم قولان:
أحدهما : لا تظلموا فيهن أنفسكم بالقتال، ثم نسخ بإباحة القتال في جميع الشهور.
الثاني : لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب" .انتهى ["تفسير القرطبي" 8/134]

فعلى الكيّس الفطِنِ الحذر من المعاصي و الشهوات،و المبادرة بالطاعة و عمل الصالحات ،و اغتنام النّفحات الربانية ،لتزكُو بها نفسه ، و تعلو بها درجته ، فذلك خيرٌ له و أبقى ، والجزاء من جنس العمل .
و لا نحسب مسلما عاقلا ، يكون أهل الجاهليّة -مع جاهليّتهم التي كانوا عليها- ، أكثر تعظيما منه لشعائر الله و قد شرع له هذه الشّريعة المطهّرة خلافا لما كان عليه أولائك ، فلنتنبّه يا عباد الله ,..!

الحث على الإجتهاد في هذه الأشهر و بالأخص -الشهر المحرّم-

قال عليه الصلاة و السلام : ( افعلوا الخير دهركم ، و تعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته
يصيب بها من يشاء من عباده و سلوا الله أن يستر عوراتكم و أن يؤمن روعاتكم ).[قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 511 : حسن بشواهده]
ولمَّا كانت الأشهر الحرمُ أفضلَ الأشهر بعد رمضان أو مطلقًا، وكان صيامها مندوبًا إليه، وكان بعضها ختام السَّنة الهلاليَّة، وبعضها مفتاحًا لها؛ فمن صام شهر ذي الحجَّة - سوى الأيام المحرَّم صيامها منه - وصام المحرَّم، فقد ختم السَّنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة، فيُرجى أن تُكتبَ سنته كلها طاعة، فإنَّ من كان أول عمَلِه طاعة وآخره طاعة، فهو في حُكْم من استغرقَ بالطاعة ما بين العمَليْن.
قال ابن المبارك:" مَن ختم نَهاره بذِكْر الله، كتب نهاره كله ذِكرًا "، يشير بذلك إلى أنَّ الأعمال بالخواتيم، فإذا كان البداءة والختام ذِكرًا؛ فهو أولى أن يكون في حُكْم الذِّكْر شامِلاً للجميع، ويتعيَّن افتتاحُ العامِ بتوبةٍ نَصوح تَمْحو ما سلفَ من الذُّنوب السالفة في الأيام الخالية .
قطعت شهور العام لهوا وغفلة ... ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجبا وافيت فيه بحقه ... ولا صمت شهر الصوم صوما متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي ... مضى كنت قواما ولا كنت محرما
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة ... وتبكي عليها حسرة وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة ... لعلك أن تمحو بها ما تقدما .["لطائف المعارف" (59) بتصريف يسير].

و قريش فإنها على وثنيتها وعبادتها الأصنام ،كانت تصوم يوم عاشوراء وتعظمه؛ فعن أمِّنا عائشة -<رضي الله عنها>-: (كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه في الجاهلية).[متّفق عليه ؛البخاري (2002) ومسلم (1129)].

وتأمل يا عبد الله دورة الأيام و سرعة انقضائها، فها نحنُ كنا منذ أيام نستقبل شهر رمضان ،ثم ما أسرع أن انقضى ؛ فاستقبلنا عشر ذي الحجة ويوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة ؛ ثم ما أسرع أن انقضى ، وها نحنُ قد استقبلنا شهر الله المحرم ويوم عاشوراء , فالبدار البدار قبل فوات الآوان ، وافزع إلى التوبة وصدق الالتجاء الى الله عز وجل ، وَوَطِّنْ أيها الحبيب نفسك على الطاعة وألزمها العبادة ، فإنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك ...

اللهّم أعنّا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك .

الحثّ على الإخلاص في الصّيام و العمل عموما

قال ابن رجب -<رحمه الله>- : "ولما كان الصيام سرا بين العبد وبين ربه اجتهد المخلصون في إخفائه بكل طريق حتى لا يطلع عليه أحد قال بعض الصالحين: بلغنا عن عيسى بن مريم عليه السلام أنه قال: إذا كان يوم صوم أحدكم فليدهن لحيته ويمسح شفتيه من دهنه حتى ينظر إليه الناظر فيظن أنه ليس بصائم وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إذا أصبح أحدكم صائما فليترجل ـ يعني يسرح شعره ـ ويدهنه وإذا تصدق بصدقة عن يمينه فليخفها عن شماله وإذا صلى تطوعا فليصل داخل بيته وقال أبو التياح: أدركت أبي وشيخة الحي إذا صام أحدهم ادهن ولبس صالح ثيابه.
صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد كان له دكان فكان كل يوم يأخذ من بيته رغيفين ويخرج إلى دكانه فيتصدق بهما في طريقه فيظن أهله أنه يأكلهما في السوق ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته قبل أن يجيء اشتهر بعض الصالحين بكثرة الصيام فكان يقوم يوم الجمعة في مسجد الجامع فيأخذ إبريق الماء فيضع بلبلته في فيه ويمتصها والناس ينظرون إليه ولا يدخل حلقه منه شيء لينفي عن نفسه ما اشتهر به من الصوم كم يستر الصادقون أحوالهم وريح الصدق ".["لطائف المعارف" (38)]

هذا ما تيسّر جمعه و نقله ، و الله أسأل أن يوفقنا لما يحب و يرضى ، و صلّى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .


ملاحظة : يلي هذه الأسطر إن شاء الله : بدع يوم عاشوراء ، و فتاوى متعلّقة بها و بشهر الله المحرّم .

أخوكم .

نسيم منصري 01 Oct 2016 12:14 AM

بارك الله فيك أخي صهيب و جزاك الله خيرا على ما قدمته سائلين الله تبارك و تعالى أن ينفع بما دونته يداك كل من إطلع عليه في الحقيقة شوقتنا أخي ننتظر منك ما يليه من فوائد إن شاء الله

أبو أيوب صهيب زين 02 Oct 2016 09:11 PM

و فيك بارك الله أخي نسيم

أحسن الله إليك و جزاك الله خيرا على مرورك و تشجيعك .

أبو أيوب صهيب زين 02 Oct 2016 09:44 PM

في حكم صيام شهر الله المحرَّم

السـؤال:
هل يُشرَعُ صيامُ شهرِ مُحرَّمٍ كُلِّه؟

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فَقَبْلَ الجوابِ على سؤالكم فينبغي التنبيهُ على خطأ شائعٍ في إطلاق لفظ «محرم» مجرّدًا عن الألف واللاَّم؛ ذلك لأنّ الصواب إطلاقه معرَّفًا، بأن يقال: «المحرَّم»، لورود الأحاديث النبوية بها معرَّفة؛ ولأنَّ العرب لم تذكر هذا الشهر في مقالهم وأشعارهم إلاّ معرَّفًا بالألف واللام، دون بقية الشهور، فإطلاق تسميته إذًا سماعي وليس قياسًّيا.
هذا، وشهر المحرّم محلُّ للصيام لذلك يستحبُّ الإكثار من الصيام فيه، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمِ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاَةُُ اللَّيْلِ»(١).
ويتأكّد استحباب صوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرّم، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاء، وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ»(٢)، وصيام عاشوراء يكفِّر السنة الماضية، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاء، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»(٣)، ويستحب أن يتقدّمه بصوم يوم قبله وهو التاسع من المحرّم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «حين صامَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يومَ عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يومٌ تُعظِّمه اليهودُ والنصارى، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- صُمْنَا اليَوْمَ التَّاسِعَ»، قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم»(٤)، وفي روايةٍ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»(٥)، كما يستحبُّ له أن يصوم يومًا بعده وهو اليوم الحادي عشر، لما رُوِيَ موقوفًا صحيحًا عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاء، وَخَالِفُوا اليَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا»(٦)، قال الحافظ –رحمه الله-: «..صيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر»(٧).
وجديرٌ بالتنبيه أنَّ شهرَ اللهِ المحرَّم يجوز الصيامُ فيه من غير تخصيص صوم يوم آخرِ العام بنية توديع السَّنَةِ الهجرية القمرية، ولا أول يوم من المحرم بنية افتتاح العام الجديد بالصيام باستثناء ما ذُكِرَ من تخصيص عاشوراء ويومي المخالفة فيهما لليهود، ومن خصّص آخر العام وأوَّلَ العام الجديد بالصيام إنما استند على حديثٍ موضوع: «مَنْ صَامَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ ذِي الحِجَّةِ وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ المُحَرَّمِ، خَتَمَ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَافْتَتَحَ السَّنَةَ المُسْتَقْبلَة بِصَوْمٍ جَعَلَ اللهُ لَهُ كَفَّارَةَ خَمْسِينَ سَنَةً»(٨)، وهو حديث مكذوبٌ ومُختلَقٌ على النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، قال أبو شامة: «ولم يأت شيءٌ في أول ليلة المحرم، وقد فَتَّشْتُ فيما نقل من الآثار صحيحًا وضعيفًا، وفي الأحاديث الموضوعة فلم أر أحدًا ذكر فيها شيئًا، وإني لأتخوّف -والعياذ بالله- من مفترٍ يختلق فيها حديثًا»(٩).
فلا يشرع -إذن- في شهر المحرم ولا في عاشوراء شيء إلاّ الصيام، أمّا أداء عمرة أول المحرم أو التزام ذكرٍ خاصٍّ أو دعاء، أو إحياء ليلة عاشوراء بالتعبّد والذِّكر والدعاء فلم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن التابعين الكرام، قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(١٠).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٤ من المحرَّم ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١١/ ٠١/ ٢٠٠٨م

موقع الشيخ : http://ferkous.com/home/?q=fatwa-817

أبو أيوب صهيب زين 03 Oct 2016 11:55 AM

حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد

الإمام ابن باز -رحمه الله- :

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فالتهنئة بالعام الجديد لا نعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول وأنت كذلك إذا قال لك كل عام وأنت بخير أو في كل عام وأنت بخير فلا مانع أن تقول له وأنت كذلك نسأل الله لنا ولك كل خير أو ما أشبه ذلك أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.
http://www.binbaz.org.sa/noor/1179

الإمام العثيمين -رحمه الله- :

وسئل رحمه الله: فضيلة الشيخ: ما رأيكم في تبادل التهنئة في بداية العام الهجري الجديد؟
الجواب: أرى أن بداية التهنئة في قدوم العام الجديد لا بأس بها ولكنها ليست مشروعة بمعنى: أننا لا نقول للناس: إنه يسن لكم أن يهنئ بعضكم بعضاً، لكن لو فعلوه فلا بأس، وإنما ينبغي له أيضاً إذا هنأه في العام الجديد أن يسأل الله له أن يكون عام خيرٍ وبركة فالإنسان يرد التهنئة. هذا الذي نراه في هذه المسألة، وهي من الأمور العادية وليست من الأمور التعبدية.

( لقاء الباب المفتوح [93] )يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة عام (1415هـ)

أبو أيوب صهيب زين 22 Sep 2017 02:58 PM

يرفع، عسى تزاد فائدة، أو يستدرك مستدرك..

أبو أيوب صهيب زين 24 Sep 2017 07:03 AM

في حكم صيام اليوم التاسع فقط ظنا أنه هو يوم عاشوراء

سئل الشيخ فركوس -حفظه الله- مانصه:
هناك من يرى أنَّ عاشوراء هو اليومُ التاسع من المحرَّم، وذلك استنادًا إلى الحديث الذي رواه مسلمٌ (١١٣٣) عن الحَكَم بن الأعرج قال: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ فَقُلْتُ لَهُ: «أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ»، فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ هِلاَلَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ، وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا»، قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَالَ: «نَعَمْ».
فما توجيهكم لهذا الحديث بارك الله فيكم.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمذهب جماهير العلماء من السلف والخلف أنَّ عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرَّم(١)، وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية، ويشهد له التصريحُ الوارد في حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمُ عَاشِرٍ»(٢)، وعنه رضي الله عنهما أنه كان يقول: «خَالِفُوا اليَهُودَ، صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ»(٣)، كما يدلُّ عليه ظواهرُ الأحاديث الواردة في بيان حُكم صيام عاشوراء وفضلِه، وهو الراجح.
ومن رأى أنَّ عاشوراء هو اليوم التاسع فقد أشكل عليه قولُ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما المذكور في السؤال، والذي ظاهرُه أنَّ يوم عاشوراء هو اليوم التاسع، وقد أجاب عن هذا الإشكال ابنُ حجرٍ -رحمه الله- بقوله: «قال الزين بن المنَيِّر: قولُه: «إِذَا أَصْبَحْتَ مِنْ تَاسِعه فَأَصْبِحْ»(٤) يُشعر بأنه أراد العاشرَ لأنه لا يصبح صائمًا بعد أن أصبح من تاسعه إلاَّ إذا نوى الصومَ من الليلة المقبلة وهو الليلة العاشرة، قلت [ابن حجر]: ويقوِّي هذا الاحتمالَ ما رواه مسلمٌ -أيضًا- من وجهٍ آخر عن ابن عبَّاسٍ «أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» فمات قبل ذلك»(٥)، فإنه ظاهرٌ في أنه صلَّى الله عليه وسلَّم كان يصوم العاشرَ، وهمَّ بصوم التاسع فمات قبل ذلك، ثمَّ ما همَّ به مِن صوم التاسع يَحتمل معناه: أنه لا يَقتصر عليه بل يضيفه إلى اليوم العاشر: إمَّا احتياطًا له(٦)، وإمَّا مخالفةً لليهود والنصارى وهو الأرجح، وبه يُشعر بعضُ روايات مسلمٍٍ»(٧).
وعليه يتبيَّن -بوضوحٍ- أنَّ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما لم يجعل عاشوراء هو اليومَ التاسع، وإنما أرشد السائلَ إلى صيام التاسع مع العاشر، وهو ما يدلُّ عليه مجموعُ أحاديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، ويعكس صحَّةَ هذا الفهمِ ما ذكره ابنُ القيِّم -رحمه الله- في مَعْرِض توضيح أنَّ آثارَ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما تتَّفق ولا تختلف، بل يصدِّق بعضُها بعضًا حيث قال -رحمه الله-: «فمن تأمَّل مجموعَ روايات ابن عبَّاسٍ تبيَّن له زوالُ الإشكال وسَعَةُ علمِ ابن عبَّاسٍ، فإنه لم يجعل عاشوراءَ هو اليومَ التاسعَ، بل قال للسائل: صُمِ اليومَ التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أنَّ يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعدُّه الناسُ كلُّهم يومَ عاشوراء، فأرشد السائلَ إلى صيام التاسع معه، وأخبر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يصومه كذلك. فإمَّا أنْ يكون فِعْلُ ذلك هو الأَوْلى، وإمَّا أن يكون حملُ فعلِه على الأمر به وعزمِه عليه في المستقبل، ويدلُّ على ذلك أنه هو الذي روى: «صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ وَيَوْمًا بَعْدَهُ»(٨)، وهو الذي روى: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْم العَاشِرِ»(٩). وكلُّ هذه الآثار عنه يصدِّق بعضُها بعضًا ويؤيِّد بعضُها بعضًا»(١٠).
لذلك كان من الخطإ البيِّن الاقتصارُ على صيام يوم التاسع فقط، إذ الواجب دفعُ التعارض وحملُ كلام ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما على التوافق -كما تقدَّم-، وذلك بفقهِ ألفاظِ الأحاديث ومعرفةِ طُرُقها، قال ابنُ القيِّم -رحمه الله-: «وأمَّا إفرادُ التاسع فمِن نقصِ فهمِ الآثار وعدمِ تتبُّع ألفاظها وطُرُقها، وهو بعيدٌ من اللغة والشرع، والله الموفِّق للصواب»(١١).
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائـر في: ٢١ ربيع الثاني ١٤٣٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٣ مــارس ٢٠١٣م
(١) انظر: «شرح النووي على مسلم» (٨/ ١٢).
(٢) أخرجه الترمذيُّ في «أبواب الصوم» باب ما جاء عاشوراء: أَيُّ يَومٍ هو (٧٥٥)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الترمذي» (١/ ٣٩٩)، وأخرجه البزَّار (١/ ٤٩٢) من حديث عائشة رضي الله عنها، وصحَّحه ابن حجرٍ [انظر: «السلسلة الضعيفة» (٨/ ٣١١)].
(٣) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٨٤٠٤)، وصحَّحه الألبانيُّ في «جلباب المرأة المسلمة» (١٧٧).
(٤) أخرجه الطحاويُّ في «شرح معاني الآثار» (٣٢٨٧).
(٥) أخرجه مسلمٌ في «الصيام» (١١٣٤).
(٦) والمراد بالاحتياط -في هذا المقام- ما نقله ابن القيِّم -رحمه الله- في «زاد المعاد» (٢/ ٧٦) عن بعض أهل العلم من قوله: «قد ظهر أنَّ القصد مخالفةُ أهل الكتاب في هذه العبادة مع الإتيان بها، وذلك يحصل بأحد أمرين: إمَّا بنقل العاشر إلى التاسع، أو بصيامهما معا. وقوله: «إِذَا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ» يحتمل الأمرين. فتوفِّي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يتبيَّن لنا مرادُه، فكان الاحتياط صيامَ اليومين معًا».
(٧) «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٢٤٥).
(٨) أخرجه أحمد (٢١٥٤) بلفظ: «صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا»، قال الألبانيُّ في «السلسلة الضعيفة» (٩/ ٢٨٨): «وذِكرُ اليوم الذي بعده منكرٌ فيه».
(٩) تقدَّم تخريجه.
(١٠) «زاد المعاد» لابن القيِّم (٢/ ٧٥).
(١١) المصدر السابق (٢/ ٧٦).

المصدر: الشيخ فركوس في موقعه الرسمي على الشبكة

أبو أيوب صهيب زين 27 Sep 2017 05:48 PM

[فضيلة اليوم العاشر من شهر الله المحرم]

قال الشيخ أزهر سنيقرة حفظه الله :
" إن الله سبحانه يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة ، يختار من خلقه من شاء لتبليغ الرسالة، و لذلك قال : " اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " - الحج 75 - و قال تعالى : " اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " - الأنعام 124 ، و يختار كذلك من الأزمنة و الأمكنة ما يفضّله على ما سواه ، و قد اختار من الأزمنة مواسم الخير ففضَّلها و شرَّفها تشريفًا بليغًا يظهر فيما ينزل فيها من الرحمات و البركات و فيما يبارك فيها من الأعمال الصالحة، ففضَّل لياليًا على ليال ، و أيامًا على أيام ، و أشهرًا على أشهر و منها هذا الشهر الكريم شهر الله المحرم ، في هذا الشهر يوم فضيل ، يوم قد شهد حدثًا عظيمًا ، و نصرًا مبينًا ، أظهر الله فيه الحق على الباطل ، فقد أنجى الله فيه موسى عليه السلام و قومه و أغرق فرعون و قومه ، فهو يوم له فضيلة عظيمة و حرمة قديمة ، و هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم إنه عاشوراء .
روى الشيخان من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال : ( قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ المدينةَ فوجدَ اليَهودَ صيَّامًا يوم عاشوراء، فقال :َ " ما هذا اليوم الذي تصومونه" ؟ قالوا : هذا يومٌ عظيم أنجى اللَّهُ فيهِ موسى و قومه وأغرقَ فرعون و قومهَ ، فصامَهُ موسى شُكرًا لله فنحن نصومه ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : (نحنُ أحقُّ وَ أَولَى بموسى منْكم فصامَهُ رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمرَ بصيامِه ) .

قوله : ( هذا يوم عظيم ) : أي وقع فيه أمور عظيمة توجب تعظيم مثل ذلك اليوم فنحن ( أحق و أولى بموسى ) أي بمتابعته ( منكم ) فإنا موافقون له في أصول الدين و مصدقون لكتابه ، و أنتم مخالفون له بالتغيير و التحريف .

قال السندي رحمه الله : قوله (أحق بموسى منكم ) يدل على أنه قصد موافقة موسى عليه السلام لقوله تعالى : " فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ " الأنعام 90 - لا موافقة اليهود حتى يقال اللائق مخالفتهم و كأنه لهذا عزم في آخر الأمر على ضم اليوم التاسع إلى يوم عاشوراء تحقيقًا للمخالفة .

مقال بعنوان [ عاشوراء بين الإتباع و الإبتداع]

أبو أيوب صهيب زين 30 Sep 2017 03:25 PM

بدع عاشوراء


سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أحْمَدَ بن تيميه رحمه الله تعالى:
عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، مِنْ الْكُحْلِ وَالِاغْتِسَالِ وَالْحِنَّاءِ، وَالْمُصَافَحَةِ وَطَبْخِ الْحُبُوبِ، وَإِظْهَارِ السُّرُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَى الشَّارِعِ: فَهَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ؟ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ بِدْعَةً؟ أَمْ لَا؟ وَمَا تَفْعَلُهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنْ الْمَأْتَمِ وَالْحُزْنِ وَالْعَطَشِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، وَقِرَاءَةِ الْمَصْرُوعِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ رحمه الله تعالى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، لَا الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا غَيْرِهِمْ. وَلَا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، لَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا الصَّحَابَةِ، وَلَا التَّابِعِينَ، لَا صَحِيحًا، وَلَا ضَعِيفًا، لَا فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ،وَلَا فِي السُّنَنِ، وَلَا الْمَسَانِيدِ، وَلَا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ. وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ، مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ، وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامَ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. وَرَوَوْا فَضَائِلَ فِي صَلَاةِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَرَوَوْا أَنَّ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ تَوْبَةَ آدَمَ، وَاسْتِوَاءَ السَّفِينَةِ عَلَى الْجُودِيِّ، وَرَدَّ يُوسُفُ عَلَى يَعْقُوبَ، وَإِنْجَاءَ إبْرَاهِيمَ مِنْ النَّارِ، وَفِدَاءَ الذَّبِيح بِالْكَبْشِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ. وَرِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذِبٌ....
فَصَارَتْ طَائِفَة جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ: إمَّا مُلْحِدَةً مُنَافِقَةً، وَإِمَّا ضَالَّةً غَاوِيَةً، تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ وَمُوَالَاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ، تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ، وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ، مَنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ....
وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ، وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ، وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ، وَالتَّعَصُّبُ، وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ، وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ؛ وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ....
وَشَرُّ هَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلَامِ. فَعَارَضَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ، عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِبَيْتِهِ، وَإِمَّا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ، وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ، وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ، فَوَضَعُوا الْآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؛ كَالِاكْتِحَالِ وَالِاخْتِضَابِ، وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ، وَطَبْخِ الْأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ، فَصَارَ هَؤُلَاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الْأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ، وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الْأَحْزَانَ وَالْأَتْرَاحَ، وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ....
وَأَمَّا سَائِر الْأُمُورِ: مِثْلُ اتِّخَاذِ طَعَامٍ خَارِجٍ عَنْ الْعَادَةِ، إمَّا حُبُوبٍ، وَإِمَّا غَيْرِ حُبُوبٍ، أَوْ فِي تَجْدِيدِ لِبَاسٍ، أَوْ تَوْسِيعِ نَفَقَةٍ، أَوْ اشْتِرَاءِ حَوَائِجَ الْعَامِ ذَلِكَ الْيَوْمَ، أَوْ فِعْلُ عِبَادَةٍ مُخْتَصَّةٍ، كَصَلَاةِ مُخْتَصَّةٍ بِهِ، أَوْ قَصْدُ الذَّبْحِ، أَوْ ادِّخَارُ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ، لِيَطْبُخَ بِهَا الْحُبُوبَ، أَوْ الِاكْتِحَالُ أَوْ الإختضاب أَوْ الِاغْتِسَالُ، أَوْ التَّصَافُحُ أَوْ التَّزَاوُرُ، أَوْ زِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ الَّتِي لَمْ يَسُنُّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ، وَلَا اسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، لَا مَالِكٌ وَلَا الثَّوْرِيُّ وَلَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَلَا أَبُو حَنِيفَةَ وَلَا الأوزاعي وَلَا الشَّافِعِيِّ، وَلَا أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَا إسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه، وَلَا أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ، قَدْ كَانُوا يَأْمُرُونَ بِبَعْضِ ذَلِكَ، وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ وَآثَارًا، وَيَقُولُونَ: إنَّ بَعْضَ ذَلِكَ صَحِيحٌ، فَهُمْ مُخْطِئُونَ غَالَطُونِ بِلَا رَيْبٍ، عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ. وَقَدْ قَالَ حَرْبٌ الكرماني فِي مَسَائِلِهِ: سُئِلَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ فِلْم يَرَهُ شَيْئًا. اهـ.
مجموع الفتاوى 25/299- 312.

[color="rgb(0, 100, 0)"]وقال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى:
[/color]أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء، والتزين والتوسعة والصلاة فيه، وغير ذلك من فضائل، لا يصح منها شيء، ولا حديث واحد، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء، غير أحاديث صيامه، وما عداها فباطل.
وأمثل ما فيها: من وسع على عياله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته؛ قال الإمام أحمد: لا يصح هذا الحديث.
وأما حديث الاكتحال والإدهان والتطيب، فمن وضع الكذابين، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن، والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنة.
وأهل السنة يفعلون فيه، ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع. اهـ.
المنار المنيف 1/111- 112.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:
وكل ما روى في فضل الاكتحال في يوم عاشوراء، والإختضاب، والاغتسال فيه، فموضوع لا يصح....
وأما اتخاذه مأتمًا، كما تفعله الرافضة، لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه، فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا، وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتمًا، فكيف بمن دونهم؟ اهـ.
لطائف المعارف 1/ 58- 60.

[color="rgb(0, 100, 0)"]وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى:
[/color]وأما ما يفعلونه اليوم، من أن عاشوراء يختص بذبح الدجاج وغيرها، ومن لم يفعل ذلك عندهم، فكأنه ما قام بحق ذلك اليوم، وكذلك طبخهم فيه الحبوب وغير ذلك. ولم يكن السلف رضوان الله عليهم يتعرضون في هذه المواسم، ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة....
وإن كان بعضهم يتصدق، فالغالب عليهم أنها الصدقة الواجبة. ثم إنهم يضمون إلى ذلك بدعة أو محرمًا، وذلك أنه يجب على بعضهم الزكاة مثلا، في شهر صفر أو ربيع أو غيرهما من شهور السنة، فيؤخرون إعطاء ما وجب عليهم إلى يوم عاشوراء....
وعند بعض من ذكر نقيض ذلك، وهو أن يخرج الزكاة قبل وقتها، لأجل يوم عاشوراء! اهـ.
المدخل 1/289- 290.

أبو أيوب صهيب زين 07 Oct 2017 04:34 PM

■ يُريدُونَ إِدْخَالَ بَعْضَ الأَعْيَادِ والاحْتِفَالَاتِ فِي بَابِ شُكْرِ اللهِ تَعَالَى أَوْ تَعْظِيمِ نَبِيِّهِ ﷺ

☆ قال الشيخ الوالد العلامة محمد علي فركوس حفظه الله:

ذلك لأنَّ المعلوم ـ شرعًا ـ أنَّ الأعياد والمواسم الدِّينيَّة معدودة من مسائل العبادة، والعبادات ـ من حيث حكمُها ـ توقيفيَّةٌ تحتاج إلى دليل يشرعها كما هو مقرَّر في القواعد الشَّرعيَّة، لقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون}[الجاثية:18]، وقولِه تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[الشورى:21]، ولقولِه ﷺ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(17).

ولا يشفع للاحتفال بأوَّل شهر المحرَّم أصل من كتاب الله ولا سنَّة رسوله ﷺ، ولم يُؤثَر ذلك عن صحابته الكرام، ولا عن التَّابعين لهم بإحسان.

ولا مجال لإدخال الأعياد والاحتفالات بمثل هذه المناسبات في باب شكر الله تعالى أو تعظيم نبيِّه ﷺ؛ لأنَّ شكر الله ليس بالاشتراك معه في التَّشريع والحكم، وقد قال تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}[الكهف:26].

وإنَّما شكر الله بطاعته وعبادته على وَفق شرعه وتعظيم النَّبيِّ ﷺ في اتِّباع سُنَّته، وطاعته فيما أمر به وزجر عنه، والتَّسليم لأحكامه والتَّأسِّي به في مظهره ومخبره، وعدم الابتداع في الدِّين.

قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21]، وقال سبحانه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران:31].

* قال ابن كثير رحمه الله: «هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كُلِّ من ادعى محبةَ الله وليس هو على الطَّريقة المحمَّديَّة؛ فإنَّه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر حتَّى يتَّبع الشَّرع المحمديَّ والدِّين النَّبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصَّحيح عن رسول الله ﷺ أنَّه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»...، وقال الحسن البصري وغيره من السَّلف: زعم قومٌ أنَّهم يحبُّون الله فابتلاهم الله بهذه الآية فقال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه}»(18).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) أخرجه مسلم (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

(18) «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (1/358).

[شهر الله المحرم.. سنن ومحدثـات (راية الإصلاح)]


الساعة الآن 02:28 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013