الفوائد المنتقاة من كتاب «تأسيس الأحكام بشرح عمدة الأحكام» للعلّامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه اللّه [متجدد]
<بسملة1> كتاب الطهارة الحديث رقم 01 عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال : سمعتُ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول : « إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ (و في روايةٍ بالنِّيَّةِ) و إنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمَن كانت هجرتُه إلى اللهِ و رسولِه، فهِجرتُه إلى اللهِ و رسولِه، و مَن كانت هجرتُه إلى دنيا يُصيبُها، أو امرأةٍ ينكِحُها، فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليهِ » موضوع الحديث : النِّيات و إرتباطها بالعمل و الجزاء. المفردات : النية : القصد بالقلب إلى الشيء. الهجرة : هي النقلة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام و مأخذها من هجر الشيء إذا تركه. الدُنيا : تطلق على كل ما دخل من باب الشهوة أو الهوى أو الزينة و التفاخر. المعنى الإجمالي : من عدل العدل الحكيم أن وكّل الجزاء إلى النِّيات و جعله تابعًا لها و مرتبطًا بها ، فمن نوى بعمله للّه أثابه اللّه رضاه و أمَّنه من العذاب و أدخله الجنَّة ، و من نوى بعمله أمرا دنيويًا كان ثوابه ذلك الشيء الَّذي نواه كائنًا ما كان و فوق ذلك الوعيد. فقه الحديث : • أولًا : حصر الرسول صلى اللّه عليه و سلم الأعمال المعتبرة شرعًا في النِّية بقوله : « إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ » فكأنَّه قال إنَّما صحة الأعمال بالنِّيَّاتِ فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه و هذا عند من جعل النِّية شرطًا في صحة الأعمال و هو الحق . • ثانيًا : عبَّر بالأعمال عن السَّعي الَّذي يثاب العبد عليه أو يعاقب ، و هو في كل عضو بحسبه. • ثالثًا : ظاهر الحديث أنَّ من نوى شيئًا حصل له و على هذا فالحديث عام مخصوص بالآية و هي قوله تعالى : { مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا } ، حيث قيّد حصول المنوي بالإرادة و بيان ذلك أنَّ من عمل عملًا أراد به شيئًا من الدُّنيا قد يحصل له ذلك الشيء المنوي و قد لا يحصل ، أمَّا من نوى الثواب فهو يحصل له و لا بد إن توفرت في العمل شروط القبول و سلم من المحيطات لقوله تعالى : { إنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنكُمْ } ، و الأولى أن يقال :إنَّ قوله « و إنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى » له مفهومان : أحدهما : الإخبار بعدم حصول غير المنوي. الثاني : الإخبار بحصر الثواب فيما نوى كائن ما كان. • رابعًا : النِّية جاءت في كلام العلماء بمعنيين : أحدهما : تمييز العبادات عن العادات أو تمييز العبادات بعضها عن بعض و كلام الفقهاء يقع على هذا النوع. الثاني : تمييز المقصود بالعمل ، و هو اللّه أو غيره. • خامسًا : النِّية محلها القلب لأنها من أعمال القلوب ، و لم يأت في الشرع التلفظ بها إلّا في الحج خاصة لأنَّ التلبية ذكر الحج الخاص به ، و على هذا فمن تلفظ بها فهو مبتدع ، و أعجب من هذا إثبات بعض الفقهاء المؤلفين من الشافعية في مؤلفه. المناسبة : أمّا مناسبة الحديث لكتاب الطهارة فظاهرة ، لأنَّ النِّية شرط في صحتها كما هي شرط في صحة كل عبادة ، و هو مذهب الجمهور و قال أبو حنيفة و الثوري بعدم إشتراطها في الوضوء و غيره من الوسائل ، و الأول أصح لأنَّ الوضوء ليس بوسيلة محضة و لكنه في نفس الوقت عبادة. { انتهى الحديث الأول } |
جزاكم الله خيرا أخي أبا سهيل وبارك الله فيكم.
|
<بسملة1> الحديث رقم 02 عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و سلَّم : « لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أَحْدَثَ حتى يتوضأَ » موضوع الحديث : أنّ الطهارة شرط في صحة الصلاة. المفردات : الحدث : ما أوجب غسلًا أو وضوءًا . المعنى الإجمالي : شرط النبيّ صلى الله عليه و سلَّم الطهارة في صحة الصلاة ، فدلَّ هذا على بطلان صلاة من أحدث حتى يتوضأ. فقه الحديث : أولًا : الطهارة شرط في صحة الصلاة ، و يلحق به الطواف ، و مس المصحف فيه خلاف. ثانيًا : الطهارة لا تجب لكل صلاة ، فإنَّ القبول ممتد إلى حين يحدث و هناك غايته و يدل لذلك ما أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي عن بريدة و أنس في جواز الصلوات بوضوء واحد ¹. ثالثًا : نفي القبول هنا دال على نفي الصحة للإجماع على عدم إجزاء صلاة من صلى بغير وضوء و قد جاء في بعض الأحاديث دلالة على نفي القبول كحديث عبد اللّظ°ه بن عمرو ، أنّ رسول اللّظ°ه صلى الله عليه و سلَّم كان يقول : «ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً، مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَرَجُلٌ أَتَى الصَّلَاةَ دِبَارًا» وَالدِّبَارُ: أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ أَنْ تَفُوتَهُ، «وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرَهُ» ² ، فلا أعرف أحدًا أوجب على هؤلاء و أمثالهم القضاء و هذا يدل على صحتها عند العلماء. رابعًا : الحدث مانع حكمي مقدر قيامه بالأعضاء و أن الماء المستعمل قد إنتقل إليه ذلك المانع فيمتنع التطهر به و في ذلك نظر لأنَّه قد روى البخاري عن النبيِّ صلى الله عليه و سلَّم عاد جابر بن عبد اللّظ°ه و هو مريض فتوضأ له و أمرهم فصبوا ماء وضوئه عليه ، و في معناه حديث أبي موسى عنده و حديث السائب بن يزيد عنده و حديث أبي حجيفة ، و الرسول صلى الله عليه و سلَّم مساو لأمته في الحدث و الطهارة و التخصيص يحتاج لدليل. الجمع : قد يقال أنَّ بين الحديث و بين آية الوضوء تعارض من جهة أنَّ الآية أومبت الوضوء على كل قرئم للصلاة ، و الحديث جعل موجبه الحدث ، و الجمع بينهما أنَّ الحديث مخصص للآية بمن قام محدثًا و قال بعضهم أنَّ الآية قام من النوم و اللّظ°ه أعلم. ¹ عن بريدة رضي الله عنه، أَنَّ النبي صلى الله عليه و سلَّم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد و مسح على خُفَّيْهِ. فقال له عمر : « لَقَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئاً لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ»؟ قال : «عَمْداً صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ ». ² ضعفه الألباني إلَّا الشطر الأول فصحيح ، ضعيف الجامع الصغير (2603) ، ضعيف سنن ابن ماجة (205 / 970) ، المشكاة (1123) { إنتهى الحديث الثاني } |
الحديث رقم 03
عن أبي هريرة و عبد اللّه بن عمرو و عائشة رضي اللّه عنهم قالوا : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم : « وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ » موضوع الحديث : تعميم الأعضاء بالوضوء. المفردات : الأعقاب : جمع عقب و هو مؤخر القدم. المعنى الإجمالي : توعد النبي صلى اللّه عليه و سلم الأعقاب المتروكة في الوضوء بالنار. فقه الحديث : أولًا : استدل بالحديث على وجوب غسل الرجلين ، و حكى النووي الإجماع عليه و لم يخالف في ذلك إلّا الشيعة. ثانيًا : استدل به على وجوب تعميم اعضاء الوضوء بالغسل و إسباغها بالماء كما جاء في رواية عبد اللّه بن عمرو : « اسْبغُوا الوضُوء ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ »¹ ¹ أخرجه مسلم تحت رقم 241. { إنتهى الحديث الثالث } |
الساعة الآن 04:01 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013