منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَمَنْزِلَتُهُ فِي الإِسْلَامِ (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=20240)

نبيل باهي 19 Jan 2017 12:30 PM

عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَمَنْزِلَتُهُ فِي الإِسْلَامِ
 



الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛
عبد الله بن سلام بن الحارث أبو يوسف، من بني قَينُقاع، وهم من ذريّة يوسف الصّدّيق عليه السّلام، الإسرائيلي ثمّ الأنصاري (1)
الإمام الحبر، المشهود له بالجنّة، حليف الأنصار، من خواصّ أصحاب النّبيّ <صلى الله عليه وسلم>، حليف القواقلة (2)
كان اسمه الحصين، فغيّره النّبيّ <صلى الله عليه وسلم> إلى عبد الله (3)

إسلامه <رضي الله عنه>:
كان إسلام عبد الله بن سلام <رضي الله عنه> قديمًا قدم مقدَم النّبيّ <صلى الله عليه وسلم> إلى المدينة النّبويّة، فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك <رضي الله عنه> أنّ عبد الله بن سلام أتى رسول الله <صلى الله عليه وسلم> عند مقدمه إلى المدينة فقال: إنّي سائلك عن ثلاثٍ لا يعلمها إلّا نبيٌّ: ما أوّل أشراط السّاعة؟ وما أوّل ما يأكل أهل الجنّة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمّه؟ فقال: <<أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا>> قال: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة، قال: <<أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَخْرُجُ مِنَ المَشْرِقِ، فَتَحْشُرُ النَّاسَ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الحُوتِ، وَأَمَّا الشَّبَهُ، فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَ إِلَيْهِ الوَلَدُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ نَزَعَ إِلَيْهَا>>، قال: أشهد أنّك رسول الله (4)
ولاحظ -يا رعاك الله- قوله <رضي الله عنه> في الحديث الآنف الذّكر: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة، وفي تتمّته أنّ اليهود قومٌ بهتٌ، وقول الحافظ ابن حجر، والإمام الذّهبي: "الإسرائيلي"، كلّ هذا فيه براءة هذا الصّحابيّ الجليل من اليهود، بعد أن ظهر له الحقّ في نبيّنا (عليه الصّلاة والسّلام)، وردٌّ واضح على ذلك الأفّاك الأثيم الّذي عرّض بهذا الصّحابيّ الجليل (5)
وعنه <رضي الله عنه> قال: لمّا قدم النّبيّ <صلى الله عليه وسلم> المدينة، انجفل النّاس عليه، وكنت فيمن انجفل، فلمّا رأيته عرفت أنّه ليس بوجه كذّاب،
فكان أوّل شيء سمعته يقول: <<يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ>> (6)

مناقبه <رضي الله عنه>:
إنّ عبد الله بن سلام <رضي الله عنه> كان سيّدًا وعالمًا قبل إسلامه، ففي البخاري عن أنس <رضي الله عنه> أنّ ابن سلام <رضي الله عنه> قال للنّبي <صلى الله عليه وسلم>: أشهد أنّك رسول الله وأنّك جئت بحقٍّ، ولقد علمت اليهود أنّي سيّدهم وابن سيّدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فسلهم عنّي، فأرسل إليهم فجاؤوا، فقال: <<يَا مَعْشَرَ اليَهُودِ وَيْلَكُمْ اتَّقُوا اللهَ، فَوَاللهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا>> قالوا: ما نعلمه، قال: <<فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمُ ابْنُ سَلَامٍ>> قالوا: ذاك سيّدنا وابن سيّدنا وأعلمنا وابن أعلمنا، قال: <<أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ>>، قالوا: حاشا لله، ما كان ليسلم، فقال: <<اخْرُجْ عَلَيْهِمْ>> فخرج عليهم وقال: ويلكم اتّقوا الله، فوالله إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله حقًّا، قالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله <صلى الله عليه وسلم>(7)
وكان <رضي الله عنه> يمشي بين النّاس، وهم يعلمون أنّه من أهل الجنّة، ففي الصّحيح عن سعد بن أبي وقّاصٍ <رضي الله عنه> قال: ما سمعتُ النّبيّ <صلى الله عليه وسلم> يقول لأحد يمشي على الأرض: إنّه من أهل الجنّة إلّا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية <{>وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ<}> (الأحقاف) (8)
وكان عالمًا من علماء الصّحابة (رضي الله عنهم أجمعين)، بذلك شهد له العالم الرّبّانيّ من أصحاب رسول الله <صلى الله عليه وسلم> معاذ بن جبلٍ <رضي الله عنه>، فلمّا حضرته الوفاة قالوا: أوصنا، قال: التمسوا العلم عند أبي الدّرداء وسلمان وابن مسعود وعبد الله بن سلام (9)
وقد قال مجاهدٌ في قوله تعالى: <{>وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ<}> من سورة الرّعد، أنّها في عبد الله بن سلام، وقال ابن عبّاس في تفسيرها: هم من اليهود والنّصارى منهم: ابن سلام وسلمان وتميم الدّاري (10)
وهو من الّذين يؤتون أجرهم مرّتين فقد روى الشّيخان عن أبي بردة عن أبيه <رضي الله عنه> قال: قال رسول الله <صلى الله عليه وسلم>: <<ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا، فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ>>(11)
قال ابن حجر <رحمه الله>: [وقع في شرح ابن التّين وغيره أنّ الآية، يعني قوله تعالى: <{>أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ<}> نزلت في كعب الأحبار وعبد الله بن سلام، وهو صوابٌ في عبد الله خطأٌ في كعبٍ، لأنّ كعبًا ليست له صحبةٌ ولم يسلم إلّا في عهد عمر بن الخطّاب، وفي تفسير الطّبري وغيره أنّها نزلت في: عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي، وهذا مستقيمٌ] (12)
ومن مناقبه <رضي الله عنه>: أنّ قول الله تعالى:<{>وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ واسْتَكْبَرْتُم<}> تشمله، قال ابن كثير <رحمه الله>: وهذا الشّاهد اسم جنسٍ يعمّ عبد الله بن سلام <رضي الله عنه> وغيره (13)
ومن مناقبه <رضي الله عنه>: أنّه حدّث عنه أبو هريرة وأنس بن مالك وعبد الله بن حنظلة بن الغسيل (رضي الله عنهم)، وابناه يوسف ومحمّد، وبشر بن شَفاف، وأبو سلمة بن عبد الرّحمن، وعطاء بن يسار، وزرارة بن أوفى وآخرون (14)

وفاته <رضي الله عنه>:
لزم عبد الله بن سلام المدينة النّبويّة حتّى توفّي بها سنة ثلاثٍ وأربعين، وقد قارب السّبعين من عمره، فرضي الله عنه وعن أصحاب نبيّنا <صلى الله عليه وسلم>، وجمعنا بهم في جنّاته جنّات النّعيم، مع الّذين أنعم الله عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين.
والله أعلم، وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلّا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

-------------------------
(1) فتح الباري،كتاب المناقب (ج 7/ص 164)، والإصابة كلاهما لابن حجر.
(2) القواقلة اسم أبي بطن من الأنصار، لأنّه كان إذا أتاه إنسان يستجير به أو بيثرب قال له: قَوقِل في هذا الجبل وقد أمنت، أي ارتق، وكان يقال في الجاهليّة للرّجل إذا استجار بيثرب: قَوقِل ثمّ قد أمنت. (القاموس ولسان العرب).
(3) السّير (ج2/ص413-414).
(4) البخاري (أوّل الأشياء 6/261).
(5) وهناك بيان شافٍ كافٍ من مشايخنا الكرام في التّحذير منه، فجزاهم الله خيرا.
(6) إسناده صحيح، أخرجه أحمد والتّرمذي وابن ماجة وصحّحه الحاكم ووافقه الذّهبي، وهو في الصّحيحة للألباني(569).
(7) البخاري (كتاب الهجرة 7/195).
(8) البخاري (كتاب مناقب الأنصار 98).
(9) التّاريخ الصّغير للبخاري، والتّرمذي في المناقب، وصحّحه الحاكم ووافقه الذّهبي.
(10) تفسير ابن كثير (ج2/ص686).
(11) البخاري (كتاب العلم)، ومسلم (كتاب الإيمان).
(12) الفتح (ج1/ص252).
(13) تفسير ابن كثير (ج4/ص199).
(14) السّير للذّهبي (ج2/ص413).

أبو ياسر أحمد بليل 19 Jan 2017 06:21 PM

جزاك الله خيرا أخي نبيل على جهدك في سرد مناقب هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه
إذْ معرفت قدر هؤلاء الاخيار فضل وشرف والطعن فيهم خزي وعار وهوان

بلال بريغت 19 Jan 2017 06:46 PM

الأخ نبيل بارك الله فيك مقال موفق نسأل الله أن ينفع بك الاسلام والمسلمين

أبو البراء سامي الجزائري 19 Jan 2017 08:51 PM

جزاك الله خيرا و نفع بك

سليم الأخضري 20 Jan 2017 12:40 AM

جزاك الله خيرا وذب عن وجهك النار

أبو الحسن نسيم 20 Jan 2017 11:17 AM

ترجمة موجزة أتت على المقصود،وأفهمت المراد،وأثلجت صدور أهل الحق،وأخسأت أهل الباطل،جزاك ربي خيرا أيها الفاضل على ما كتبت وزادك من فضله العظيم.

أبوعبد الله مهدي حميدان السلفي 20 Jan 2017 07:06 PM

جزاك الله خيرا شيخنا وبارك فيك

عمر عليان 21 Jan 2017 03:34 PM

بوركتَ أخانا نبيل
جزاك الله خيرا على سرد مناقب هذا الصّحابيّ الجليل

نبيل باهي 25 Jan 2017 07:20 AM

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم جميعا.

أبو معاذ محمد مرابط 25 Jan 2017 04:46 PM

جزك الله خيرا شيخ نبيل. أسأل الله أن يغفر لك ولوالديك
فقد أسعدتني بهذا المقال الذي وفقت في اختياره وكتابه مادته.
فقكم نحن بحاجة لمثل هذه المقالات التي تنافح عن أشرف أعراض بعد أعراض الأنبياء عليهم السلام. شكرا لك وبارك الله في جهودك

أبو يونس دراوي لعرج 25 Jan 2017 07:48 PM

جزاك الله خيرا أخي نبيل


الساعة الآن 12:45 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013