منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تفنيد شبهة الولاء الوطني وترسيخ مبدإ «حب الوطن من الإيمان» / لعلامة الجزائر الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله . (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=23279)

أبو إكرام وليد فتحون 02 Apr 2018 11:40 AM

تفنيد شبهة الولاء الوطني وترسيخ مبدإ «حب الوطن من الإيمان» / لعلامة الجزائر الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

تفنيد الشبهة الثالثة
الولاء الوطني وترسيخ مبدإ «حب الوطن من الإيمان»
لعلامة الجزائر الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله .

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالذي ينبغي أَنْ يُعلمَ أنَّ محبَّةَ الأوطانِ مِنْ مشاعرِ الفطرةِ والغريزةِ في الإنسان؛ فشأنُ حُبِّ الوطنِ كشأنِ حبِّ النفسِ والآباءِ والمالِ والمطاعمِ والمراكبِ ونحوِ ذلك، وليس حبُّ الوطنِ في ذاتِه ـ مِنَ الإيمانِ ولا مِنْ مُقتضَياتِه ولوازمِه؛ بدليلِ اشتراكِ الناسِ فيه مِنْ غيرِ فرقٍ بين أهلِ التقوى والإيمانِ وأهلِ الكفرِ والفسوقِ والعصيان، بل مِنْ مُقتضَياتِ الإيمانِ أَنْ نفرِّقَ بين المؤمنِ وغيرِه وبين المتَّقي والفاجر؛ كما نصَّتْ عليه الآياتُ القرآنيةُ في قولِه تعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤۡمِنٗا كَمَن كَانَ فَاسِقٗاۚ لَّا يَسۡتَوُۥنَ ١٨﴾[السجدة]، وقولِه تعالى: ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٦﴾[القلم]، وقولِه تعالى: ﴿أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ ٢٨﴾[ص]، وقولِه تعالى: ﴿أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ ٢١﴾[الجاثية].

هذا، والاعتمادُ على حديثِ: «حُبُّ الوَطَنِ مِنَ الإيمانِ» في الاحتجاجِ على أنَّ حبَّ الوطنِ مِنْ لوازمِ الإيمانِ لا يستقيم مِنْ جهةِ المعنى ـ كما تقدَّم ـ مع أنَّه قابلٌ للتأويلِ كما سيأتي ولا ينتهض مِنْ جهةِ السند؛ لأنَّه حديثٌ موضوعٌ مكذوبٌ ومُختلَقٌ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ما قرَّره أهلُ الاختصاصِ في الحديث(١).

وأمَّا استدلالُ دُعاةِ الوطنيةِ بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في فضلِ مكَّةَ المكرَّمة: «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَيَّ، وَاللهِ لَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»(٢)، فليس فيه ما يدلُّ على أنَّ حُبَّ الوطنِ مِنَ الإيمان؛ ذلك لأنَّ محبَّةَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمكَّةَ لا مِنْ أجلِ الوطن، وإنَّما لكونِها خيرَ بقاعِ الأرضِ عند اللهِ تعالى، وقد نصَّ عليه الحديثُ صراحةً في روايةِ الترمذيِّ، وفيه: «وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ»(٣)، وهذا ظاهرٌ لكونِها أماكنَ العبادةِ والحجِّ، وفيها تقوى القلوبِ بتعظيمِ شعائرِ الله؛ قال تعالى: ﴿وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ ٣٢﴾[الحج]، ومثيلُه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَحَبُّ البِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا»(٤)؛ لأنَّها أماكنُ العبادة: يَعْمُرُها المصلِّي بذكرِ اللهِ والمناجاةِ وكثرةِ التردُّدِ إليها للصلاة، وفيها يجتمع بإخوانِه المؤمنين فتتقوَّى صِلَتُهم على حبِّ اللهِ وطاعتِه، وفي هذا خيرُ الدنيا وسعادةُ الآخرة؛ قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦ رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣٧ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ ٣٨﴾[النور]، وأكبرُ مظاهرِ عمارةِ المساجدِ الإيمانيةِ عمارتُها بالتقوى والعبادةِ والذِّكرِ ودراسةِ العلمِ؛ فذلك مكمنُ محبَّةِ اللهِ لها؛ قال تعالى:﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٨﴾[التوبة].

ويُترجِم هذا المعنى قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»، وذَكَر: «وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ»(٥)؛ فقَدْ كنَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن حبِّ الرجلِ الشديدِ للمسجدِ ومُلازَمتِه له وتردُّدِه عليه ومحافظتِه على الصلاةِ مع الجماعةِ بأنَّه «مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ»، ومنه يظهر جليًّا أنَّ حُبَّ خيرِ بقاعِ الأرضِ إيمانيٌّ وليس ترابيًّا.

هذا، ولا يخفى أنَّ التركيزَ على مبدإِ الوطنيةِ أمرٌ خطيرٌ على عقيدةِ المسلمِ وواقعِه؛ فهو بغضِّ النظرِ عن مصدرِه العلمانيِّ فهو مُزيحٌ لعقيدةِ الولاءِ والبراءِ الشرعيِّ، ومُقْصٍ لرابطةِ الأخوَّةِ الإيمانيةِ المنصوصِ عليها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ﴾[الحُجُرات: ١٠]، وإحلالٌ للرابطةِ الوطنيةِ محلَّها، وهذا ما يأباهُ كُلُّ موحِّدٍ يؤمن باللهِ واليومِ الآخِرِ؛ ذلك لأنَّ عقيدةَ الولاءِ والبراءِ في مُوافَقةِ العبدِ ربَّه فيما يُحِبُّه ويرضاهُ وفيما يسخطه ويكرهه ويُبغضه ولا يرضاه مِنَ الأقوالِ والأفعالِ والاعتقاداتِ والذواتِ واجبةٌ شرعًا، بل إنَّ عقيدةَ الولاءِ والبراءِ تُعَدُّ مِنْ لوازمِ الشهادةِ وشرطًا مِنْ شروطِها؛ لقولِه تعالى: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ٢٤﴾[التوبة].

هذه المذكوراتُ في الآيةِ مِنَ الحبِّ الفطريِّ؛ فحُبُّ الأصولِ والفروعِ وحواشي النَّسَبِ والأزواجِ والعشيرةِ مقدَّمٌ على حبِّ الوطن؛ إذِ المرءُ بطبعِه يُفارِقُ وطنَه حفاظًا على نفسِه أو أصولِه وفروعِه، أو لِمَالِه وتجارتِه، كما هو مأمورٌ شرعًا بالهجرةِ مِنْ وطنِه الذي يُحِبُّه غريزيًّا إِنْ كان بلدَ كفرٍ إلى بلدِ الإسلامِ إِنْ لم يَستطِعْ أَنْ يُقيمَ فيه دِينَه ويُظهِرَه، وأنَّ الإقامةَ فيه مذمومةٌ ما عَدَا في حقِّ المُستضعَفين الذين يفقدون الحيلةَ والسبيلَ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧ إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ٩٨ فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا ٩٩﴾[النساء]، وكذلك يُؤمر بالهجرةِ مِنْ بلدِ المعصيةِ والذنوبِ إلى أرضِ الطاعةِ والاستقامةِ كما في قصَّةِ الرجلِ العالمِ الذي أرشد صاحِبَ المعصيةِ الذي قَتَل تسعة وتسعين نفسًا(٦) أَنْ ينتقلَ إلى أرضِ الطاعةِ استكمالًا لهجرِ المعصيةِ وإحقاقًا للتوبةِ والإنابةِ إلى اللهِ منها؛ لذلك كان حبُّ اللهِ ورسولِه مُقدَّمًا على الجميعِ، وقد ذَكَر اللهُ عزَّ وجلَّ الأوطان والمساكنَ مِنْ حيث تعلُّقُ القلبِ بها في آخِرِ المراتبِ كما في آية التوبة المتقدِّمة، وأفصح ابنُ القيِّمِ ـ رحمه الله ـ عن السِّرِّ في ذلك بقوله: «ثمَّ ذَكَر الأوطانَ ثامنًا آخِرَ المراتبِ؛ لأنَّ تعلُّقَ القلبِ بها دون تَعَلُّقِهِ بسائرِ ما تقدَّم؛ فإنَّ الأوطانَ تتشابه، وقد يقوم الوطنُ الثاني مَقامَ الأوَّلِ مِنْ كُلِّ وجهٍ ويكون خيرًا منه؛ فمنها عِوَضٌ، وأمَّا الآباءُ والأبناءُ والأقاربُ والعشائرُ فلا يُتعوَّضُ منها بغيرِها، فالقلبُ وإِنْ كان يَحِنُّ إلى وطنِه الأوَّلِ فحنينُه إلى آبائِه وأبنائِه وزوجاتِه أعظمُ، فمحبَّةُ الوطنِ آخِرُ المراتب، وهذا هو الواقعُ إلَّا لعارضٍ يترجَّح عنده إيثارُ البعيدِ على القريب؛ فذلك جزئيٌّ لا كُلِّيٌّ فلا تُنَاقَضُ به، وأمَّا عند عدمِ العوارضِ فهذا هو الترتيبُ المناسبُ والواقعُ»(٧)؛ وعليه فلا ينبغي تغليبُ حُبِّ النفسِ بتضييعِ حقِّ الأصولِ والفروعِ والنُّظَرَاءِ والأزواج، ولا أَنْ يدفعَنا حُبُّنا لهم إلى تضييعِ حقِّ اللهِ تعالى ومخالَفةِ أمرِه؛ قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِ﴾[البقرة: ١٦٥].

وقد جاء النهيُ صريحًا في قولِه تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١﴾[الحُجُرات]، ومنه يُفْهَم معنى الشهادتين المقتضي لحُبِّ ما يُحِبُّه اللهُ ورسولُه وبغضِ ما يُبغضه اللهُ ورسولُه، وحُبِّ ما دلَّتْ عليه وحبِّ مَنْ نطق بها وعَمِل بمُوجَبِها ودَعَا إليها وكراهةِ ما يُضادُّها، ومِنْ ثَمَّ يتذوَّق القلبُ حلاوةَ الإيمانِ ولذَّةَ اليقينِ لكونِ عقيدةِ الولاءِ والبراءِ مُستمَدَّةً مِنَ الإيمان، وهي مِنْ مُكمِّلاتِه وأوثقِ عُرَاهُ؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ»(٨)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الحُبُّ فِي اللهِ وَالبُغْضُ فِي اللهِ»(٩)، وفي الحديثِ أيضًا قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ أَحَبَّ للهِ وَأَبْغَضَ للهِ، وَأَعْطَى للهِ وَمَنَعَ للهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَان»(١٠)، فمَنْ أحبَّ اللهَ أحبَّ فيه ووالى أولياءَه وعادى أعداءَه، فمَنْ كان كذلك نالَ ولايةَ الله، ومَنْ أحبَّ لغيرِ اللهِ تولَّاه أعداءُ اللهِ تعالى.

ومِنْ هنا يظهر جليًّا أنَّ المبدأَ الصحيحَ الجامعَ للأمَّةِ الذي أراده الشرعُ هو «الإسلامُ»، وأنَّ الصِّلَةَ التي على أساسِها يقوم المجتمعُ إنَّما هي رابطةُ الأخوَّةِ الإيمانية، والتي أثبتها اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه الكريمِ للمؤمنين في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَة﴾[الحُجُرات: ١٠]، وهي رابطةٌ مقدَّمةٌ على غيرِها مِنَ الروابطِ الأخرى؛ فالأخوَّةُ النَّسَبِيَّةُ الطينيةُ والعصبيةُ قوميةً كانت أو حزبيةً أو وطنيةً لا تتماسك مع قوَّةِ رابطةِ الدِّينِ التي هي الصِّلَةُ الباقيةُ بين الناسِ يومَ القيامة، وما عَدَاها فمُنقطِعٌ؛ قال تعالى: ﴿إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ ١٦٦﴾[البقرة]، ولا يخفى أنَّ الرابطةَ القوميةَ التي يعتبرها أصحابُها الرابطةَ الوحيدةَ التي تنصهر في بوتقتِها جميعُ العصبياتِ المذهبيةِ والطائفيةِ والقَبَليةِ لا تفرِّق بين العهودِ الجاهليةِ والإسلام، وقيمةُ المواطنِ بحَسَبِ عملِه في سبيلِ تقدُّمِ الأمَّةِ دون نظرٍ إلى أيِّ اعتبارٍ آخَرَ، ولا تمييزٍ في هذه الرابطةِ بين المسلمِ واليهوديِّ والنصرانيِّ والشيوعيِّ؛ فيقدِّمون اليهوديَّ العربيَّ والنصرانيَّ العربيَّ والشيوعيَّ العربيَّ على المسلمِ غيرِ العربيِّ، حتَّى أضحى شاعرُهم يقول:
يَا مُسْلِمُونَ وَيَا نَصَارَى دِينُكُمْ ***دِينُ العُرُوبَةِ وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ

وقال آخَرُ:
آمَنْتُ بِالبَعْثِ رَبًّا لَا شَرِيكَ لَهُ *** وَبِالعُرُوبَةِ دِينًا مَا لَهُ ثَانِ

وقال ثالثٌ:
سَلَامٌ عَلَى كُفْرٍ يُوَحِّدُ بَيْنَنَا *** وَأَهْلًا وَسَهْلَا بَعْدَهُ بِجَهَنَّمِ

وما كان لهذه الرابطةِ إلَّا المخازي والمهالكُ والإفسادُ ونشرُ الظلمِ والخوفِ والإلحادُ ونهبُ الثرواتِ وتضييعُ الأراضي والمُمتلَكاتِ.

هذا، والدعوةُ إلى الروابطِ النَّسَبيةِ والعصبيةِ مهما اتَّصفَتْ وتنوَّعَتْ فهي ـ في ميزانِ الشرعِ ـ مِنْ عزاءِ الجاهليةِ، قال ابنُ تيميةَ ـ رحمه الله ـ: «وكُلُّ ما خَرَج عن دعوةِ الإسلامِ والقرآن: مِنْ نسبٍ أو بلدٍ، أو جنسٍ أو مذهبٍ، أو طريقةٍ: فهو مِنْ عزاءِ الجاهلية، بل «لمَّا اختصم رجلان من المهاجرين والأنصارِ فقال المهاجريُّ: يا لَلْمهاجرين، وقال الأنصاريُّ: يا لَلْأنصار، قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَبِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ»، وغَضِب لذلك غضبًا شديدًا»(١١)»(١٢).

أمَّا رابطةُ الإيمانِ فتجمع المُفترِقِين، وتؤلِّف بين المُختلِفين، وتجعل الأمَّةَ كالجسدِ الواحدِ أو كالبنيانِ المرصوص، يشدُّ بعضُه بعضًا؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ: إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى»(١٣)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ(١٤)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ»(١٥)، وفي روايةٍ: «لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ»(١٦).

ولا يخفى أنَّ الآيةَ: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَة﴾[الحُجُرات: ١٠]، لَمَّا نزلَتْ في المدينةِ كان بها مِنَ المواطنين غيرُ المؤمنين مِنَ اليهودِ وغيرِهم، ولم يَدْخُلْ في عمومِ الآية إلَّا المؤمنون دون سائرِ المواطنين.

فالحاصلُ أنَّ الشعورَ بحبِّ الوطنِ مِنْ أجلِ الأرضِ أو مسقطِ الرأسِ ونحوِ ذلك فهو حبٌّ فطريٌّ غريزيٌّ يجتمع في حبِّه كُلُّ مواطنٍ مستقيمٍ في عقيدتِه وسلوكِه وأخلاقِه أو منحرفٍ، ومِنْ هنا لا يكون حبُّه إيمانيًّا إلَّا إذا كان حبُّ الوطنِ في شعائرِه ومقوِّماتِه الدِّينيَّةِ والخُلُقيةِ إسلاميًّا(١٧)؛ فهو مِنْ أَجْلِ هذه الدوافعِ حبٌّ إيمانيٌّ مُوجِبٌ للولاءِ والبراءِ وموالاةِ المؤمنين ومحبَّتِهم؛ لقولِه تعالى:﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ﴾[التوبة: ٧١]، ولقوله تعالى: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡ﴾[الفتح: ٢٩]، وقولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥ وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ ٥٦﴾[المائدة].

وإذا كان الوطنُ دارَ إسلامٍ فإنَّ المسلمَ لا يَقْصُر محبَّتَه على مسقطِ رأسِه فحَسْبُ، بل ينبغي أَنْ تعمَّ محبَّتُه كُلَّ وطنٍ مسلمٍ بعيدًا كان أم قريبًا؛ فتَجِبُ نصرتُه وحمايتُه والدفاعُ عنه؛ لأنَّ بواعثَ المحبَّةِ الإيمانيَّةِ أشملُ مِنْ قصرِها على الوطنيةِ الضيِّقة؛ إذِ المؤمنون إخوةٌ في الدِّينِ متحابُّون، يقتدي آخِرُهم بأوَّلِهم، ويدعو بعضُهم لبعضٍ، ويستغفرُ بعضُهم لبعضٍ، مهما تباعَدَتْ أوطانُهم وتباينَتْ أنسابُهم، وامتدَّتْ أزمانُهم؛ قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ١٠﴾[الحشر].

هذا، ومَنِ اتَّصف بالإيمانِ وجب عليه تقديمُ عقيدةِ الولاءِ والبراءِ الشرعيةِ على ما عَدَاها مِنَ الروابطِ الأخرى، وأَنْ يعلمَ أنَّ الأخوَّةَ الإيمانيَّةَ مبنيَّةٌ على التعاونِ الشرعيِّ بعيدًا عن المسلكِ الحزبيِّ أو الجهويِّ أو الوطنيِّ أو القوميِّ؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾[المائدة: ٢]، وأنَّ مبنى التضامنِ الإسلاميِّ لا يتمُّ إلَّا على عقيدةِ التوحيد، وهو مبدأُ الانطلاقِ في المسيرةِ الدعويةِ مع التركيزِ على الإخلاصِ والمتابعة؛ لأنَّه لا وحدةَ إلَّا بالتوحيد، ولا اجتماعَ إلَّا باتِّباعٍ، وهذا معنى الشهادتين؛ قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢ وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٠٣﴾[آل عمران].

فإنَّ التوحيدَ والاتِّباعَ مكمنُ عزِّ المسلمين وقُوَّتِهم، واللهُ تعالى لا يُعِزُّ قومًا هجروا سببَ عِزَّتِهم، وقد أُثِرَ عن عُمَرَ ابنِ الخطَّابِ رضي الله عنه أنَّه قال: «إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالإِسْلَامِ؛ فَلَنْ نَبْتَغِيَ العِزَّ بِغَيْرِهِ»(١٨)، وفي روايةٍ: «إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللهُ بِالإِسْلَامِ؛ فَمَهْمَا نَطْلُبِ العِزَّ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللهُ»(١٩).

اللَّهمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، ورُدَّهم إليك ردًّا جميلًا، وارْزُقْني وإيَّاهم حُبَّك وحُبَّ مَنْ يُحِبُّك وحُبَّ كُلِّ عملٍ يقرِّبنا إلى حُبِّك، واجعَلْني وإيَّاهم ممَّنْ يستمعون القولَ فيَتَّبِعون أحسنَه؛ استجابةً للهِ والرسولِ وخضوعًا لأوامرِ الشرعِ وانقيادًا له؛ قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ٢٤ وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٢٥﴾[الأنفال].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٩ رمضان ١٤٣١ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٩ أوت ٢٠١٠م



(١) انظر: «الموضوعات» للصَّغَّاني (٧)، و«السلسلة الضعيفة» للألباني (١/ ١١٠).
(٢) أخرجه ابنُ ماجه في «المناسك» بابُ فضلِ مكَّةَ (٣١٠٨) مِنْ حديث عبد الله بنِ عَدِيِّ بنِ الحمراء الزُّهريِّ رضي الله عنه. قال ابنُ عبد البرِّ في «الاستذكار»(٢/ ٤٦٤): «حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ثابتٌ عند جماعة أهل العلم بالحديث».
(٣) أخرجه الترمذيُّ في «المناقب» بابٌ في فضل مكَّة (٣٩٢٥)، وأحمد في «مسنده» (١٨٧١٥). وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» رقم: (٧٠٨٩).
(٤) أخرجه مسلمٌ في «المساجد ومواضع الصلاة» (٦٧١) مِنْ حديثِ أبي هريرةرضي الله عنه.
(٥) أخرجه البخاريُّ في «الأذان» بابُ مَنْ جَلَس في المسجد ينتظر الصلاةَ وفضلِ المساجد (٦٦٠)، ومسلمٌ في «الزكاة» (١٠٣١)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) أخرجه البخاريُّ في «الأنبياء» (٣٤٧٠)، ومسلمٌ في «التوبة» (٢٧٦٦)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه.
(٧) «بدائع الفوائد» لابن القيِّم (١/ ٧٧).
(٨) أخرجه البخاريُّ في «الإيمان» بابُ حلاوة الإيمان (١٦)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٤٣) واللفظ له، مِنْ حديثِ أنسٍرضي الله عنه.
(٩) أخرجه الطَّيالسيُّ في «مسنده»(١/ ١٠١)، وابنُ أبي شيبة في «مسنده» (٧/ ٨٠)، مِنْ حديثِ البراء بنِ عازبٍ رضي الله عنه. وحَسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢/ ٦٩٩).
(١٠) أخرجه أبو داود في «السنَّة» باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (٤٦٨١)، مِنْ حديثِ أبي أمامةرضي الله عنه. وحَسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٧٢٨).
(١١) أخرجه البخاريُّ في «المناقب» بابُ ما يُنهى مِنْ دعوى الجاهلية (٣٥١٨)،ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٨٤)، مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه. ولفظ البخاريِّ:«غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: «يَا لَلْأَنْصَارِ»، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: «يَا لَلْمُهَاجِرِينَ»، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟» ثُمَّ قَالَ: «مَا شَأْنُهُمْ؟» فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ»».
(١٢) «السِّياسة الشرعية» لابن تيمية (٨٤).
(١٣) أخرجه البخاريُّ في «الأدب» بابُ رحمةِ الناس والبهائم (٦٠١١)، ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٨٦) واللفظ له، مِنْ حديث النُّعمان بنِ بشيرٍ رضي الله عنهما.
(١٤) أخرجه البخاريُّ في «المظالم» باب نصر المظلوم (٢٤٤٦)، ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٨٥)، مِنْ حديثِ أبي موسىرضي الله عنه.
(١٥) أخرجه البخاريُّ في «المظالم» باب لا يظلم المسلمُ المسلمَ ولا يُسْلِمه (٢٤٤٢)، ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٨٠)، مِنْ حديثِ ابنِ عمررضي الله عنهما.
(١٦) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٦٤) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(١٧) ومع ذلك لا يصحُّ هذا الوجهُ بإطلاقه، والأَوْلى حملُ الوطن في هذا الحديث ـ إِنْ قُدِّرَتْ صِحَّتُه ـ على الجنَّة لكونها الوطنَ الأوَّل الذي سَكَنه آدَمُ عليه السلام، وأرض الدنيا وطنُه الآخَرُ؛ لذلك يَعُدُّ المسلمُ نَفْسَه كأنَّه غريبٌ أو عابرُ سبيلٍ يبقى فيه مقدار ما يَقيلُ إلى الشجرة ويَستظِلُّ في ظِلِّها سُوَيْعَةً مِنَ النهار، ليرتحل إلى وطنه الأوَّل؛ لأنَّ الدنيا مزرعة الآخرة ودارُ ممرٍّ لا دارُ مَقرٍّ، والحنين إلى وطنه الأوَّل أجلى وأقوى؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا». [أخرجه الترمذيُّ (٢٣٧٧) عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٨٠٠)].
(١٨) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١/ ١٣٠) عن طارق بنِ شهابٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ١١٨).
(١٩) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١/ ١٣٠). وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ١١٧).


المصدر: الموقع الرسمي
للشيخ محمد علي فركوس حفظه الله .
http://ferkous.com/home/?q=art-mois-58


الساعة الآن 07:23 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013