سؤال عن الحديث المتروك
بعد الاطّلاع على مبحث الحديث المتروك في بعض كتب مصطلح الحديث المبسّطة؛
بحثتُ عن أمثلة له، أين يحكم بعض المحدّثين على حديث بأنّه حديث متروك، وذلك باستعمال برنامج "المكتبة الشاملة"، فلم أجد غير موضع واحد لأحد المتأخّرين؛ بينما وجدت مواضع كثيرة يستعمل فيها علماء الحديث لفظة "متروك" على الراوي، لا على المرويّ. علما أنّ للسيوطي كلاما في "تدريب الراوي" يدلّ على أنّ هذا النوع ممّا استدركه الحافظ ابن حجر على النووي وابن الصلاح. فهل من توضيح لهذا بارك الله فيكم؟ |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أثابك الله، قال البيقوني: متروكه ما واحد به انفرد .:. و أجمعوا لضعفه فهو كرد قال الشيخ حسن المشاط في التقريرات السنية شرح المنظومة البيقونية في مصطلح الحديث: متروكه أي تعريف الحديث المتروك ما أي حديث واحد به انفرد أي انفرد واحد برواية الحديث عن غيره فلم يروه الا هو والحال انهم قد اجمعوا أي المحدثون لضعفه أي على ضعف راويه لا تهامه بالكذب أو لكونه عرف بالكذب في غير الحديث فلا يؤمن أن يكذب في الحديث أو لتهمته بالفسق أو لغفلته أو لكثرة الوهم فهو أي المتروك أي حكمه كرد أي مثل المردود أي الموضوع في كونه من أنواع الضعيف وإن كان أخف منه كما تشعر به كاف التشبيه مثاله حديث عمرو بن شمر عن جابر عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه قال النسائي والدارقطني وغيرهما في عمرو إنه متروك الحديث كما في الميزان إهـ. و الله أعلم حياك الله. |
هذا بحث جيد، نرجو من إخواننا أن يثروه بالمباحثة.
فالمعروف أن المتروك من أوصاف الراوي لا من أوصاف المروي، ولا يعرف عن أهل الحديث إطلاقه لقبا على الحديث باعتباره لقبا له. ولعل الأخ رضا صاحب الموضوع ينقل لنا كلام السيوطي الذي أشار إليه حتى يتضح الحال. |
قال أبو مالك الرياشي في شرحه على المنظومة البيقونية:
قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم رحمه الله:إذا قالوا:متروك الحديث،أو ذاهب الحديث،أو كذاب،فهو ساقط الحديث،لا يكتب حديثه. قال أبو مالك عفا الله عنه:ومعنى هذا :أنه لا يصلح في الشواهد والمتابعات،وهو الذي رجحه شيخنا أبو عبد الرحمن الوادعي رحمه الله ،وعلل ذالك بأنه جرح مفسر، والله أعلم. نقلا من رسالة الثمرات الجنية بشرح المنظومة البيقونية |
بارك الله تعالى في الأفاضل لحسن التفاعل مع سؤالي، وإثرائه.
أخي المفضّل "خالد حمّودة"؛ ها هو نصّ كلام السيوطي: قال في "تدريب الراوي" في آخر بحث "الحديث المقلوب"، التنبيه الثالث (ص 347 - تحقيق: أبو قتيبة نظر محمّد الفاريابي - مكتبة الكوثر - الرياض - الطبعة الثانية - سنة 1415 - نسخة مصوّرة pdf): "الثَّالِثُ: هَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّعِيفِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ "الْمَتْرُوكُ"، ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي "النُّخْبَةِ"، وَفَسَّرَهُ: بِأَنْ يَرْوِيَهُ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ الْمَعْلُومَةِ. قَالَ: وَكَذَا مَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ فِي كَلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ عَقِبَ الشَّاذِّ وَالْمُنْكَرِ." انتهى كلام السيوطي. والموضع المشار إليه هو في آخر مبحث المنكر، التنبيه الأوّل ("تدريب الراوي، ص 280): "وَحِينَئِذٍ فَالْحَدِيثُ الَّذِي لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، وَرَاوِيهِ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ، بِأَنْ لَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ الْمَعْلُومَةِ، أَوْ عُرِفَ بِهِ فِي غَيْرِ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، أَوْ كَثِيرُ الْغَلَطِ أَوِ الْفِسْقِ أَوِ الْغَفْلَةِ يُسَمَّى الْمَتْرُوكَ، وَهُوَ نَوْعٌ مُسْتَقِلٌّ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ" انتهى. أمّا كلام ابن حجر فهو كالتالي في "النزهة" (ص 122 - 123 - طبعة علي حسن - دار ابن الجوزي - الدمّام - الطبعة الأولى - سنة 1413 - نسخة مصوّرة pdf): "(وَ)القسمُ (الثَّاني) مِن أَقسامِ المَردودِ، وهو ما يكونُ بسبَبِ تُهمَةِ الرَّاوي بالكَذِبِ، وهُو (المَتْروكُ). (والثَّالِثُ: المُنْكَرُ؛ على رَأْيِ) مَن لا يَشْتَرِطُ في المُنْكَرِ قيدَ المُخالفةِ. (وكذا الرَّابِعُ والخَامِسُ)، فمَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ، أَو كَثُرَتْ غَفلَتُه، أَو ظهَرَ فِسْقُه؛ فحديثُهُ مُنْكَرٍ". انتهى كلامه. وقد قال السخاوي في "فتح المغيث" في آخر مبحث الموضوع (2/132 - دراسة وتحقيق: عبد الكريم الخضير ومحمّد آل فهيد - مكتبة دار المنهاج - الرياض - الطبعة الأولى - سنة 1426 - نسخة مصوّرة pdf): "تَتِمَّةٌ: يَقَعُ فِي كَلَامِهِمُ " الْمَطْرُوحُ " وَهُوَ غَيْرُ الْمَوْضُوعِ جَزْمًا، وَقَدْ أَثْبَتَهُ الذَّهَبِيُّ نَوْعًا مُسْتَقِلًا، وَعَرَّفَهُ بِأَنَّهُ مَا نَزَلَ عَنِ الضَّعِيفِ وَارْتَفَعَ عَنِ الْمَوْضُوعِ، وَمَثَّلَ لَهُ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ؛ وَبِجُويبر عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ الْمَتْرُوكُ فِي التَّحْقِيقِ، يَعْنِي الَّذِي زَادَهُ فِي نُخْبَتِهِ وَتَوْضِيحِهَا، وَعَرَّفَهُ بِالْمُتَّهَمِ رَاوِيهِ بِالْكَذِبِ" انتهى. وقد ذكر الشيخ محمّد الأثيوبي في "شرح ألفية السيوطي" (1/202 - مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة النبوية - الطبعة الأولى - سنة 1414 - نسخة مصوّرة pdf) أنّ مبحث "المتروك" زاده الناظم (السيوطي) على ما نظمه العراقي في "ألفيّته". والله تعالى أعلم. |
هذه المسألة مما زعم بعض المشتغلين بالحديث انتقادها على الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، والوقع أن هذا من قبيل التصرف في الألفاظ، ومع هذا فهو نتيجة استقراء الحافظ واجتهاده، بل ذكر الشيخ محمد بازمول أنه لم يخالف في ذلك سنن أهل الحديث.
انظر "حبذا كيس الحافظ" لـ د. أحمد بن صالح الزهراني ص102، و"مصطلح منهج المتقدمين والمتأخرين مناقشات وردود" لـ أ.د محمد بازمول ص 136(نسخة مصورة في صفحته على موقع جامعة أم القرى). |
جزاكم الله خيرا على الفائدة
أنقل لكم كلام الشيخ رضا بوشامة حفظه الله في تعليقه على نتيجة النظر شرح نخبة الفكر لكمال الدين الشمني قال الحافظ : (و الثاني المتروك) قال الشمني : (سُمي بذلك لأنه من رواية من هو متهم بالكذب في الحديث , ومن كان كذلك يترك حديثه) قال الشيخ رضا : ( تسمية الحديث بالمتروك لم يذكرها علماء المصطلح قبل الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله أي لم يذكرها أمثال ابن الصلاح و النووي و غيرهم ,و إنما زادها الحافظ ابن حجر و قال أن رواية المتهم يسمى حديثا متروكا و علماء الحديث لم يكن أحدهم يستعمل كلمة المتروك للحديثِ إنما يستعمل المتروك صفةً للراوي فيقولون فلان متروك الحديث أما الحديث إذا كان فيه رجل متروك أو كان فيه من هو متهم بالكذب فإنهم يسمونه بالحديث الضعيف جدا مثلا , فهذا من زيادة الحافظ ابن حجر) الشريط رقم 25 |
جزى الله صاحب الموضوع والمشاركين خيرا وأودت مشاركتهم في هذا الخير بذكر أمرين:
الأوَّل: حقيقة إنَّ أكثر إطلاق المحدثين لمصطلح (المتروك) إنَّما هو على الرُّواة دون الرِّوايات، فكثيرا ما يقولون: (فلان متروك) أو (متروك الحديث) أو (تركوه) أو (تركه النَّاس)، أمَّا في الحديث فلا يستعملونه إلا نادرا. الثاني: هذا النَّوع كما ذكر في الأعلى لم يذكره ابن الصلاح، ولا النَّووي، ولا العراقي في ألفيته. وأقدم من وجدته قد أطلقه على الرِّواية دون الرَّاوي هو ابنُ فرح الإشبيلي (ت 699هـ) في منظومته، حيث قال في البيت الثاني من منظومته الغرامية: وصبري عنكم يشهد العقل أنَّه ...... (ضعيف) و(متروك) وذلي أجمل ومن باب الفائدة أقول: من هذا التَّعريف نظم البيقوني بيته فقال: (مَتْرُوكُهُ) مَا وَاحِدٌ بِهِ انْفَرَدْ ..... وَأَجْمَعُوا لِضَعْفِهِ فَهْوَ كَرَدّ وممَّن ذكر الحديث المتروك كذلك: ابن الملقن (ت 804هـ) في تذكرته حيث قال: (والموضوع: وهو المختلق المصنوع. وقد يلقب بـالمردود والمتروك والباطل والمفسَد). بل ذكره قبله الذهبي (ت 748هـ) في الموقظة، إلَّا أنَّه سمَّاه (المطروح). ولعلَّه أخذه من شيخه ابن فرح والله أعلم. قال السَّخاوي في الغاية في شرح الهداية (ص 156): (فَائِدَة: قد أثبت الذهبى نوعا من الضَّعِيف والموضوع سَمَّاهُ: "الْمَطْرُوح". وعرَّفه: بِأَنَّهُ مَا نزل عَن رُتْبَة الضَّعِيف، وارتفع عَن رتبه الْمَوْضُوع، وَمثل لَهُ بِحَدِيث: عَمْرو بن شمر، عَن جَابر الجعفى، عَن الْحَارِث، عَن على، وبجويبر عَن الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ فى التَّحْقِيق [الْمَتْرُوك] كَمَا قَالَ شَيخنَا). ويؤيِّد هذا أنَّ الذَّهبي مثَّل للمطروح ببعض الأمثلة ثم قال: (وأشباهُ ذلك من المتروكين والهَلْكَى). ثم ذكره ابن حجر (ت 852هـ) وتتابع النَّاس على ذكره بعده. والله أعلم |
جزاكم الله خيرا
|
أصحاب الفضل والفضيلة: مصطفى قالية، لصوان طيب ومهدي البجاوي؛
أحسن الله تعالى إليكم، وأجزل لكم المثوبة على ما بذلتموه من جهد، وعلى ما أسديتموه لي -ولغيري- من توضيح وإفادة وبيان. أخي -كريم الشيم، طيّب الأخلاق- بلال بريغت؛ وجزاك ربّ العزّة والجلال بمثله وزيادة. |
بارك الله فيكم جميعا
|
قد ذكرت فيما سبق بأنَّ أقدم من وجدته قد أطلق مصطلح (المتروك) على الرِّواية دون الرَّاوي هو ابن فرح الإشبيلي (ت 699 هـ)، وتلاه آخرون.
هذا وقد أفادني أخي الفاضل أبو معاذ سلَّمه الله بنصٍّ لأحد العلماء المتقدِّمين عن ابن فرْح الإشبيلي وفيه استعماله لهذا المصطلح وإطلاقه على الرِّواية، وهذا العالم هو: أبو الخطاب عمر بن حسن الأندلسي الشهير بابن دحية الكلبي (المتوفى : 633هـ)، وقد ذكر ذلك في كتابه: أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب، ففي صفحة (145) منه: (وقد طالعت كتبَ الفقه له فوجدته لا يحتج بـ(الحديث المتروكِ). مَسألةٌ: قال الإمام أحمدُ: تصح الوصية للقاتِل، لنا إطلاق الوصية في قوله جل وعلا: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 11] وفي الباب (حَديث متروك) فلم يحتجّ به خوفاً من الوعيد عليه...). ثمَّ وفَّقني الله للوقوف على نصٍّ أقدمَ بكثير فيه استعمال لهذا المصطلح على الرِّواية، والنَّصُّ هو لإمام أهل السّنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل $ (ت 241هـ) فقد سأله ابنه عبد الله (ت 290هـ) قائلا: (سَأَلت أبي عَن الرَّجل تكون لَهُ الكتب المصنَّفة فِيهَا قَول رَسُول الله ﷺ وَاخْتِلَاف الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَلَيْسَ للرَّجل بصر بِـ(الحَدِيثِ الضَّعِيف الْمَتْرُوك مِنْهَا) فيفتي بِهِ وَيعْمل بِهِ؟ قَالَ: لَا يعْمل حَتَّى يسْأَل مَا يُؤْخَذ بِهِ مِنْهَا فَيكون يعمل على أمر صَحِيح يسْأَل عَن ذَلِك أهل الْعلم)[مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (3 /1311-1312)]. والشَّاهد هو إطلاق هذا المصطلح على الرِّواية في سؤال الابن المبجَّل عبد الله $، وجواب أبيه الإمام $ وفيه إقرار لهذا الاستعمال. والله أعلم |
نقل الشيخ مصطفى عن الإمام أحمد يجعلنا نثبت المقال
جزاكم الله خيرا |
اقتباس:
انا بدوري اقول لكم جزاكم الله خيرا على المشاركات العلمية التي اتحفتمونا بها،،، |
اقتباس:
بارك الله فيك أخي الفاضل مصطفى , و لكن عبارة الإمام أحمد لم تكن على وجه الاستقلال الذي يفهم منه اعتبار المتروك قسما مستقلا كما ورد في مشاركات الإخوة السابقين بل الظاهر من كلام الإمام أحمد مجرد الاستطراد في الوصف , إذ كل حديث ضعيف , لا شكّ هو متروك من جهة العمل به و لا احتجاج فيه قطعًا فكلام الإمام ليس صريحا في التقسيم , بل هو أقرب للتوصيف من التقسيم , و لو كان المراد ذكر القسم الذي أشير إليه لم يكن ثمة حاجة لذكر القسم الآخر أو لوردت العبارة بالعطف الذي يفيد المغايرة كأن يرد قول للإمام أحمد رحمه الله هكذا : (الحَدِيثِ الضَّعِيف و الْمَتْرُوك مِنْهَا) و الله أعلم . |
الساعة الآن 12:53 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013