منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   هل لنا أن نتكلّم، ونحن أعلمُ بأقدارنا من غيرنا؟ (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=13816)

مصباح عنانة 14 Aug 2014 03:06 AM

هل لنا أن نتكلّم، ونحن أعلمُ بأقدارنا من غيرنا؟
 
5 مرفق
هل لنا بعدَ أن مَنَّ الله عَلَينَا بِهَذِه النِّعمة، نِعمَة الشَّبَكَةِ العَنكَبُوتِيَّةِ، أن نَكتُبَ كُلَّ مَا نَرَاهُ؟؟ وَنُفتِيَ فِي كُلِّ مَا نَغشاه؟؟

هَل فِعلاً أَنَّ مَا نَراهُ هُوَ المَنجاةُ، والسُّكوتُ عَنهُ خِذلانٌ للوَرَى؟؟

ثُمَّ هَل فِعلاً نَحنُ أهلٌ لِأَن نَرَى، ثُمَّ نَكتُبُ مَا نَرَى؟؟

أَم أَنَّ الأمرَ لِغَيرِنَا ونَحنُ فِيهِ لَهُم تَبَع؟؟

وأَنَّ حُسنَ الصَّمتِ لَنَا حِكمَة؟؟

وأَنَّ أَوَّلَ العِلمِ حُسنُ السُّكُوتِ، ثُمَّ حُسنُ المَسأَلَةِ؟؟

رَحِمَ اللهُ الإمامِ الشَّاطبي، لِنَقرَأ كَلامَهُ القَيِّم مِن كِتَابِهِ العَظِيم: ( الإعتِصام ):

قال الإمام الشاطبي رحمه الله:

" أَحَدُهَا: أَنْ يَعْتَقِدَ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ أَوْ يُعْتَقَدَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الدِّينِ ـ وَلَمْ يَبْلُغْ تِلْكَ الدَّرَجَةَ ـ فَيَعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَعُدُّ رَأْيَهُ رَأْيًا وَخِلَافُهُ خِلَافًا، وَلَكِنْ تَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ فِي جُزْئِيٍّ وَفَرْعٍ مِنَ الْفُرُوعِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي كُلِّيٍّ وَأَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ ـ كَانَ مِنَ الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ أَوْ مِنَ الْأُصُولِ الْعَمَلِيَّةِ ـ فَتَرَاهُ آخِذًا بِبَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الشَّرِيعَةِ فِي هَدْمِ كُلِّيَّاتِهَا، حَتَّى يَصِيرَ مِنْهَا إِلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بَادِيَ رَأْيِهِ، مِنْ غَيْرِ إِحَاطَةٍ بِمَعَانِيهَا، وَلَا رُسُوخٍ فِي فَهْمِ مَقَاصِدِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُبْتَدَعُ، وَعَلَيْهِ نَبَّهَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَا يَقْبِضُ اللَّهُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَّلُوا وَأَضَلُّوا».
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: تَقْدِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْتَى النَّاسُ قَطُّ مِنْ قِبَلِ عُلَمَائِهِمْ، وَإِنَّمَا يُؤْتَوْنَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ عُلَمَاؤُهُمْ أَفْتَى مَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ. فَيُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِهِ، وَقَدْ صُرِّفَ هَذَا الْمَعْنَى تَصْرِيفًا، فَقِيلَ: مَا خَانَ أَمِينٌ قَطُّ وَلَكِنَّهُ ائْتَمَنَ غَيْرَ أَمِينٍ فَخَانَ. قَالَ وَنَحْنُ نَقُولُ: مَا ابْتَدَعَ عَالِمٌ قَطُّ، وَلَكِنَّهُ اسْتُفْتِيَ مَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ، فَضَلَ وَأَضَلّ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: بَكَى رَبِيعَةُ يَوْمًا بُكَاءً شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: أَمُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِكَ؟ فَقَالَ لَا! وَلَكِنِ اسْتُفْتِيَ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خِدَاعًا، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الْأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ»
قَالُوا: هُوَ الرَّجُلُ التَّافَةُ الْحَقِيرُ يَنْطِقُ فِي أُمُورِ الْعَامَّةِ، كَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي أُمُورِ الْعَامَّةِ فَيَتَكَلَّمُ.
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَتَى يَهْلِكُ النَّاسُ! إِذَا جَاءَ الْفِقْهُ مِنْ قَبِلَ الصَّغِيرِ اسْتَعْصَى عَلَيْهِ الْكَبِيرُ، وَإِذَا جَاءَ الْفِقْهُ مِنْ قِبَلِ الْكَبِيرِ تَابَعَهُ الصَّغِيرُ فَاهْتَدَيَا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخَذُوا الْعِلْمَ مِنْ أَكَابِرِهِمْ، فَإِذَا أَخَذُوهُ عَنْ أَصَاغِرِهِمْ وَشِرَارِهِمْ هَلَكُوا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا أَرَادَ عُمَرُ بِالصِّغَارِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ، لِأَنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ أَصَاغِرُ فِي الْعِلْمِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ صَارُوا أَهْلَ بِدَعٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَاغِرُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ الصِّغَارَ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَهْلُ مُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا وَشُبَّانًا. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْأَصَاغِرِ مَنْ لَا قَدْرَ لَهُ وَلَا حَالَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِنَبْذِ الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ. فَأَمَّا مَنِ الْتَزَمَهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْمُوَ أَمْرُهُ، وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا خَرَّجَهُ ابْنُ وَهْبٍ بِسَنَدٍ مَقْطُوعٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، وَالْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ، فَاطْلُبُوا الْعِلْمَ طَلَبًا لَا يَضُرُّ بِتَرْكِ الْعِبَادَةِ، واطْلُبُوا الْعِبَادَةَ طَلَبًا لَا يَضُرُّ بِتَرْكِ الْعِلْمِ، فَإِنَّ قَوْمًا طَلَبُوا الْعِبَادَةَ وَتَرَكُوا الْعِلْمَ
حَتَّى خَرَجُوا بِأَسْيَافِهِمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لَمْ يَدُلَّهُمْ عَلَى مَا فَعَلُوا ـ يَعْنِي الْخَوَارِجَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لِأَنَّهُمْ قَرَؤُوا الْقُرْآنَ وَلَمْ يَتَفَقَّهُوا فِيهِ حَسْبَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ: «يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ».
وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ قَالَ: تَفَقُّهُ الرِّعَاعِ فَسَادُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَتَفَقُّهُ السَّفَلَةِ فَسَادُ الدِّينِ.
وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا رَأَى هَؤُلَاءِ النَّبْطَ يَكْتُبُونَ الْعِلْمَ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! أَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَ هَؤُلَاءِ يَكْتُبُونَ الْعِلْمَ يَشْتَدُّ عَلَيْكَ. قَالَ: كَانَ الْعِلْمُ فِي الْعَرَبِ وَفِي سَادَاتِ النَّاسِ، وَإِذَا خَرَجَ عَنْهُمْ وَصَارَ إِلَى هَؤُلَاءِ النَّبْطِ وَالسَّفَلَةِ غُيِّرَ الدِّينُ.
وَهَذِهِ الْآثَارُ أَيْضًا إِذَا حُمِلَتْ عَلَى التَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ اشْتَدَّتْ وَاسْتَقَامَتْ، لِأَنَّ ظَوَاهِرَهَا مُشَكَّلَةٌ، وَلَعَلَّكَ إِذَا اسْتَقْرَيْتَ أَهْلَ الْبِدَعِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، أَوْ أَكْثَرَهُمْ وَجَدْتَهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ سَبَايَا الْأُمَمِ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ أَصَالَةٌ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، فَعَمَّا قَرِيبٍ يُفْهَمُ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ فَهِمَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا." اهـ

محمد البيضي 14 Aug 2014 05:55 AM

بارك الله فيك أخي الحبيب على هذا النقل الموفق ،
وما أحوج عوام السلفيين من أمثالي لمثله ،

عامر مداني 14 Aug 2014 06:44 AM

جزاكم الله خيرا و نفع بكم

مصباح عنانة 15 Aug 2014 11:17 AM

بارك الله فيكما أَخَوَيّ محمّد وعامِر على المرور الطّيب، وجزاكما خيراً


الساعة الآن 05:50 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013