منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاَكَ نَسْتَعِينُ﴾ وَقْفَةٌ تَدَبُّرِيَّةٌ وتَطْبِيقٌ قَوَاعِد عَاشُورِيّة (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=12758)

أبو عبيد الله عبد الله 25 Mar 2014 09:36 PM

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاَكَ نَسْتَعِينُ﴾ وَقْفَةٌ تَدَبُّرِيَّةٌ وتَطْبِيقٌ قَوَاعِد عَاشُورِيّة
 
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاَكَ نَسْتَعِينُ﴾ وَقْفَةٌ تَدَبُّرِيَّةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ وتَطْبِيقٌ للقَوَاعِدِ الأُسْلُوبِيَّةِ العَاشُورِيَّةِ


بِسْمِ اللهِ، الحَمْدُ للهِ، وعَلَى محمّدٍ صَلَّى وسَلَّمَ الإِلاَهُ، أمّا بَعْدُ:

فهذه تجرِبةُ غُمْرٍ مُغامرٍ، أَطْرحُها لِكلٍّ مِن قَارِئٍ مُسَامِر، وَنَاقِدٍ مُحَاوِرٍ،

قَد خُضْت لُجَّتَها ولَسْتُ ببَحّارٍ ولا مُتبحِّر،


وَهَلْ هِيَ إِلاّ خُطوةٌ نحوَ إعداد مُفسِّرٍ! فجُلتُ أسْتفسِر.. هَل مِن مُفسِّر...؟

... دونكُم الوَقْفَةُ التَّأمُّليَّةُ فلا أُطيل؛ في تفسير
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاَكَ نَسْتَعِينُ﴾؛

آخذاً اليَسِيرَ من وقتكمُ الثّمينِ، وَلْنَكُنْ سَوِيًّا مِنَ المتَدَبِّرِينَ في الذِّكرِ الحكِيمِ:



وَقْفَةُ تَدَبُّرٍ

﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَين الرَّحْمَنِ الرَّحِيم مَلِكِ يَوْمِ الدِّين﴾،

وصلَّى اللهُ وسلَّمَ علَى مَن أُوتِيَ ﴿سَبْعاً مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآنَ الْعَظِيم﴾،

جَمَعَ اللهُ لَهُ فيهَا مَا تَفرَّق في كُتبِ الأوَّلينَ، بَلْ هِيَ أُمُّ الكِتَاب.

وقُطْبُ رَحَاهَا أَجْمَعُ آيَة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين﴾؛

أَمّا العِبادَة: فكمَالُ الطّاعةِ والخُضوع، وأمّا الاسْتعَانَة: فاعْتِمادٌ علَى اللهِ بتَفوِيضِ الأُمُور،

وهَاتَانِ دَافِعَتَانِ لِلرِّيَاء والكِبْرِيَاءِ، والدِّينِ كُلُّهُ تَبرّءٌ مِن الشِّرْكِ ومِن الحَوْلِ والقُوّةِ ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه﴾.

وَفِي ﴿إِيَّاكَ﴾ وتَكْرارِهَا:

- تَعظِيمُ المعْبُودِ.
- وتَأْكِيدُ اخْتِصَاصِ العُبودِيَّةِ بِه.
- وتَعْلِيقُ القَلْب بِالرَّبّ.

أمَّا الجَمْعُ فِي ﴿نَعْبُدُ﴾ و﴿نَسْتَعِينُ﴾؛ ففيه:

- أَدبٌ في الخِطاب.
- وإِشْعارٌ بالاجتْماعِ والانْتمَاء.
- وكأنّكَ عَن جَوارِحِكَ نَاطِق.

وفي تَقْدِيم العِبادَة عَلى الاسْتعَانَة:

- تقديمٌ للغايَاتِ عَلَى الوَسَائِل.
- وَلِحَقِّ الرَّبّ عَلَى حَقِّ العَبْد.
- وأَدَبٌ فِي الدُّعاءِ.

بَعدَما تَقدَّمَ الحُبُّ والرَّجاءُ والخوْفُ في قالَبِ الحمْدِ والثَّناءِ والتَّمجِيدِ.

إِذِ "السَّعادةُ الأَبدِيَّةُ فِي لُزُومِ عَتَبَةِ العُبودِيَّةِ"، مُسْتَعِيناً بِرَبِّ البَريَّةِ.

فـ"اللَّهمَّ أَعِنَّا عَلَى طَلَبِ مَرْضَاتِكَ".

وبَعْدَ أَن اشْتَدَّ وَقعُ الآيةِ على الفُؤادِ، وَكَانَ لاَ يَزَال عَلَى القَلْبِ نِقَابْ،
اِطّلَعْتُ علَى كَلامٍ يَأخذُ بعقولِ الألْبَاب،


ضِمنَ تفسيرِ فاتحةِ الكتابِ، كَاشِفًا عَمَّا وَرَاءَ الحِجَاب،
فهاكُمُوهُ مُنضَّداً يا أحْباب:

قال المفسِّرُ الفقيهُ اللّغَويُّ محمّدٌ الطّاهِرُ بنُ عاشُورٍ -رحمه الله وعفا عنه-:

"فَسُورَةُ الْفَاتِحَةِ بِمَا تَقَرَّرَ مُنَزَّلَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مَنْزِلَةَ الدِّيبَاجَةِ لِلْكِتَابِ أَوِ الْمُقَدِّمَةِ لِلْخُطْبَةِ

وَهَذَا الْأُسْلُوبُ لَهُ شَأْنٌ عَظِيمٌ فِي صِنَاعَةِ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ أَعْوَنُ لِلْفَهْمِ وَأَدْعَى لِلْوَعْيِ.


وَقَدْ رَسَمَ أُسْلُوب الْفَاتِحَةِ لِلْمُنْشِئِينَ ثَلَاثَ قَوَاعِدَ لِلْمُقَدِّمَةِ:

الْقَاعِدَةُ الْأَوْلَى: إِيجَازُ الْمُقَدِّمَةِ لِئَلَّا تَمَلَّ نُفُوسُ السَّامِعِينَ بِطُولِ انْتِظَارِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفَاتِحَةِ،

وَلِيَكُونَ سُنَّةً لِلْخُطَبَاءِ فَلَا يُطِيلُوا الْمُقَدِّمَةَ كَيْ لَا يُنْسَبُوا إِلَى الْعَيِّ فَإِنَّهُ بِمِقْدَارِ مَا تُطَالُ الْمُقَدِّمَةُ يَقْصُرُ الْغَرَضُ،

وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ وَضْعِهَا قَبْلَ السُّوَرِ الطِّوَالِ مَعَ أَنَّهَا سُورَةٌ قَصِيرَةٌ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ تُشِيرَ إِلَى الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بَرَاعَةَ الِاسْتِهْلَالِ لِأَن ذَلِك يهيىء السَّامِعِينَ لِسَمَاعِ تَفْصِيلِ مَا سَيَرِدُ عَلَيْهِمْ

فَيَتَأَهَّبُوا لِتَلَقِّيهِ إِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ التَّلَقِّي فَحَسْبُ، أَوْ لِنَقْدِهِ وَإِكْمَالِهِ إِنْ كَانُوا فِي تِلْكَ الدَّرَجَةِ،

وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَمَكُّنِ الْخَطِيبِ مِنَ الْغَرَضِ وَثِقَتِهِ بِسَدَادِ رَأْيِهِ فِيهِ بِحَيْثُ يُنَبِّهُ السَّامِعِينَ لِوَعْيِهِ،

وَفِيهِ سُنَّةٌ لِلْخُطَبَاءِ لِيُحِيطُوا بِأَغْرَاضِ كَلَامِهِمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى هَذَا عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى وَجْهِ تَسْمِيَتِهَا أُمَّ الْقُرْآنِ.

الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ الْمُقَدِّمَةُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِوَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْبَيَانِ عِنْدَ ذِكْرِهِمُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْمُتَكَلِّمِ أَنْ يَتَأَنَّقَ فِيهَا.

الرَّابِعُ: أَنْ تُفْتَتَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ".اهـ

فظَننْتُ أنِّي صِدْتُ مِن العلمِ دُرَرَه، وأَصَبْتُ مِنهُ غُرَرَهُ..!!

وتأمّلت في صَيْدِي فقلت: ما أصْغرَه!!

إذ بمنادٍ في الأعماق يُبلِّغني أن لا أحتقِرَنَّـه.. فأجبته غيرَ مُحتَشمٍ...



فالحمد لله على توفيقه وامتنانه.

خَطَّه مُصَلِّياً مُسَلِّماً:

أبـو عبيـد الله عبـد الله.

أبو سلمة يوسف عسكري 26 Mar 2014 08:23 AM

أجدت وأفدت أخي
بارك الله فيك وجزاك خيرا

أبو عبيد الله عبد الله 27 Mar 2014 11:22 PM

وفيك يبارك الله أخي أبا سلمة

ونسأل الله العفو والعافية...

لزهر سنيقرة 28 Mar 2014 12:12 PM

بارك الله فيك أخي عبدالله على هذه الملحة الطيبة من السورة المباركة، أعظم سور القرآن كما صح هذا عن خير اﻷنام وسيد ولد عدنان، نفعنا الله وإياك بخيرها وبركتها وفتح علينا من علمها وغزير فوائدها.

ياسين مزيود 29 Mar 2014 09:48 AM

بارك الله فيك أخي عبد الله وزادك الله حرصا وعلما وفهما سليما

أبو عبيد الله عبد الله 29 Mar 2014 02:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لزهر سنيقرة (المشاركة 47333)
بارك الله فيك أخي عبدالله


والبركة بَيْن جَنْبَيْكُم شيخنا ووالدنا، وما أنا إلا ابنك.

اقتباس:

أعظم سور القرآن كما صح هذا عن خير اﻷنام وسيد ولد عدنان

صَدَقْتُم والله..

اقتباس:

نفعنا الله وإياك بخيرها وبركتها وفتح علينا من علمها وغزير فوائدها

اللهمّ آمين...

وهذا من بَرَكَاتِكم شيخنا.. أطال الله في عمركم.. وجَعل من طَلَبَتِكُم قُرّة عَينٍ لكم، ولجزائرنا الحبيبة.

أبو عبيد الله عبد الله 29 Mar 2014 03:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين مزيود (المشاركة 47361)
بارك الله فيك أخي عبد الله وزادك الله حرصا وعلما وفهما سليما


وفيكم أخي الحبيب.. ولكم ولإخوتنا في المنتدى بالمثل.. آمين.

مشكورون..

مهدي بن صالح البجائي 29 Mar 2014 07:52 PM

جزاك الله خيرا، مقال ماتع، زادك الله حرصا.

مراد براهيمي 30 Mar 2014 04:00 PM

سَلِمَتْ يُمْنَاك أَبَا عُبِيْدِ الله ، اسْتَفَدْتُ خَيْرًا كَثِيرًا

أبو عبيد الله عبد الله 31 Mar 2014 05:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهدي البجائي (المشاركة 47395)
جزاك الله خيرا، مقال ماتع، زادك الله حرصا.

آمين، جزيت الفردوس الأعلى.

أبو عبيد الله عبد الله 31 Mar 2014 05:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مراد براهيمي (المشاركة 47432)
سَلِمَتْ يُمْنَاك أَبَا عُبِيْدِ الله ، اسْتَفَدْتُ خَيْرًا كَثِيرًا


آمين، حيّاك الله...

وجزاكم الله على التّفاعل خيراً.


الساعة الآن 03:37 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013