منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الصحابة زكاهم الله، أنت! من زكاك؟ للشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله تعالى (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24209)

أشرف حريز 24 Jan 2019 01:02 PM

الصحابة زكاهم الله، أنت! من زكاك؟ للشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله تعالى
 
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كل من يطعن في الصحابة - رضي اللَّه عنهم- و لا يعرف قدرهم .
هذه الكلمة مفرغة من صوتية ( « الصحابة زكاهم الله ،أنت من زكاك؟») للشيخ العلامه محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى.


.... { و هاجروا } أوطانهم وأموالهم و ديارهم {بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله} ، فسرناه بالأمس، و هذه الصفات كله يقصد بها المهاجرون الذين هاجروا إلى المدينة هذه و هم النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه الذين هاجروا معه رضي الله عنهم ، {وَالَّذِينَ آوَوا} يعني آووهم: تقدم أن العرب تقول :" آواه، يؤويه، إيواءا"، إذا ضمه إليه و جعل له مأوى يأوي إليه ، و المأوى: المسكن والمنزل لأن الأنصار هيؤوا للمسلمين أمكنة ينزلون فيها و هيؤوا لهم كل ما يستعينوون به، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، كان يقول: " فلان أخو فلان"، فيتوارثان بذلك الإيخاء، و كان الأنصار يشاطرونهم أموالهم، وقد آخى صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن إبن عوف الزهري - رضي اللَّه عنه- و سعد بن الربيع الأنصاري-رضي الله عنه- ؛ ذكر بعض أهل المغازي والأخبار بأن النبي لما آخى بينهما جاء سعد إلى عبد الرحمن و قال: " أرخص ما عندي نعلاي،فهذه إحداهما و أعظم ما عندي زوجتان ،أنزل على إحداهما فإن تمت عدتها تزوجتها" وقد كان عبد الرحمن إبن عوف -رضي الله عنه- وأغلب المهاجرين تعففوا و اتجروا ، فقال له عبد الرحمن إبن عوف:" أقرضني درهما" ، فأقرضه درهما فاتجر به، فراح و عنده درهمان ، رد إليه درهمه و اتجر بالثاني، فراح عنده درهمان، و ما زال يتجر حتى انتشر عليه المال، وكان من أغنياء الصحابة
- رضي اللَّه عنهم - . فهم آووهم حيث هيؤوا لهم المساكن و الأموال ، و شاطروهم أموالهم، و أحسنوا إليهم كل الإحسان، كما في قوله { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }[ الحشر الآية 9] هذا ثناء الله للمهاجرين و الأنصار ، ثم قال: {أُولَئِكَ} الإشارة في قوله { أُولَئِكَ } شاملة للمهاجرين و الأنصار معا، فالمهاجرون هم المعبر عنهم ب { آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بأموالهم و أنفسهم فِي سَبِيلِ اللَّهِ} و الأنصار هم المعبر عنهم بقوله: {آوَوا وَّنَصَرُوا } أي : آووا النبي وأصحابه ونصروهم على أعدائهم هؤلاء جميعاً {هم المؤمنون حقا } حق إيمانهم حقا؛ لأنهم صدقوا إيمانهم بهجرتهم و جهادهم في سبيل الله بأموالهم و بأنفسهم و بإيمانهم ، وأولئك حققوه بإيوائهم ونصرتهم لله، لأن الأنصار قامت موقفا عظيماً حيث تحملت عداوة جميع أهل الدنيا في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه؛ ولذا قال : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَئِكَ } هؤلاء { هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا } بمعنى الكلمة الإيمان الذي لا قيل فيه و لا قال، بل هو الإيمان كما ينبغي.
و هذه من الآيات الدالة على تزكية الصحابة لا سيما المهاجرين والأنصار ، و وصفهم بالعدالة و صحة الإيمان، فإذا روى لنا مهاجري أو أنصاري حديثاً فلا نقول: هل هذا عدل أو غير عدل؟؟؟ لأنه لا مزكي أعظم تزكية من الله و لا تزكية أعظم من قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[ الأنفال الآية 4] والله ( جل وعلا) نوه بشأن المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم ، و نوه بشأن جميع الصحابة وزكاهم في غير ما آية، فمن الآيات التي أثنى بها على المهاجرين والأنصار قوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رضي اللَّه عنهم و رضوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ }[ التوبة الآية 100] وفي قراءة إبن كثير { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } والمصحف الذي أرسله عثمان إلى مكة فيه: {مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } بذكر لفظة (من)و قراءة الجمهور و المصاحف التي أرسلت إلى الشام و الكوفة والبصرة فيها:{ تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ } بغير لفظة (من) فقوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ } لم يشترط فيهم شيئا، بل قال: {رضي اللَّه عنهم و رضوا عَنْهُ} و هذه أعظم تزكية، والذين اتبعوهم إشترط فيهم شرطا و هو الإحسان لأن قوله {بإحسان } إشترطه في خصوص الذين اتبعوهم ، ومن هذه الآيات قوله تعالى : {لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا }
[ الحديد الآية 10 ] ثم قال : {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} ، {كُلًّا} من جميع الصحابة ممن أنفق و قاتل قبل الفتح و بعده وعد الله الحسنى.
و من هذه الآية الكريمة قال إبن حزم *يجب على كل مسلم أن يعتقد أن الصحابة كلهم في الجنة ؛ لأن الله صرح بذلك و لا يخلف الله الميعاد حيث قال: {{ لايَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا } ثم صرح في الجميع بوعده الصادق الذي لا يخلفه قال:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} و قال (جل وعلا) {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِك هُمُ الصَّادِقُونَ} [ الحشر الآية 8] فزكاهم بقوله {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ثم ذكر الأنصار قال { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ } الدار : هي المدينة {تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} أي: و انتهجوا الإيمان ، فهو مفعول فعل محذوف دل المقام عليه*.
{ من قبلهم يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا } قال جماعة من أهل العلم: إن المهاجرين أفضل من الأنصار و لذا كان الأنصار لا يكون في صدورهم شيء من فضل المهاجرين عليهم ، هكذا قاله غير واحد ، {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [الحشر الآية 9] ثم ذكر من يأتي بعدهم فقال: { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ }[الحشر الآية 10] ومن هذه الآيات أخذ مالك بن أنس -رحمه الله إمام دار الهجرة أن الذين يسبون بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نصيب لهم في فيء المسلمين أبداً و قال لبعضهم: *هل أنتم من الفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم و أموالهم يبتغون فضلا من الله و رضوانا و ينصرون الله و رسوله؟ قالو : لا، لسنا من هؤلاء ، قال : هل أنتم من الذين قال فيهم { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قبلهم يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}؟ قالوا : لا ، لسنا من هؤلاء، قال: و أنا أشهد أنكم لستم من الطائفة الثالثة التي قال الله فيها {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} فأنتم تسبون الصحابة و تلعنونهم ، فلستم من جملة من جعل الله لهم شيئا من المسلمين فلا شيء لكم البتة*.
و هذه الآيات و أمثالها في القرآن تدل على أن الذين يسبون بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم « ظلال » « منابذون لهدي الله » « مخالفون لكتاب الله » الذي هو آخر الكتب السماوية نزولا من عند رب العالمين (جل وعلا) و هذا معنى قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا } . قال بعض العلماء : { حَقًّا } مصدر أي: حق ذلك حقا أي لما حققوه به من الإيمان و الهجرة و الجهاد بالنفس والمال في سبيل الله، إلى غير ذلك من الصفات.
{ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ } المغفرة (مفعلة) من الغفران وأصل مادة الغين و الفاء و الراء (غفر) أصلها معناها الستر و التغطية أيضاً كمادة (الكفر ) لأن الله يستر بحلمه و فضله ذنوب التائبين إليه حتى لا يظهر لها أثر يتضررون به.
{وَرِزْقٌ } هو ما يرزقهم الله في الجنة.
و قوله { كَرِيمٌ} كل شيء حسن مبالغ في الحسن والجمال تسميه العرب كريما، و إنما وصف رزقهم بأنه كريم لأن ما في الجنة من الأرزاق كله كريم {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}[البقرة الآية 25] و أرزاق الجنة مبينة في القرآن العظيم من مآكلها و مشاربها و غير ذلك ، وهذا معنى قوله {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

و هذا رابط الصوتية كاملة للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة https://yuotu.be/wVs8pXZ-pa8

محسن سلاطنية 29 Jan 2019 11:28 AM

رضي الله عن الصحابة جميعا ، ورحم الله العلامة الشنقيطي وأسكنه فسيح جناتك .
وجزاك الله خيرا أخي أشرف على هذا النقل الطيب.

أشرف حريز 29 Jan 2019 10:06 PM

وجزاك خيرا أخي


الساعة الآن 07:37 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013