منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   نصيحةٌ لطالب العلم في بلدٍ لا يُساعِدُ على التَّحصيل (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=21155)

أبو البراء 03 Jul 2017 11:01 AM

نصيحةٌ لطالب العلم في بلدٍ لا يُساعِدُ على التَّحصيل
 
<بسملة1>

نصيحةٌ لطالب العلم في بلدٍ لا يُسَاعِد على التَّحصيل

كثيرٌ من طلَّاب العلم مَنْ له أهليَّة وهمَّة عالية وحرصٌ شديد على التَّحصيل، لكن الوضع في بلادنا لا يساعده على ذلك، لعدم وجود مشايخ متفرِّغين، ولا مدارس متخصِّصة، فربَّما يتثبَّط بعضُهم بسبب ذلك.
وقد التقيت في الأيَّام الأخيرة بعددٍ من هؤلاء، فَلَهُم ولمن كان في مثل حالهم أقول:

إنَّ على طالب العلم أن لا ينتظر من غيره أن يُهيِّيء له أسباب التَّحصيل ويُعَبِّد له طريقه، فأنت تطلبُ أعزَّ المطالب وأشرفها وهو علم الشَّريعة، وقديمًا قيل فيما هو دون هذا:
لولا المشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كلُّهُمُ ** الجودُ يُفقِرُ والإقدامُ قَتَّالُ
هذا في الجود والشَّجاعة، فكيف بميراث النبوَّة؟!
فعلى طالب العلم أن يُوَطِّنَ نفسَهُ على المصاعب أوَّلا.

ثمَّ عليه أن يحرص على وقته، ويستفرغ جهده في حفظ المتون العلميَّة المتعارف عليها بين العلماء، وأوَّلها القرآن العظيم، ثمَّ مثلُ «عمدة الأحكام» و«بلوغ المرام» في الحديث، و«ألفيَّة ابن مالك» في النَّحو و«لاميَّة الأفعال» له، و«الورقات» و«مراقي السُّعود» في الأصول، و«نخبة الفكر» و«ألفيَّة العراقي» في المصطلح، وغير ذلك من المتون المعروفة، فيعمُر وقتَه بحفظ هذه المتون.
فهذه المتون ـ ولو لم يجد من يُدَرِّسها له ـ سيحتاج إليها في محفوظِهِ، فليشغَل وقتَه بذلك، فإنهَّا أعظمُ غنائمِ الصِّغر والفراغِ.

وعليه ثالثًا أن يستعين بالدُّروس المسجَّلة للعلماء، فدروس الشَّيخ ابن عثيمين في فنون العلم المختلفة، وشروح الشَّيخ صالح آل الشَّيخ في العقيدة فيها خير كثيرٌ، وقد قال لي مرَّة الشيخ عبد الرزَّاق العبَّاد ـ حفظه الله ـ: «أعرف طلبة علمٍ تأصلَّوا من دروس الشَّيخ ابن عثيمين المسجَّلة».

وقد قلتُ لبعض إخواني في مناسبات عديدةٍ: من يضمن لي أن يحفظ «بلوغ المرام» حفظًا متقنًا، ويستمع شرح الشَّيخ ابن عثيمين عليه (وهو في 270 درسًا) فيحفظُ ما يُحفَظ ويفهَمُ ما يُفْهَم، ويُقيِّد ما يُقَيَّد، فأنا أضمن له أن يخرج من ذلك بزادٍ يُؤهِّلُهُ لأن يكون مفتي قريته!
وعندي في البيت كُرَّاسةٌ كنت أدوِّن فيها فوائد الدُّروس المسجَّلة (وكنَّا نسميها آنذاك: السَّلاسل العلميَّة) قبل أن يُيَسِّر الله لي الرِّحلة، كتبتُ على غلافها الخارجي: «السَّلاسل العلميَّة رحلة الزَّوالية» ـ والزَّوالية باللِّسان الدَّارج هم الفقراء ـ، فنَعَم، إن لم تستطع أن ترحَلَ لمجالسة العلماء، فهذه مجالسهم قد رَحَلَتْ إليك.

ورابعًا: أن يحرص على مذاكرة إخوانه ومدارستهم، بأن يجلس إلى من هو فوقَه في العلم ـ إن وجد ـ فيدارسه ويباحثه في الكتاب الَّذي يدرسه، و يجلسَ مع مَنْ هو مثلُه فيذاكره، أو يجلس مع من هو دونه فيُلقِي عليهم من صغيرِ العلمِ ما ينتفعون هم به، وينتفع هو بتثبيتِه في نفسِه وزيادةِ وضوحه وتَقرُّرِه في ذهنِهِ.

وخامسًا: أن يحرص على الرِّحلة إلى المشايخ والعلماء متى ما تيَّسر له ذلك، ولا يستمع لمن يثبِّط عن ذلك، فإنَّ الرِّحلة سنَّة ماضية، وأقلُّ ما يستفيد منها طالب العلم أن يتفرغ يومَه كلَّه للطَّلب والتَّحصيل، وسيَجِد ـ إن وُفِّق ـ مشايخ متفرِّغين لتدريس فنون العلم المختلفة، وهذا الصنِّف من الدُّروس أنفعُ شيء لطالب العلم، أن يأخذ كتابه في شرح المتن المعتمد ويقرأه على شيخٍ متقنٍ لذلك الفنِّ قد دَرَسَه ودَرَّسَه.

فإن لم تتيسَّر له الرِّحلة فيستمرُّ على ما كان عليه، وهو في جميع ذلك يقتني ما يتيسَّر له من الكتب المهمَّة المفيدة، ويُطَالع فيها، ويُقَيِّد الفوائد الَّتي يقتَنِصُها منها، ويبحث المسائل المشكلة، ويحرص على سؤال المشايخ وطلَّاب العلم عمَّا يُشكل عليه، فلا شكَّ أنَّه سيُحصِّل خيرًا كثيرًا.

وفوقَ ذلك كلِّه يسأل الله التَّوفيق، فإنَّ العلم من أعزِّ ما يُطلب وأعظم ما يُوهب، ولا يُوفِّق الله إليه كلَّ أحدٍ ففي الحديث المتَّفق عليه: «من يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّهه في الدِّين».

فاستعن يا طالب العلم بالله تعالى، وأَخْلِص له النيَّة، واسأله بإلحاحٍ أن يُيَسِّر لك أسباب العلم وطرقَه، ويُذَلِّل لك صِعَابه، واسلكُ الطَّريق الَّتي وصفت لك، فَسَتَصِل إن شاء الله، فإنَّ من سار على الدَّرب وَصَل، ومن أدام قَرْعَ الباب فُتِحَ لَه، فإن حالَ الأجلُ بينَه وبينَ مراتب العلماء وحملةِ العلمِ فقد أقام المعذرة لنفسه، ولعلَّ الله أن يُبَلِّغَهُ بنيَّته ما لم يبلغه بعلمه.
والحمد لله ربِّ العالمين.

كتبه ناصحًا لمن جعل العلم هَمَّهُ وغَرَضَه: خالد حمُّودة 9/10/1438

عبد اللطيف غاليب 03 Jul 2017 11:26 AM

جزى الله خيراً الشيخَ خالداً على هذه المقالة النَّافِعة والكلمات المؤثرة ، وهي بحقٍ تُذكرنا بالأيام الخوالي التي كان طلاب العلم يجتهدون في فهم دروس الشيخ محمد بن صالح العُثيمين رحمه الله وتفريغها وتدوين فوائدها في شتى الفُنُون والعُلوم .
بل أعرف من إخواننا النُّجباء لما طبعت دروس الشيخ العُثيمين وأُخرجت في أبهى حلة رأيتُهُ يستذكر الكلام الذي يقرؤه ويسبقه لسانه لكلام الشيخ لتكرار سماعه للدروس وحفظه لكثير منها ، وهذه مزية عظيمة ونعمة كبيرة استغلها الفضلاء وغفل عنها الضعفاء والله المُستعان .

أبو تميم محسن 03 Jul 2017 11:28 AM

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

أبوعبدالرحمن عبدالله بادي 03 Jul 2017 11:44 AM

جزاك الله خيرا شيخنا خالد على هذه المقالة المُحبرة والدرة المعطرة.

أعجبتني كثيرا "رحلة الزوالية" وهي حجة على كثير منا ممن همه العكوف على مواقع التفاصل الإجتماعي وتتبع الجديد والحرص على التجديد، مع الانشغال بالتعليقات والإعجابات، والانكباب على ما تدره عليه من جديد صغار طلبة العلم الثقات، مع عكوف تام وهجر عام لتسجيلات ودروس كبار أهل العلم، فنعوذ بالله من الحرمان والله المعين وعليه التكلان.

نسيم منصري 03 Jul 2017 11:53 AM

جزاكم الله خيرا الشيخ خالد و حفظكم الله و نفع بكم بهذه التوجيهات و النصائح القيمة نسأل الله جلا و عز أن يجعل هذه الدرة سبب لرفع الهمم و تحفز و تفك العقد على من تساهل و لم يجتهد في الطلب بحجة أنه لا يوجد من يدرسه او إنشغل بالدنيا و حطامها و نحن في زمان يوشك ان يخرج العلم حتى من الحنفيات اللهم أصلح أحوالنا و الله المستعان و عليه التكلان

أبو عبد الله حيدوش 03 Jul 2017 12:14 PM

بوركت يمينك شيخ خالد كعادتك تسوق الدرر تلخص ما جاء في المعاجم! نعم النصيحة من معلم مجرب فلله درك.

أبو فهر وليد 03 Jul 2017 12:15 PM

جزى اللَّه الشَّيخَ خالداً على هذه النَّصائحِ الغَوالِي و التَّنبيهاتِ المُهمَّةِ ؛ جعلها اللَّه في ميزانِ أعمالِكم (آمين).

أبو أنس محمد البليدي 03 Jul 2017 12:33 PM

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم، وأعجبتني " السَّلاسل العلميَّة رحلة الزَّوالية " .
وهذه السلاسل فيها من الخير العظيم لو استغلها الواحد منا لاستفاد فائدة عظيمة.

أبو إكرام وليد فتحون 03 Jul 2017 12:44 PM

جزاك الله خيراً أخونا الحبيب والطيب الشيخ خالد على هذه النصيحة الغالية التي و الله يعلم الله أنك قد نصحت وصدقت وأصبت وأحسنت فيها لأن الكثير في حاجة لها، سواء عوام أو طلبة علم مبتدئين أو حتى طلب علم ، لما فيها من التذكير و النفع وسببا بإذن الله في رفع همم العقلاء وإزالة الفتور و التشمير على ساعد الجد والاجتهاد ، فهلما إخواني إلى الخير الكبير بطلب العلم الشرعي والتفقه في الدين و الحرص على تحصيله ، فقد قال صلى الله عليه وسلم من (سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة) وكفى بهذا سببا للتنافس و الإسراع بإستغلال الأوقات الضائعة للنهل من العلم الشرعي ، اللهم وفقني و إخواني جميعاً لطلب العلم الشرعي.اللهم وفقني و إخواني جميعاً لطلب العلم الشرعي.اللهم وفقني و إخواني جميعاً لطلب العلم الشرعي.

إلياس عطية 03 Jul 2017 03:05 PM

جزاك الله خيرا شيخنا وبارك فيكم.

أبو محمد سفيان 03 Jul 2017 03:40 PM

اقتباس:

وقد قال لي مرَّة الشيخ عبد الرزَّاق العبَّاد ـ حفظه الله ـ: «أعرف طلبة علمٍ تأصلَّوا من دروس الشَّيخ ابن عثيمين المسجَّلة».
بارك الله فيك شيخ خالد لو تكرمت بخطة نسير إن شاء الله معها في هذا الباب أي التأصيل عن طريق تراث ابن عثيمين رحمه الله فمن يفعل الخير لا يعدم جوازيه

أبو ثابت حسان 03 Jul 2017 04:32 PM

سبحان الله -إنها الرحمة بين طلبة العلم تجد من الفضلاء من يتذكر إخوانه بمثل هذه الكلمات النيرات المضيآت لمن ضعفت همته أوفقد المنهجية في الطلب - أقول لك رزقك ربي الجنان أستاذي ورحمك في الدنيا والآخرة

أبو عبد السلام جابر البسكري 03 Jul 2017 05:35 PM

جزاك الله خيرا شيخنا أبا البراء خالد - سدد الله خطاك وجعلك مباركا حيث ما كنت -

فتحي إدريس 03 Jul 2017 09:18 PM

جزاك الله خيرًا شيخَنا الحَبيب فقد أبنت الطَّريق لطالب العلم فما بَقِيَ إلَّا بذل الوُسع واستفراغ الجُهْدِ فيما ذَكرَت وأشرت إليه إلى أن يفتح الله وهو خير الفاتحين.
وأذكُر عنكم شيخَنا الحبيب أنَّكم سمعتم الألباني -رحمه الله- يرشد إلى قراءَة "ميزان الاعتدال" للذَّهبيِّ -رحمه الله- فقرأتموه مرَّة وقاربتم الثِّنتين، وسمعتم شيخَنا أبا عبد الله أزهر سنيقرة -حفظه الله- يذكر الشَّيخ العلَّامة ابن غديان -رحمه الله- في مجلسه ولمَّا ترحل في طلب العلم، فلما رحلت بحثت عنه للقياه، فهكذا ينجح طالبُ العلم ويحصِّل العلم بامتثال نصائح العلماء -رحمهم الله- وتوجيهاتهم لا الاستكثار منها دون عملٍ، فنصائح العلماء وتوجيهاتهم في التَّحصيل كثيرةٌ ولكن قلَّ من يعمَل بها ويطبِّقها، بل شغف كثير من طلبة العلم بالاشتغال بطريقة التَّحصيل والأمانِي دون السَّير في طريق الطَّلب.
ومن سار في الطَّريق بلغ أو كادَ، وممَّا حفظته منكم شيخَنا:
تبدو الأمور على التَّواني صعبةً ... فإذا عَزَمْتَ لقيتَ شيئًا هيِّنا

وقول الصفديِّ:
الجد في الجد والحرمان في الكسل ... فانصب تصب عن قريب غاية الأمل

فنسأل الله أن يوفِّقنا وأن يعينَنا إنه وليُّ ذلك والقادر عليه؛ حفظكم الله شيخنا الحبيب وبارك فيكم ونفع بكم.

أبوعبيد الله عبد الله مسعود 04 Jul 2017 11:42 AM

جزاك الله خيرا أبا البراء فالتذكير بين الفينة والأخرى
بالطريق الذي سطره العلماء لطلب العلم
لمن الأمور التي تشتد إليها الحاجة
خاصة ونحن في زمن يعتكف كثير من الناس غالب وقتهم أمام هذه الأجهزة ييبيت الواحد منهم ويقوم وهو يحرك سباحته يظن نفسه يؤصل
ومع مرور الشهور والأعوام يجد نفسه لم يحصل
فتضيع الأعمار وينتج أناس لا يحسنون وزن أنفسهم فضلا عن غيرهم
فينزل الناس في غير منازلهم ويشيخ العوام فضلا عن طلاب العلم
إلى غير ذلك من المفاسد... والله المستعان وعليه التكلان.


الساعة الآن 09:33 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013