منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   مــــنـــتــدى أسمار المطبوع والمخطوط (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=35)
-   -   ما نقصت قيمته بظهور غيره = المقالةُ الخامسةُ من "أخبار الكُتُب وأنباء من كَتَب" (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=17223)

أبو البراء 01 Oct 2015 11:13 AM

ما نقصت قيمته بظهور غيره = المقالةُ الخامسةُ من "أخبار الكُتُب وأنباء من كَتَب"
 
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هذه مقالةٌ مختصرةٌ، أنبِّه فيها ـ من غير استقصاءٍ ـ إلى نوعٍ من أنواع الكُتب ينبغي على طالب العلم أن يعرفه ليتمَّ له الانتفاع بالكُتُب.

وهذا النَّوع هو الكتب الَّتي كان لها مَنزلٌ ومكانٌ وتقتبس منها فوائد جمَّة، فكثُرَ اعتماد العلماء عليها وإحالتهم إليها، وتعلَّقت بتحصيلها قلوب طلَّاب العلم، ثمَّ طُبعت كتب أخرى أواستُحدِثَتْ في الطَّلب أمورٌ جديدة، فذهب لتلك الكتب النَّصيب الأكبر من قيمتها، وبقي الانتفاع منها محصورًا في جانب من الجوانب، وصار غيرها أولى منها بالعناية والتَّحصيل.

من هذه الكتب:
1ـ «توضيح الأفكار» للصَّنعاني، كان العلماء كثيرًا ما يحيلون عليه وينصحون به، وأكثر ذلك بسبب ما فيه من نقول عن «النُّكت» للحافظ ابن حجر، فلمَّا طُبع «النُّكت» قلَّت فوائده، لأنَّ ما عدا هذه النُّقول فأكثرُه مباحثُ نظريَّة للأمير رحمه الله، بعضُها بعيدٌ عن تطبيق أئمَّة أهل الحديث وعَمَلِهم، ومع ذلك فيستطيع المتمكِّن أن يجد فيه ما ينفعه.

2ـ كتاب «الفتوحات الرَّبانيَّة» لابن علَّان، وهو شرحٌ للأذكار النَّووية، أفرغ فيه كلامَ الحافظ ابن حجر في كتابه «موافقة الخُبْرِ الخَبَر»، فلمَّا طُبِعَ الكتاب ـ ولم يُطبَع إلَّا بعد طَبْعِ «الفتوحات الرَّبانيَّة» بزمنٍ مديدٍ ـ قلَّت قيمته ونقصت من هذه الناحية، وبقيت فوائده في شرح متون الأحاديث وهي شِرْكٌ بينه وبين الكتب الَّتي ينقل منها ويعزو إليها.

3ـ كتاب «شرح الكوكب المنير» للفتوحي، وهو في حقيقته مختصرٌ من «التَّحبير» للمرداوي، وفيه نقولٌ عزيزةٌ وتحريراتٌ مفيدةٌ، فلذلك أكثر العلماء والمشايخ نصيحةَ الطَّلبة بتحصيلة وقراءته، فلمَّا طُبع «التَّحبير» ذهبت فوائد «شرح الكوكب المنير»، وتَبَيَّنَ أنَّها في «التَّحبير» أتمُّ وأوضح وأبعدُ عن الخلل الَّذي قد يطرأ من الاختصار.
وقد كنتُ ذكرته في الكتب الأصول، فينبغي أن يُذكَرَ بدلَهُ «التَّحبير»، وبلغني عن الشَّيخ عبد الله الغديَّان رحمه الله أنَّه سُئل عن أفضل الكتب الأصوليَّة مطلقًا فقال ما معناه: «لا أعلم أحسنَ من «التَّحبير».
أقول: ولقد صدق مؤلِّفه حين قال في مقدِّمته (ص4): «نذكر أمهَّاتٍ جميلة، ودقائق جليلة، خلت عنها أكثر المطولات، ولم تشتمل عليها جلُّ المصنَّفَاتِ»، فنعم، إنَّ فيه ما لا يكاد يوجد في غيره من كتب الأصول إلَّا على ندور.

4ـ كتاب «نصب الرَّاية» للزَّيلَعِي، كان مرجعًا أساسًا في تخريج الحديث والتَّصحيح والتَّضعيف والتَّعليل، لأنَّه أودع فيه أكثرَ كلامِ الحافظ ابن عبد الهادي في «تنقيح التَّحقيق»، ولم يطبع «التَّنقيح» إلَّا بمدَّة بعدَه، وخرج ناقصًا، ولم يُطبَع تامًّا كاملًا إلَّا بعد بضع سنين فقط. فقلَّت قيمة «نصب الرَّاية»، ومع ذلك فلَهُ جانبٌ مهمٌّ جدًّا لا يُستغنى عنه بسبب ذلك، بقي مهمًّا من جهة أنَّه كتابُ عالمٍ حنفيٍّ في تخريج أحاديث الفقه الحنفيِّ، وهذه ميزةٌ ليست لغيره من كتب التَّخريج.
ونظيره في هذا:

5ـ «تهذيب التَّهذيب» للحافظ ابن حجر، فقد كان مصدرًا أصيلًا في تراجم الرُّواة، حتَّى إنَّه لا يتأتَّى النَّظَرُ في حال رجلٍ من غير الرُّجوع إليه والنَّظر فيه، لا سيَّما قبل أن يُطبَع أصله «تهذيب الكمال» وينتشر، فلمَّا طُبِعَ «تهذيب الكمال» نقصت قيمة «تهذيب التَّهذيب» إلى النِّصف، وبقي الانتفاع به فيما يزيده على المزِّي من كلام أئمَّة الجرح والتَّعديل، ثمَّ طُبع بعد ذلك «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي، وإذا أكثر مادَّة الحافظ ابن حجر منه، فلا يكاد يخرج عنه في شيءٍ ممَّا يزيده على الأصل، فصار النَّاظر في حال الرَّاوي إذا جمع «الإكمال» إلى «التَّهذيب» يكاد لا يحتاج أن ينظر في «تهذيب التَّهذيب».

6ـ «المسند الجامع» الَّذي أصدرته «مؤسَّسة الرِّسالة» من عمل بشَّار عوَّاد ومعاونيه، كان جماعة من المشتغلين بالتَّخريج يعتمدون عليه في تخريج الحديث وجمع طُرِقِه، ومنهم شيخنا مفلحٌ الرَّشيدي رحمه الله، كان يعتمد عليه كثيرًا، لأنَّه قريب المأخذ سهل التَّناول، بل هو أسهل وأقرب تناولًا من «تحفة الأشراف»، وأوسع منه إذا ضم كتبا لم يضمَّها «تحفة الأشراف» كمسند الإمام أحمد وعبد بن حميد، وسنن الدَّارميِّ، وصحيح ابن خزيمة، والآن ينبغي أن يُستغنَى عنه بـ«المسنَد المصنَّف المعلَّل»، لأنَّ فيه ما فيه، وزادَ عليه كلامَ أئمَّة العِلَل.

7ـ كتاب «جامع الأصول» لابن الأثير، كتاب سائرٌ مشهورٌ، وأكبر ما يُستفاد من قِبَلِه قُرْبُ الوقوف على الأحاديث في المواضيع المراد بحثُهَا، ولمَّا جاءت الفهارس وانتشرت وسهل الوقوف على الأحاديث قلَّت قيمته.

8ـ ويدخل فيما دخل فيه «جامع الأصول» كثير من الكُتُب الَّتي كانت تُعتَمَدُ بسبب تسهيلها الوصول إلى ما في بطون الكتب، فـ«المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النَّبويِّ» والفهارس المفردة لكثيرٍ من الكُتُب، كلُّ هذه قَلَّت فائدتها، وتكاد تضمحلُّ عائدتها.

آخر التَّنبيه، والحالُ مع حمد الله تعالى تُحَاكِي ما قال ابن مالكٍ رحمه الله:
ورغبةٌ في الخَيرِ خيرٌ وَعَمَلْ /// بِرٍّ يَزِينُ وَلْيُقَسْ مَا لَمْ يُقَلْ

أبو أنس محمد البليدي 01 Oct 2015 02:39 PM

جزاك الله خيرا على هذه الفوائد

فتحي إدريس 01 Oct 2015 07:53 PM

جزاك الله خيرًا شيخنا أبا البراء على تفضُّلك برفع المقالة الخامسة من هذه السلسلة التي تنير للطَّالب الدَّرب نحو كتب العلماء حتَّى يقتنيها وتحصل الاستفادة منها.

وبارك الله فيك على لفت الانتباه لهذا النَّوع من الكتب مع درر نثرتها بإشارة لطيفَة مع بيان مميِّزات ما ذهب النَّصيب الأكبر من قيمته.

في انتظار باقي حلقات السلسلة آملا أن لا يطول العهد بها.

ابومارية عباس البسكري 02 Oct 2015 05:17 PM

جزاك الله خيرا أخانا خالد على هذا التذكير بهذه المصنفات بعضها أول مرة أقرأ عنوانها بارك الله فيك ونفع بك

أبو عبد الرحمن العكرمي 02 Oct 2015 11:35 PM

جزاكم الله أبا البراء بهذه النفائس و الدرر كل خير

و لعل من أشهر ما أهمل ألفية ابن معط المسماة "الدرة الألفية"
و قد كتبت عليها شروح عديدة منها "الصفوة الصفية للنيلي" و "حرز الأوابد لابن النحوية" و"شرح الموصلي" وغير ذلك , و قد خمد ذكرها بعد خلاصة ابن مالك
و على الرغم من منافسة ألفية ابن مالك بألفيات أخرى ,
فجاءت بعدها ألفية ابن شعبان الآثاري المسماة "كفاية الغلام في إعراب الكلام"
و هي في غاية من النفاسة و السلاسة
و بعدها ألفيات أخرى , كألفية السيوطي التي قال فيها :
....**** فائقة ألفية ابن مالك
و بعده الأجهوري لما قال :
......***فائقة ألفية السيوطي

و هكذا , و لكن الله كتب القبول و الاستمرار لألفية ابن مالك , و "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"

أبو البراء 03 Oct 2015 09:53 AM

جزاكم الله خيرًا.
وبارك الله فيك أبا أنس على التَّصحيح، وفيك أبا عبد الرَّحمن على الإفادة المضافة.

شعبان معتوق 03 Oct 2015 08:57 PM

جزاك الله خيرًا شيخنا خالد على ما أفدتنا به من فوائد و نفائس.

يوسف صفصاف 04 Oct 2015 11:32 AM

أحسن الله إليك شيخ خالد، ننتظر المزيد مما فتح الله عليك من هذه الفوائدة، فإنها مفيدة حقا للطالب.
فجزاك الله خيرا.

أبو أيوب صهيب زين 31 Dec 2015 12:20 PM

الشيخ خالد...لماذا لم يهتم أهل العلم بتدريس الموقظة و التوضيح الأبهر في المصطلح !!؟


الساعة الآن 08:32 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013