أثار سلفية و تفاصيل علمية حول الإخلاص لله - جل و علا -
( منقول من سحاب )
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد: فإن إخلاص الدين لله عز وجل شعبة من شعب الإيمان، وواجب من الواجبات. لقول الله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) [البينة : 5]. وقوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب) [الشورى : 20]. و قوله تعالى : (من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوف إليهم أعمالهم فيها و هم لا يبخسون(15)أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون) [هود: 15 - 16]. وقوله تعالى : (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحدا) [الكهف : 110]. و لحديث أبي هريرة في صحيح مسلم : (( قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عنِ الشرك، فمن عمِل لِي عملاً أشرك فيه معي غيري، فأنا منه بريءٌ، و هو للذي أشرك)) [أخرجه مسلم (2985)]. و لحديث جندب رضي الله عنه في الصحيحين: (( من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به)) [أخرجه البخاري(6499)، و مسلم (2987)]. أنبأنا البيهقي بإسناده، أن أبا حمزة سئل عن الإخلاص، فقال : ما لا يُحب أن يَحمَده عليه إلا الله عز وجل. و عن سهل بن عبد الله : لاَ يَعرِفُ الرياءَ إلاَّ مُخْلِصٌ، وَ لاَ النّفاقَ إلاَّ مُؤمنٌ، ولاَ الجَهْل إلاَّ عالمٌ، و لا المعْصيَةَ إلاَّ مُطيعٌ. و عن الربيع بن خُيْثم : كُلُّ مالا يُبتَغَى به وجه الله يضْمحِلُّ. وعن الجنيد: لو أنَّ عبدًا أتى بافتقار آدم، وزُهد عيسى، و جهد أيُّب، و طاعةِ يَحيى، و استقامة إدريس، وَوُدِّ الخليل، و خُلُقِ الحبيب، و كان في قليه ذرَّة لغير الله، فليس لله فيه حاجةٌ. و عن زُبيد بن الحارث اليامي: يسُرُّني أن يكون لي في كلِّ شيئ نيّة حتى في الأكل و الشرب و النوم. وعن سفيان: (كل شيئ هالك إلا وجهه) [القصص : 88]. قال : ما أريدَ به وجهُه. و عن هلا بن يساف قال: قال عيسى بن مريم -صلوات الله عليه-: ‘ذا كان يومُ صوم أحدكم فليدهن لِحيته، و ليمسح شَفَتَيْهِ، و يَخرج إلا الناس حتّضى كأنَّهُ ليس بصائم، و إذا أعطى بيمينه فليُخْفِهِ عن شمالِهِ، و إذا صلَّى أحدكم فلْيُسْدِلْ سِتْر بابه، فإن الله تعلى يقسم الثناء كما يقسم الرِّزقَ. و عن ذي النون المصري: قال بعض العلماء : ما أخلص العبد لله إلا أحبَّ أن يكون في جُبٍّ لا يُعرف. و عن بشر بن الحارث، عن الفُضيل بن عياض: لأن آكل الدُّنيا بالطَّبْلِ و المِزْمَار، أحبُّ إليَّ من أن آكلها بدين. و عن مالك بن أنس قال : قال لي أستاذي ربيعة الرَّأي: يا مالك، مَنِ السفلةُ؟ قلتُ: من أكل بدينه. فقال: من سَفَلةُ السَّفلَةَ؟ قال: من أصلح دنيا غيره بفساد دينه، قال: فصدّقني. و عن ابن الأعرابي: أخْسَرُ الخاسرين من أبدى للناس صالح أعماله، و بارزَ بالقبيح من هو أقربُ إليه من حبْل الوريد. وعن سفيان: يا معشر القرّاء، ارفعوا رءوسكم، لا تزيدوا الخشوع على ما في القلب، فقد وضح الطريق، فاتقوا الله، و أجملُوا في الطلب، و لا تكونوا عيالاً على المسلمين. وعن بعض العلماء: خوِّفوا المؤمنين بالله، و المنافقينَ بالسُّلطان، و المُرائين بالنَّاس. [مختصر شعب الإيمان للبيهقي بتصرف يسير] قال شيخ الإسلام ابن تيمية - حمه الله - :" حُكِيَ أنَّ أبا حامدٍ الغزاليَّ بَلَغَهُ أنّ مّن أخلصَ لله أربعين يومًا تفجّرت الحكمةُ في قلبه .قال: فأخلصتُ لله أربعين يوماً، فلم يتفجَّر شيئ ! فذكرتُ ذلك لبعض العارفين، فقال لي : إنّك إنّما أخلصتَ للحكمةِ ولم تُخْلِصْ للهِ تعالى !!) [درءُ تعارض العقل و النقل] قال الشيخ السعدي رحمه الله و غفر له: ومن أعظم ما ينافي هذا مراءاة الناس ، و العمل لأجل مدحهم و تعظيمهم، أو العمل لأجل الدنيا، فهذا يقدح في الإخلاص و التوحيد، و اعلم أن الرياء فيه تفصيل: فإن كان الحامل للعبد على العمل قصد مراءاة الناس و استمر على هذا القصد الفاسد: - فعمله حابط، و هو شرك أصغر؛ و يخشى أن يتذرع به إلى الشرك الأكبر. و إن كان الحامل على العمل إرادة وجه الله مع إرادة مراءاة الناس، و لم يقلع عن الرياء بعمله : - فظاهر النصوص أيضاً بطلان هذا العمل. و إن كان الحامل للعبد على العمل وجه الله وحده، و لكن عرض له الرياء في أثناء عمله، فإن دفعه و خلص إخلاصه لله لم يظره، و إن ساكنه و اطمأن إليه نقص العمل، و حصل لصاحبه من ضعف الإيمان و الإخلاص لحسب ما قام في قلبه من الرياء، و تقاوم العمل لله و ما خالطه من شائبة الرياء. و الرياء آفة عظيمة، و يحتاج إلى علاج شديد، و تمرين النفس على الإخلاص و مجاهدتها في مدافعة خواطر الرياء و الأغراض الضارة و الاستعانة بالله على دفعها؛ لعل الله يخلص إيمان العبد و يحقق توحيده. و أما العمل لأجل الدنيا و تحصيل أغراضها ؛ فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا المقصد و لم يكن له إرادة لوجه الله و الدار الآخرة: -فهذا ليس له في الآخرة من نصيب. و هذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن، فإن المؤمن و لو كان ضعيف الإيمان لابد أن يريد الله و الدار الآخرة. و أما من عمل العمل لوجه الله و لأجل الدنيا، و المقصدان متساويان أو متقاربان: - فهذا و إن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان و التوحيد و الإخلاص، و عمله ناقص لفقده كمال الإخلاص. و أما من عمل لله وحده و أخلص في عمله إخلاصاً تامًا و لكنه يأخذ على عمله جعلًا و معلومًا يستعين به على العمل و الدين، كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، و كالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، و كالأوقاف التي تجعل على المساجد و المدارس و الوظائف الدينية لمن يقوم بها: - فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد و توحيده؛ لكونه لم يرد بعمله الدنيا، و إنما أراد الدين، و قصد أن يكون ما حصل له معينًا له على قيام الدين. و لهذا جعل الله في الأموال الشرعية؛ كالزكوات، و أموال الفيء، و غيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدينية و الدنيوية النافعة، كما قد عرفت تفاصيل ذلك. فهذا التفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، و يوجب لك أن تنزل الأمور منازلها؛ و الله أعلم. [القول السديد في مقاصد التوحيد] _________________ |
يرفع للفائدة
|
العملة الناذرة
بارك الله فيك أبا عبد الرحيم لقد صار الإخلاص في زمننا عملة ناذرة و نرجوا من الله أن يثبتنا على دينه .
|
بارك الله فيك
|
يرفع بارك الله فيكم للفائدة العظيمة
|
رحماك ربي
|
الساعة الآن 02:55 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013