منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   اقتضاء العلم العمل . (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=7076)

أم مصعب السلفية 25 Jun 2011 04:36 PM

اقتضاء العلم العمل .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :





قرأت الرسالة الأُولى من سلسلة رسائل دار الفضيلة ، عنوانها : " اقتضاء العلم العمل " لفضيلة الشيخ - عبد

الرزاق بن عبد المحسن البـد ر- فوددت أن أشارككم الفوائد القيمة التي لمستها منها.



أرجو من الله عز وجل أن ينفعني وإياكم بها ويجزي شيخنا الفاضل - عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر- خير الجزاء والله الموفق .



بدأ الشيخ - حفظه الله - بمقدمة بليغة نافعة لطلبة العلم إن شاء الله .


قال الشيخ عبد الرزاق - حفظه الله - في رسالته " اقتضاء العلم العمل ":


بسم الله الرحمن الرحيم




إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره و نتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم عليه،وعلى آله واصحابه أجمعين ، أما بعد :


فلا تخفى مكانة العلم ومنزلته العليَّة في ديننا الحنيف ، ومنزلته العظيمة ، فهو أساس به يبدأ، ولا يمكن أن تقام الشريعة ، وأن تحقق العبودية التي خلق العبد لأجلها و أوجد لتحقيقها إلا بالعلم.


فهو أساس لابد منه ، و به يبدأ ، و هو المقدم ، كما قال الله - سبحانه وتعالى - :{ فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنت } [ محمد:19] ، فبدأ – جل شأنه – بالعلم .


وكان من دعاء نبينا - صلى الله عليه وسلم – الذي يواضب عليه كل يوم إذا أصبح بعد صلاة الصبح ، كما جاء في " مسند الإمام أحمد " و " سنن ابن ماجه " و غيـر هما ، من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : كان - صلى الله عليه وسلم - يقول كل يوم بعد صلاة الصبح بعد أن يسلم : << اللهم إني أسألك علما نافعا ، ورزقا طيبا ، وعملا متقبلا >>، وفي رواية << وعملا صالحا >>(1)


فقدم - عليه الصلاة والسلام – في دعائه اليومي العلم النافع على الرزق الطيب والعمل المتقبل ، وذلك أن العبد لا يستطيع أن يميز بين رزق طيب وخبيث ، ولا بين عمل صالح وطالح إلا بالعلم النافع .


فالعلم النَّافع ضياءٌ لصاحبه ، و نورٌ له ، يهتدي به ، قال الله - جلَّ وعلا - : { وَ كَذَلكَ أوحَيْنَآ إليْكَ رُوحاً منْ أمْرنَا مَاكُنْتَ تَدْري مَا الكتَبُ وَلا الإمن وَلكن جَعَلْنَهُ نُورًا نَهْدي به مَنْ نَشَآءُ منْ عبَادنَا } [الشورى : 52] .


فالعلم نورٌ ، وضياءٌ لصاحبه ، ومَثَلُ العالم في الأمَّة مَثَل أناس في ظُلمة ، وبينهم شخصٌ بيده مصباحٌ ، يضيئ لهم بمصباحه الطَّـريق ، فيسلَمون من العثار ، ويتقون الشوك و الأخطار ، ويسيرون في جادة سوية وسراط مستقيم.


ولهذا تكاثرت النصوص والدَّلائل في كتاب الله - جل وعلا - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - في بيان فضل العلم ، وشرف قدْره ، وعظيم مكانته ، والثناء على أهله ، وبيان منزلتهم العليّة .


ويكفي أهل العلم شرفا ونُبْلا أن الله - عز وجل – قرن شهادتهم بشهادته في أعظم مشهود به ، وهو توحيده : { شَهدَ اللهُ أنَّه لآ إله إلاَّ هو والملئكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } [ آل عمران :18 ] .


ويقول الله – جل وعلا – في شرف وفضل العلم : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ الزمر :9 ]، ويقول - جلَّ وعلا - : { يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجت } [ المجادلة : 11 ]، قيل في معنى الآية : أي يرفع الله العالم المؤمن على المؤمن غير العالم ، غير الفقيه درجات ، ورفعة الدّرجات تدل على عظم الفضل وعلو المكانة .


وجاء في الحديث - حديث أبي الدرداء في < المسند > وغيره في بيان فضل العلم ومكانة أهله - قول نبينا - عليه الصلاة و السلام - في حديثه العظيم الجامع : << من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وإن الكلائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وإنَّ العالم ليستغفرُ له منْ في السموات ومن في الأرض حتىَّ الحيتان في الماء ، وإنَّ فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماء ورثة الأنبياء ، فإنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر>>.(2)


روى الطبراني في "الأوسط" (3) بسند حسن عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه مرَّ بسوق المدينة فوقف عليها ، فقال : [ يا أهل السُّوق ما أعجزكم ؟ قالوا : وما ذاك يا أبا هريرة ؟ قال : ذاك ميراث رسول الله يقسم وأنتم ها هنا لا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه ؟ قالوا : وأين هو ؟ فخرجوا سراعا إلى المسجد ، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا ن فقال لهم : ما لكم ؟ قالوا : يا أبا هريرة فقد أتينا المسجد فدخلنا ، فلم نر فيه شيئا يقسم فقال لهم ابو هريرة : أما رأيتم في المسجد أحدا ؟ قالوا : بلى رأينا قوما يصلون ، وقوما يقرأون القرآن ، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام فقال لهم أبو هريرة : ويحكم فذاك ميراث محمد ] .


هذا هو مراد النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وبميراث النبيين ، فغن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم ، فكلما عظم حظ العبد ونصيبه من العلم عظم حظه من ميراث النبوة .


وجاء في حديث معاوية في " الصحيحين " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : << من يرد الله به خيرا يفقهه في الدِّين >> (4) ، قال : <<خيرا>> جاء بها منكَّرة تفخيما وتشريفا، وتعلية للثمار والآثار الَّتي يجنيها من يتفقه في دين الله ن ولهذا دخول المسلم في سبيل طلب العلم وطريق تحصيله ، هذا من علامات وأمارات إرادة الله – سبحانه وتعالى- الخير به .


قال ابن القيِّم : [ وهذا إذا أُريد بالفقه العلم المستلزم للعمل ، وأما إن أُريد به مجرد العلم، فلا يدل على أن من فقه في الدين فقد اريد به خيرا] .


بمعنى أن يتفقه ويعمل ، ويكون مقصوده بتفقهه رفع الجهل عن نفسه ، وتحقيق العبودية لله - سبحانه وتعالى - على بصيرة ، وعلى نور من الله – تبارك وتعالى - ، فإذا كان بهذه الصِّفة كان موجِبا لحصول الخير .


قال : [ وأما إن أُ ريد به مجرد العلم ن فلا يدل على أن من فقه في الدين فقد أريد به خيرا ، فإن الفقه حينئذ يكون شرطا لإرادة الخير وعلى الاول يكون موجبا ] (5) .


والعلم مقصود للعمل ، ويطلب للعمل ولتحقيق العبودية لله – سبحانه وتعالى - ، ولهذا كان مقدما على العمل ، يبدأ به ، ليكون العمل والعبادة والطَّاعة والتَّقرُّبُ لله – سبحانه وتعالى- على بصيرة ن على علم نافع، على أساس صحيح ، مستمدٍّ من كتاب الله وسنة نبيه – صلوات الله وسلامه عليه - .


ولهذا ألف الخطيب البغدادي -رحمه الله- رسالة قيمة بعنوان: " اقتضاء العلم العمل " حَوَتْ جملةً من النُّصوص والآثار العظيمة في هذا الباب العظيم .


" اقتضاء العلم العمل " بمعنى أنَّ العلم مقصودُه العمل ، وتحقيق العبوديَّة لله ، والقيام بها على بصيرة ن فإذا كان لدى العبد علمٌ بلا عمل ، لم يحقق العبوديَّة ، وإذا كان عنده عمل بلا علم – أيضا – لم يحقق العبودية .


فلا تتحقق العبودية لله – سبحانه وتعالى – إلا بالأمرين : العلم النَّافع ،والعمل الصالح ، كما قال الله عز وجل : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق } [التوبة:33] .


" الهدى" :هو العلم النَّأفع ، و" دين الحق " :هو العمل الصَّالح المقرِّب إلى الله عز وجل .


فهذا الذي بُعث به نبينا – عليه الصلاة والسلام - ، وبعث به جميع النَّبيِّين .


ومِن أجل الوقوف على الشَّواهِد والدَّلائل على اقتضاء العلم العمل ، وأن مقصود العلم العمل ، أذكُرُ في هذا الباب نقاطاً عديدة تجْلية لهذا الامر ، وجمعا لما تيسَّر من شواهده ودلائله.




فأقول:


يتبع...............







(1) أخرجه أحمد (6/294) ، و ابن ماجه (925) وفي سنده مبهم ، لكن له شاهد من حديث


أبي الدرداء عند الطبراني في <الدعاء >( 670) ، ولذلك حسنه الحافظ ابن حجر في < نتائج الأفكار > (2/315)، وصححه الألباني في < صحيح ابن ماجه >.


(2) أخرجه أحمد (5/196)،وأبو داود (3641) ، والترمذي (2686)، وابن ماجه (223) ، وابن حبان (88) ، وقال الألبانيّ في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/17): "حسن لغيره" .


(3) برقم (1429)، وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب" رقم (83).


(4) أخرجه البخاري ( 71،3116،7312)، ومسلم (1037) من حديث معاوية رضي الله عنه.


(5) " مفتاح السعادة " (1/65).


الساعة الآن 01:52 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013