أنين التائبين وبكاء الصالحين
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
- وكان من السلف من اذا رأى النار اظطرب وتغيرت حاله ، وقد قال تعالى : "نحن جعلناها تذكرة " (الواقعة 73) قال مجاهد وغيره : يعني أن نار الدنيا تذكر بنار الاخرة . وقال أبو حيان التيمي : سمعت منذ ثلاثين سنة أو اكثر من ثلاثين سنة أن عبد الله بن مسعود مر على الذين ينفخون على الكير فسقط . خرجه الامام أحمد . وخرج ابن أبي الدنيا من رواية سعد بن الأخرم ، قال : كنت كنت امشي مع ابن مسعود فمر بالحدادين وقد اخرجوا حديدا من النار ، فقام ينظر اليه ويبكي . وعن عطاء الخراساني قال : كان أويس القرني يقف على موضع الحدادين فينظر اليهم كيف ينفخون في الكير ، ويسمع صوت صوت النار فيسقط ويصرخ . - وعن ابن أبي الذباب : أن طلجة وزيدا مرا على بكير حداد ، فوققا ينظران اليه و يبكيان . و قال الأعمش : أخبرني من رأى الربيع بن خيثم مر بالحدادين فنظر الى الكير و مافيه فخرّ . وقال مطر الوراق : كان حممة و هرم بن حيان اذا أصبحا غديا فمرا بأكورة الحدادين ، فنظرا الى الحديد كيف ينفخ ، فقفان ويبكيان ، ويستجيران من النّار . وقال حماد بن سلمة عن ثابت : كان بشير بن كعب و قراء البصرة يأتون الحدادين فينظرون الى شهيق الناّر ، فيتعوذون بالله من عذاب النار . و عن العلاء بن محمد قال : دخلت على عطاء السلمي على صبي معه شعلة من نار ، فأصابت النار الريح فسمع ذلك منها ، فغشي عليه و قال الحسن :كان عمر رضي الله عنه ربما توقد له النار ثم يدني يديه منها ، ثم يقول : يا ابن الخطاب هل لك صبر على هذا وكان الأحنف بن قيس : يجيئ الى المصباح بالليل فيضع اصبعه فيه ثم يقول : حس حس ، ثم يقول : يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا . وقال البختري بن حارثة : دخلت على عابد ، فاذا بين يديه نار قد أججها ،و هو يعاتب نفسه و لم يزل يعاتبها حتى مات . وكان كثير من الصالحين يذكر النار وانواع عذابها لرؤية ما يشبهه في الدنيا ، أو يذكره بها كرؤية البحر و مواجه و الرؤوس المشوية ،وبكاء الأطفال ، وفي الحرو في البرد، وعند الطعام الشراب وغير ذلك ، وسنذكر ماتيسر ذلك مفرقا في مواضعه ان شاء الله تعالى . المصدر : التخويف من النار و التعريف بحال دار البوار فصل [ من السلف اذا رأى النار اظطرب وتغيرت حاله ] ص 35 - 37 للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله |
أنين التائبين و بكاء الصالحين 2
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
- ومنهم من حدث له من خوفه من النار مرض ، ومنهم من مات من ذلك . وكان الحسن يقول في وصف الخائفين : قد براهم الخوف فهم أمثال القداح ينظر اليهم الناظر فيقول : مرضى وما بهم مرض ، ويقول قد خولطوا و قد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم . وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور ، فلما بلغ الى قوله تعالى" ان عذاب ربك لواقع - ماله من دافع " [الطور : 8 - 9] قال عمر : قسما و رب الكعبة حق ، ثم رجع الى منزله ،فمرض شهرا يعوده الناس لا يدرون مرضه . و كان جماعة من عباد البصرة مرضا من الخوف ولزموا منازلهم كالعلاء ابن زياد وعطاء السلمي ، وكان عطاء صاحب فراش عدة سنين .كانوا يرون أن بدء مرض عمر بن عبد العزيز الذي مات فيه كان من الخوف . وروى الامام أحمد عن حسين بن محمد عن فضيل عن محمد بن مطرف ، قال : حدثني الثقة ان شابا من الأنصار دخل خوف النار قلبه فجلس في البيت ،فأتاه النبي صلى الله عليه وآله و سلم فقام اليه فاعتنقه ، فشهق شهقة خرجت نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " جهزا صاحبكم فلذ خوف النار كبده " ورواه ابن المبارك عن محمد بن مطرف بنحوه ، وروي من وجه آخر متصلا ،خرجه ابن أبي الدنيا . حدثنا الحسن بن يحي ، حدثنا خازم بن جبلة بن أبي نضرة العبدي ، عن أبي سنان ، عن الحسن ، عن حذيفة ، قال : كان شاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي عند ذكر النار حتى حبسه ذلك في البيت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و آله وسلم ، فأتاه النبي صى الله عليه وعلى وآله وسلم فلما نظر اليه الشاب قام اليه واعتنقه وخرّ ميتا ، قال النبي صى الله عليه وعلى آله وسلم : جهزوا صاحبكم ، فان الفرق من النار فلذ كبده ، والذي نفسي بيده لقد أعاذه الله منها فمن رجا شيئ طلبه ، ومن خاف شيئا هرب منه " والمرسل أصح ، و خازم بن جبلة قال ابن مخلد الدوري الحافظ : لا يكتب حديثه وقال حفص بن عمر الجعفي : اشتكى داود الطائي أياما ، وسبب علته أنه مر بآية فيها ذكر النار فكررها مرارا في ليلته فأصبح مريضا ، فوجدوه قد مات وراسه على لبنة . خرجه أبو نعيم . و خرج ايضا هو وابن ابي الدنيا وغيرهما من غير وجه قصة منصور بن عمار مع الذي مر به بالكوفة ليلا وهو يناجي ربه ، فتلا منصور هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة " [ التحريم : 6 ] قال منصور : فسمعت دكدكة لم اسمع بعدها حسا ومضيت ، فما كان من الغد رجعت ، فاذا جنازة قد اخرجت واذا عجوز ، فسالتها عن الميت ولم تكن قد عرفتني ، فقالت هذا رجل لا جزاه الله خيرا مر بابني البارحة وهو قائم يصلي فتلا آية من كتاب الله ، فتفطرت مرارته فوقع ميتا . وروى ابن أبي الدنيا عن محمد بن الحسين ، حدثني بعض أصحابنا ، حدثني عبد الوهاب ، قال : بينا أنا جالس بين الحدادين ببلخ اذ مر رجل فنظر الى النار في الكور فسقط ، فقمنا و نظرنا فاذا هو قد مات . وباسناده عن البختري بن يزيد عن حارثة الأنصاري ان رجلا من العباد وقف على كور حداد وقد كشف عنه فجعل ينظر اليه ويبكي ، قال : ثم شهق شهقة فمات . قال : وحدثت عن عبد الرحيم بن مطرف بن قدامة الرؤاسي ، أنبأنا أبي عن مولى لنا ، قال : لما مات منصور بن المعتمر صاحت امه : واقتيل جنماه ، ما قتل ابني الا خوف جهنم . وروي من غير وجه ان علي بن فضيل مات من سماع قراءة هذه الآية : " ولو ترى اذ وقفوا على النار فقالوا يا ليت نرد ولا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين "[ المؤمنين 27] . و قال يونس بن عبد الأعلى : قرأ عبد الله بن وهب كتاب الأهوال فمرّ في صفة النار فشهق فغشي عليه فحمل الى منزله وعاش أياما ، ثم مات رحمه الله . المصدر : التخويف من النار و التعريف بحال دار البوار فصل [ من حدث له من خوفه من النار مرض ] ص 41 - 43 للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله . |
بارك الله فيك
|
وفيك بارك الله
|
الساعة الآن 12:49 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013