منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   نصيحة الولد البارّ لمن كان يُعدّ من الكبار (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24627)

أبو عبد الإله فارس البجائي 17 Dec 2019 09:25 AM

نصيحة الولد البارّ لمن كان يُعدّ من الكبار
 
1 مرفق
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله إمام الصّالحين والمصلحين، وعلى آله وصحبه الطيّبين، أمّا بعد:

فما عساي أحرّر من الكلام وما بالي أقرّر للأفهام وقد اختلطت الحقيقة بالأوهام، بعدما كنت متوقفًا بين الطرفين، متأمّلًا في منهج القومين، وقد كنت غير مستوعبٍ للمصيبة والقارعة العجيبة، التي ألمّت بالبلاد، وجنت على الصُّلحاء من العباد، وطار شرارُها فأحرقت اليابس والجياد، إلّا أنّ الوجع كان يخرم قلبي، وقد أوهن الحزن عقله، من دعاة كنا نحسبهم الأكابر فلزمناهم، وسامتنا منابرهم، وحملنا محابرهم في كل مجلس ومزدحم، أجللناهم في صدورنا حينما جفاهم النّاس وآويناهم إلى قلوبنا لما طردهم النّاس، وظننّا أنّهم كانوا لنا مُعلّمين الخير، فتعلّقت قلوبنا بعلمهم لا بأشخاصهم، وتفنّنت ألسنتنا بذكر خصالهم ومآثرهم، والحال أنّنا قد خُدعنا بمنهج العُجب والغرور.

والعُجب فاحذره إنّ العُجب مُجترفٌ أعمالَ صاحبِه في سَيلِه العَرِمِ

وأوتينا على حين غرّة من سوء طويّة الكذب والزّور، زور القول والفعل الذي لا يرضاه ربّنا ولا العباد، لأنّه منقصة لا مفخرة، يهوي بها صاحبها وتنزل به في مدارك الذّل وغياهب النّدم، كما قيل:
لا تـَشْهَدَنَّ بـِزورٍ تِلـْكَ مَنْقـَصَةٌ تـَهوي بِها في مَهاوي الذلِّ وَالنـَّدَمِ
يَجْفاكَ حَتى أعَزُّ النّاس مَنـْزِلَةً يَلتَــفُّ حَوْلَكَ وسْواسٌ فَلا تـَنـَــمِ
حَتى ضَميرُكَ يأبى أنْ تـُنازلَهُ يهتاجُ سُخْطًا على فِعْـلٍ لَكَ ارْتـَسَم
قَوِّمْ مَسيرَكَ واسْلـُكْ نَهْجَ مَنْ صَدَقوا بـُشـرى لِمَـرْءٍ على الأخلاق يَسْتـَقِمِ
إنَّ الحياةَ نعيمٌ ما اسْتـَقـَمْتَ لها مَـنْ يَبْغِـيَ الفـَضْلَ عَفـو اللهِ يَغـْتـَنِـمِ


ما كنت أظنّ يوما أنّنا سنشهد هذه الفتنة، التي كانت محنةً يتعذّب فيها الصّادق، ويندى ويتخبّط فيها المحقّ، ويتصبّب للحقّ عرقه.

وما كنت إخال أن من الأكابر تأتي الصّدمة، وقد اتّهمتُ في عقلي الأصاغر والأغرار وتأوّلتُ لهم في سائر الأخبار، واعتذرتُ لهم بآلاف الأعذار، عسى ولعلّ ورُبّما...
ولكن هيهات من الصّدمة والأنّات، فلم يأبهوا بصراخ النّاصح الأمين، ولم يقيموا وزنًا لجهد الصّالح بل قابلوه بأنواع الكمين، وما ذاك إلّا من حسد شنيع وحقد دفين.

تالله إنّها لصدمة ما بعدها من صدمة من قوم لم ينظروا بنظرة المآل، ولم يحقّقوا المناط في واقعة العين في الحال، جنوا على أمر الدّعوة الربانية في بلادنا الجزائر، وغيرها من البلدان من الجيران والخلان، وأتوا بأمرٍ جَلَلٍ أصاب خنجره ظهر السّلفية بعد تربُّص الدّوائر والبهتان.

فقالوا إسقاطٌ وإقصاء، وتمييعٌ وتشنيع، وإضلالٌ وتبديع، وكلّ هذا كان بلا دليلٍ ولا تأصيلٍ فضلًا عن التّفريع.
إنّ المتمعِّن في هذه الفتنة ليعلم علم اليقين الذي لا شكّ فيه ولا مرية، أنه أمرٌ دُبِّرَ بليلٍ بَهيم وحيك بنهار ظليم، وأنّ ثمت أيادي خفيّة ولربما تنظيمات سريّة جرّاء خلفيّات سابقة مطويّة وربّما حركة حزبيّة بحُلّة جديدة تخفى علينا جميعا، ودعوة إلى تحطيم جوهر الدّعوة وتفريق المسلمين.

إنّ الكذب وحظوظ النّفس، والعُجب والغرور، وحُبّ التزعُّم والظُّهور، ترك البعض يعتقد أنّ الدعوة هالكة بعدمه، منقطعة بسكوته وصممه، آيلةٌ إلى الزّوال، ذاهبةٌ نحو الإضمحلال، ولا يقبل الكلام في شخصه الكريم، وما علم أنّ هذه الاعتبارات الشّخصيّة لا وزن لها في ميزان الجرح والتعديل، وليست أسبابًا للقدح والتنكيل.

أقول لمن هذه حاله: هل تدعو لشخصك أم تدعو إلى ربّ العالمين؟؟؟

أ تُقدِّسُ نفسك إلى هذا الحدّ، أم أنّك لا ترى غيرك إلّا بعين الاحتقار والّتهجين؟؟؟

وربّ الكعبة ما هذا بدين أمر به ربّ العالمين، ولا بمنهج سار عليه الأنبياء والمرسلون.

أحسنّا الظّنّ بالرّيحانة وأحببناه، واعتبرناه الوالد، وإذا أطلق لفظ الشّيخ فهمت الأذهان أنّ العزو إنما كان إليه، فخال القومُ أنّنا عبدناه، وإلاهًا قد اتّخذناه، وحاشانا وحاشاه، فما هو إلا داعية إلى الله تعالى وهكذا من قبل هذه الفتنة عرفناه.

وخَرَرْنا الرُّكب عند الأزهر سنين، ولم نذكره إلّا بالجميل، وجعلنا من لا يثني عليه على غير المنهج والسّبيل، لما بدا لنا من الجلوس والتصدّر، وما نسمعه منه من الرّدود على أهل البدع والتقهقر، مع ذلك كنا نرى معشر الطلاب أمورًا كنّا ننكرها فيه، من زهو النفس والعجرفة، وعدم التّواضع للطُّلاب، فظننّا أنّها هيبةٌ فاحترمناه من أجلها، ولكنّها خيبة وليست بهيبة.

وآخرُ من مدينة الجسور ظننّاه جسرًا نعبرُ عليه إلى الجنان وقنطرةً نَجوزُها نحو التأصيل وما تفرّع من الأمور الحسان، وإذ هو جسرٌ هوى منه بنفسه إلى التّفريق، والسّعي بالنميمة والتخذيل بعبارات التشدُّق والتّنميق.

تسمع عنهم كلام العوام والسّاقط في الطريق، من سبّ وطعن في أعراض الرّجال، فاتّهموا المؤدب بالعاشق المجنون، وأنه صاحب الأخدان والمجون، وعابوا على آخر حسدًا من عند أنفسهم لما آتاه الله من حسن السّمت والدلّ، فيَصلُهم ويقطعونهُ، فكأنّه كان يسفُّهم الملّ.

وسبّوا آخر بِعَرْجتِه التي طاف بها البلاد وقالوا أكّالٌ بالدّعوة، وهو والله قد أكلته الدّعوة فأفنته، وهو له قدم السّبق فيها، وجهوده الجبّارة تشهد عليه، وهو الذي لم تشبع عين أمِّه من رؤيته البهية وطلعته الزّكيّة، وقد بكى لما آل إليه الأمر، فقالوا يتباكى واتّهموه بالنّفاق والتغرير، وهذه النماذج غيضٌ من فيضٍ والله المستعان.

إلى أين أنتم ذاهبون!؟؟.
يا قوم ألا تخافون يومًا تشخص فيه الأبصار!!؟.
أم أنّكم أمِنتُم مَكرَ الله، وغَرّكم حِلمُ الله وكرمه، فتجرّأتم على أوليائه!!؟.

خفتم من الاجتماع بهم والجلوس معهم بعد دعوتكم إلى الجلوس لأنه لا دليل لكم على إدانتهم غير العجب والغرور الذي في النفوس، وقد أفهمتمونا بنُكولكم تورّعًا مزعومًا وتهرُّبًا كان معلوما.

تقولون حديث غلمان ...
فقلنا: أي نعم، فلمّا تحدث الفطاحلة، قلتم: مسحٌ بلغة الأعاجم، فصرتم تلعبون بدينكم كالصّبيان.

والأزهر انبرى بالطّعن والتّعييب، وقد كان في الأمس القريب، يتزلّف عند الرّبيع ويقول شيخنا ووالدنا، وقد زادنا ذكره إيّاه حُبّا وتعلُّقا، أمّا الآن فقد عامل أباه بالعقوق، عندما خالف الرّبيع هواه وصدع بالحق فخرّ عرش كذبه، وظنّ أنّ الرّبيع سيُداهنه أو يتكلّم بما يرضيه ويسخط ربّ العالمين.

وأمّا الرّيحانة الذي انتظرنا منه ألا يكون طرفًا في النّزاع، ويكون همزة وصل للألفة والاجتماع، كان يقرّر كذب القوم وتعييبهم في أوّل الأمر حتى أقبلت علينا تلك الفاجعة، بخيلها ورجلها فتفطّرت منها القلوب، وتصدّعت بها الأسماع من هول قرع الفاجعة، وإذ به بلغة العوام جاء بالطّوام، في حين أنّا كنّا ننتظر منه البيان الشّافي والبرهان الدّامغ الكافي على إدانة المشايخ، حصر لنا الدعوة في شخصه، وأقبل باللّؤم على السّائل وكأنّه كان يتصدّق عليه بالجواب، فكأنّ عليه غشاوة أصبحت مرآة لا يرى وينعكس فيها إلّا وجهه.

أبهذا أمرتم أم أنكم لطريق آخر قد رسمتم!؟؟؟

وأمّا الجسر فيكاد قلبه يتصدّع من غيرته المذمومة على الرّجل الرّضا، فأقبل بخيله ورجله يصارع بلا سلاح فكان هو المصروع، فناطح بِجَلْحَتِه ونازع فكان أبعد منزوع.

فالله المستعانُ فيكم، فرّقتُم الأب عن أبيه، والأخ عن أخيه، والزّوج عن ذويه، حينما قال الناس أنتم جمعتمونا، فتحمّلوا أوزاركم وأوزار غيركم، ممّن لا يكاد يُسَلّم على نفسه من نكارة الأمر ووحشة الباطل، وقد طُلّقت الزّوجات واستُحلّت الأعراض فكنتُم جسرًا إليها، وما هذا إلّا أنّهن خالفنَ هواكم، فلم يُطِعنَ في غير المعروف، فالله الله فيما جنيتُم على دعوة بذلت فيها الأنفس والأنفاس.

وأنتم أيّها الأغمار من الأتباع وفتيل الفتنة الذين لم يخافوا في الصّالحين إلًّا ولا ذمّة، هل حسبتم أنّكم تنصرون الرّيحانة بوقوفكم معه على الباطل، كلّا والله.

لو كان الأمر بالمحبّة والعاطفة لما سبقتمونا إلى مشايخكم الثلاثة، وكنا نجلس عندهم وقد عرفنا الحريصين والمهملين فلا حاجة أن توهمونا بالمحبّة الباطلة، واعلموا هداكم الله تعالى أنّ ممّا تقتضيه المحبّة الشّرعيّة لأخيكم المسلم أن تنصحوا له، وتبيّنوا خطأه، وإلّا كنتم ممّن يزيد عليه، وقد كانت المرأة الصّاحة قديما تمسك الباب على أبيها المحدّث ألّا يخرج للتحديث لاختلاطه، فما بال الرّجال اليوم لا يفعلون فعل النساء هذا، أصعُب عليهم، أم كانوا ينتظرون بشغف هذه الفتنة فويحكم والله.

هذا والله أسأل لي ولكم الهداية وإني آمل أن ترجعوا عن هذه الغواية وتتوبوا إلى ربّكم واعلموا أنّ توبتكم لا تزيدكم إلّا رِفعةً عند الله، وفي أعين إخوانكم، ولا يغرّنّكم أتباعكم الهالكين، وسوء بطانتكم المارقين.
وخاصة أنتم أيّها الرّيحانة، يا فارس المعقول والمنقول، فَطالما كنت كبيرا وعرفناك كبيرا فاعلم أنّك ستكبر أكثر في أعيننا، وتُجَلَّ أقوى في صدورنا، وسنفرح بتوبتك ورجوعك إلى الحقّ، وتأصيلاتُك التي في كتبك كانت لَتُغني عنك، لو طبّقتها في هذه الفتنة لقطعت أوصالها عن بكرة أبيها، واعلم أنّ غيرك تابعٌ لك، فإن رجعتَ رجعُوا، وإن لم يرجعوا برجوعك فنحن معك ولك ناصرون، ولا تغرَّنك كثرة الهالكين، ولا تنميقات المنمّقين، ولا تستوحشنّ بعد رجوعك من قلة السالكين والمرافقين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه آجمعين
وسلّم تسليمًا كثيرًا.



وكتب أبو عبد الإله فارس البجائي
غفر الله له ولوالديه ومشايخه

فتحي إدريس 17 Dec 2019 08:01 PM

حياك الله أخي الحبيب فارسا، حللت أهلا ونزلت سهلا، أكرم بها من بداية موفقة وأنعم.
قد أديت ما عليك يا رجل، ونصحت فأبلغت، فأسأل الله أن ينفع بكلامك وأن يزيدك توفيقا وسدادا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أبو عبد الله حيدوش 19 Dec 2019 11:21 AM

بوركت يمينك ولله درك أيها الشهم جزاك الله خيرا وبارك فيك

أبو أمان وليد القسنطيني 19 Dec 2019 02:15 PM

جزاك الله خيرا اخي على ماخطته يمينك و قد وصفت حالة الاتباع الذين نحسبهم من العقلاء
و انا اعرف الكثير تراوده هذه التساؤلات لاكن التقديس و مكانة الريحانة حال بينه و بين الحق
فالله المستعان و ماعسانا الا ان نسأل لهم الهداية

أبو أنس حباك عبد الرحمن 19 Dec 2019 02:54 PM

مرحبا بك أخي فارسا، فارسا من فرسان التصفية، وجزاك خيرا على ماكتبت فإن شواهد صدقك في الكتابة لائحة؛أسأل الله أن ينفع بها وأن ينفع بك، لاسيما في تشجيع من خاف في إعلان موقفه وتأخر لسبب أو لآخر...

أبو يحيى صهيب 19 Dec 2019 06:09 PM

جزاك الله خيرا أخي فارس أهلا وسهلا بك بين إخوانك في هذا الصرح العلمي المتين وإنها لبداية موفقة لك أسأل الله أن ينفع بها وأن يتقبل منا ومنكم إنه قريب سميع مجيب الدعاء

فاتح عبدو هزيل 19 Dec 2019 08:47 PM

ما شاء الله
جزاك الله خيرا أخي فارس

أبو محمد لخضر حواسين 19 Dec 2019 09:21 PM

جزاك الله خيرا أخي فارس لقد سررنا كثيراً بهذه الكتابة الموفقة
نسأل الله تعالى أن يجعل لها القبول وينفع بها.

فاتح بن دلاج 19 Dec 2019 09:53 PM

جزاك الله خيرا أباعبد الإله نسأل الله أن ينفع بما كتبت ويوفقك لكل خير.

أبو مسدد بوسته محمد 19 Dec 2019 10:38 PM

أهلا وسهلا بك أخي فارس،،
كتابة موفّقة زادك الله توفيقا وحرصا.

أبو محمد وليد حميدة 20 Dec 2019 05:00 PM

‏جزاك الله خيرا أخي فارس، إني أجد مقالك دموع رجل غيور على ما آلت إليه حال الدعوة السلفية في بلادنا، فالله سبحانه نسأل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ونسأله سبحانه أن يهدي إخواننا المخدوعين وأن ينتقم من المفسدين الظالمين

أبو عبد الإله فارس البجائي 21 Dec 2019 03:26 PM

اشكر جميع الإخوة الأفاضل على تشجيعهم هذا لمقالتي المتواضعة جدا وارجو أن أكون نافعا في هذا المنتدى الطيب مشاركا نافعا وقارئا منتفعا وبارك الله في جهود الجميع

أبو نافع عز الدين علي حيمود 21 Dec 2019 11:05 PM

جزاك الله خيرا ونفع الله بكتابتك هذه التي تحمل معاني الصدق والنصح والشفقة مع تقديس الحق، بخلاف كتابات القوم التي خلت من جميع هذه المعاني، وجعلوا تقديس الأشخاص هو الغرض الذي يرمون إليه أولا وآخرا ! فلا بارك الله في كتاباتهم.

مزراق أحمد 23 Dec 2019 12:52 AM

جزاك الله خيرا
مقال لخص حال ثلاثي التفريق نسأل الله لهم الهداية والرجوع إلى الحق

أبوعبد الله مصطفى جمال 23 Dec 2019 10:09 AM

جزاك الله خيرا أخي فارس وبارك فيك.


الساعة الآن 01:48 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013