منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   مزالق جمعة في تحقيق عقيدة حرب الكرماني الحلقة 2/2 (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24888)

أبو بكر يوسف قديري 02 Feb 2021 04:13 PM

مزالق جمعة في تحقيق عقيدة حرب الكرماني الحلقة 2/2
 
مزالق جمعة في تحقيق عقيدة حرب الكرماني تابع


بسم الله الرحمن الرحيم

17- ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي خبيث مبتدع.
كان على جمعة أن ينبّه هنا على مسألة اللفظ لتوضيحها للقراء كما نبّه على بعض المواضع الأخرى، وقد أحسن أسعد الزعتري في التعليق على هذا الموضع فانظر طبعته ص 65 وما بعدها = ( https://0i.is/AFt6 )

18- وكلّم اللهُ موسى تكليما ...
قال أسعد الزعتري: (في ق [أي المخطوط] كلمة غير مكتملة ويصعب قراءتها، وفي ح [أي حادي الأرواح]: منه إليه، وفي ط [طبقات الحنابلة]: مِن فيه.
قلتُ: وعبارة "مِن فيه" التي جاءت في طبقات الحنابلة لا دليل عليها، ولعلها مأخوذة عن أهل الكتاب. والله أعلم)
وفي صفات رب العالمين لابن المحب ص277 (من الله سمع موسى يقينًا) وقال محققه (ويحتمل أن تُقرأ في المخطوط كما في الطبقات، والله أعلم.)
والمنقول في طبقات الحنابلة إنما هو عن الإصطخري عن أحمد بن حنبل فلا يصحّ نسبته إلى حرب الكرماني أبدا كما تقدّم.
وأمّا قول شيخ الإسلام عنها: (وليست هذه العقيدة ثابتة عن الإمام أحمد بألفاظها فإنى تأملت لها ثلاثة أسانيد مظلمة برجال مجاهيل والألفاظ هي ألفاظ حرب بن إسماعيل لا ألفاظ الإمام أحمد ولم يذكرها المعنيّون بجمع كلام الإمام أحمد كأبي بكر الخلال في كتاب السنة وغيره من العراقيين العالمين بكتاب أحمد ولا رواها المعروفون بنقل كلام الإمام لا سيما مثل هذه الرسالة الكبيرة وإن كانت راجت على كثير من المتأخرين) الاستقامة 1\73. = فإنما يؤخذ منه نفي صحتها عن أحمد ولا يكفي بمجرده لإثباتها عن حرب الكرماني حتى يثبت ذلك عنه بالطرق المعروفة في إثبات الكتب عن أصحابها، فكيف وقد خالف المنقولَ عنه في النسخة الفريدة؟
وهو أيضا مخالف لما عليه الإمام أحمد لأن المنقول عنه هو عدم الخوض في صفة الفم إثباتا ولا نفيا؛ قال ابن تيمية: (قال القاضي: قال أحمد في الجزء الذي ردّ فيه على الجهمية والزنادقة: "وكذلك الله يتكلم كيف شاء من غير أن نقول من جوف ولا فم ولا شفتين") شرح الأصفهانية 1\73
والمقصود أن الفم لم يثبته لله أحد من الأئمة لا الكرماني ولا غيره لعدم وروده في الكتاب والسنة، وكذلك لا يصحّ نفيه لعدم الدليل على نفيه؛ قال تعالى {ولا يُحيطون به علما}، فذِكر جمعة في الهامش عبارةَ (من فيه) فيه ما فيه.

19- وناوله التوراة من يده إلى يده
قال ابن تيمية (وأما قوله «ناولها بيده إلى يده» فهذا مأثور عن طائفة من التابعين وهو هكذا عند أهل الكتاب) المجموع 12\533
وعزاه أسعد الزعتري إلى كعب الأحبار بواسطة الدر المنثور للسيوطي.
وكان على جمعة أن ينبّه على هذا الأمر المهمّ.

20- وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن "رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده"
نقل جمعة تضعيفه عن الشيخ الألباني من ظلال الجنة 486؛
وقد ذكره المصنف بصيغة التمريض، لكنه محتمل للتحسين ففي السند الذي بعده 487 من ظلال الجنة: عن حميد بن عبد الرحمن أن رجلا سأل عبادة عن قوله تعالى: ï´؟لهم البشرى في الحياة الدنياï´¾. فقال عبادة سألت عنها رسول الله ï·؛ فقال:
«هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو يرى له وهو من كلام يكلم به ربك عبده في المنام».
قال الشيخ الألباني في ظلال الجنة: (إسناده صحيح إن كان ما في الأصل حميد بن عبد الرحمن محفوظ) ثم مال الشيخ إلى أنه حميد بن عبد الله وهو مجهول فقال: (وجملة القول: أن الرجل مستور الحال والنفس تطمئنّ للاحتجاج بحديث أمثاله من مستوري التابعين وعلى ذلك جرى كثير من المحققين لكن في النفس شيء من ثبوت الزيادة المذكورة [يعني قوله: وهو من كلام يكلم به ربك عبده في المنام] لعدم ورودها في طريق الأحموسي ولا في طريق أخرى للحديث عن عبادة بن الصامت وقد أخرجها ابن جرير وغيره وكذلك لم ترد في حديث غيره من الصحابة)
ومعناه صحيح؛ فقد نسبه ابن تيمية إلى عبادة بن الصامت موقوفا في الرد على المنطقيين 1\485 وكذا ابن القيم حيث قال: (فإن الإلهام تكليم ما؛ ولهذا سمّاه الله تعالى وحيا، والوحي تكليم ما، فقال: ï´؟وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيهï´¾ ï´؟وإذ أوحيت إلى الحواريينï´¾ ونظائره وقال عبادة بن الصامت: "رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده في منامه". فكل هذه الأنواع تسمى تكليما ما.) بدائع الفوائد 1\79

21- لا يجوز لأحد إن يذكر شيئًا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعَيب، ولا بنقص ولا وقيعة، فمن فعل ذلك فالواجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو بل يعاقبه ثم يستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة ثم خلده الحبس حتى يتوب ويراجع.
وفي حادي الأرواح وطبقات الحنابلة: حتى يموت أو يراجع
في مطبوعة جمعة (حتى يتوب أو يراجع) !
وقال في الهامش عن عبارة حادي الأرواح: لعله تحريف !
أقول: إن كان هناك تحريف فهو ما في أصلك الموهوم (حتى يتوب أو يراجع) !

22- ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلّد دينه أحدا فهذا قول فاسق مبتدع
أهمل جمعة التعليق على هذا الموضع المهم وقال في المقدمة: (لكن يؤخذ عنه أنه بالغ في ثلب المقلدة ... حيث قال: ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلّد دينه أحدا فهذا قول فاسق مبتدع ...)
وهذا فهم غريب من محقق غافل، وعكسٌ لمضمون كلام المصنّف الذي أشاد بالتقليد وحثّ عليه. لكن ما معنى هذا التقليد الذي مَن تركه كان فاسقا مبتدعا عدوا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؟
هذا الذي كان ينبغي على جمعة التنبيه عليه.
والجواب: أن مراد المصنف بالتقليد اتباع الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة من بعدهم، وذاك يسمّى تقليدا عند السلف؛ قال البربهاري (ت329) في شرح السنة ص144: (فالَله اللهَ في نفسك، وعليك بالأثر، وأصحاب الأثر، والتقليد؛ فإن الدين إنما هو بالتقليد يعني للنبي ï·؛ وأصحابه رضوان الله عليهم، ومن قبلنا لم يدعونا في لبس، فقلّدهم واسترح، ولا تجاوز الأثر، وأهل الأثر.) وقال ص95: (واعلم أن الدين إنما هو بالتقليد، والتقليد لأصحاب محمد ï·؛.)
وكان على جمعة أن ينبه على هذا كما نبه في تعليق طويل جدا على قول المصنف "لأن القياس في الدين باطل".

23- والبكرية: وهم قدرية، وهم أصحاب الحبة والقيراط والدانق، يزعمون أن من أخذ حبة، أو قيراطًا، أو دانقًا حرامًا فهو كافر، وقولهم يضاهي قول الخوارج.
في مطبوعة جمعة: النصيرية بدل البكرية.
والصواب: (البكرية) وقد حكى مذهبهم الأشعري في المقالات ص286 فقال: وهم أصحاب بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد والذي كان يذهب إليه في الكبائر التي تكون من أهل القبلة أنها نفاق كلها وأن مرتكب الكبيرة من أهل الصلاة عابد للشيطان مكذب لله سبحانه جاحد له منافق في الدرك الأسفل من النار مخلد فيها أبدًا ... إلى آخر ما ذكره من ضلالاتهم
وهناك فرقتان أخريان من الصوفية تلقب كلتاهما بكرية، لكنهما متأخرتان عن زمن المصنف؛
(الأولى: «البكرية» وتنسب إلى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد البكري الصقلي (ت 380 هـ)، وقد رد عليه الإمام ابن أبي زيد القيرواني الأندلسي (ت 386 هـ)، في كتابيه «كشف التلبيس في الرد على البكرية»، و«الاستظهار في الرد على البكرية»، ومما أنكر عليه ابن أبي زيد الغلو في كرامات الأولياء، مثل: قلب الأعيان، ورؤية الله في اليقظة ...
الثانية: الطريقة البكرية الصوفية المعاصرة الموجودة في مصر وغيرها، وإن كان رؤساء الطريقة ينتسبون إلى أبي بكر رضي الله عنه، وأبو بكر بريء من ضلالهم وإفكهم كما ينتسب البكري، وقد ذكر رؤساءَ الطائفة ممن ينسب للصديق محمد توفيق البكري في كتابه «بيت الصديق».) من كلام د. السهلي محقق كتاب الاستغاثة لابن تيمية.
أما النصيرية فالمعروف أنها طائفة واحدة وهي من الفرق الباطنية التي تنتسب إلى الشيعة الاثني عشرية، ومن أكبر ضلالها تأليه البشر -والعياذ بالله-، وما زالت اليوم في سوريا حيث أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي اسم العلويين زورا وتمويها. انظر الموسوعة الميسرة في الفرق والأديان المعاصرة
فلا أعلم لماذا يغيب محققنا عن كلّ هذا؟

24- وليسوا من الإسلام في شيء
في مطبوعة جمعة: ولا لهم الإسلام في شيء
والتعبير الأول أفضل بلا شك، وهو المثبت في النسخة الفريدة فكيف يجرؤ جمعة على تغييره بلا موجب؟

25- والإباضية وهو أصحاب عبد الله بن إباض
لم يعلّق جمعة هنا شيئا، ولا عرّف بشيء من الفرق التي ذكرها المصنّف، ولا ذكر شيئا من بدعها، ولا ترجم لرؤوسها الذين ذكرهم المصنف بأسمائهم، وذلك تفريط كبير لا حامل له إلا العجز أو الكسل. نسأل الله العافية
قال الشيخ عبد السلام هارون في كتابه تحقيق النصوص ونشرها ص 75: (لا ريب أن الكتب القديمة، بما تضمنت من معارف قديمة، محتاجة إلى توضيح يخفّف ما بها من غموض، ويحمل إلى القارئ الثقة بما يقرأ والاطمئنان إليه.)
وقال ص76: (ويقتضي التعليق أيضا التعريف بالأعلام الغامضة أو المشتبهة، وكذلك بالبلدان التي تحتاج إلى تحقيق لفظي أو بلداني.)
ويزداد احتياج القارئ للتعريف بالفرق الموجودة الآن كالإباضية.
ولو تعلق الأمر بالسلفيين لرأيتَه يعلّق بأحط الأوصاف وأقذر الأساليب وأفجر الطعونات كما عرفت بذلك رسائله الواتسابية. نسأل الله العافية.
في حين أنه لمّا حضر ملتقى علم صناعة المخطوط بالجزائر الذي نظمته جامعة الجلفة لم ينبس ببنت شفة أمام تلك المرأة التي حاضرت ودافعت عن مخطوطات الإباضية، واكتفى محققنا المربي ! بمداخلة حول إصلاح النية في التحقيق.

26- والصفرية: وهم أصحاب داود بن النعمان حين قيل له: إنك صفر من العلم.
لم يعلّق جمعة على هذا الموضع أيضا،
والمعروف أنّ م€‹هذه الفرقة الخارجية تنسب إلى زياد بن الأصفر عند الأشعري، والبغدادي، والشهرستاني، وصاحب (كتاب الأديان)، وغيرهم.
وقد ترجم لهم الشهرستاني باسم الصفرية الزيادية، وقد نسبهم الأشعري في قول ضعيف فيما يظهر إلى عبيدة وهو شخص لم يوضّحه قال إنه «كان ممن خالف نجدة ورجع من اليمامة». فحينما كتب نجدة إلى أهل البصرة وجاء الكتاب وقرئ عليهم وكان هناك ابن إباض وعبيدة هذا، فاختلفوا بسبب ما جاء فيه نحو مخالفيهم؛ إذ كان يرى ابن إباض أن مخالفيهم كفار نعمة، وكان عبيدة يرى أن مخالفيهم مشركون، السيرة فيهم السيرة من أهل حرب رسول الله ï·؛ الذين حاربوه من المشركينم€ٹ من كتاب الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي ص206
وأما أهل اللغة فذكروا اتجاهات أخرى؛ جاء في تاج العروس:
م€‹(والصفرية، بالضم ويكسر: قوم من الحرورية)، من الخوارج،
قيل:
(نسبوا إلى عبد الله بن صفّار، ككتّان)، وعلى هذا القول يكون من النسب النادر.
(أو إلى زياد بن الأصفر) رئيسهم، قاله الجوهري.
(أو إلى صفرة ألوانهم،
أو لخلوّهم من الدين)، ويتعين حينئذ كسر الصاد، وصوّبه الأصمعي، وقال: خاصم رجل منهم صاحبه في السجن، فقال له: أنت والله صفر من الدين. فسموا الصفرية، وأورده الصاغاني.م€ٹ فيكون ما أورده الصاغاني شاهدًا لعبارة المصنف. والله أعلم.
وداود بن النعمان الذي ذكره المصنف من الخوارج أيضا،
قال عنه الذهبي في تاريخ الإسلام (وفيها [أي سنة 75] خرج داود بن النعمان المازني بنواحي البصرة، فوجه الحجاج لحربه الحكم بن أيوب الثقفي متولي البصرة، فظفر به، فقتله)
ونسبه البلاذري في أنسابه إلى بني أنمار بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة.

27- والبيهسية، والميمونية، والخازمية كل هؤلاء خوارج فساق مخالفون للسنة خارجون من الملّة أهل بدعة وضلالة، وهم لصوص قطّاع قد عرفناهم بذلك.
في مطبوعة جمعة: والحازمية والمشبّهة ...
ومذهب الخوارج في الصفات لم يكن معروفا إذ بدعتهم ليست في باب الصفات.
قال الدكتور غالب عواجي في كتابه المتقدم "الخوارج" ص267: (هذه المسألة لم أجد فيما تيسر لي الاطلاع عليه من كتب علماء الفرق بياناً لرأي الخوارج فيها بصفة عامة.
وقد ذكر الشهرستاني عن فرقة الشيبانية قولاً لأبي خالد زياد بن عبد الرحمن الشيباني في صفة العلم لله أنه قال: (إن الله لم يعلم حتى خلق لنفسه علما، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له عند حدوثها).
وأما بالنسبة لفرقة الإباضية بخصوصهم فقد تبين من أقوال علمائهم أنهم يقفون منها موقف النفي أو التأويل؛ بحجة الابتعاد عن اعتقاد المشبهة فيها)
فنسبة التشبيه إلى الخوارج اعتمادا على أصل جمعة الموهوم غير ممكنة خاصة مع مخالفته للنسخة الأصلية الفريدة.
وكذلك السياق لا يساعده فقد قال عنهم (لصوص قطاع.) وهذه صفات الخوارج المحاربين لا تلائم المشبّهين. والله أعلم

28- فأي ضلالة بأبين ممن قال بهذا أو كان على مثل هذا، يترك قول الرسول وأصحابه ويتبع رأي أبي حنيفة وأصحابه؟ فكفى بهذا غيًا وطغيانًا وردًا
في مطبوعة جمعة: (... وطغيانا ودًّا؟) وأظنه خطأ مطبعيا، والله أعلم.

29- والولاية بدعة، والبراءة بدعة، وهم [الذين] يقولون: نتولى فلانا ونتبرأ من فلان. وهذا القول بدعة فاحذروه.
قال جمعة: كذا فسّرها المصنف. ثم نقل من "السنة" للخلال أن الإمام أحمد فسرها بقوله «البراءة أن تتبرأ من أحد من أصحاب رسول الله ï·؛، والولاية أن تتولى بعضا وتترك بعضا، والشهادة أن تشهد على أحد أنه في النار»
ولا فرق بين تفسير المصنف وتفسير شيخه أحمد حتى يعقّب عليه جمعةُ بهذه الطريقة التي توهم خطأ المصنف في تفسيره.
ونذكّر جمعة أن الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض، كما قاله البلقيني -رحمه الله-.

30- أَنفَوْا قدرة الله عن خلقه
في مطبوعة جمعة: ألغَوا. والصحيح في الكتاب: أنفوا. للسبب المتقدّم وهو كونه كذلك في النسخة الأصلية الفريدة ولِما تقدم في قول المصنف: (ومن زعم أن أحدا من الخلق صائر إلى غير ما خلق له فقد أنفى قدرة الله عن خلقه، وهذا إفك على الله وكذب عليه.) وقد تقدم تحت رقم 7.
هذا هو الصحيح في الكتاب، وإن كان ذلك لم يَرد في كتب اللغة التي بين أيدينا، وقد تقدم التنبيه عليه في الموضع السابق.

وفي الختام نسأل سؤالا: هل أضاف جمعة شيئا جديدا للكتاب؟
الجواب: أنه لم يضف شيئا ذا بال سوى تصحيحات لغوية قليلة جدا أذكر منها موضعين فقط: تصحيح (أنفى) إلى نفى، و(ثقاتا) إلى ثقات. وقد سبقه إلى تصحيحها الشيخ أسعد الزعتري في نُشرته، وفي المقابل لجأ جمعة إلى تحقيق عادل آل حمدان في أكثر من مائة وثمانين موضعا.

وبذلك ينطبق على جمعة ما قاله الشيخ بكر أبو زيد في الرقابة على التراث:
(أضحت هذه الثروة التي تَمَيَّزَ بها المسلمون عن سائر الأمم، نِهَابَاً تَرَاهَا في كفِّ كل لاقط، يتوازعها الجياعُ بصلابةِ جبين، فيتلقونها بأكفٍّ مفتوحةٍ كأنما هي من كدِّهم وكدِّ أبيهم، وترقصُ أقلامهم بين سطورها متصرفةً بما بدا لها، تصرُّف المُلاَّك في أملاكهم، وذوي الحقوق في حقوقهم، وهم لا يستحقونها بنسبٍ ولا بسببٍ؛ بل هم محجوبون ممنوعون لاختلاف الدين، أو رِقٍّ أصاب العقول .
فصار إظهارُ جملةٍ كبيرةٍ من التراث مطبوعاً يعتريه عوامل نَحْسٍ مَهُوْلَةٍ تُمَثِّلُ ظاهرةً مؤلمةً جاءت بالخاطئة، ونهضةٍ مهجنةٍ خافضة، ترتعدُ من هُجنتها فرائص أهل البصائر، منها:
3- وَأْدُ التحقيق؛ فترى الكتاب يخدمه عالمٌ متقنٌ ثم يستلّه متعالمٌ صعلوك، فَيُحَوِّرُ في الحواشي، بعد أنْ يتنمَّر في المقدمة بِثَلْبِ الطبعة السابقة، ولهم مسالك شتى.)

ذلك كلّه مع خلوّ تحقيق جمعة من مقاصد التأليف؛ قال الشيخ بكر أبو زيد في الحلية: (كما يكون الحذر من التأليف الخالي من الإبداع في مقاصد التأليف الثمانية والذي نهايته تحبير الكاغد، فالحذر من الاشتغال بالتصنيف قبل استكمال أدواته، واكتمال أهليتك، والنضوج على يد أشياخك، فإنك تسجّل به عاراً، وتبدي به شناراً.)
وهذه المقاصد الثمانية قد ذكرها أبو حيان النحوي في شرح التسهيل بقوله: (فدونك -أيها السائل- مِن هذا الشرح كتابا غريب المثال، قريب المنال، هبّت عليه النفحات اليمانية، واجتمعت فيه المعاني الثمانية، وهي التي يصنّف فيها العلماء، ويتطلبها من التأليف الفهماء: معدوم قد اختُرع، ومفترق قد جمع، وناقص قد كمّل، ومجمل قد فصّل، ومسهَب قد هذّب، ومخلّط قد رتّب، ومبهم قد عيّن، وخطأ قد بيّن.)

وبما أن الكتاب قد خُدم عدة مرات خصوصا طبعة الشيخ أسعد الزعتري، وبما أنه متوفر في الشبكة والمكتبات، فإن جمعة لم يُصب في إعادة تحقيق هذا الكتاب، بل كان عليه أن يصرف جهده في إخراج كتاب آخر بعد أن يتعلّم التحقيق على أصوله.
وذلك لعدم مسوّغات إعادة تحقيق الكتاب التي هي:
(- أن يكون الكتاب ممّا لم يحقّق تحقيقاً علميّاً وفقاً للأصول المتعارف عليها، بل طبع طبعة تجارية.
- أن تكون مسوّغات الإعادة علميّة مقبولة تنضوي في ما يطلق عليه "التحقيق غير التامّ" كالعثور على مخطوطات جديدة أدقّ وأوفى، وجمع أشعار أخرى غير التي في الدواوين أو المجاميع الشعرية، ونفاد الأعمال الأولى، أو أنها نشرت في مجلات يصعب الحصول عليها، أو كثرة أخطاء محققيها ومزالقهم.
وما عدا ذلك فإن إعادة تحقيق ما حقّق هو تبديد للجهود والأجدى منه هو التوافر على نشر الذي ما زال مطويّاً من التراث وأن يصرف المحقّق جهده إلى أثر تراثي آخر.) انظر تحقيق التراث ليوسف بكار ص48.
والحمد لله رب العالمين

كتبه: يوسف قديري في مغنية
21 جمادى الآخرة 1442


الساعة الآن 07:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013