منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   مقتطفات وطرائف من حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=17017)

شعبان معتوق 31 Aug 2015 06:54 AM

مقتطفات و طرائف من حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-
 
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

مقتطفات و طرائف من حياة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-

لا يزال طلاب العلم يبحثون و ينهلون من سير و تراجم العلماء، لما في ذلك من إيقاظ للهمم و إقبال على الخير، و تزداد أهمية سيرة العالم و ترجمته إذا كان هو المُترجِم لها بنفسه أو أحد طلابه ممَّن عاصره و تتلمذ على يديه، فلا شك أنه من أقرب الناس و أعرفهم بشيخه، وقد سار على هذا، الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل رحمه الله، حيث ألف رسالة ماتعة سماها : «الشيخ عبد الرحمان السعدي كما عرفته» و قد عاشره الشيخ سنينا مديدة و لازمه عقودا متطاولة، و قد وقفت حين مطالعتي لهذه الرسالة على بعض المواقف و الطرائف التي حصلت للشيخ رحمه الله، فأحببت أن أنقلها لإخواني.

��- مما يذكر من مزاحه أنه كان يجيب دعوة من يدعوه للقهوة و نحوها بعد صلاة العشاء، أو بعد صلاة الظهر، فجاء أحد الإخوان، و طلب منه موعدا للقهوة. فقال الشيخ و الله هذه السنة مواعدين فيها كلها، لكن كان تبي(١) من السنة المقبلة فلا بأس، فتعجب الرجل و قال سنة كاملة مواعدين فيها، فتبسم الشيخ. و كان الوقت إذ ذاك لم يتبق من شهر ذي الحجة إلا ثلاثة أيام، فمعناه صحيح، أن هذه السنة سبق أن واعد فيها كلها.

��- و كان مرة يلقي درسا على تلاميذه الصغار في باب الأضحية، و ذكر أن الهتماء لا تجزئ، و هي ما سقطت ثناياها من أصلها، فسألهم عن الشاة إذا لم يكن لها أسنان من فوق هل تجزئ أم لا؟ فتحيروا في الجواب، فأخبرهم أن الشاة ليس لها أسنان من فوق، و ذلك خلقة، بل أسنانها خاصة بالحنك الأسفل، و هذه خلقتها التي خلقها الله عليها.

��- و كان له جار رجل كبير في السن أعرفه (أي الشيخ)، يقال له: الغديفي، عمره حول السبعين سنة، تزوج امرأة كهلة، فقابله الشيخ يهنئه بالزواج فقال: يا شيخ يا شيخ، شف يدي عضتها، فقال الشيخ مازحا: احمد ربك، هذه نعمة، ما دام عندها أسنان تعض فيها، فهذه معناها أنها شابة.

��- و من هذه المسائل و نحوها مما فيه ترويح للنفس من دون إكثار، أنه أهدى له مرة أحد أقاربه صحفة عشاء، و كان من العادة أن مثل هذه الهدية تهدى قبل آذان العصر، حينما كان عشاء الناس يعد العصر، فلما صلّى العصر، و جلس للطلبة، و انتهى الدرس. قال لهم: عندنا لَبِن (جمع لبنة) نريد نقله من محلّ إلى محلّ، فالذي ما عنده شغل، و يحب يساعدنا جزاه الله خيرا.
فجاء الإخوان، منهم من تقدم و من تأخر، و منهم من جاء مستعدا لنقل اللبن، فلمّا دخلوا قدم لهم العشاء، فقالوا: أين اللبن يا شيخ؟ فقال: عدلنا عنه.

·و كما ذكرنا أنه كان يمزح أحيانا فقد كان يمزح معه الآخرون أحيانا
:

��- فمن ذلك أنه سئل في مجلس جامع عن حكم رؤية الخاطب مخطوبته قبل عقد النكاح، فأجاب بجوازه، و أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد إليه(٢)، و كان هناك رجل أعمى، فقال الأعمى: و نحن العميان، هل يجوز لنا أن نتلمّس ما دمنا لا نتمكّن من الرؤية، فضحك الشيخ و الحاضرون.

��- و كان رحمه الله يتقلّل من الأكل جدًّا، حتى إذا جلس على المائدة لا تحسّ أن ما حوله نقص منه شيء، فقد عوَّد نفسه على قلّة الأكل باستمرار صيفًا و شتاءً، في سفره و إقامته، و نفعه ذلك كثيرًا، فلهذا صار خفيف البدن، فهو ربعة من الرجال، ليس بطويل و لا قصير، و كان لونه أبيض و شعره أبيض فقد شاب مبكرًا.

��- و كان رحمه الله يقلّل من استعمال الماء عند الوضوء، اقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلّم، حيث إنه يتوضّأ بالمدّ، و يغتسل بالصاع.
و كان له صديق، له أمٌّ كثيرة الوسوسة في الوضوء، و تكثر صبّ الماء، فشكا إليه صديقه حالة أمّه، فنصحها الشيخ و كرّر عليها، وقال: حَضِّرها عندي إذا توضّأت لتشاهدني من خلف الباب، فلمّا رأت وضوءه قالت: هذا وضوء شيخ؟؟ يا أسفا على صلاتنا خلفه كلّ هذه المدة.

��- و ذكر شاهد عيان أنّه في يوم شاتٍ غزير المطر، شاهد شيخنا شخصًا كبيرًا في السنّ في مسجد الجامع، ينتفض من شدّة البرد، و عليه خَلَق بال، فلما رآه شيخنا بهذه الصفة لاذ خلف العمود لئلَّا يشاهده أحد، ثم خلع أحد ثوبيه، ثم لفه و أعطاه ذلك الشخص، فلبسه و اتقى به من البرد، و دعا له.

��- و مرة أخرى كانت الشوارع مملوءة من الأمطار و الطين، و كان أحد من الجماعة المعروفين يمشي أمامه دون أن يشعر به، فزلق الرجل، ووقع على الأرض، وتوسخت ثيابه، فلمّا رأى شيخُنا حالته انصرف مع طريق آخر لئلّا يعلم الرجل أن الشيخ قد رآه على هذه الحالة فيخجل. و كم لشيخنا من مواقف مشابهة.(انتهى كلام الشيخ)

·- و للشيخ رحمه الله مواقف و مبادرات أذكر بإذن الله موقفين حصلا معه:

الأول: أنه كان أولّ من بادر إلى تركيب مكبر الصوت(المكرفون) لمّا ورد إلى عنيزة، فقام بتركيبه في الجامع، و خطب فيه على المنبر يوم الجمعة، مع أنّ بعض المشايخ استنكر ذلك، ورأى أنّه من البدع، و منع دخوله المساجد بحجّة أنه لم يكن على وقت النبي صلى الله عليه وسلّم و لا صحابته رضوان الله عليهم.
و أما شيخنا فأفتى بجوازه، بل باستحبابه لما رأى من النفع العظيم، من إيصال صوت العلم و الخطبة إلى أناس لم يكونوا يسمعون قبل هذا الجهاز.

الثاني: فيما يخص طاعة الشيخ لولاة الأمور، و قصة يأجوح و مأجوج:
كان الشيخ يعظّم طاعة ولاة الأمور، و لا يسمح لأحد أن يتكلّم فيهم، و يظهر حبه للملك عبد العزيز رحمه الله، و يثني عليه في كل مناسبة، و يذكر محاسنه، و تحكيمه الشريعة، و أمره بالمعروف، و نهيه عن المنكر.
و فيما يخص قصة يأجوج و مأجوج يقول الشيخ، أن الأرض الآن قد اكتشفت، و ما بقي فيها شيء يعدُّ مجهولا، إلا ما يتعلَّق بالقطب الشمالي و القطب الجنوبي، و هذا مكان لا يعيش فيه أحد غالبا، فيقول: ظهر لي أن الذين خلف السد هم الصين و اليابان و ما حولها، فألف رسالة في ذلك، و هذه الرسالة ثار حولها كلام كثير، حتى إن الملك عبد العزيز لمّا بلغه خبر الكتاب، طلب حضور الشيخ عبد الرحمان إلى الرياض و معه تفسيره، فلبى الشيخ الطلب، و جاء إلى الرياض، و استقبله المشايخ، و حضر عند الملك رحمه الله، و كان الملك عبد العزيز حكيما عاقلا، و بعيد النظر، أخلف ظن الناس، بل قال له: أنت يا شيخ أخونا، و المشايخ إخوانك، ما قالوا عنك شيئا أبدا، لكن يأجوج و مأجوج، لا نحب أنك تظهر هذا القول، لأن فيه إشكالا، و فيه كذا و كذا، فقال شيخنا: سمعا و طاعة، و خروج يأجوج و مأجوج مذكور في القرآن و السنة، و ما دام أن هذا رأيكم فسمعا و طاعة . ثم لم يتكلم فيها الشيخ حتى توفّي، و لم يرجع عما كتبه فيها، أو يظهر خلاف كلامه السابق.

و في الأخير أشكر إخواني المشرفين و على رأسهم شيخنا الشيخ لزهر حفظه الله تعالى أن قبلوا عُضويتي في هذا المنتدى المبارك، و كذلك إخواني الأعضاء على ما يبذلونه من خير، خاصة أخي فتحي إدريس على نصائحه و توجيهاته فجزاه الله خيرًا.

-----------------------------------------
(١) يعني: إن كنت تريد موعدًا من السنة القادمة.
(٢) ورد ذلك في أحاديث كثيرة، منها ما رواه الترمذي(٣٩٧/٣)، من أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر المغيرة بن شعبة أن ينظر إلى مخطوبته فإنه أحرى أن يؤدم بينهما.

أبو يوسف رمزي الجزائري 31 Aug 2015 08:28 AM

رحم الله الشيخ عبد الرحمن وكل مشايخنا وحفظ الاحياء منهم

أبو عبد السلام جابر البسكري 31 Aug 2015 12:21 PM

جزاك الله خيرا على هذا الجمع المبهج المفيد
ورحم الله الشيخ السعدي و طيب الله ثراه.

فتحي إدريس 31 Aug 2015 03:35 PM

أهلا وسهلا ومرحبا بالأخ الحبيب شعبان؛ قد سرني انضمامك لهذا الصرح العلمي المبارك مفيدا مستفيدا، وقد بدأ عطاؤك فأسأل الله أن يبارك فيه وأن يزيدك توفيقًا وسدادًا.
جزاك الله خيرًا على جمعك المبارك الطيِّب المفيد من مواقف علامة القصيم عبد الرحمن بن ناصر السّعدي، فرحمه الله ورحم العلامة ابن عقيل.

شعبان معتوق 31 Aug 2015 05:29 PM

جزاكُم الله خيرًا و بارك فيكم إخواني رمزي، جابر و فتحي على مروركم و تعليقاتكم العطرة، نسأل الله لنا و لكم التوفيق و السَّداد.

أبو معاذ محمد مرابط 04 Sep 2015 09:27 AM

جزاك الله خيرا شعبان

أبو هريرة موسى بختي 04 Sep 2015 09:34 AM

سبحان الله
جزاك الله خيرا

أبو البراء 04 Sep 2015 09:50 AM

جزاك الله خيرًا أخي شعبان.
هذه أوَّل مشاركةٍ في المنتدى بمقالة لطيفةٍ حسنةِ الانتقاء، والجهدُ المبذول فيها واضح، فاستحقَّت التَّثبيت ـ ثبَّتنا الله وإيَّاك ـ، وهكذا نحبُّ لإخواننا أن يكونوا.

أبو معاذ رضا التبسي 04 Sep 2015 03:48 PM

بارك الله فيك إن ذكر سير علماءنا يبهح القلب ويفرح النفس بمواقف أولئك الرجال ويملء القلب همة لسلوك الطريق الذي سلكوه فجزاك الله خيرا

شعبان معتوق 04 Sep 2015 04:04 PM

جزاكما الله خيرًا أخي محمد و كذلك أخانا و شيخنا خالد على ما تبذُلانه من جهودٍ مُباركة في هذا المنتدى و في غيره، و إنِّي جد مسرور بمُروركما، زادكما الله توفيقًا وسدادًا.
إخواني موسى و رضا جزاكما الله خيرًا.

أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي 05 Sep 2015 09:50 PM

مرحبا بك أخي شعبان بين اخوانك في هذا الصرح الدعوي المبارك ان شاء الله، وشكرا لك على تلك المقتطفات من حياة العلامة السعدي رحمه الله؛ فكم نحن بحاجة ماسة الى معرفة سير وأخلاق علمائنا؛ ففيها الدروس والعبر لمن رام الاقتداء، فجزاك الله خيرا.

شعبان معتوق 05 Sep 2015 10:28 PM

أخي عبد الرحمن جزاك الله خيرًا، و بارك في جُهودك التي تبذلها لتقديم الأفضل دائما، خاصة في قسم الفرنسية.
وفقك الله و أعانك على أشغالك كلها.

عبد اللطيف غاليب 07 Sep 2015 12:05 AM

جزاك الله خيراً أخانا المِفضال معتوق شعبان - حفظك الله وسدد خطاك - على هذا الجُهدِ الطيب في ذكر بعض فضائل الإمام العلامة الجليل عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - الذي يعتبر بحقٍّ مفخرة العلماء في العصر المنصرمِ ، ومن آثاره الطيبة وحسناته الجليلة تلميذه النجيب الإمام فَقِيه الزمان وحسنة الأيام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - وغيره من طلبته النجباء الذين خدموا الأمة الإسلامية بعلومهم الزاخرة وآثارهم الفاخرة ، وقد وفقت في اختيار الكلام في مناقب هذا الجبل الشامخ في العلم والتأليف ونفع الناس ، ونتمنى لك أخي الحبيب حظاً موفقاً في مقالاتك القادمة بإذن الله ، وأشكر جميع إخواننا طلبة العلم على شكرهم لك على مقالك الرفيع وأخص منهم الأخ الفاضل الشيخ خالد حمودة و أخانا المِفضال الشيخ محمد مرابط والأخ العزيز النجيب عبد الرحمن البجائي - حفظهم الله تعالى ورعاهم - كما لا يفوتني أن أشكر شيخنا الوالد الشيخ أزهر سنيقرة - حفظه الله تعالى - على جهوده الكبيرة في خدمة السنة ومنهج السلف في دروسه وخطبه وعبر هذا المنبر الطيب ، والله الموفق والهادي للرشاد .

شعبان معتوق 07 Sep 2015 02:52 PM

جزاك الله خيرًا أخي الحبيب عبد اللطيف، نسأل الله لنا و لجميع إخواننا في هذا المُنتدى المُبارك التوفيق و السَّداد في أعمالنا كلها.


الساعة الآن 07:05 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013