منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   كلام متين للإمام ابن باديس رحمه الله تعالى؛ فيه تسلية للغرباء القابضين على الجمر في هذا الزمن. (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=23207)

أسامة لعمارة 25 Mar 2018 03:36 PM

كلام متين للإمام ابن باديس رحمه الله تعالى؛ فيه تسلية للغرباء القابضين على الجمر في هذا الزمن.
 
بسم الله الرّحمن الرّحيم



كلام متين للإمام ابن باديس رحمه الله تعالى، فيه تسلية للغرباء القابضين على الجمر في هذا الزمن.


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فقد قال الله تعالى: "ألم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين".[الروم، 1-3]
يقول العلّامة السعدي: "يخبر تعالى عن [تمام] حكمته وأن حكمته لا تقتضي أن كل من قال " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان، أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن، ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه، فإنهم لو كان الأمر كذلك، لم يتميز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل، ولكن سنته وعادته في الأولين وفي هذه الأمة، أن يبتليهم بالسراء والضراء، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والغنى والفقر، وإدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، ومجاهدة الأعداء بالقول والعمل ونحو ذلك من الفتن، التي ترجع كلها إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة، فمن كان عند ورود الشبهات يثبت إيمانه ولا يتزلزل، ويدفعها بما معه من الحق وعند ورود الشهوات الموجبة والداعية إلى المعاصي والذنوب، أو الصارفة عن ما أمر الله به ورسوله، يعمل بمقتضى الإيمان، ويجاهد شهوته، دل ذلك على صدق إيمانه وصحته.
ومن كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه شكا وريبا، وعند اعتراض الشهوات تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دل ذلك على عدم صحة إيمانه وصدقه.
والناس في هذا المقام درجات لا يحصيها إلا الله، فمستقل ومستكثر، فنسأل الله تعالى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يثبت قلوبنا على دينه، فالابتلاء والامتحان للنفوس بمنزلة الكير، يخرج خبثها وطيبها" .[تيسير الكريم الرحمن، ص 626]

فالله تبارك وتعالى جعل لعباده هذه الفتن اختبارا وامتحانا لهم، ليميز الصادق من الكاذب، فعلى أهل الحق أن يصبروا ويثبتوا ولا يجزعوا، وأن يخلصوا ويصدقوا، والله تعالى كفيل بأن يعلي من قدرهم على قدر صبرهم وتحملهم، طال الزمن أو قصر.

وإن ما يحدث في زماننا هذا في بلادنا هاته من تطاول الصغار، واستنسار البغاث، وعدوان الإعلام؛ لمن الامتحان من الله تبارك وتعالى لعباده الصادقين، فعلى الإنسان أن يثبت فيها ويصبر، وأن ينصر الحق وأهله، وأن لا يتميّع مع المنحرفين الفتّانين الضائعين.

وليعلم العبد أن في هذه الفتن خيرا كثيرا عليه أن يتنبه له ويتأمله، فهي كما هي شر على من سقط فيها، فهي كذلك خير لمن اجتنبها وسلم من الوقوع فيها، هذا وقد وقفت على كلام عظيم رصين، قليل المباني كثير المعاني، للإمام المصلح عبد الحميد بن باديس رحمه الله، وقد راق لي كثيرا فأحببت مواساة إخواني به والتسلية به عنهم.

قال رحمه الله: "إننا قوم -بفضل الله- لا تزيدنا الحوادث إلا تجربة وخبرة، ولا تزيدنا الكوارث إلا صلابة ومضاء، ثقة منا بالله قبل كل شيء، وثقة بالحق الذي اطمأنت نفوسنا إليه، وهان عليها كل شيء في سبيله، وأيقنت أن الغلبة له وإن كنا نحن- إذا شرّفنا الله بذلك- ضحاياه.
فنرجوا من أنصار الحق الذين آلمهم هذا الحادث العجيب أن يؤمنوا هذا الإيمان، ويوقنوا هذا اليقين، وهل يتربص بنا إلا إحدى الحسنيين؟
وهل العاقبة إلا للمتقين؟ وهل العدوان إلا على الظالمين؟ فحسبنا الله ونعم الوكيل
" . [آثار عبد الحميد بن باديس، دار عالم المعرفة ودار ابن حزم، ط 1 سنة 2014، الجزء الثالث المجلد السادس، ص 99-98.]

ونستنتج من هذا الكلام:

1- أن في هذه الفتن والمحن فوائد كثيرة، فهي خيرٌ للصادقين المخلصين، حيث لا تزيدهم إلا خبرة وتجربة وصلابة ومضاء.
2- أن الحوادث والكوارث والفتن لا بد منها لسالك طريق الحق.
3- لابد من الثقة بأن الله تعالى ناصرٌ دينه تاركٌ طائفة على وجه الأرض قائمة به لا تزعزعها الفتن بل لا تزيدها إلا صلابة ومضاء.
4- على الإنسان التمسك بالحق الذي علمه، فلا ينكر ما كان يعرف ويعمل بخلافه، بل لابد عليه من ملازمته والوقوف عنده حتى لا يصير منكرا للمعروف آمرا بالمنكر عاملا له، فيكون من أهل الضلالة حينئذ.
5- على الإنسان بذل النفس والنفيس من أجل هذه الدعوة الربانية، وعليه أن لا يتوانى في سبيل نصرتها ونصرة أهلها بكل ما أوتي ولو على حساب مصلحته الشخصية.
6- من الشرف للعبد أن يستعمله الله تعالى في نصرة الحق والذب عنه.
7- أن العاقبة لأهل التقوى؛ قال الله تبارك وتعالى: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين".[القصص، 83].

هذه فوائد قيدتها على عجالة من كلام هذا الإمام الذي يحتاجه كل صادق في هذه الأزمان، هذا ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على النبي المصطفى المختار وآله وصحبه الأطهار.


أبو أمامة أسامة بن الساسي لعمارة.
عين الكبيرة . سطيف.

يوسف عمر 25 Mar 2018 03:48 PM

جزاك الله خيرا أخي أسامة وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك.

عز الدين بن سالم أبو زخار 27 Mar 2018 06:53 AM

البعض يجد الغربة في أهل بيته والله المسعان، فكيف بمن حوله؟
جزاك الله خيرا أخانا أبا أمامة على هذه الفوائد.

عبد الله سنيقرة 27 Mar 2018 01:04 PM

بورك فيك أبا أمامة.

أبو معاوية محمد أنور زروقي 27 Mar 2018 02:34 PM

جزيت خيراً أخي المفضال أسامة وبورك فيك.

أسامة لعمارة 27 Mar 2018 07:51 PM

جزاكم الله خيرا إخواني الكرام: يوسف وعزالدين وعبد الله وأنور على مروركم.


الساعة الآن 10:15 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013