صِرَاعٌ بَيْنَ قَدَمِ السَّبْقِ وَقدَمِ الصِّدْقِ!
صِرَاعٌ بَيْنَ قَدَمِ السَّبْقِ وَقدَمِ الصِّدْقِ! بِسْمِ اللهِ رَبِّ العَالَمِين، وَبِهِ أسْتَعِين. كَثِيرًا مَا تَقْرَعُ الأَسْمَاعَ أَقْوَالٌ ( مُحْدَثَةٌ! ) لَيْسَ لَهَا فِي مِيزَانِ الشَّرْعِ مِعْيَارٌ، يَتَّخِذُهَا أَصْحَابُهَا مَبْدَءًا مِنْهُ يَنْطَلِقُونَ وَرُكْنًا إِلَيْهِ يَأْوُونَ فِي الأَحْكَامِ وَالمَوَاقِف، وَيَشْفَعُ لَهُمْ - فِي نَظَرِهِم الأَعْمَش!- أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ سَبْقٍ فِي مِضْمَارِ الدَّعْوَةِ، فَيُخَوِّلُونَ لِأَنْفُسِهُمْ ( التَّحَكُّمَ ) فِي بَعْضِ الأَعْمَالِ المَشْرُوعَةِ، وَيُحْدِثُونَ لَهَا شُرُوطًا مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، وَذَلِكَ لِإِضْفَاءِ صِبْغَةِ ( الشَّرْعِيَّةِ ) عَلَى مَوَاقِفِهُمُ الهَزْلِيَّة! وَمِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَتَمَسَّكُ بِهَا مُتَعَصِّبَةُ المَذَاهِبِ -حِينَ تُبَيِّنُ لَهُمْ أَنَّ مَذْهَبَهُمْ خِلَافُ السُّنَّةِ- قَوْلُهُمْ: وَهَلْ الإِمَامُ ( أَبُو حَنِيفَة، مَالِك، الشَّافِعِي، أَحْمَد ) لَا يَعْرِفُ السُّنَّةَ وَأَنْتَ تَعْرِفُهَا؟! وَهَكَذَا مُتَعَصِّبَةُ الهَوَى وَالرَّأْيِ اليَوْمَ، إِذَا أَوْقَفْتَ المُتَّبِعَ الأَعْمَى عَلَى بَيَانِ خَطَأ مَتْبُوعِهِ الأَعْمَشِ وَأَنَّهُ قَالَ بِخِلَافِ الحَقِّ، اِنْتَفَضَ فِي وَجْهِكَ قَائِلًا: فُلَانٌ لَهُ سَابِقَةٌ فِي الدَّعْوَةِ، وَيَأْتِي اليَوْمَ مَنْ يَرُدُّ كَلَامَهُ؟! مَعَ أَنَّ مِعْيَارَ ( السَّبْقِ ) مُتَغَيِّرٌ مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ، إِلَّا أَنَّ مِعْيَارَ ( الصِّدْقِ ) ثَابِتٌ عَلَى مَرِّ الأَزْمِنَةِ وَالعُصُور.. اِسْتَرْجِعُوا أَنْفَاسَكُمْ لِمُوَاصَلَةِ التَّجْوَالِ! /- عِنْدَمَا تَكُونُ ( قَدَمُ السَّبْقِ ) دِرْعًا يَحْتَمِي بِهَا مَنْ يُخَالِفُ السَّلَفِيِّينَ فِي مَوَاقِفِهِمُ المَنْهَجِيَّةِ، وَتَقِفُ تَحْتَ شِعَار: " لَا تُؤْذُونِي فِي رُفْقَتِي! " مُوَاجِهَةً بِذَلِكَ ( قَدَمَ الصِّدْقِ ) فِي نُفْرَتِهَا مِنَ المُخَالِفِينَ، تَكُونُ بِذَلِكَ مِفْتَاحَ شَرٍّ عَلَى الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ فِي أَنَّهَا جِسْرٌ لِأَهْلِ الأَهْوَاءِ يَتَسَلَّلُونَ مِنْهُ إِلَى صُفُوفِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِيُوهِنُوهُمْ!!. قَالَ اللاَّلَكَائِي ( شَرْحُ أُصُولِ الاِعْتِقَادِ ١/٢٠٢ ) : قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَمِعْتُ أَبِي، وَأَبَا زُرْعَةَ: يَأْمُرَانِ بِهِجْرَانِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْبِدَعِ، يُغَلِّظَانِ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّغْلِيظِ، وَيُنْكِرَانِ وَضْعَ الْكُتُبِ بِرَأْيٍ فِي غَيْرِ آثَارٍ، وَيَنْهَيَانِ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْكَلامِ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَيَقُولانِ: لا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلامٍ أَبَدًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ " وَبِهِ أَقُولُ أَنَا "، وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ حُبَيْشٍ الْمُقْرِئُ: " وَبِهِ أَقُولُ "، قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُظَفَّرِ: " وَبِهِ أَقُولُ "، وَقَالَ شَيْخُنَا -يَعْنِي الْمُصَنِّفَ-: " وَبِهِ أَقُولُ ". وَاليَوْمَ -مَعْشَرَ الأَحِبَّة- انْظُرُوا فِيمَنْ يَقُولُ: " وَبِهِ أَعْمَلُ أَنَا " لِأَنَّ الأَدْعِيَاءَ قَدْ كَثُرُوا وَبِأَهْلِ الحَقِّ اخْتَلَطُوا وَبِمَقَالَتِهِمْ نَطَقُوا، فَلَا تَكْشِفُهُمْ إِلَّا شَوَاهِدُ الاِمْتِحَان.. /- عِنْدَمَا تَكُونُ ( قَدَمُ السَّبْقِ ) سَوْطًا عَلَى ظُهُورِ السَّلَفِيِّينَ كُلَّمَا حَاوَلُوا إِيصَالَ صَوْتِهِمْ إِلَى النَّاسِ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ المُنْحَرِفِينَ، تَكُونُ بِذَلِكَ أَدَاةً حَامِيَةً لِأَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالمُنْدَسِّينَ، وَبُوقًا فِي مُوَاجَهَةِ ( قَدَمِ الصِّدْقِ ) فِي سَيْرِهَا الوَاضِحِ!. يَقُولُونَ: لَمْ تَتْرُكُوا مِنَ النَّاسِ أَحَدًا، وَلَوْ كَانُوا عَلَى ( قَدَمِ صِدْقٍ ) لَقَالُوا: لَا تَتْرُكُوا بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالهَوَى أَحَدًا. قَالَ شَيْخُنَا العَلَّامَةُ رَبِيع -حَفِظَهُ الله- فِي حَقِّ الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ تَكْمِيمَ أَفْوَاهِ السَّلَفِيِّينَ: " وَيُبَالِغُونَ فِي تَشْوِيهِ الشَّبَابِ السَّلَفِيِّ! كُلُّ هَذَا مُحَامَاةٌ عَنْ أَهْلِ البِدَعِ، وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَإِرْهَابٌ لِلشَّبَابِ السَّلَفِيِّ الَّذِي يَتَصَدَّى لِلدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ المُنْكَرِ." اهــ /- عِنْدَمَا تَرْفُضُ ( قَدَمُ السَّبْقِ ) تَرَاجُعَ السَّلَفِيِّ عَنْ خَطَئِهِ بِدَعْوَى أَنَّ ( أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ خَطَئِي ) صَارَتْ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ( مُوضَة!! ) يَتَسَتَّرُونَ خَلْفَهَا، تَكُونُ بِذَلِكَ -قَدَمُ السَّبْقِ- ( مُحْدِثَةً ) فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَرَافِضَةً لِمَا تَمَسَّكَتْ بِهِ ( قَدَمُ الصِّدْقِ ) فِي امْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ فِي أَخْذِ النَّاسِ بِمَا أَظْهَرُوا وَتَرْكِ سَرَائِرِهِمْ إِلَى اللهِ!. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ﴾ قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَلَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِي : يَسْتَوْجِبُ العَفْوَ الفَتَى إِذَا اعْتَرَفْ *** ثُمَّ انْتَهَى عَمَّا أَتَاهُ وَاقْتَرَفْ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي المُعْتَرِفْ *** إِن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفْ قَالَ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ الله ( المُوَافَقَات ٢/٤٦٧ ) : فَإِنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي الْأَحْكَامِ خُصُوصًا، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاعْتِقَادِ فِي الْغَيْرِ عُمُومًا أَيْضًا، فَإِنَّ سَيِّدَ الْبَشَرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ إِعْلَامِهِ بِالْوَحْيِ يُجْرِي الْأُمُورَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا فِي الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنْ عَلِمَ بَوَاطِنَ أَحْوَالِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمُخْرِجِهِ عَنْ جَرَيَانِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَا جَرَتْ عَلَيْهِ. ". اهــ وَلَكِنَّ بَعْضَ المُمَانِعِينَ لِتَوْبَةِ المُسْتَغْفِرِين ( أَحْدَثُوا! ) لِلتَّوْبَةِ لَقَبًا هُوَ ( المُوضَة! ) مِنْ أَجْلِ إِيجَادِ ذَرِيعَةٍ تُخَوِّلُ لَهُمْ رَفْضَ اِسْتِغْفَارِ طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ النَّاس!! /- عِنْدَمَا تَعْتَمِدُ ( قَدَمُ السَّبْقِ ) -فِي بِنَاءِ الأَحْكَامِ- عَلَى كُسَيْر وَعُوَيْر وَالثَّالِث مَا فِيهِ خَيْر، تَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ شَقَّتْ طَرِيقًا مُعَاكِسًا لِطَرِيقِ ( قَدَمِ الصِّدْقِ ) الَّتِي تَبْنِي أَحْكَامَهَا عَلَى الصِّدْقِ المُصَدَّقِ بِالأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينِ.. وَإِنَّنَا إِذَا تَدَارَكْنَا أَنْفُسَنَا، وَتَصَوَّرْنَا الحَقِيقَةَ مِنْ حَوْلِنَا، وَنَظَرْنَا فِي سَبَبِ تَغَوُّلِ بَعْضِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَتَسَلُّطِهِمْ عَلَى السَّلَفِيِّينَ سَنَجِدُ أَنَّ عَدَمَ احْتِفَاءِ بَعْضِنَا بِالصَّدْعِ بِالمَوَاقِفِ المَنْهَجِيَّةِ السَّلَفِيَّةِ هُوَ السَّبَبُ فِي إِعْطَاءِ فُرْصَةٍ لِأَغْمَار مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ فِي أَنْ يَعْلُوَ صَوْتُهُمْ عَلَى صَوْتِ ( قَدَمِ الصِّدْقِ )، وَاللهُ المُسْتَعَان! لَقَدْ وَقَعَتْ قَدَمُ السَّبْقِ فِي مَزَالِقَ خَطِيرَةٍ فِي سَيْرِهَا الدَّعَوِي أَمَامَ ثَبَاتٍ ظَاهِرٍ لِقَدَمِ الصِّدْقِ، وَمِنَ الحَيْفِ وَالاِنْحِرَافِ عَنِ الحَقِّ أَنْ تَتَبَجَّحَ السَّابِقَةُ مَعَ تَأَرْجُحِهَا عَلَى الصَّادِقَةِ بِثَبَاتِهَا.. لِأَجْلِ ذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى اللَّبِيبِ أَلَّا يُسَلِّمَ عَقْلَهُ إِلَى غَيْرِهِ لِيَحْشُوَ فِيهِ مَا شَاءَ مِنْ عَبَثٍ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَسَلَّحَ بِسِلَاحِ العِلْمِ مِمَّا أُثْبِتَ فِي كُتُبِ السَّلَفِ حَتَّى يَعْتَصِمَ بِحَبْلِ اللهِ المَتِينِ مِنْ تَلَاعُبِ المُخَذِّلَةِ المُتَهَاوِنِينَ فِي نُصْرَةِ مَنْهَجِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَمِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالخَيْرِ مَنْ جَمَعَ اللهُ لَهُمْ بَيْنَ السَّبْقِ وَالصِّدْقِ، فَظَلُّوا مُتَمَسِّكِينَ بِصِدْقِهِمْ مُحَافِظِينَ عَلَى سَبْقِهِمْ مُبَايِنِينَ بِمَفَاوِزَ لِغَيْرِهِمْ، وَكَانَ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللهِ وَفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ أَنْ سَهَّلَ لَهُمْ سَبِيلَ الخُلُوصِ بِأَنْفُسِهِمْ مِمَّا أُشِينَ بِهِ غَيْرَهُمْ.. وَعَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَلْزَمَ غَرْزَ الصَّادِقِينَ، وَأَلَّا نَغْتَرَّ بِبَهْرَجِ السَّابِقِينَ المُتَهَاوِنِينَ، وَأَنْ نَتَحَاكَمَ إِلَى كِتَابِ رَبِّ العَالَمِينَ وَهَدْيِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ، وَإِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ، والعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَكَتَب أَبُو حَـــاتِم البُلَيْـــدِي رضْوَان حَدَّادِي ٠٦ ذُو الحُجَّةِ ١٤٣٨ هــ |
جزيت خيرا أبا حاتم ، كلمات كالدرر .
وللشيخ العلامة عبيد الجابري - شفاه اللّٰه وعافاه - كلمة أصيلة يقول فيها : " ليست العبرة بالقِـدَم ، وإنما العبرة برُسوخ القَـدَم " سمعتها من شريط قديم . |
جزيت خيرا أبا حاتم ، كلمات كالدرر .
وللشيخ العلامة عبيد الجابري - شفاه اللّٰه وعافاه - كلمة أصيلة يقول فيها : " ليست العبرة بالقِـدَم ، وإنما العبرة برُسوخ القَـدَم " سمعتها من شريط قديم . |
جزاك الله خيراً أيها الأخ الفاضل
نسأل الله الثبات على دينه |
أحسن الله إليك أبا حاتم
فالصراع من أجل الصدق لا من أجل السبق وشكرا على التذكير |
جزاك الله خيرا أخي الفاضل رضوان ونفع وبك إطلالة منهجية غالية ودرة أثرية عزيزة، ومن الكلمات النيرات في هذا الموضوع: "ليس الأمر لمن سبق، ولكن الأمر لمن صدق". ومن الموافقات الحديثية مع عبارتي الموضوع - مع الإختلاف في المعنى - ما قاله العراقي رحمه الله في الألفية في قسم الحديث الحسن: ونحوه، وإن يكن ذو السبق ::: قد فاته أدرك باسم الصدق |
اقتباس:
|
اقتباس:
|
اقتباس:
|
اقتباس:
|
جزاك الله خيرا أبا حاتم
اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين |
الساعة الآن 05:45 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013