منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   عذر أقبح من غاية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24935)

عبد المجيد تالي 25 Aug 2021 11:44 PM

عذر أقبح من غاية
 
عذر أقبح من غاية
<بسملة1>
ما أكثر الفواجع في هذا البلد الحبيب، ولكن أفجع الفواجع -وإن كانت البقية لا تقلُّ في تأثيرها وأثرها- أنْ تصاب الأمة في دينها وبالأخصِّ ما كان في شواهد الحقِّ ووسائطِه، وإن كان مثل هذا الصنيع قديم قدم الانحراف والضلال في هذه الأمة المباركة، إلا أنه ما فتئ يتجدد بين الفينة والفينة متى سنحت به الفرص وتهيئت له العوامل.
وإن مما ذُهل به أبناء هذه الأمة ما خرجت عليها به «قناة التحرير» بـ: بلدة (واد سوف) في أحد حصصها المتلفزة على المباشر من مداخلة لبعض من استضافته في موضوع جدُّ خطير يتعلَّق بصدر هذه الأمة وخيرتها من أهلها، حيث كانت المداخلة جد سيئة وتُنِمُّ عن جهل بواقع الأمة ومنبعها، وسوء قصدٍ من رجل يحمل وزناً عند شيعته في أصل من أصول هذه الملَّة، وهو: الاعتراف بالفضل والفضيلة لصحب النَّبي <صلى الله عليه وسلم> ورضي الله عنهم مع إكنان التقدير لهم وسلامة الصدر والمعتقد فيهم. هذا الأصل الذي كان على مرِّ التأريخ مسلَّم في أبناء هذه الأمة يتعلمه ولدان المسلمين ويعقد عليه الجنان أبناء الأمة إلا من شرذمة عرِف مقصدها وانتماؤها لهذه الأمة، الخوارج والرافضة، أما الأولون فأهل ضلالة، وأما الآخرون فأهل زندقة وهوى وردَّة.
حوار أبان فيه صاحبه -البروفيسور: «أحمد زغب»- عن جهل عريض بالحقائق التأريخية، وعن جهل مركب بشعيرة عظيمة من شعائر الإسلام وركن من أركانه، وقرينة شعيرة الصلاة في نحو ثمانين موضعا في القرآن الكرين، وهي: فريضة الزكاة.
وليس الكلام هنا عن هذا الشكل والتركيبة من أبناء البشر؛ فمثله لا ينقرض ما بقي صراع بين حقٍّ وباطل -وإن كان ما جاء به جرم خطير ينبغي دحره وردُّه، وهذا له مجال آخر-، لكن الأقبح والأوقح في نظر أهل الاستقامة والسلامة الدِّينية أن يعتذر القائمون على هذه القناة على سوء صنيعهم وفضاعة نتاجهم بما جاء في بيان «قناة التحرير» من توضيح، ممثَّلا في أن ما تعرَّض له «أحمد زغب»: (كان مجرَّد عرض ووجهة نظر معروفة في كتب التاريخ الإسلامي وهي: لا تعبر عن وجهة نظر «القناة»).
-وأن الحديث عن الوقائع التاريخية المحدَّدة يحتمل عدة تأويلات، لا سيما ما كان ذا صبغة سياسية.
-أن ما ذكره «أحمد زغب» موجود في كتب الاختصاص، وهو منهم، والجامعة الجزائرية تتيح ذلك!!
-أن دائرة المعتقدات تختلف عما يأخذ به العقل العلمي...إلخ، مما ذكرت من هراء.
أقول: مما ينبغي أن يعلم في هذا المقام أن مقومات الدين تؤخذ باعتزاز وإجلال وتعظيم، ومنها مقام الصحابة ﭫ، وهذا بين واضح من أول وهلة لكل من خالط الإيمان شغاف قلبه، إنهم أنصار الدِّين والملة، ومبلغوا الشرعة الربانية، وليسوا حقول تجارب يخضعوا لتخصص «الانثروبولوجية».
فالصحابة رضي الله عنهم ليسوا فئة ما من البشر تخضع لتجارب العلوم المستحدثة، فلقد كان لعلماء الإسلام قصب السبق في حفظ تأريخ أمتهم -رواية ودراية- وما تعرضوا لصحب نبيهم <صلى الله عليه وسلم>!! فافهموا هذا جيدا.
أما ذكرتم من (أن دائرة المعتقدات تختلف عما يأخذ به العقل العلمي) فلتعلموا أن ما دار في قناتكم ليس هو من قبيل البحث والتنقيب في الحفريات وما شابهها، حتى تطنطموا علينا بمثل هذا، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: أن ما دار حيِّز البحوث العلمية في هذا الباب بالذات ما هو إلا خاضع الاعتقاد ما، هذا من المسلمات، وليس هذا من قبيل العلوم التجريبية البحتة.
وإنْ أردتم مثالا حيًّا على ذلك فَدُونَكم ذلك في فحوى كلامكم في «توضيحكم» هذا بالذات: (وأن الحديث عن الوقائع التاريخية المحدَّدة يحتمل عدة تأويلات، لا سيما ما كان ذا صبغة سياسية)، وهل التأويلات -وإن شئتم تنزلا: القراءات إنْ نحن أحسنَّا بكم الظنَّ- إلا فرعاً عن الاعتقادات.
أما كون ما جاء به «أحمد زغب» (موجود في كتب الاختصاص ومناهج جامعة الجزائر)، فدعوى عريضة عريضة جدا!! القصد من ورائها الهروب إلى الأمام من التهمة والجرم المقترف، كان يكفيكم فيها صدق التوبة والبراءة من المداخلة والاعتذار عن الإذاعة. هذا هو التصرف الصواب من أهل العقل والدِّيانة، لا الاكتفاء بزخرف القول العاري عن حسن القصد وصفاء السريرة، فاعتذاركم لا يعكس فعلكم. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: فمناهج الجامعة الجزائرية لا تسوِّغ للباحث المسلم عموماً بغضِّ النظر عن صنفه ومرتبته في مجال التأريخ والسياسة، وو.. أن يطعن في مقومات الأمة الدِّينية وأنْ يمسَّ بمرتكزاتها.
أما عن ورود شيءٍ من ذلك في كتب «التأريخ الإسلامي» فالعالمون من أبناء هذه الأمة وأهل الاختصاص في التأريخ وفقهه على دراية تامة، أن هذه «الكتب» تحمل الغثَّ والسَّمين، وليس من شرط أكثر مصنفيها التزام ذلك، بل منها من سلك أصحابها مسالك النقيصة والطعن في صحابة النَّبي <صلى الله عليه وسلم> لغاية في أنفسهم؛ وذلك أثر من آثار المعتقدات المرتكزة في قلوبهم، هذا شيء معلوم يعرفه طلبة العلم فضلا عن أهل الاختصاص في فنِّهم. لذا لوكان «أحمد زغب» فردا منهم لأدرك هذا ولكن لحاجة في نفس «أحمد زغب» جاء بما جاء، وقد سنَحت له الفرصة بلقاء متلفز على المباشر من قناةٍ لم تدرك عواقبَ ما اقترفت وأتت!!
لذا أقول: فاعلموا يا «قناة التحرير» أن أبناء الجزائر ممن يقرؤون «التأريخ» وغيره من صنوف العلم.
وعليه فما جئتم به يا «قناة التحرير» ما هو: إلا «عذر أقبح من غاية».
ولعلَّ ما أختم به ما حرَّرتم ببنانكم من سوء مهنيتكم في رميكم لمن انتقدكم في سوء تصرفكم وإخفاقكم بأنهم «الخلايا النائمة للدواعش» فهذه دعوى عريضة وعريضة جدًّا؛ والدعاوى إذا لم تكن قائمة على بينات أصحابها أدعياء؛ وإن لم تمر لكم بسلام فأنتم منها في علْقة، فكان بكم قبول هدية كلِّ مَن ندَّد بحصتكم وضيفكم، أليس هذا من مبدئكم: «نحن مع الحقِّ وحيثما مال الحقُّ ملْنا معه»، والحقُّ في هذا مع من أنكر عليكم صنيعكم هذا؛ وهذا مما لا يختلف فيه اثنان إلا من كان مطموس الفطرة ممسوخ الدِّيانة.
فكفاكم مداهنة فـ: الشعارات تفضحها التقريرات والمشاركات المفضوحة، فعن أيِّ اعتزاز تأريخي وديني تتحدثون بعد المشاركة في طعن وغمز خير أمة أخرجت للناس؟!!
أما الآراء البنَّاءة المحترمة فهي: الآراء القائمة على المقايِيس العلمية الرَّصينة في محلِّها، لا النابعة من غيِّ السجيَّة وهوى العقيدة. فما جادت به قريحة «أحمد زغب» من مفضوح العقيدة الضالة عن قصد أو غيره، وكلُّ من خاض غمار غير فنِّه وما لا يحسنه جاء بما لا يحمد عليه، فكان من عقلِه وتخصصه الذي أشدتم به أن يبقى الكلام في موضوعه وهو: «مناسبة عاشوراء» وذاك مناسب لحوادث فاسدة ارتبطت بهذا اليوم أنتجتها أهواء واعتقادات ضالَّة؛ وإن كنتُ في عجب من مناسبة هذا بتخصص «الانثروبولوجية» لدى «أحمد زغب»!! حتى يُدْعى لهذا الموضوع، أهو التوجه أم فضفاضة التخصص وتهويل المصطلح؟!!
المهمِّ فـ«قناة التحرير» مدانة -لأن هذا مخالفة واضحة بيِّنة شرعاً- للأمة الجزائرية باعتذار رسميٍّ نابع من نفس مذنبةٍ تقدِّر ما اقترفت وارتكبت؛ هذا هو النهج الحقُّ، لا التبجُّح باحترام الرأي المخالف والحوار البناء، وقيمة العلم والعقل -زعماً-.
فالتوبة لله والنصيحة للأمة والاعتذار لها، والتبرؤ من الأفكار والمعتقدات الباطلة التي تَمُسُّ بأسس عقيدة الأمة هو: «الطريق الصحيح من أجل حياةٍ أفضل» يا «قناة التحرير»!!
وإنَّا لنؤمِّل في كلِّ غيورٍ على هذا الأصل الشرعي -حبَّ الصحابة والاعتزاز بهم، والمعرفة بقدرهم وفضلهم- أنْ يُنَوِّه به في أوساط هذه الأمة بقدر الإمكان وبحسب ما تيسر له، كما أنَّنا نهيب بولاة أمر هذه الأمة -وفقهم الله- أنْ يأخذوا على أيدِي وأفواه كلِّ من يتطاول على ثوابت العقيدة الإسلامية الصافية، فإنَّ تأمين ذلك أشدُّ حاجةً من تأمين ما يشبع أنفس وحاجات أبناء هذه الأمة، كما نهيب بفضلاء أئمة مساجد بلدنا أن يكون لهم حصَّة الأسد في هذا التنويه تذكيراً وإشادةً بمناقب الصحابة رضي الله عنهم ومآثرهم، وخاصَّة الصديق الأكبر في هذه الأمة أبو بكر <رضي الله عنه>.
اللَّهم إنَّا نبرأ إليك من كلِّ من تعرَّض لصحب نبيِّك محمَّد <صلى الله عليه وسلم> من قريب أو من بعيد، اللَّهم وارزقنا حبَّهم واحترامَهم واتباع هديَهم، واحشرنا في صفِّهم يوم الدِّين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم، آمين آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.

عبدالمجيد تالي

ليلة الخميس: 18-01-1443هـ

الموافق لـ: 09-08-21نـ
المرفقات:

عبد المجيد تالي 25 Aug 2021 11:50 PM

1 مرفق
http://www.tasfiatarbia.org/vb/data:...hMeT0ec/j8P//Zhttp://www.tasfiatarbia.org/vb/attac...1&d=1629931763

أبو عبد الله حيدوش 27 Aug 2021 09:32 PM

جزاك الله خيرا شيخ عبد المجيد تالي وبارك فيك

زهير بن صالح معلم 31 Aug 2021 10:56 PM

جزاك الله خير الجزاء شيخنا عبد المجيد ونفع بمقالك القوي في كشف تلاعب الجريدة بعقول القراء في قضية عظيمة من قضايا العقيدة الإسلامية المحسومة بنصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، فأي كلام بعد ذلك دون التوبة الصادقة والاعتذار الصريح لا يكون إلا ذرا للرماد في العيون، ولونا من السعي للهروب إلى الأمام والاستمرار في طريق الغي والضلال وتعميق الاعتقاد الفاسد في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ونشره بين أفراد الأمة بالخديعة والمكر .


الساعة الآن 09:09 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013