منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   فوائد تفسيرية ولغوية من الاختلاف في معنى قوله تعالى: (( وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=21273)

عبد القادر شكيمة 22 Jul 2017 02:34 PM

فوائد تفسيرية ولغوية من الاختلاف في معنى قوله تعالى: (( وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ))
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
أما بعد:
فهذه أقوال بعض المفسرين وأهل النحو واللغة وغيرهم في معنى قوله تعالى ((وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) تضمن بعض الفوائد التفسيرية واللغوية، فأقول:
اختلف المفسرون والنحويون واللغويون في مدلول قوله تعالى: ((وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) من قوله عز وجل:(( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ)) [البقرة:71] على أربعة أقوال:
القول الأول: وما قاربوا الفعل قبل أن يفعلوا؛ بناء على أن الفعل "كاد" نفيه نفي وإثباته إثبات كغـيره من الأفعال، وعليه فإثبات الفعل وهو الذبح فهم من دليل آخر قبلها، وهو قوله تعالى: ((فَذَبَحُوهَا)). ذهب إلى هذا القول "ابن الحاجب والسمين الحلبي وابن هشام الأنصاري والسيوطي ومرتضى الزبيدي( 1) وابن عثيمين"( 2)، واختاره ابن مالك والزركشي وابن القيم"( 3).
القول الثاني: فعـلوا بعـد بـطء وجهـد واستثـقال؛ لتطويلهم المفـرط وكثـرة استكشافهم وأسئلتهم وتعمقهم. وهـو رأي "ابن جـني والواحدي وقوام السنة الأصبهاني(4 ) والزمخشري وابن منظور وابن كثير والألوسي ومحمد الأمين الشنقيطي"(5 ).
القول الثالث: أي فعلوا، اعتمادا على القول المشهور في الفعل (كاد) وهو "إثباتها نفي ونفيها إثبات" تقول: كاد يفعل؛ أي قارب الفعل ولم يفعل، وتقول: لم يكد يفعل؛ أي فعل وقارب عدم الفعل، ذهـب إليه ابن تيمية، وقال: (( إنه هو المشـهور وعليه عامة الاستعمال. ))(6 )، وهو "قول ابن الجوزي ومفهوم قول ابن عباس وابن جرير، ورجحه ابن عاشور"(7 ).
وألغز فيه أحدهم( 8) قائلا:
أَنَحْـوِيَّ هَذَا العَـصْرِ مَـا هِيَ لَفْظَــةٌ *** أَتَتْ فِي لِسَانَيْ جُـرْهُمٍ وَثَمُـودِ
إِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي صُورَةِ الْجَحْدٍ أُثْبِتَتْ *** وَإِنْ أُثْبِتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ
القول الرابع: وما كادوا يجدونها باجتماع أوصافها، قاله "البغوي وابن جزيء"( 9).
الترجيح:
الذي يظهر لي –والله تعالى أعلم- صواب القول الأول؛ لأنه اعتماد على الأصل؛ فهو كغيره من الأفعال، فإن قيل: كيف ينفى الفعل وهم قد فعلوا (الذبح)؟ أجيب: "أنه إخبار عن حالهم في أول الأمر؛ فإنهم كانوا أوَّلًا بعداء من ذبحها، بدليل ما يتلى علينا من تعنتهم وتكرر سؤالهم، ولأ كثر استعمال مثل هذا فيمن انتفت عنه مقاربة الفعل أولا ثم فعله بعد ذلك، توهم من توهم أن هذا الفعل بعينه هو الدال على حصول ذلك الفعل بعينه، وليس كذلك، وإنما فهم حصول الفعل من دليل آخر، كما فهم في الآية من قوله تعالى: ((فَذَبَحُوهَا))"( 10).
قال ابن مالك:
وَبِــثُـبُــوتِ كَادَ يُــنــفَى الخبَـَـرُ *** وحِــــينَ يُــنفَى كَادَ ذَاكَ أَجْــدَرُ
فـ"كِدتَ تَصْبُو" مُنتَفٍ فِيهِ الصِّبَـا *** و"لَمْ يَـكَدْ يَصْـبُو" كَمِثْلِ "ما صَبَا"
وغَيـــرُ ذَا عَلَى كَـلاَمَــــيْنِ يَــرِدْ *** كَـوَلَدَتْ هِـنـدُ ولَمْ تَـكَــدْ تَــلِدْ
( 11).
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
ــــــ
( 1) هو:محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق،أبو الفيض،الحسينى الزبيدى اليمني المصري،الملقب بمرتضى،علامة باللغة والحديث والرجال والأنساب،ولد سنة (1145هـ)،من مصنفاته:اتحاف السادة المتقين في شرح إحياء علوم الدين،أسانيد الكتب الستة،تاج العروس،توفي سنة (1205هـ). ينظر في ترجمته:الإعلام للزركلي:(7/70).
(2 ) ينظر: الإيضاح شرح المفصل لابن الحاجب: (2/87)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي:(3/443)،مغني اللبيب لابن هشام: (1/869)،الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: (2/255)،تاج العروس لمرتضى الزبيدي:(9/119)،تفسير الفاتحة والبقرة لابن عثيمين:(1/239).
(3 ) ينظر:شرح الكافية الشافية لابن مالك:(1/467)،اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم:(2/61)،البرهان في علوم القرآن للزركشي:(4/137).
(4 ) هو:إسماعيل بن محمد بن الفضل،أبو القاسم،القرشي الطليحي التيمي الأصبهاني،الملقب بقوام السنة،ولد سنة (457هـ)، شيخ الحفاظ،وإمام في التفسير والحديث واللغة،من مصنفاته:الترغيب والترهيب،كتاب السنة،كتاب دلائل النبوة،،توفي سنة (535هـ). ينظر في ترجمته:سير أعلام النبلاء للذهبي:(20/80)، طبقات المفسرين للسيوطي:(37-38).
(5 ) ينظر:التفسير البسيط للواحدي:(12/435)،إعراب القرآن للأصبهاني:(1/273)،الكشاف للزمخشري:(1/152)،تفسير ابن كثير:(1/301)،البرهان للزركشي:(4/136)،لسان العرب:(3/383)،تفسير الآلوسي:(1/292)،العذب النمير للشنقيطي: (1/140).
(6 ) ينظر:منهاج السنة النبوية لابن تيمية: (5/141).
( 7) ينظر: زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي:(1/41)،تفسير ابن كثير:(1/301)،تفسير الطبري:(2/219)التحرير والتنوير لابن عاشور:(1/559).
( 8) وهو أبو العلاء المعري، ينظر:شرح الكافية الشافية لابن مالك:(1/467)،مغني اللبيب لابن هشام:(ص868)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي: (3/443)،همع الهوامع للسيوطي:(1/482)، التحرير والتنوير لابن عاشور:(1/559).
( 9) ينظر: تفسير البغوي:(1/108)، التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي:(1/70).
( 10) ينظر:مغني اللبيب لابن هشام:(1/869).
(11 ) شرح الكافية الشافية لابن مالك:(1/466).

أبو ياسر أحمد بليل 22 Jul 2017 06:16 PM

جزاك الله خيرا أخونا الأستاذ عبد القادر
فوائد عزيزة وجميلة ، أحسنتم

عبد القادر شكيمة 23 Jul 2017 09:24 AM

بارك الله فيك أخي أحمد سررت بمرورك

أبو أيوب صهيب زين 23 Jul 2017 12:12 PM

دررٌ
جزاك الله خيرا استاذ

عبد الباسط لهويمل 23 Jul 2017 09:18 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا يا أستاذ على هذا الجهد المفيد ؛ قد قرأت منشوركم الطيّب إن شاء الله تعالى ،وسعدت به ما شاء الله ، غير أن لي بعض التعليقات التي قد تخالف ما ذهبتم إليه ، فأرجو أن يتسع صدركم لذلك ، والقصد المذاكرة والمناصحة ولا يخلو الناس في العلم من مصيب ومخطىء ، ومستأنف في باب من أبواب العلم ، ومستدرك عليه
أولا فإني بحثت فوجدت أن المفسرين لم يختلفوا في معنى الآية فذبحوها وماكادوا يفعلون ، بل كلهم كانوا على إتفاق أنهم قاربوا أن يدعوا ذبح البقرة التي فرضت عليهم ، ولكن اختلفوا في الأسباب التي كادت أن تمنعهم من ذلك ، والإختلاف لم يخرج عن قولين ، إما لغلاء قيمتها ، أو مخافة الفضيحة من أن يكشف موسى عليه السلام القاتل ، والقولين ذكرهما ابن جرير الطبري وتابعه ابن الجوزي في زاد المسير ، الأول منسوب لمحمد بن كعب القرظي والثاني لوهب ، أما الإختلاف الذي سقته في منشورك فهو إختلاف اللغويين والنحويين في فعل كاد ، وانقسموا إلى أربعة أقوال ، وأنت رحمك الله كأنك خلطت بين أقوال المفسرين وأقوال اللغويين وجمعتهما في ورقة واحدة ، أما ترجيحك لقول الأول من أقوال أهل اللغة والنحو فإنه ليس مسلم ، بل ترد عليه إشكالات كثيرة ، "يشكل على هذا القول: قوله تعالى: (فذبحوها وما كادوا يفعلون)،
فإن قوله: (فذبحوها) إثبات للذبح، وقوله: (وما كادوا يفعلون) نفي للفعل – الذي هو الذبح، وعدم تكراره تفنن في البيان كما قال ابن عاشور
فيلزم التناقض بنفي الشيء وإثباته في آن. وانفصل أصحاب هذا القول عن هذا الإشكال بقولهم: إن ذلك باعتبار وقتين،
والمعنى: فذبحوها الآن، وما كادوا يفعلون قبل ذلك.
ونظمه ابن مالك في الكافية بقوله:
وغيرَ ذا على كَلامَين يرِدْ ***كوَلَدَت هند ولم تكدْ تلِد
ويرد على هذا الجواب إشكال ثان وهو:
أن جملة (وما كادوا يفعلون) في موضع الحال، والمعنى: (فذبحوها في حال تقرب من حال من لا يفعل)،
وهذا يفيد أنهم ذبحوها مكرهين أو كالمكرهين لما أظهروا من المماطلة في الفعل. وعلى هذا يكون وقت الذبح متحدا بوقت مقاربة انتفائه، إشارة إلى أن المماطلة قاربتأول أزمنة الذبح.
والجواب عن الإيراد الثاني: أن تجعل الجملة استئنافية لا حالية.
وعليه يصح اختلاف الوقتين، أي فذبحوها وكانوا قبل ذلك في حال من لم يقارب الفعل.
لكن هذا الحمل خلاف الأصل، وهو يفضي إلى تفكيك الجملة، وعدم ترابط أجزائها " أهـ منقول من الشَبكة
وأما القول الذي اعتمده شيخ الإسلام فهو الأرجح وهو قول ابن عباس ، وقد ذكره ابن جرير في تفسيره حدثت عن المنجاب قال ، حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) ، يقول : كادوا لا يفعلون ، ولم يكن الذي أرادوا ، لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها : وكل شيء في القرآن " كاد " أو " كادوا " أو " لو " ، فإنه لا يكون . وهو مثل قوله : ( أكاد أخفيها)) [ طه : 20
] والله أعلم

عبد القادر شكيمة 24 Jul 2017 02:23 PM

بارك الله فيك أبا أيوب
وجزاك الله خيرا أخي عبد الباسط على ما أبديت من ملاحظات، ثم إنني لم أقصد الاستيعاب لذا عنونت المقال بما هو مثبت أعلاه، وخصصت الاختلاف في لفظ: وما كادوا يفعلون. وقصدت اللغة أكثر مما قصدت التفسير، وظهرت لي الأقوال بعدما بحثت في المصادر المثبتة أسفل المقال.
علما أن هذا المقال استللته من رسالتي للدكتوراه وهو دراسة لقول ابن الحاجب في قوله تعالى: وما كادوا يفعلون، واقتصرت في الدراسة على الناحية التي سلكها ابن الحاجب، وهذا قوله: (( وما ذكروه في نفي الماضي فغير مستقيم؛ لأنا نعلم من قياس لغتهم أن المثبت إذا دخل عليه النفي انتفى، فإن قلت: (قرب خروج زيد) كان معناه إثبات قرب الخروج، فإذا قلت: (ما قرب خروج زيد) كان معناه نفى قرب الخروج، هذا معلوم من لغتهم، فيجب ردُّ قوله تعالى: ((وما كادوا يفعلون)) إليه، فيكون المعنى: وما قاربوا الفعل قبل أن يفعلوا؛ لما دل عليه سياق الآية من تعنتهم واستفسارهم فيما لا يحتاج فيه إلى التفسير، ولا يؤخذ وقوع الذبح من قوله تعالى: ((وما كادوا يفعلون)) ، وإنما يؤخذ من قوله تعالى: ((فذبحوها)), هذا هو الوجه الذي ينبغي حمل الآية عليه وما كان مثلها، جريا على القاعدة المعلومة من كلامهم. )) الإيضاح شرح المفصل لابن الحاجب: (2/87).
واعتمدت في الترجيح على سياق القصة فقوله: فذبحوها على إثبات الذبح، وقوله وما كادوا يفعلون على الانتفاء على ظاهر تعنتعهم وكثرة استفسارهم وخوف الفضيحة وغلاء الثمن. واستدل ابن هشام الأنصاري بقوله تعالى: ظلمات بعضهافوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها)). والله تعالى أعلم.

محمد طه محدة السوفي 25 Jul 2017 12:38 PM

بارك الله فيك شيخنا عبد القادر ونفعنا بعلمك

عبد القادر شكيمة 27 Jul 2017 09:44 AM

وفيك بارك الله أخي محمد طه


الساعة الآن 12:51 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013