منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   زجر الخلف عن اتهامهم علماءَ الحديث بالخرف (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24312)

أبو بكر يوسف قديري 29 Mar 2019 11:15 PM

زجر الخلف عن اتهامهم علماءَ الحديث بالخرف ... دفاعًا عن العلامة ربيع المدخلي
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على عبده ورسوله
أما بعد
فإن من نعم الله علينا أن أبقى في هذه الأمة علماءَ يسوسوننا كما جعل في بني إسرائيل أنبياء يخلف بعضُهم بعضا حتى يجد الناس من يرجعون إليه إذا اختلفوا أو يذكرهم إذا نسوا.

والعلماء هم خير الناس للناس؛ قال شيخ الإسلام كما في المجموع 16/316:
قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل حتى تدخلوهم الجنة. فيجاهدون يبذلون أنفسهم وأموالهم لمنفعة الخلق وصلاحهم وهم يكرهون ذلك لجهلهم كما قال أحمد في خطبته: "الحمد لله الذي جعل في كلّ زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم" إلى آخر كلامه. انتهى
وقد صدق الإمام أحمد رحمه الله؛ فما أحسن أثر العلماء على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم.

ومن ذلك الأثر القبيح ما نراه ونسمعه هذه الأيام من طعونات الأغمار اللئام في علماء الأمة خصوصا الشيخين ربيعَ بن هادي المدخلي وعبيدًا الجابري حفظهما الله.

وقد سمعنا من جماعة العنجري في الكويت وجماعة فركوس في الجزائر أن الشيخ ربيعا قد كبر وخَرِف، ثم يكذبون بأنهم لا يطعنون فيه ويخرجون علينا بالثناء عليه والتظاهر بمحبته والرجوع إليه، وهل يرجع إلى من خرِف أيها المخرّفون؟

إنّ وصف العالم بالخرف هو عين الطعن فيه وإسقاطه، إذ الخرف من أسباب الاختلاط الموجب لسقوط الرواية كما هو معلوم في بابه.
قال البقاعي في النكت الوفية 2/316: (وقالَ الصَّغَاني في المجمَعِ: والخَرَفُ بالتحريكِ: فسادُ العقلِ منَ الكِبرِ، وقد خَرِفَ الرجلُ - بالكسرِ - فهو خَرِفٌ.)
وفي ترتيب المدارك للقاضي عياض 2/64 في ترجمة الإمام مالك:
(وقال في سماع أشهب وابن القاسم: من صَدق في حديثه متّع بعقله ولم يصبه ما يصيب الناس من الهرم والخرف. وقال له رجل: خرفت. فقال له: إنما يخرف الكذّابون.) قال السخاوي: يعني غالبا.

وليس كبر السن من الخرف في شيء ولا هو لازم له؛ وإن زعم بعضهم أن ذلك محدود بسن الثمانين، ونسب هذا الرأي إلى ابن خلاد الرامهرمزي، وقد تتابع العلماء على تضعيف رأيه؛
قال السخاوي في فتح المغيث:
(قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَالنَّاسُ فِي السِّنِّ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ الْهَرَمُ يَتَفَاوَتُونَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ. يَعْنِي: فَلَا ضَابِطَ حِينَئِذٍ لَهُ.)
قال القاضي عياض في الإلماع: (والحدّ في ترك الشيخ التحديث التغيرُ وخوفُ الخرف، وإلا فأنس بن مالك وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حُمل عنهم وحدثوا وقد نيّفوا على هذا العدد، وقارب كثير منهم المائة، وبلغها بعضهم ونيف عليها كعبد الله بن أبي أوفى وواثلة بن الأسقع وسهل بن سعد الساعدي وأبي الطفيل الكناني،
وكذلك مَن بعدهم من التابعين وأئمة المسلمين قد بلغ كثير منهم الثمانين وأكثرَ من ذلك، وماتوا وهم يحدّثون، وكانوا يرون ذلك من أفضل أعمالهم، والناس من أقطار الأرض يرحلون إليهم من المتقدمين والمتأخرين؛
كمالك بن أنس توفي وهو ابن نحو من سبع وثمانين، وقيل أكثر من هذا،
وعطاء بن أبي رباح توفي وهو ابن ثمان وثمانين،
والليث بن سعد نيّف على ثمانين،
وكذلك عطاء الخراساني ومجاهد والسبيعي وابن عيينة وسليمان بن حرب وأبو عمرو بن العلاء في عدد كثير،
وشريك بن عبد الله توفي وقد نيف على المائة، وكذلك القاضى شريح،
وعلي بن الجعد توفي وهو ابن ست وتسعين،
والأصمعى ومعمر بن المثنى توفيا وقد قاربا المائة،
وأبو القاسم البغوي توفي وهو ابن نحو مائة سنة وثلاث،
وأبو إسحاق الهُجيمي حدّث وهو ابن مائة سنة وثلاث سنين،
فيمَن لا ينعدّ من أهل الشرق والغرب وهلم جرا إلى من عاصرناه ولقيناه ممن بلغ هذه الأعمار، ولم تنقطع الرحلة إليه من الأقطار.)
وقال العراقي في ألفيته:
وَيَنْبَغِي الإِمسَاكُ إِذْ يُخْشَى الْهَرَمْ ... وَبالْثَمَانِيْنَ ابْنُ خَلاَّدٍ جَزَمْ
فَإِنْ يَكُنْ ثَابِتَ عَقْلٍ لَمْ يُبَلْ ... كَأَنَسِ وَمَالِكٍ وَمَنْ فَعَلْ
وَالْبَغَوِيُّ وَالْهُجَيْمِيْ وَفِئَهْ ... كَالطَّبَرِيِّ حَدَّثُوْا بَعْدَ الْمِائَهْ
قال السخاوي في فتح المغيث: (على أن العماد ابن كثير قد فصل بين من يكون اعتماده في حديثه على حفظه وضبطه؛ فينبغي الاحتراز من اختلاطه إذا طعن في السن،
أو لا، بل الاعتماد على كتابه أو الضابط المفيد عنه، فهذا كلما تقدم في السن كان الناس أرغب في السماع منه كالحجّار، فإنه جاز المائة بيقين لأنه سمع (البخاري) على ابن الزبيدي في سنة ثلاثين وستمائة، وأسمعه في سنة ثلاثين وسبعمائة، وكان عامّيا لا يضبط شيئا، ولا يتعقل كثيرا، ومع هذا تداعى الأئمة والحفاظ فضلا عمن دونهم إلى السماع منه، لأجل تفرده، بحيث سمع منه مائة ألف أو يزيدون.)
فانظر أخي إلى هذا العامي الطاعن في السنّ كيف أن الناس في تلك العصور الزاخرة حرصوا على ما عنده من علم موثوق مكتوب، وقارن بحال هؤلاء الأشرار في هذا الزمان كيف يعاملون إمام الجرح والتعديل بأنواع من التهم الفاجرة نصرة ً لشيوخٍ لا يساوي أحد منهم شيئا في منزلة الإمامة في الدين وإن ادّعاها.

ثم الرمي بالخرف والاختلاط يحتاج لأدلّةٍ تثبته وعلماءَ مختصين يحكمون به، لأن الأصل عدمُه، وكان أهل الحديث لا يقبلون جرحَ الثقات بالاختلاط إلا ببينة، ولذا جعلوا من علوم الحديث: معرفةَ من خلّط في آخر عمره من الثقات، بل وأفردوا لذلك مصنفات ذكر السخاوي منها أربعة فقال: (وأفرد للمختلطين كتابا
1- الحافظ أبو بكر الحازمي حسبما ذكره في تصنيفه تحفة المستفيد، ولم يقف عليه ابن الصلاح؛ فإنه قال: ولم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف، واعتنى به مع كونه حقيقا بذلك جدا،
2- والعلائي مرتّبا لهم على حروف المعجم باختصار،
3- وذيل عليه شيخنا [ابن حجر]،
4- وللبرهان الحلبي "الاغتباط بمن رمي بالاختلاط".)
5- وجاء بعد السخاوي خامس وهو ابن الكيال في "الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات"
ولا تحسب أيها القارئ الكريم أن هذه الكتب مجلدات كبيرة بل هي كراسات صغيرة أكثر ما ذكر فيها من الرواة الذين وُصفوا بالاختلاط =مائة وعشرون راويا من رواة الكتب الستة.
فإذا علمتَ أن عدد رواة الكتب الستة كما في التقريب =تسعة آلاف فما نسبة المائة في التسعة الآلاف؟
علما أن هذه المائة والعشرين فيهم الثقات وغيرهم، والثقات على النصف من ذلك،
وأيضا: ليس كلّ هؤلاء ثبت في حقهم الاختلاط بل دافع علماء الحديث عن كثير من الثقات رُموا خطأ بالاختلاط ومنهم:
أ- ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك
قال ابن الكيال في كتابه: (قال ابن الصلاح قيل أنه تغير في آخر عمره وترك الاعتماد عليه لذلك ... قال الأبناسى: لم يتكلم فيه أحد إلا من جهة الرأي لا من جهة الاختلاط مع أنه قد برأه غير واحد من الرأي.)
ب- سفيان بن عيينة:
قال الذهبي في الميزان: (روى محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: أشهد أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، فمن سمع منه فيها فسماعه لا شئ.
وأنا أستبعد هذا الكلام من القطان، وأعده غلطا من ابن عمار، فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز، فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان، ثم يشهد عليه بذلك، والموت قد نزل به، فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع، مع أن يحيى متعنت جدا في الرجال وسفيان فثقة مطلقا.)
ج- القطيعي راوي المسند:
قال الذهبي في الميزان: (أحمد بن جعفر بن حمدان، أبو بكر القطيعي، صدوق في نفسه مقبول، تغير قليلا.
قال الخطيب: لم نر أحدا ترك الاحتجاج به.
وقال الحاكم: ثقة مأمون.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: اختل في آخر عمره، حتى كان لا يعرف شيئاً مما يقرأ عليه، ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات.
قلتُ [الذهبي]: فهذا القول غلو وإسراف، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه.
مات في آخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وله خمس وتسعون سنة.)

فإذا علمتَ أن من ثبت في حقهم الاختلاط من الثقات قليلون جدا بل لا تكاد تعدّهم في جنب الأعداد الهائلة من رواة الحديث المعتمَدين وانضاف إلى علمك أن هؤلاء المختلطين ليس اختلاط جميعهم بسبب الخرف بل لهم أسباب متعددة أكثرها طارئ ونادر، إذا علمت كلَّ ذلك تبين لك صدقُ الإمام مالك لما نفى عن الثقات الخرف فقال: إنما يخرف الكذّابون.

والحمد لله أن حفظ لنا عقولَ أهل الحديث وذلك من حفظ الوحي الذي منه السنة، قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

وأختم هذا المقال المختصر بذكر نماذج لمن سبق هؤلاء في رمي كبار العلماء بالخرف:

المثال الأول:
روى الإمام أحمد 19266 وغيره عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: مَا أَحَادِيثُ تُحَدِّثُهَا وَتَرْوِيهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَجِدُهَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ تُحَدِّثُ أَنَّ لَهُ حَوْضًا فِي الْجَنَّةِ قَالَ: قَدْ حَدَّثَنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعَدَنَاهُ. قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ. قَالَ: إِنِّي قَدْ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ " وَمَا كَذَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فانظر أخي القارئ إلى هذا الأمير المتلبس بالحرورية كيف رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شيء إلا أن من حدثه بذلك كبير السن رضي الله عنه

المثال الثاني:
وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار 5460 وغيره عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ حِينَ قَطَعَ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يَا هَذَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ وَإِنَّ اللهَ إِنَّمَا أَحَلَّ لِي الْقِتَالَ بِهَا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدِي رِجَالٌ يَسْتَحِلُّونَ الْقِتَالَ بِهَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَقُولُوا: إِنَّ اللهَ أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ وَلَمْ يُحِلَّهَا لَكَ وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَلَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مَا حَدَّثْتُكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ عَمْرٌو: إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَقَدْ هَمَمْتُ بِكَ قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَأَتَكَلَّمَنَّ بِالْحَقِّ وَإِنْ شَدَدْتَ رِقَابَنَا ".
وهذا أيضا أمير ظالم ردّ حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرًا وعنادًا.

المثال الثالث:
روى الطبراني في الكبير 272 عن يعلى بن حرملة قال: قَدِمْتُ مَكَّةَ بَعْدَمَا صُلِبَ أَوْ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَكَلَّمَتُ أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الْحَجَّاجَ، فَقَالَتْ: أَمَا آنْ لِهَذَا الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ؟ قَالَ: الْمُنَافِقُ، قَالَتْ: لَا وَاللهِ مَا كَانَ مُنَافِقًا، وَلَقَدْ كَانَ صَوَّامًا قوّامًا، قَالَ: اسْكُتِي فَإِنَّكِ عَجُوزٌ قَدْ خَرِفْتِ، قَالَتْ: مَا خَرِفْتُ، مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ» فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ تَعْنِي الْمُخْتَارَ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت أسماء رضي الله عنها وكذب الحجاج.

المثال الرابع:
وروى الحاكم في المستدرك عن عطية قال: قلت لمولى لابن عمر: كيف كان موت ابن عمر؟ قال: إنه أنكر على الحجاج بن يوسف أفاعيله في قتل ابن الزبير، وقام إليه فأسمعه، فقال الحجاج: اسكت يا شيخا قد خرفت، فلما تفرقوا أمر الحجاج رجلاً من أهل الشام، فضربه بحربته في رجله، ثم دخل عليه الحجاج يعوده، فقال: لو أعلم الذي أصابك لضربت عنقه، فقال: أنت الذي أصبتني، قال: كيف؟ قال: يوم أدخلت حرم الله السلاح.

المثال الخامس:
طعن إمام الجهمية في هذا الزمان الكوثري في الصحابي الجليل أنس بن مالك بأنه خرف.
قال المعلمي في التنكيل 1/140:
(أسرف الكوثري في جرح رجال أسانيد الخطيب الذين روى عنهم ما قيل في مثالب أبي حنيفة، واعتذر في ترحيبه بتأنيبه بأن روايتهم ساقطة بنفسها، لأنها تنافي ما زعمه من التواتر على رفع إمامة أبي حنيفة إلى مستوى لا يؤخذ عليه شيء ولا يناله خطأ ولا يتطرَّق إلى عصمته مساس، وهو الذي رمى أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم بالخرف والأميَّة والكذب على الرسول في قتل قاتل الجارية الأنصارية بغير بينة بزعمه ولا إقرار)

المثال السادس:
اتهام الحزبيين للإمام الألباني بالخرف لما أفتى بالهجرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة؛
قال العلامة الألباني في الصحيحة 7/652:
(وبهذه المناسبة أقول:
لقد تجاهل هذه الحقيقة الشرعية- من جهة-، والواقعية المؤسفة- من جهة أخرى- جماعةٌ من ذوي الأهواء والحزبية العمياء، وعلى رأسهم ذاك (الفقير) حقاً، الذي أثارها حرباً شعواء على كاتب هذه السطور؛ لقوله بهجرة المسلمين الفلسطينيين من ظلم اليهود وطغيانهم إلى بلد إسلامي يجدون فيه الطمأنينة والخلاص من فسادهم، وذلك في خطبة ألقاها في مسجد حمزة في عمان يوم الجمعة في العشرين من ذي الحجة سنة (1413) ، أدارها خطبة سياسية لمصلحة الانتخابات القادمة الشخصية، لا يستفيد منها أحد من السامعين للخطبة علمًا ولا ذكرًا، وإنما ما يلقي العداوة والبغضاء في قلوبهم ضد أخ لهم مسلم، يبهته الخطيب بماليس فيه زاعماً أنه"يطالب تفريغ الأراضي المحتلة حتى تصبح خالصة لبني إسرائيل "! ثم أخذ يرميه بكل باقعة فيقول: "يا عميل! يا شيخ الخيانة! يا شيخ الشياطين وشيطان المشايخ! يا فتوى الضلال! يا مفتي يا دجال! يا.. يا.. " إلخ ما هو مسجل في شريطه، حتى وصل به الأمر إلى أن حضهم على لعنه! مما يرجع عليه بنص الحديث الصحيح المرفوع- إن شاء الله تعالى-، كيف لا، وقد بلغ به طغيانه إلى أن صرح بأن كل البلاد الإسلامية لاتُعدُّ ديار إسلام؟!
وبناءً عليه حض الناس على الهجرة إلى اليهود! فقال ما نصه:
"ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى (تل أبيب) "!
وقال:
"والله! لو خُيِّرْتُ- أقسم بالله- بين أن أعيش في القدس تحت احتلال
اليهود، وبين أن أعيش في أي عاصمة عربية؛ لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود ... ".
ومع كل هذه التصريحات الخطيرة شرعاً وسياسةً واجتماعياً؛ استمر الرجل ينشر سمومه بين الناس في خطبه ومجالسه، حتى تأثر بها كثير من الناس وظنوها حقاً، ولعل من آثار ذلك أن كُبست داري من (المخابرات) ، وفُتِّشت تفتيشاً دقيقاً في سبع ساعات وأكثر، وصادروا نحو ستين خطاباً من مختلف البلاد الإسلامية وغيرها، وكذلك صادروا عديدًا من الأشرطة لي ولغيري من طلاب العلم؛ بدعوى البحث عن أسلحة ومفرقعات!! والله المستعان.
ولقد كان من تلك الآثار السيئة: أن تتابع الخطباء في كثير من المساجد، وبعض الكتّاب في بعض الجرائد يضربون على أوتاره وينفخون في ناره، افتراءً وكذباً، حتى كتب أحد الحزبيين ما نصه- دون أي حياء أو خجل-:
"وأخشى أن يكون قد وصل مرحلة الخرف في أرذل العمر التي لا يعلم صاحبها شيئاً "! (جريدة اللواء17محرم001414العدد 1053) ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت ". رواه البخاري.
واستمرت الآثار السيئة تنتشر في الشعب وتتطور حتى قال أحدهم: إنه زنديق! وقال آخر: إنه ماسوني!! حتى كاد أن تقع في المجتمع فتن لا تحمد عقباها؛ لولا لطف الله تعالى! عامل الله المثيرين لها بما يستحقون.)

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

فرغ منه: يوسف قديري
ليلة السبت 23 رجب 1440
في مدينة مغنية

أبو الزبير خيرالدين الرباطي 30 Mar 2019 09:43 AM

جزاك الله خيرا يا أخانا يوسف،هذا مقال مهم هذه الأيام خاصة لأن المفرقين لم يجدو ما يطعنون به على الشيخ ربيع إلا هذه الفرى والأكاذيب ،وصدق من قال من العلماء:"قل ما يخرف المحدثون"او كما قال،بارك الله فيك.


الساعة الآن 07:26 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013