منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   فائدة: من هم القدرية؟ (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=11786)

عبد العزيز بوفلجة 10 Dec 2013 09:37 AM

فائدة: من هم القدرية؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

من هم القدرية؟

إن المتبادر إلى أذهان الناس عند إطلاق لفظ القدرية هم القدرية النفاة, الذين ظهروا في أواخر زمن صغار الصحابة, وكان أولهم معبد الجهني الذي زعم أن الأمر أنف, وأن الله لا يعلم ما يقع حتى يقع, فأنكر العلم والكتابة, فقام جمهور الصحابة الموجودين في ذلك الزمن بإنكار مقالته وإبطالها, وأشهر من أنكر عليهم وتبرأ منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب كما في الحديث الذي انفرد به مسلم من طريقه في أول صحيحه, والقصة مشهور عن يحي بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري, وقد رواها مسلم بكاملها كما في الحديث المشار إليه.

وقد كفرهم أئمة السلف, وقالوا مقالاتهم المشهورة: "حاجوهم بالعلم, فإن أنكروه كفروا", وأما القدرية المعتزلة أتباع واصل بن عطاء الغزال, وعمرو بن عبيد فلم يكونوا ينكرون العلم والكتابة, إلا ما ذكر في بعض الروايات عن عمرو بن عبيد, لكن المشهور عنهم هو إنكار الخلق والقدرة, لشبه قامت في نفوسهم ليس هذا موضع تفصيلها.

فهاهنا إذا إطلاقان للفظ القدرية مشهوران:

الإطلاق الأول: وهو المشهور عند الصحابة وأئمة السلف, ومن بعدهم: من أنه يطلق على نفاة العلم والكتابة, وهؤلاء قد كفرهم أئمة السلف, وقد ذكر عنهم: أنهم انقرضوا, والله أعلم بذلك؛ إذ قد تغير الحال في هذا الزمان, وقد سمعنا ممن هو معتقد لهذا المذهب, والله المستعان.
قال الإمام وكيع بن الجراح: (القدرية يقولون: الأمر مستقبل, وإن الله لم يقدر المصائب, وهذا هو الكفر) أخرجه ابن بطة في الإبانة(2/261).

وسئل الإمام أحمد عمن قال بالقدر يكون كافرا؟ قال: (إذا جحد العلم, إذا قال الله جل وعز لم يكن عالما حتى خلق علما فعلم, فجحد علم الله عزوجل: كافر) أخرجه الخلال في السنة(3/529).

الإطلاق الثاني: وهو المشهور عند جماهير العلم من السلف والخلف: من إطلاق لفظ القدر على المعتزلة أتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد, الذين أقروا بالعلم والكتابة, لكن أنكروا الخلق والمشيئة, لشبهات قامت في نفوسهم, وهؤلاء لم يكفرهم الأئمة, بل حكموا عليهم بالبدعة المغلظة, كما ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه.
وهذان الإطلاق كل منهما يطلق على القدرية النفاة, وهما من أشهر الإطلاقات عند جمهور الناس.

لكن هاهنا إطلاق ثالث, وجد في كلام بعض السلف: وهو إطلاق لفظ القدرية على الجبرية المثبتة؛ القائلين بأن العباد مجبورون ومقصورون على أفعالهم الاختيارية, بمعنى أنه لا اختيار لهم ولا مشيئة؛ وهذا الإطلاق لا يكاد يشتهر إلا عند بعض الناس, وسبب هذا الإطلاق أمران:

أحدهما: أن جماع الأمر الذي اشترك فيه القدرية النفاة والقدرية المجبرة هو الخوض بالباطل في القدر.
الثاني: أن القدرية الجبرية بالغوا في إثبات القدر, وغلوا فيه حتى أنكروا قدرة العباد ومشيئتهم الاختيارية.

ومما يدل على ذلك صنيع الإمام الخلال في كتابه السنة حيث قال: (الرد على القدرية وقولهم: إن الله جبر العباد على المعاصي) السنة(3/549) -دار الراية-.

قال ابن تيمية: (ولهذا كان يدخل عندهم -يعني السلف- المجبرة في مسمى القدرية المذمومين؛ لخوضهم في القدر بالباطل؛ إذ هذا جماع المعنى الذي ذمت به القدرية) مجموع الفتاوى(3/322).

وقال أيضا في معرض رده على من يدعي شهود الحقيقة الكونية, ويغفل عن الحقيقة الشرعية من غلاة المتصوفة المجبرة: (وهؤلاء يدخلون في مسمى القدرية الذين ذمهم السلف, بل هم أحق بالذم من المعتزلة, ونحوهم؛ كما قال أبو بكر الخلال في كتابه: السنة: الرد على القدرية, وقولهم: إن الله أجبر العباد على المعاصي....- إلى أن قال ابن تيمية-: والمقصود هنا: أن الخلال, وغيره من أهل العلم أدخلوا القائلين بالجبر في مسمى القدرية, وإن كانوا لا يحتجون بالقدر على المعاصي, فكيف بمن يحتج به على المعاصي, ومعلوم أنه يدخل في ذم من ذم من القدرية من يحتج به على إسقاط الأمر والنهي أعظم مما يدخل فيه المنكر له؛ فإن ضلال هذا أعظم, ولهذا قرنت القدرية بالمرجئة في كلام غير واحد من السلف, وروي في ذلك حديث مرفوع؛ لأن كلا من هاتين البدعتين تفسد الأمر والنهي, والوعد والوعيد؛ فالإرجاء يضعف الإيمان بالوعيد, ويهون أمر الفرائض والمحارم, والقدري إن احتج به كان عونا للمرجئ, وإن كذب به كان هو والمرجئ قد تقابلا, هذا يبالغ في التشديد, حتى لا يجعل العبد يستعين بالله على فعل ما أمر به, وترك ما نهى عنه, وهذا يبالغ في الناحية الأخرى) مجموع الفتاوى(8/103-106).

وقال ابن أبي العز الحنفي: (وقد تسمى الجبرية قدرية؛ لأنهم غلوا في إثبات القدر) شرح الطحاوية(2/797).
هذا والحمد لله رب العالمين.

أبوعبدالرحمن عبدالله بادي 10 Dec 2013 12:51 PM

السلام عليكم ورحمة الله

أخي بوفلجة ذكرت في الموضع الأول أن القدرية المعتزلة يثبتون العلم والكتابة و ينكرون الخلق والقدرة


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوفلجة بن عباس (المشاركة 42354)
وأما القدرية المعتزلة أتباع واصل بن عطاء الغزال, وعمرو بن عبيد فلم يكونوا ينكرون العلم والكتابة, إلا ما ذكر في بعض الروايات عن عمرو بن عبيد, لكن المشهور عنهم هو إنكار الخلق والقدرة, لشبه قامت في نفوسهم ليس هذا موضع تفصيلها.




و في الموضع الثاني ذكرت أنهم يثبتون العلم والكتابة وينكرون الخلق و المشيئة

و هناك فارق بين القدرة والمشيئة كما تعلم فإن كان سبق قلم فبينه و إن كان صوابا فثبته و جزاك الله خيرا على فوائدك العقدية.






اقتباس:

من إطلاق لفظ القدر على المعتزلة أتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد, الذين أقروا بالعلم والكتابة, لكن أنكروا الخلق والمشيئة

عبد العزيز بوفلجة 10 Dec 2013 02:37 PM

بارك الله فيك أخي الفاضل عبد الله بادي:
القدرية المعتزلة ينكرون القدرة والخلق والمشيئة التي هي بمعنى الإرادة الكونية, وذكر بعضها في موضع, والبعض في موضع آخر من باب التنويع في الكلام لا غير, وأنا تقصدت ذلك, وليس معنى كلامي أن القدرة بمعنى المشيئة.
يقول ابن تيمية: (وأما عدلهم: فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات, ولا خلقها, ولا هو قادر عليها كلها, بل عندهم أفعال العباد لم يخلقها لا خيرها ولا شرها, ولم يردها إلا ما أما أمر به شرعا, وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئة) مجموع الفتاوى(13/357).
ولا شك أن هناك فرق بين القدرة الشاملة والمشيئة النافذة؛ حيث أن من لم يشأ الله كونه فلعدم مشيئته له, لا لعدم قدرته عليه, فهو القادر على كل شيء.

عبد الله سنيقرة 11 Dec 2013 09:04 AM

بارك الله فيك وفي علمك يا أخي

لزهر سنيقرة 11 Dec 2013 12:18 PM

جزاك الله خيرًا على هذه الفائدة العقدية التي قد تزيل شيئًا من الإشكال على طالب العلم عند رجوعه إلى كلام بعض الأئمة، فبورك فيك ونفع الله بك.

عبد المالك البودواوي 11 Dec 2013 01:20 PM

بارك الله فيك اخي على هذه الفوائد والتوضيحات

عبد العزيز بوفلجة 11 Dec 2013 06:50 PM

بارك الله في الجميع

وأخص بالذكر شيخنا الفاضل لزهر حفظه المولى, فإني والله أتشرف بتعليقاته, وأسعد بها كثيرا, فبارك الله في علمه وعمره وولده, ونفع به عباده من خلقه.

أبو معاذ محمد مرابط 15 Dec 2013 06:22 PM

بارك الله فيك أستاذ بوفلجة

ولك شوق في القلب

محبك

عبد العزيز بوفلجة 16 Dec 2013 08:45 PM

وفيك بارك الله أخي محمد

أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك والإخوة جميعا لما يحبه ويرضاه

أبو أنس عبد الله الجزائري 17 Dec 2013 11:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بوفلجة بن عباس (المشاركة 42354)
الإطلاق الثاني: وهو المشهور عند جماهير العلم من السلف والخلف: من إطلاق لفظ القدر على المعتزلة أتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد, الذين أقروا بالعلم والكتابة, لكن أنكروا الخلق والمشيئة, لشبهات قامت في نفوسهم, وهؤلاء لم يكفرهم الأئمة, بل حكموا عليهم بالبدعة المغلظة, كما ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه.

جزاك الله خيرا أخي عبد العزيز وبارك فيك.

وأحب أن أشير هنا إلى أن المعتزلة الأُول لم يكونوا جهمية، بل كان مدار كلامهم على الوعيد وإنكار القدر، وإنما حدث فيهم التجهم وإنكار الصفات بعد هذا، فلهذا والله أعلم لم يكفر السلف أوائلهم بل حكموا عليهم بالبدعة كما ذكر الأستاذ الفاضل.
[ انظر: "الرد على الجهمية" (98) للإمام أحمد، " مجموع الفتاوى" (3/ 183)، (14/ 349-350)، "شرح الأصفهانية " ( 111) لابن تيمية ].


الساعة الآن 10:12 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013