منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الدُّكتور والملوِّن الغذائي e120 (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24726)

مهدي بن صالح البجائي 29 Mar 2020 11:49 AM

الدُّكتور والملوِّن الغذائي e120
 
الدُّكتور والملوِّن الغذائي E120

الحمد لله وبعد، فقد نشر بعض إخواننا انتقادًا للدُّكتور فركوس حول تفريقه في فتواه بين اعتبار الاستحالة في الأدوية المركَّبة من بعض موادِّ الخنزير أو الميتة وعدم اعتبارها في الملوِّن الغذائي (e120) المستخلص من الخنفساء.

وهذا نصُّ انتقاد أخي أبي أيمن:
«فكر من غير تقديس!!
1.سئل الشيخ فركوس عن الأدوية التي تصنع من لحم الخنزير أو من الميتة
فأجاب : اعلم أنَّ الموادَّ إذا تغيَّرت حقيقتها بمفاعيلَ كيماويةٍ أو بغيرها حتى تصير مادَّةً أخرى فإنَّ الحكم فيها الحِلُّ والجواز.
2. وسئل عن حكم تناول الكاشير والياورت وبعض الحلويات التي تحتوى على الملون 120
فأجاب: لان فيها (( الملوِّن الغذائيُّ الأحمر المستخرَج من هذه الخنافس الذي يُرمز إليه ï؛‘[e120 ] فلا يجوز استخدامه كأحد المركَّبات الصناعية الغذائية، ولا يجوز استهلاكه -وخاصَّةً مع طغيان لونه-، لأنَّ هذه الخنافس معدودةٌ من الحشرات المستخبثة طبعًا عند جمهور أهل العلم.
فهل هذه الحشرة أخبث من الخنزير وهل اكلها أشد تحريما من أكل الميتة و لماذا لا يقول الشيخ هنا بقاعدة التغير والاستحالة ؟؟ !!»
.

فكتبت معلِّقا على ذلك في تغريدة: «غرائب الدكتور فركوس لا تنتهي، ولعله ينبغي إعادة النظر في فتاويه، ولا سيما ما يتفرد به عن غيره. كيف يفصل الدكتور في استحالة الميتة والخنزير، ويحلها إذا استحالت وتغيرت، ولا يفصل في حشرة مع أن الأولى أخبث ومجمع على تحريمها؟!
https://ferkous.com/home/?q=fatwa-245»
.

وقد استنكر بعض الأفاضل هذا الانتقاد بناء على صحَّة الفرق بين المسألتين عنده، لكن الذي يظهر هو أنَّ الانتقاد في محلِّه، ووجه تصحيح الانتقاد هو بيان أنَّ الاستحالة كما يمكنها أن تدخل في الموادِّ المستخلصة من الخنزير والميتة يمكنها كذلك أن تدخل في مادَّة مستخلصة من حشرة، ولا سيَّما أنَّ البحث البيولوجي يؤيِّد هذا، فإنَّ هذا الملوِّن هو في حقيقته حمض تسعمله الخنفساء للدِّفاع عن نفسها ويسمَّى بحمض الكارمينيك وهو الملوِّن الأساسي للكارمين، ويستخلص منها بالإحراق، لكن تبقى فيه نسبة من جسد تلك الحشرة عند الإحراق، وهي بروتينات، فالملوِّن هو مجموع ذلك، وأبعد من ذلك فإنَّ هذا الحمض يمكن إنتاجه صناعيًّا (synthétique)، ينظر:
https://www.additifs-alimentaires.net/E120.php
https://www.additifs-alimentaires.ne...&nostat#defOff
فهذا الملوِّن غير الخنفساء قطعا، واستحالته عن حقيقتها واضح جلي، وطغيان اللَّون الأحمر -الذي أشار إليه الدُّكتور- من أثر ذلك الحمض، ونظير هذا ما يسمَّى كذلك بحمض النَّمل، وهو حمض يفرزه النَّمل للدِّفاع عن نفسه –كما درس ذلك بعضنا أيَّام الثَّانويَّة-، وعليه فلو نُظِّر لهذا الحمض المستخلص من هذه الخنفساء بالسُّموم المستخلصة من العقارب والأفاعي لربَّما كان أقرب، ومسألة حكم طهارة السُّمِّ وكذا شربه للتَّداوي وغيره مطروقة في كتب الفقه، والصَّحيح طهارته، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله : «أما مجرد شرب السم فليس بحرام على الإطلاق؛ لأنه يجوز استعمال اليسير منه إذا رُكِّب معه ما يدفع ضرره إذا كان فيه نفع» [فتح الباري ( 10 / 248)]، مع أنَّ الظَّاهر أنَّ هذا الحمض لا يبلغ مبلغ السُّمِّ.

ومن نظر إلى علَّة تحريم الحشرات وهو استخباثها تأكَّد عنده بُعد مثل هذا الملوِّن عن التَّحريم لانعدام هذه العلَّة فيه، خاصَّة أنَّ الحشرات طاهرة عند جمهور العلماء فهو ممَّا لا نفس =دم لا سائلة، حتَّى أنه لا يعرف للسَّلف مخالف في ذلك –كما ذكر ابن القيم-، ولا أظن الدكتور يخالف في ذلك.

بقي النَّظر في الطَّريقة التي يستخلص بها هذا الملوِّن، وكذا تفريق من يرى الفرق بين ما يستحيل بنفسه وما يكون بمعالجة، وهذا كما يدخل فيما يستخلص من الخنفساء والحشرات يدخل –كذلك- فيما يستخلص من الخنزير والميتة لا فرق بين ذا وذا.

وبهذا يعرف مجانبة الدُّكتور للصَّواب في التَّفريق بين القضيَّتين، بل الغلط البيِّن في ذكر التَّفصيل فيما هو أخبث وأشدُّ حرمة دون ذكره في الأهون، بل جزم بالتحريم، فإن قيل: لعلَّ الدُّكتور لم يطَّلع على تفاصيل تركيب هذا الملوِّن، قيل: هذا بعيد! وإن كان الأمر كذلك فهذا تقصير منه، وتضييق على النَّاس بغير موجِبٍ فيه مَقنَع، خاصَّة أنَّ فتواه تلك أحدثت ضجَّة وعنتا.

نعم؛ لو أنَّ الدُّكتور لم يكن ير التّفصيل فيما يستخلص من الخنزير والميتة–كما هي فتوى اللَّجنة الدَّائمة- أو لا يرى بالاستحالة عموما لقلنا ربَّما تلك هي وجهته في هذه المسائل، لكن الواقع غير ذلك، فاتَّجه بذلك الانتقاد، وانتهض الاعتراض، أمَّا من اعترض الاعتراض بالتَّفريق بين استحالة الوصف واستحالة العين، فيكفي لسقوطه –كذلك- ما تقدَّم.

ثمَّ لا أدري لماذا خصَّ السَّائل ذكر «الكاشير» مع أنَّ هذه المادَّة تضاف إلى كثيرٍ غيرِه من الأغذية والألبسة، ولا أدري ما سبب مبالغة الدُّكتور في تحريم هذا الملوِّن، حتَّى ذكر تعليلا صحيًّا هو في ذاته مختلف فيه عند أهل التَّخصُّص، ولو طردناه في كثير من الموادِّ التي قيل فيها مسرطنة وتسبِّب حساسيَّة وغير ذلك لحرَّمنا على النَّاس كثيرا من مطاعمهم ومشاربهم على صورة لا تأتي بمثلها الشَّريعة، وكأنَّ وراء الأكمة ما وراءها!

وهذا الدُّكتور محمَّد بازمول –مثلا- لمَّا سئل عن عين هذه المسألة فصَّل فيها تفصيلا يليق بها، فقد سئل: «السلام عليكم شيخنا، ما حكم أكل المنتجات التي تحتوي "الدودة القرمزية" تلك الخنفساء التي تعرف بالـ ( Cochineal ) في الإنجليزية. وهي موجودة في كل منتجات المرتديلا .. الهوت دوغ .. و الكاشير وهي تكتب على شكل هذا الرمز e120 . وجزاك الله خيرا شيخنا؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إذا كانت باقية على خلقتها ولم تتحول إلى شيء آخر فإن ما دخلت فيه يكون حراماً لأنها ميتة، والميتة حرام علينا.
دليل ذلك : مفهوم المخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: "أحلت لنا ميتتان: الحوت والجراد"، ومفهوم المخالفة أن كل ميتة غيرهما حرام، وهذه الحشرات لا تذكى و لا يتوصل إلى استعمالها إلا بعد قتلها، فهي ميتة.
وهذا مقيد بما قدمته لك من أن تكون باقية على خلقتها، أما إذا استحالت فيجوز أكلها لأنها لم تعد الميتة المحرمة، والله أعلم»
[منشور على الفاسبوك].
والمقام يحتمل مزيدا من البسط، والحمد لله رب العالمين.


كتبه مهدي بن صالح البجائي
الأحد 05 من شعبان 1441

أبو قتادة موسى التيارتي 29 Mar 2020 12:02 PM

بارك الله فيك وفي الأخ أبو أيمن علي هذا التنبيه

فاتح عبدو هزيل 29 Mar 2020 12:11 PM

جزاك الله خيرا أخي مهدي
السؤال المطروح : لماذا خص الكاشير دون غيره من المواد الغذائية ولماذا نسبت قضية 400 مليون إلى صاحب مصنع الكاشير ؟!

أبو بكر يوسف قديري 29 Mar 2020 12:40 PM

جزاك الله خيرا على التنبيه
ومورد الفتويين على نوع واحد؛
لأن المضافات في الدواء من الخنزير والميتة، والمضافات من الملونات (المستخلصة من الخنفساء carmine) في الغذاء كلاهما بنفس الطريقة.

إلا أن الخنزير والميتة أولى بالمنع لأنهما:
- مجمع على تحريمهما بخلاف الخنفساء فمذهب المالكية جواز أكلها إذا طبخت وهو الصحيح إن شاء الله وكلام ابن عثيمين في "الشرح الممتع" يقتضيه
- أن الخنزير والميتة أكثر استعمالا وأوسع انتشارا بخلاف هذه الخنفساء فهي قليلة حتى قيل أنها انقرضت.
والله أعلم

ثم ليس هذا تحاملا على الدكتور كما قال المنتقد.
وإن كان هناك تحامل فهو تحامل الدكتور على المنتجين والمسوقين والمستهلكين لمواد غذائية واسعة من الياوورت والكاشير والحلويات وغير ذلك.

وأمر آخر: في موقع الدكتور تساهل في حكم الإنفحة وهي مستخرجة كهيئتها من الميتة؛ حيث قال في ترجيح إباحتها: (عملا بفعل الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس، وشاع هذا بينهم من غير نكير.) ونحن نقول: كذلك شاعت هذه الأغذية من الكاشير والياوورت والحلويات في العالم الإسلامي من غير نكير من علماء الأمة الكبار المقتدى بهم بل أجاز ذلك، أي ملون الكارمين، بعض هيئات الإفتاء الإسلامية.
وليت الدكتور اقتدى بالإمام مالك الذي كان لا يتقدم بين يدي علماء المدينة في تحريم شيء قال في الموطأ في حكم السواك للصائم: (ولم أسمع أحدا من أهل العلم يكره ذلك، ولا ينهى عنه.)

مهدي بن صالح البجائي 29 Mar 2020 12:51 PM

جزاكم الله خيرا.
وقد أحسنت أخي يوسف في إضافتك أحسن الله إليك، وتحامل الدُّكتور ملفت للنَّظر حقيقة!

علاء الدين محديد الداموسي 29 Mar 2020 01:57 PM

جزاك الله خيرا أخانا مهدي على هذا التفصيل المتين المحكم المبين لبعد الفتوى عن المأخذ الشرعي المناسب للمسألة فبارك الله فيك و زادك من فضله ، وفعلا فإن الأمر فيه ما فيه و وراء الأكمة ما ورائها و إن الله لفاضحه كما هي العادة.

محسن سلاطنية 29 Mar 2020 06:02 PM

جزاك الله خيرا أخي الفاضل مهدي على هذا النقد العلمي والتوضيح لوجه النقد.
وكل من درس مسألة الاستحالة في كتب الفقه يستنكر فتوى فركوس ويعلم أن العلماء يعتبرون الاستحالة في كثير من الأشياء.


الساعة الآن 02:03 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013