منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الصدق أولا - الشيخ الفاضل توفيق عمروني -حفظه الله- (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24546)

الطيب عزام 02 Oct 2019 10:49 AM

الصدق أولا - الشيخ الفاضل توفيق عمروني -حفظه الله-
 
( الصِّدقُ في الأقوال هو عنوانُ العزَّة والاستقَامَة، وطريقُ سعَادة الفَرد والجماعَة ، ما فرَّط فيه أحدٌ إلاَّ وعلَتْهُ الذِّلَّة والمهانةُ ، وكانَ عُرضةً للتَّغيُّر والتَّلوُّن ، فلا يُرفَع للمَرء قدرٌ ، ولا تطيبُ له حياةٌ ، ولا يدومُ له ثباتٌ ولا ذكرٌ إلاَّ بالصِّدق ، فمَن لزمَ الصِّدقَ عانقَه الخير ، ومَن تعَوَّد الكذبَ سهُلَ عليه كلُّ شرٍّ ، قال النَّبيُّ ﷺ : « إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصْدُقُ حتَّى يُكتَب صِدِّيقًا ، وإنَّ الكذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ ، وإنَّ الفُجورَ يهْدِي إلى النَّارِ ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ حتَّى يُكتَبَ كذَّابًا ».
ومن أعظَم الرَّزايا أن يتلوَّث لسانُ المنتَسب إلى العِلم بالكذب ، فيَزول عنه نورُ الصِّدق ومهابتُه ، وتُرفَع الطُّمأنينَة من حديثه ، ويُحرَم ثمرةَ العِلم وهي العَمل به وتعليمُه ، وقَد يُعاقَب بنسيان ما تعلَّمَه ، وانسدادِ باب علم كانَ يطلبُه ، فحريٌّ بكلِّ مَن رامَ العلمَ أن يتعلَّم الصِّدقَ أوَّلاً ، ففي « شُعب الإيمان » (4567) قال حاتم ابن يوسُف : أتيتُ بابَ الفُضَيل بن عيَاض فسلَّمتُ عليه ، فقُلتُ : يا أبا عليٍّ معي خمسَة أحاديث ، إنْ رأيتَ بأنْ تأذَن لي فأقْرَأ عليكَ ، فقال لي : اقْرأ فإذَا هُو ستَّةٌ ، فقَال لي : أُفٍّ ، قُمْ يا بُنيَّ ، تعَلَّم الصِّدْقَ ، ثُمَّ اكتُبِ الحديثَ » ، فأنكَر عليه ما قَد يَتجاوزُ عنه كثيرٌ منَ النَّاس ، لكنَّها التَّربية الصَّحيحَة الَّتي لا تتَساهَل أبدًا في أمر الصِّدق ، لينشَأ المتعلِّم مَصُونَ اللِّسان مِن آفةِ الكذب ، الَّتي لو تسرَّبت إليه لأفسَدَت عليه حاضرَه ومُسْتَقبلَه العِلمي ، وجُرحَ جرحًا لا يبرَأ ، لأنَّ العلمَ لا يرتَفعُ فيه إلاَّ الصَّادقُون ، ففي «الجامع لأخلاق الرَّاوي» (1010) : «سُئل الإمام أحمَد : بمَ بلَغ القومُ حتَّى مُدِحُوا ؟ قالَ : بالصِّدقِ» ، فعَلى المنتَسب إلى العِلم والدَّعوة أن يحتاطَ لدينِه ويتَجنَّبَ الكذبَ في جدِّه وهزلِه ، ولا يتوسَّع في استعمال المعاريض والتَّورية ، فتُساء به الظُّنون ، وتَنْفر منه القُلوب ، ولا يعجَل في ترويج الأخبَار ، إلَّا بعد التَّبيُّن والتَّثبُّت ، فمَن كانَ هذَا دأبَه رُجي له أن يبلُغَ مراتِبَ الإمامَة في الدِّين ، ومحلَّ الثِّقة في العِلم ، وإلاَّ فلا يتعنَّ ، قال الإمامُ مالك : «إعلَمْ أنَّه ليسَ يسْلَمُ رجُلٌ حدَّثَ بكُلِّ ما سمِع ، ولا يكونُ إمامًا أبدًا وهُو يُحدِّثُ بكُلِّ ما سمِعَ» ، فمَن أراد أن يسلَم منَ العَطب ، ولا يُوصَف بالكذب ، فليُمسك لسانَه عن نشْر كلِّ ما سَمع ، ففي الحديثِ الصَّحيح : «كفَى بالمَرءِ كذِبًا أنْ يُحدِّثَ بكُلِّ ما سمِعَ» ، قال النَّووي : «فيه الزَّجْرُ عنِ التَّحديثِ بكُلِّ ما سمعَ الإنسانُ ، فإنَّهُ يسمَعُ في العادةِ الصِّدقَ والكذِبَ ، فإذَا حدَّثَ بكُلِّ ما سمعَ فقَد كذَب لإخبَارِه بمَا لم يكُن» ، وصار بذلكَ كاذبًا لروايته إيَّاه ، وإنْ لم يتعمَّدْهُ ، لأنَّ الكذبَ هو إخبَارٌ عَن أمر على خلافِ الواقع .) .

منشور في العدد (62) من مجلة الإصلاح .


الساعة الآن 04:52 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013