منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   فوائد من تراجم الأعلام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=23866)

أبو صهيب منير الجزائري 09 Jul 2018 03:02 PM

فوائد من تراجم الأعلام
 
<بسملة1>




فوائد من تراجم الأعلام


بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدّين، وبعد:
فعلى النّاظر في تراجم الأعلام قديما وحديثا، والباحث عن أخبارهم ومدوّناتهم من الرّجوع إلى أمّات الكتب والمؤلّفات في هذا الفن الذي لا يقلّ أهميّة عن كثير من العلوم المتعلّقة بالعلوم الشّرعية وبخاصة ما تعلّق بتراجم روّاة الحديث فمن خلال معرفة عصرهم وصفاتهم وأخبارهم يتمكّن المحدّثون من تصنيف حديث الرّاوي بين الصّحة والضّعف، ومنه فأردت في هذا المقام ذكر بعض الفوائد التي تمرّ بالباحث عند ترجمة الأعلام من الفقهاء والمحدثين والأدباء وغيرهم.

الفائدة الأولى: ترجمة العالم لنفسه.
إذا أردت ترجمة أحد العلماء ستجد ترجمته وأخباره عند غيره وهذا هو الشّائع والمعروف في الباب، إلاّ أنّه هناك من الأعلام من ترجم لنفسه، وإذا وجد الباحث والطّالب هذا النّوع من التّراجم فليحرص على تقديمه عن غيره لكون المترجم أعّلم بنفسه من غيره إلاّ في بعض الأخبار التي قد يخفيها حتى لا يقدح فيه وصحّت فتنقل عن غيره، وإضافة إلى ما يغيب على كل مخلوق وهو تاريخ الوفاة فيؤخذ ممن تأخر عنه هذا من جانب، ومن الجانب الأكاديمي يراعى تقديم المؤلّفات المتقدّمة في كلّ فن عن غيرها ومنها ترجمة الأعلام، إلاّ إذا كان هناك بعض الإضافات أو التّحقيقات عند أهل التّمحيص من المتأخرين التّي لا توجد عند غيرهم، ومن هذه النّماذج مايلي:

أولا: ترجمة لسان الدين ابن الخطيب المؤرخ الأديب محمد بن عبد الله بن سعيد السّلماني القرطبي. ت: 774ه.

ترجم لنفسه في كتابه المشهور ( الإحاطة في أخبار غرناطة).
في خاتمة الإحاطة بدأ مترجما لنفسه قائلا:
" ...فإني لمّا فرغت من تأليف هذا الكتاب الذي حمل عليه فضل النشاط، مع الالتزام لمراعاة السياسة السلطانية والارتباط، والتفتّ إليه فراقني منه صوان درر، ومطلع غرر، قد تخلّدت مآثرهم بعد ذهاب أعيانهم، وانتشرت مفاخرهم بعد انطواء زمانهم، نافستهم في اقتحام تلك الأبواب، ولباس تلك الأثواب، وقنعت باجتماع الشّمل بهم ولو في الكتاب. وحرصت على أن أنال منهم قربا، وأخذت من أعقابهم أدبا وحبّا، وكما قال: ساقي القوم آخرهم شربا، فأجريت نفسي مجراهم في التّعريف، وحذوت بها حذوهم في باب النّسب والتّصريف، بقصد التشريف، والله لا يعدمني وإيّاهم واقفا يترحّم..."
ثم سرد ما يذكر في التّراجم عادة من نسب، وذكر لشيوخه والمناصب والمؤلفات والأحداث المتعلقة به.
انظر: لسان الدين ابن الخطيب، الإحاطة في أخبار غرناطة (4/374- 554)، دار الكتب العلمية، بيروت الطبعة: الأولى، 1424 هـ


ثانيا: ابن خلدون عبد الرحمن بن محمد بن محمد المؤرّخ المشهور ت: (808ه).
ترجم لنفسه في مؤلّفه المشهور (ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر)، في فصل كامل من المجلد الأخير وعنون لترجمته ب: (التّعريف بابن خلدون مؤلّف هذا الكتاب).
وبدأ بقوله:
" أصل هذا البيت من إشبيلية انتقل عند الجلاء وغلب ملك الجلالقة ابن أدفونش عليها إلى تونس في أواسط المائة السّابعة (نسبه) عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خلدون هذا لا أذكر من نسبي إلى خلدون غير هذه العشرة.."
ثم ذكر تفاصيل حياته العلمية من الرّحلات العلميّة والمناصب التي تولّاها وغير ذلك من الأحداث المهمّة.
انظر: ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون (7/503-742)، ت: خليل شحادة الناشر: دار الفكر، بيروت الطبعة: الثانية ( 1408 هـ - 1988 م)

ثالثا: عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدّين بن الفخر عثمان الأسيوطي المصري المعروف (بالسيوطي) ت: 911ه، صاحب التّصانيف في فنون عدة في التاريخ والحديث والفقه وغيرها.
ترجم لنفسه في كتابه (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة)، حيث ذكر ترجمته تحت عنوان (ذكر من كان بمصر من الأئمّة المجتهدين)
عند بداية ترجمته أعان الباحثين بذكر من ترجم لنفسه من الأعلام فقال :
" وإنّما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقل أن ألف أحد منهم تاريخا إلا وذكر ترجمته فيه؛ وممن وقع له ذلك الإمام عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور، وياقوت الحموي في معجم الأدباء، ولسان الدين بن الخطيب في تاريخ غرناطة، والحافظ تقي الدين الفارسي في تاريخ مكة، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر، وأبو شامة في الروضتين.."
وبعدها ذكر حياته العلمية والمؤلفات التي ألّفها في العلوم المختلفة وسائر ما يذكر في تراجم العلماء.
انظر: جلال الدين السيوطي، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (4/3/335_344)، ت : محمد أبو الفضل إبراهيم الناشر : دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه – مصر، الطبعة : الأولى 1387 هـ - 1967 م


رابعا: ترجمة محمد بن الحسن بن العربيّ بن محمد الحجوي الثعالبي الجعفري الفاسي ت: (1376ه).
ترجم لنفسه في كتابه الفكر السامي فبدأ بقوله: " أترجم نفسي اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب.." ثم ذكر الأعلام الذين ذكرتهم في التراجم السّابقة ( ابن خلدون و ابن الخطيب)، وهو صاحب الفضل في الإحالة إلى ابن خلدون وابن الخطيب.
ثم بيّن أهميّة ترجمة العالم لنفسه:
" ليت المغاربة كان لهم ولوع بالتاريخ، وبالأخص تاريخ الرجال، فأكتفي بأمانتهم واعتنائهم عما سأورده في هذه الترجمة المخجلة التي أقصد بها إظهار حقيقة من حياتي, ربما لا يعرفها غيري كما أعرفها أنا, وإني لأشعر بعبء ذلك على كاهلي، ولكنني لا أجد منه بدًّا، فلينتبه إخواننا إلى الاعتناء بتراجم الرجال وإظهارهم مظاهرهم، فالأمة برجالها، والسهام بنصالها، وليترجم الناس لأنفسهم بأنفسهم ما دامت الأفكار معرضة عن هذه الواجبة حتى لا تضيع حقائق من حياتهم, ربما تتطلب فلا توجد, وكم ضاعت من حقائق بإهمال هذا الفن لم يجدِ الأسف عليها شيئًا."
ومن أهم الأمور التي ذكرها عن نفسه عقيدته حيث قال: " وأمّا عقيدتي:
فسنية سلفية؛ اعتقد عن دليل قرآني، برهاني ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الراشدون, مالكي المذهب ما قام دليل.
" ثم ذكر طلبه للعلم ومشايخه ومؤلفاته وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالوظيفة.
انظر : محمد بن الحسن الحجوي، الفكر السامي (1/10-23)، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، ط:1(1416ه_1995م).
وهناك نماذج أخرى كما ذكر السيوطي في حسن المحاضرة.


الفائدة الثّانية: ترجمة للأعلام الأحياء.
وكأن هذه الفائدة متعلّقة بما سبق لأن المترجم لنفسه مترجم للحيّ، ولكن المقصود من الفائدة هو ذكر من ترجم لغيره من الأحياء فالمعروف والمشهور أنّ أصحاب التّراجم يترجمون للأموات إلاّ أنّه عرف بعض المؤرخين بالتّرجمة للأحياء كالإمام الذّهبي كما قال ابن الوردي في تاريخه قال : " ومولده سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة، واستعجل قبل مَوته فترجم فِي تواريخه ((الْأَحْيَاء الْمَشْهُورين بِدِمَشْق وَغَيرهَا)))، وَاعْتمد فِي ذكر سير النَّاس على أحدث يَجْتَمعُونَ بِهِ وَكَانَ فِي أنفسهم من النَّاس فآذى بِهَذَا السَّبَب فِي مصنفاته أَعْرَاض خلق من الْمَشْهُورين." عمر بن مظفر بن عمر أبو حفص زين الدين ابن الوردي، تاريخ ابن الوردي (2/337)، الناشر: دار الكتب العلمية – لبنان، ط: الأولى، 1417هـ - 1996م.

الفائدة الثالثة: صلاة الغائب على الأعلام أصحاب الشّأن.
من أهل العلم من صلي عليه صلاة الغائب لقدره وشأنه وآثاره الطّيبة على الأمّة فمن هؤلاء الأعلام على سبيل التّمثيل:
قال ابن الوردي: " وفيها: في ثالث شوال ورد الخبر بوفاة العلامة شيخ الإسلام زين الدين محمد بن الكناني علم الشافعية بمصر وصلى عليه بحلب صلاة الغائب، كان مقدما في الفقه والأصول معظما في المحافل متضلعا من المنقول.." تاريخ ابن الوردي (2/308).
وممن صلي عليه صلاة الغائب أيضا الإمام الذهبي قال ابن الوردي : " وفيه: صليت بحلب صلاة الغائب على الشيخ شمس الدين بن محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي منقطع القرين في معرفة أسماء الرجال محدث كبير ومؤرخ من مصنفاته كتاب تاريخ الإسلام وكتاب الموت وما بعده وغير ذلك، وكف بصره في آخر عمره." تاريخ ابن الوردي (2/337).

وقال ابن كثير: " الشيخ الإمام الحافظ القدوة عفيف الدين أبو محمد عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد بن عزاز البصري الحنبلي، توفي بالمدينة النبوية في أواخر صفر، ولد سنة خمس وعشرين وستمائة، وسمع الحديث الكثير، وجاور بالمدينة النبوية خمسين سنة، وحج فيها أربعين حجة متوالية، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب رحمه الله." البداية والنهاية (13/414)، ت: علي شيري، الناشر: دار إحياء التراث العربي الطبعة: الأولى 1408، هـ - 1988 م.

وفي هذا القدر كفاية ونسأله عزوجل التّوفيق والسّداد لي ولإخواني جميعا ولسائر المسلمين، ولعل في فرصة قادمة أجمع فوائد أخرى نافعة في هذا الباب.

أخوكم: أبو صهيب منير الجزائري.

عبد الله سنيقرة 10 Jul 2018 01:26 PM

جزاك الله خيرا على هذا الموضوع النافع، ولعلكتوسع مقالك هذا فهو قابل للزيادة والتوسيع حتى تتم الفائدة أكثر، وجزاك الله خيرا.

أبو صهيب منير الجزائري 10 Jul 2018 01:32 PM

بارك الله فيك أخي عبد الله على الملاحظة وسأحاول بإذن الله.

عز الدين بن سالم أبو زخار 11 Jul 2018 07:03 AM

جزاك الله خيرا أخانا أبا صهيب.
واسمح لي أن أضرب معك بسهم.
ترجم ابن حجر رحمه الله لنفسه في مجموعة من كتبه منها: ((رفع الإصر عن قضاة مصر)) و ((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)) و ((إنباء الغمر بأنباء العمر)).
وترجم الشوكاني رحمه الله لنفسه في كتابه البدر الطالع.
بل لعله الأولى بالذكر من أفرد تصنيفا في هذا الباب منهم:
السخاوي كتب كتابا بعنوان: ((إرشاد الغاوي بل إسعاد الطالب والراوي للإعلام بترجمة السخاوي)).
ومن المعاصرين:
العلامة محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله ترجم لنفسه ترجمة حافلة في: مجلة للغة العربية بمصر.
وكذلك ترجم ريحانة اليمن ومحدثها مقبل الوادعي رحمه الله، وكتابه معروف ومتداول.
وممن ترجم لمن عاصره:
ابن العطار ترجم لشيخه النووي وكتابه موسوم بـ ((تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين)).
السخاوي ترجم لشيخه ابن حجر وكتابه معروف بـ ((الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر)).
ومن المعاصرين الشيخ محمد بن هادي ترجم لشيخه النجمي في مقدمته على ((المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال)).
ولزوجة الشيخ مقبل رحمه الله أم سلمة السلفية ترجمة للشيخ برسالة بعنوان: ((الرحلة الأخيرة لإمام الجزيرة)).
وترجم له غيرها ممن تتلمذ عنده.
وكذلك للشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تراجم من طلابهم ومعاصريهم وغيرهما من أهل العلم لهم تراجم مطبوعة ومتداولة.
وهذا الباب يعرف بالسيرة الذاتية أو الترجمة الذاتية كتب فيه بكر أبوزيد رحمه الله رسالة ذكر فيها من ترجم لنفسه بعنوان: ((التراجم الذاتية)) ضمن كتابه ((النظائر)) وقال: ((حصل لي 126 عَلَمًا ترجموا لأنفسهم تبعا أو استقلالًا)).
والله الموفق.

أبو صهيب منير الجزائري 11 Jul 2018 08:33 AM

بارك الله فيك أخي عز الدين مشاركتك تفرحنا وجزاك الله خيرا على ما ذكرت من أمثلة.

عز الدين بن سالم أبو زخار 11 Jul 2018 10:01 PM

وإياكم أخي افاضل


الساعة الآن 01:43 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013