منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الهضابي من دعاة التَّفريق والفرقة! (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=24732)

مهدي بن صالح البجائي 01 Apr 2020 08:22 PM

الهضابي من دعاة التَّفريق والفرقة!
 
الهضابي من دعاة التَّفريق والفرقة!








الحمد لله الذي بعث رسولَه بالهدى ودين الحقِّ ليظهره على الدِّين جميعا، وصلَّى الله على محمَّد بن عبد الله وعلى آله وصحبه جميعا، أمَّا بعدُ، فمن عظيم المصائب وجليل المُلمَّات أن يحرَّف دين الله ودعوة الأنبياء من أجل العصبيَّة والحزبيَّات، ذلك أنَّه بعد أن التصق وصفُ الفُرقَة ولقبُ المفرِّقة بقوم كانوا به أحقَّ، وعلم العالم والجاهل أنَّه وصف ذمٍّ عرف به أهل الأهواء والبدع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: «والبدعة مقرونة بالفُرقة، كما أن السُّنَّة مقرونة بالجماعة، فيُقال: أهل السُنَّة والجماعة، كما يُقال: أهل البدعة والفُرقة» [الاستقامة 1/42]، وكان فضل الاجتماع والائتلاف، ونبذ الفرقة والافتراق أمرًا تضافرت عليه النصوص في الكتاب والسُّنَّة، وعظمت به الوصيَّة في هذا الدِّين بما لا يرتاب في ذلك أحد، قال الشَّيخ ابن عثيمين: «ولا يخفى علينا جميعا أن من مقاصد الشَّريعة الاجتماع وعدم التَّفرُّق والائتلاف وعدم الاختلاف وهذا أمر لا يحتاج إلى أدلَّة لوضوحه» [مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (ظ،ظ¦/ظ،ظ¢ظ¨)].

أقول: بعد أن التصق هذا الوصف بالقوم أراد بعض أشقى القوم أن يجعله من دعوة الأنبياء ومقاصد بعثتهم نصرة لشيوخه وحزبه -كَبُر ذلك كلمة تخرج من فيه-، والعجب أنَّه بعد أن أنكر عليه الفضلاء قولته تلك ازداد غيًّا وأصرَّ على باطله عُتوًّا، وذهب يحشد لذلك ما طالته يدُه من كلام العلماء دون فهم ولا تدبُّر، بل ذهب يجيء بما ينسف تقريرَه، وهذه صفات يشترك فيها كثير من القوم للأسف الشَّديد، وبإزاء ذلك يشنِّعون على غيرهم بما هو أقرب للعذر وأبعد عن الغلط في حزبيَّة قلَّ نظيرها!

ثمَّ إنَّ مقالته تلك عُرِضت على عالم كبير من علماء الأمَّة خبير بالمقالات فحكم عليها أنَّها كُفر يجب التوبة منها، ومع ذلك لجَّ الهضابيُّ في ضَّلالته وراح يتَّهم الأبرياء ببتر كلامه، وهذا من أغرب ألوان الفجور في الخصومة، ذلك أنَّ الحكم كان متعلِّقا بتلك اللَّفظة الشَّنيعة التي تلفَّظ بها حين قال: «إن الله سبحانه أرسل الرسل بالفرقة والافتراق» هذا هو الذي عُرِض على الشَّيخ عبيد الجابري، وهذا نصُّ كلامِه -مفرَّغًا- الذي نشَره خصومُه: «...في آن واحد –بارك الله فيك- أهل السُّنَّة يدعون إلى الفرقة والافتراق، كلُّ الأنبياء والرُّسل أرسلهم الله بالفرقة والافتراق، وفي آن واحد بالجماعة والاجتماع، وليس ثمَّة فرق بين ذاك وتلك، إلّا (إذا) كل ذلك بضوابط شرعيَّة –كذا-، يأتي النبيُّ ويدعو قومَه إلى التَّوحيد، ماذا يحصل من جرَّاء ذلك؟ الخلاف والاختلاف».

فهذه هي المقالة وذاك هو سياقها ولحاقها، والمعنى الأخير الذي ذكره الهضابيُّ قد فسَّره في موضع آخر
فقال: «ثم تطرّقت أيضا إلى أنهم يدعون إلى الحقّ وإن حصلت الفرقة والافتراق لكن بالحقّ لا بالباطل، وتعدّ في حقّهم محمدة ومنقبة لا مذّمّة، وذكرت بعض النصوص الشرعية التي وردت في هذا الشأن».

فيقال لهذا الجاهل: أمَّا هذا المعنى فمجمل، وأمَّا قولك: «أهل السُّنَّة يدعون إلى الفرقة والافتراق، كلُّ الأنبياء والرُّسل أرسلهم الله بالفرقة والافتراق» فلا شكَّ أنَّها مقولة باطلة بل كفريَّة -والعياذ بالله-، وكان الواجب عليك هو أن تتراجع عنها، وتتبرَّأ منها غاية البراءة، ثمَّ تبيِّن المعنى الذي تريده إن كنت فاهما لما تريده! إلَّا أن تكون ممَّن يحمل المجمل على المفصَّل، وحتَّى هذا لا يساعدك هاهنا!

فالذي ينبغي أن يفهمه الهضابيُّ ويصرِّح به هو أنَّ الفرقة والاختلاف مذمومة على الإطلاق، ولا تمدح بحال من الأحوال، فإنَّ الله بعث الأنبياء كلَّهم بإقامة الدين والألفة والجماعة وترك الفرقة والمخالفة –كما قال البغويُّ-، وإنَّ مقولته تلك عند التَّدبُّر هي نظير قول القائل: «إنَّ الأنبياء قد أُرسلوا بالكفر والعصيان –عياذا بالله-»، ذلك أنَّ الفرقة والافتراق إنَّما تقع بعد كفر المرسَل إليهم بأنبيائهم وتكذيبهم، فما هي إلَّا نتيجة عدم الاستجابة للرُّسل، وهي ممَّا يقع «كونا وقدرا لا شرعا ودينا، لحكم عظيمة، ولمقاصد جليلة» كما نقل هذا الهضابي عن الشَّيخ مقبل بن هادي الوادعي، فهي ليست ممَّا يحبُّه الله ويرضاه، ولا من مقاصد دعوة الأنبياء، ولو صحَّ قوله: «كلُّ الأنبياء والرُّسل أرسلهم الله بالفرقة والافتراق»، لصحَّ أن يُنسب إلى بعثة الأنبياء –عليهم السَّلام- كلُّ ما يقع كونا وقدرا بسبب دعوتهم إلى الحقِّ والتَّوحيد، فافهم هذا يا هضابي!

نعم؛ «الضدُّ يظهر حسنَه الضِّدُّ» و«بضدِّها تتبيَّن الأشياء» لكن لا يفهم من ذلك مدح وقوع تلك الأضداد من شرٍّ وشِرك وبدعة وغيرها إلَّا مضروب على عقله، بل إن النَّهيَ عنها والسَّعي في إعدامها وتقليلها هو مقصَد الشَّرع ووظيفة الأنبياء وورثتهم.

فاتَّضح أنَّ هذه عبارة شنيعة فيها سوء أدب عظيم مع الأنبياء ونسبة النقص والمذمَّة الشَّديدة إليهم، والتي أنتم اليوم تفرُّون منها! ويؤكِّد هذه الشَّناعة قول هذا الجاهل قبلها: «أهل السُّنَّة يدعون إلى الفرقة والافتراق»، فتأكَّد أنَّه ينسب الدعوة إلى الافتراق إلى أهل الحقِّ، فلو تأمَّل قليلا لعلِم أنَّ سياق الكلام الذي يدَّعي بترَه يدينه أكثر ممَّا يبرِّؤه.

والذي حمل هذا الهضابي على مثل هذه المقولة هو أنَّه ذكرها في معرض الرَّدِّ على خصومه وتبرئة رؤسائه، ومثل هذا قد يقع في مقام الرَّدِّ والمناظرة، فإذا اجتمع إلى ذلك الجهل وسوء الفهم –ناهيك عن الانتصار لحزبيَّته- تقع مثل هذه الشَّنائع.

ثمَّ إنَّه يظهر أنَّ هذا ليس مجرَّد خطأ في التعبير، أو زلَّة عابرة، بل إنَّ عند الرَّجل قصورا في الفهم وجهلا بمسالك العلم ولغته، يدلُّك على ذلك ما له من أخوات لهذه الفاجعة، كالذي وقع له في بدايات هذه الفتنة لمَّا زعم أنَّ «من المعلوم أنّ كلّ من كان أقربَ إلى أهل السنة وعنده مخالفات وانحرافات يكون خُبثه، وخطره، وشرّه أعظم وأخطر وأشنع وأقبح من غيره من الواضحين من أهل الأهواء والبدع ، فانتبهوا وتنبّهوا يا معاشر أهل السنة من شراك وحبائل هؤلاء، ومن هذه الحيثيّة قرّر أهل السنة أنّ أهلَ البدع أشرُّ على أهل الإسلام والإيمان من اليهود والنصارى لأنّهم يفتكون بالمنهج السلفي من الداخل، ويتظاهرون بالخير والصلاح وباسم الدعوة السلفية والوسطية والاعتدال، لكن شواهد الامتحان تخذلهم وتكشف زيفَهم، وخُبثَهم، وسوءَ طويّتهم»، وهذا تقرير غريب وفهم مقلوب، وقد تكفَّل الأستاذ الفاضل خالد فضيل بنقض هذا الهراء في أخوات له في مقاله الماتع: «أحَشَفًا وَسُوءَ كِيلة يا نجار؟!»، والذي استهلَّه بقوله: «فقد كتب عبد الحميد الهضابي مقالا عنونه بقوله: «بيان بعض صور التشغيب والتخذيل من المذبذبين والمناوئين للحق وأهله» فوقع له من الغلط والكلام بالجهل، وتحريف قواعد أهل العلم، وإنزالها غير منزلها ما سأبينه في هذه الكتابة إن شاء الله» http://docdro.id/z71fAEj.

وقد تأمَّلت صنيع هذا الجاهل في مثل ما يأتي به فوجدته يعمد إلى أصلِ معنًى صحيح في الشَّرع وعند أهل العلم، فإذا احتاج أن يوظِّفه في كتاباته أو ينزله على حال أو عين أخذ من معانيه بعضًا وأعرض عن بعض، فربَّما قلب المعنى وحرَّفه تحريفا يرجع على أصله بالنَّقض، وقد يكون فهمه لذلك المعنى مشوَّها أصالة، ولا أحسب ذلك عن قصد منه، بل ذلك مبلغُه من العلم، لكن الأشنع من كلِّ ذلك هو أنَّه ينبَّه على غلطه في الفهم فيلجُّ في الخصومة ويطعن فيمن يردُّ عليه أشدَّ الطعون، وهذا -لا شكَّ يطعن- في عدالته وأمانته، فمن كانت تلك حالُه لا يؤتمن على العلم فضلا عن توجيه غيرِه.

هذا؛ وقد كان يكفي هذا المتزلِّف أن يتكلَّم بمثل ما نقلَه من كلام العلماء، لا أن ينشئ من عنده تلك المقولة القبيحة، وهذا بويران –مثلا- على شدَّة حمقه وتفانيه في خدمة أسياده ولو بتحريف العلم لم يقع في مثلها؛ فإنَّه لمَّا جاء إلى اتِّهام رؤسائه بالمفرِّقين حاول أن يقلب القضية فجعل خصومه هم أسباب الفرقة، فقال: «و الفرقة في الحقيقة إنما نشأت عن مخالفاتهم و إصرارهم عليها، و بسبب عنادهم، و مُقابلتهم للناصحين و الناقدين بالطعون و الحروب الظالمة الشعواء، و بالتحريش بينهم و بين العلماء، و تشويه صورتهم عندهم، و سعيهم للظفر بتزكيات لهم لستر فضائحهم، و استخراج صوتيات تجريحية في خصومهم، و نحو ذلك من الأفاعيل، كما بيَّنَّاه بالتفصيل في غير هذا الموضع»، كتبت هذا ثمَّ عَلِمت أنَّ بويران قد أيَّده في إصراره هذا، وهذا لا يستغرب منه، فهو أشدُّ انصهارا في قوالب الحزبيَّة من المعادن المنصهرة، نعوذ بالله من الخذلان.

ولعلَّ كلَّ هذا التمحُّل والتملُّص من الإقرار بالخطأ الذي وقع من هذا الهضابي هو لظنِّه أنَّ خصومَه رموه بتقصُّد انتقاص الأنبياء، وهذا ما لا أظنُّ عاقلا يرميه به، فهو ممَّا يستلزم الكفر عينًا، لكن الذي عليه أن يفهمه هو أنَّه وإن لم يكن قصدُه ذاك ولا كان يريد نسبة مذمَّةٍ إليهم فإنَّ عبارته تلك تفيد ذلك وتدلُّ عليه دلالة واضحة، فقول القائل: «أهل السُّنَّة يدعون إلى الفرقة والافتراق، كلُّ الأنبياء والرُّسل أرسلهم الله بالفرقة والافتراق»، تعني أنَّ أهل الحقِّ يتقصَّدون إيقاع الفرقة ويدعون إليها، وأنَّها من مقاصد بعثة الأنبياء، وهذا لا شكَّ افتراء على الله ورسله وأهل السُّنَّة، فأقلُّ شيء يجب على الهضابيِّ هو الاعتراف بشناعة هذه العبارة والتَّوبة منها.

وأخيرا هاهنا سؤال صريح أطلب من الهضابي أن يجيب عنه بينَه وبين نفسِه: بالله عليك يا عبد الحميد أترضى أن يقال عنك: «الهضابي من دعاة التَّفريق والفُرقة؟!» فإن لم تكن ترضى به لنفسك –ولا أظنُّك إلَّا كذلك- فكيف ترضاه لأنبياء الله ورُسُلِه عليهم السَّلام؟!

والسَّلام!



كتبه مهدي بن صالح البجائي
الأربعاء 08 شعبان 1441

قاضي سعيد 02 Apr 2020 05:44 AM

بارك الله فيك على المقال. الهضابي حقا من دعاة التفريق

طارق بن صغير 02 Apr 2020 09:26 AM

جزاك الله خيرا شيخ أخي الفاضل على هذا المقال المبين لقبح غلط هذا المفرق في حق الأنبياء ودعوتهم المباركة وبارك الله فيك فقد نصحت وبينت فعلى الله أجرك و هو وحده الهادي فله الحمد

كريم بنايرية 02 Apr 2020 10:32 AM

مراجيح مهابيل بهاليل.. يريدون أن يتزلفو لمشايخهم على حساب الحق والأصول السلفية

أبو سّلاف بلال التّمزريتي 02 Apr 2020 10:56 AM

جزاك الله خيرا أبا محمد، وعسى هذا الجاهل أن يرعويَ عن شنيع فعله، ويتوبَ إلى ربّه من لوثته التي لاكها لسانه. الخشني الخشين الرأس يستعمل (التغنانت) في الدين، ضيّق العطن، متشبع بما لم يُعط، واعجب لمن يجعل هذا شيخا؟!

محسن أبو محصن بن جمال العروم 02 Apr 2020 05:57 PM

جزاك الله خيرا أخي مهدي حفظك لله

أبو عبد الله حيدوش 02 Apr 2020 07:08 PM

جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم بوركت يمينك

أمين المهاجر 06 Apr 2020 07:22 PM

بارك الله فيك أخي مهدي على هذا المقال فإن الذب عن أعراض المسلمين فضيلة فكيف بمنهج الأنبياء عليهم الصلاة و السلام

محسن سلاطنية 13 Apr 2020 04:40 AM

بوركت أخي مهدي ، نفع الله بمقالتك وجزاك خيرا.


الساعة الآن 09:03 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013