منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   تأملات في حديث: (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم) (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=22023)

أبو الحسن نسيم 06 Nov 2017 05:29 PM

تأملات في حديث: (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم)
 
الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه قال: يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ) البخاري3641 ومسلم 1037.

لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الطائفة المنصورة والفرقة الناجية أكرمهم الله بالثبات على الدين،والنصرة على أعدائهم،وأنه لا يضرهم من خذلهم فترك معاونتهم ونصرتهم على أعدائهم،ولا من خالفهم وعاداهم من أعداء الله سبحانه وتعالى، قال الملا علي القاري في المرقاة شرح المشكاة11/416: (" لَا يَضُرُّهُمْ ") ، أَيْ: لَا يَضُرُّ دِينَهُمْ وَأَمْرَهُمْ (" مَنْ خَذَلَهُمْ ") ، أَيْ: مَنْ تَرَكَ عَوْنَهُمْ وَنَصْرَهُمْ، بَلْ ضَرَّ نَفْسَهُ وَظَلَمَ عَلَيْهَا بِإِسَاءَتِهَا (" وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ ") ، أَيْ: لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ (" حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ") ، أَيْ: مَوْتُهُمْ أَوِ انْقِضَاءُ عَهْدِهِمْ (" وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ") . أَيْ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ)

وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه 1/7:( (مَنْ خَذَلَهُمْ) أَيْ لَمْ يُعَاوِنْهُمْ وَلَمْ يَنْصُرْهُمْ مِنَ الْخَلْقِ فَإِنَّهُمْ مَنْصُورُونَ بِاللَّهِ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْخَيْرِ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] أَيْ فَلَا يَضُرُّهُمْ عَدَمُ نَصْرِ الْغَيْرِ)

لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم صنفين من الناس مع أهل الحق،صنف خالفهم مخالفة وعاداهم،وصنف خذلهم فلم يقم بنصرتهم على أعدائهم،وتأمل كيف قدم النبي صلى الله عليه وسلم المخذلين لعظيم ضررهم،وعدم وقوفهم بجنب إخوانهم في محاربتهم لأعداء دين الله جل وعلا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-في مجموع الفتاوى28/229:( فهذه الفتنة قد تفرق الناس فيها ثلاث فرق: الطائفة المنصورة، وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين. والطائفة المخالفة، وهم هؤلاء القوم، ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام. والطائفة المخذلة، وهم القاعدون عن جهادهم؛ وإن كانوا صحيحي الإسلام. فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة؟فما بقي قسم رابع) ولا شك أن الجهاد كما يكون بالسيف والسنان يكون أيضا بالحجة والبرهان،مقارعة لأهل الباطل والبدع والأهواء،وكما دخل التخاذل في الجهاد بالسيف،فكذلك دخل التخاذل أيضا في باب الدعوة إلى الله، والموقف من المخالفين،وقد رفع أهل السنة راية مقارعة المبطلين،بكشفهم وفضحهم، وبيان حالهم،ولا سيما في هذا العصر الأخير حين ظهرت الجماعات المعاصرة من إخوان مفلسين،وقطبيين وسروريين وجماعة التبليغ وغيرها من النحل التي نصح أهل الحق الناس بتركها والبعد عنها،وقد ظهر من يخذل أهل السنة في هذا الجهاد،وفي هذه المقاومة الشرسة لأهل الباطل،وصور ذلك في الواقع كثيرة أذكر بعضها حتى يحذر المرء منها،ويحذر من أهلها مهما تزيوا بزي العلم فهم والله غشاشون للناس تاركون للصدق والديانة:

-فمن صور التخذيل: التخذيل عن أهل الحق العلماء الأكابر والدعاة الصادقين،الذين انبروا لهذه الفتن نصرة لدين الله،وردا على المبطلين،فتراهم يزهدون الشباب في هؤلاء الأكابر أمثال الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي-حفظه الله-، والشيخ العلامة زيد بن هادي-رحمه الله- وأحمد بن يحيى النجمي_رحمه الله- الذين عرفوا بالصدع بالحق فيما يتعلق بأهل الباطل،فتجد المخذل يزهد الشباب فيهم وفي مواقفهم البطولية،بل يصورهم على أنهم ليسوا بذاك المستوى الكبير في هذا الدفاع عن دين الله، وقد يرميهم بغير هذا،ومن تخذيله أنه يخذل عن الدعاة الذين يتكلمون في المسائل المنهجية ويبينون الحق للناس بطرق خفية ماكرة والله المستعان.

-ومن صور التخذيل تخذيل الشباب عن المسائل المنهجية، والكلام فيها، وبيان الحق فيها، ومعرفة أصول المنهج السلفي بقواعده وأصوله،ومن ذلكم ما يتعلق بالموقف من المخالف وبيان دخن الجماعات المنحرفة،فترى المخذل يحول بين الشباب وبين العلم العظيم الذي هو الجرح والتعديل مظهرا لهم أنه من الفتن التي لا يخاض فيها وتترك لأهلها.

-ومن صور التخذيل عدم الكشف والبيان عن المنحرفين المبطلين الذين يفتنون الناس ولا سيما المنتسبين للمنهج السلفي،فعدم بيان هؤلاء يجعل الناس في حيرة من أمرهم،ويقبلون عليه وهو على باطل،بل ترى المخذل يغضب لذلك شديدا إذا سئل عن أمثال هؤلاء،بل قد تراه ينصح به ويثني عليه.


-ومن صور التخذيل التهوين من المسائل المنتقدة على أحد المخالفين،فتراه يصول ويجول في الثناء على ذلك الشخص مهما عرضت عليه أخطاؤه بحجة الترفق واللين وأنه خير من غيره،مع كون ذلك المخالف لعّاب صاحب هوى،ليس المجال في التعامل معه بالرفق،بل التعامل معه يكون بالشدة حتى يرجع ويؤوب ويصلح من حاله،أو يكفي الناس من شره.
هذه بعض صور التخاذل التي يعاني منها أهل السنة في كفاحهم وجهادهم،أسال الله أن يبصرنا بالحق وأن يجعلنا متمسكين به إنه سميع مجيب.

محمد مزيان 06 Nov 2017 09:52 PM

جزاك الله خيرا أخي الحبيب نسيم على هذه اللفتة المهمة، النابعة من الغيرة على هذا المنهج المبارك.
والله إن أذى هؤلاء المخذلين أشد وأعظم من أذى أهل البدع والأهواء الأصليين. حالهم شبيه بحال المنافقين الذين قال الله فيهم: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ. وقال فيهم صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً. رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
فالمخالف أمره بيِّنٌ ظاهر، لكن المصيبة تأتي من هذا المخذل. فهو في الظاهر معك، ويكون على ما أنت عليه؛ لكنه يخذلك فلا هو ينصر الحق وينصرك، ولا هو يسكت فتسلم من أذاه.
يعظم التخاذل والتخذيل من هؤلاء حين يلتحم الصفان - صف السنة والإيمان وصف البدعة والطغيان- حينئذ يحتاج أهل السنة إلى النصرة، فيخذل هؤلاء ويخذّلون عن نصرتهم. فيساهمون بذلك في إضعاف اجتماع أهل السنة، وهذا الضعف بفتح الأبواب للأعداء.
ولهذا وجب على أهل السنة السلفيين -حقا وصدقا- أن يحرصوا على التحصن من المخذلين أولا، حتى يواجهوا الأعداء بقوة وصف متماسك متين.
والحديث الذي ذكرت – أخي نسيم- في أول المقال، فيه بشارتان من النبي صلى الله عليه وسلم:
الأولى: في قوله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ،.............. حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. فبشر صلى الله عليه وسلم ببقاء الطائفة المنصورة المتمسكة بالحق إلى قيام الساعة.
والثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ. بشر صلى الله عليه وسلم بأن ضرر المخذلة لا يحصل. فقد نفاه بقوله: لاَ يَضُرُّهُمْ. ولا نافية. فالضرر لا يحصل لأن الحق بإذن الله تعالى منصور.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نفى الضرر فلا يحصل منهم، فهذا لا يعني نفي الأذية منهم فهي حاصلة. كما قال تعالى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى. ولهذا وجب الحذر والتحذير من المخذلة وشرهم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
اللهم إنا نعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلنا.

أبو عبد الله عبد اللطيف 06 Nov 2017 11:22 PM

بارك الله فيك أبا الحسن نسيم،

يوسف صفصاف 07 Nov 2017 02:03 AM

جزاكم الله خيرا مشايخنا الأفاضل جعله الله في ميزان حسناتكم

لزهر سنيقرة 07 Nov 2017 07:07 AM

جزاك الله خيرا أخي نسيم على هذه الفائدة المنهجية النبوية العزيزة التي تثلج الصدور وتثبّت القلوب على الحق.
وإضافة لما ذكرت استأذنك في إضافة أخرى وهي: مصاحبة المنحرفين والجلوس معهم واتخاذهم أخدانا يرافقونهم في أسفارهم ويستعينون بهم في قضاء حوائجهم، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول:"المرء على دين خليله"، ليس هذا فحسب بل ويدافعون عنهم ويعادون إخوانهم من أجلهم خاصة من حذر منهم.
وإلى الله المشتكى وهو المستعان.

يوسف صفصاف 07 Nov 2017 07:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لزهر سنيقرة (المشاركة 82261)
جزاك الله خيرا أخي نسيم على هذه الفائدة المنهجية النبوية العزيزة التي تثلج الصدور وتثبّت القلوب على الحق.
وإضافة لما ذكرت استأذنك في إضافة أخرى وهي: مصاحبة المنحرفين والجلوس معهم واتخاذهم أخدانا يرافقونهم في أسفارهم ويستعينون بهم في قضاء حوائجهم، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول:"المرء على دين خليله"، ليس هذا فحسب بل ويدافعون عنهم ويعادون إخوانهم من أجلهم خاصة من حذر منهم.
وإلى الله المشتكى وهو المستعان.

جزاكم الله خيرا شيخنا الوالد على التتمة والفائدة
أبقاكم الله ناصحا لأبنائك

أبو الحسن نسيم 07 Nov 2017 08:12 AM

جزى الله خيرا كل من الشيخ محمد مزيان،والشيخ الوالد أزهر على ما أتحفانا به من التعليق على المقال،وهو لا شك من النصرة لأهل السنة في دفاعهم عن المنهج السلفي،وبيان خطورة التخذيل عن الحق وأهله،فبارك الله فيهما وزادهما من فضلا.
ولقد سررت بمرورهما وتعليقهما،والشكر موصول لمن علق على المقال،فبارك الله فيكم إخواني الأفاضل.

أبو إكرام وليد فتحون 07 Nov 2017 09:50 AM

ما شاء الله و لله الحمد ، جزاك الله عنا خيرا اخونا الحبيب وبارك فيك
والله ليس مدحا إنما من باب الاخبار نستفيد كثيرا من مواضيعك
زادك الله من فضله وجعلك مفتاح خير مغلاق شر ، واصل بارك الله فيك وصلك الله بجناته .

أبو ثابت حسان 07 Nov 2017 10:59 AM

جزاك الله خيرا أخي نسيم على ما خطت يمينك والشكر موصول أيضا إلى والدنا الكريم وأستاذنا الحبيب أزهر حفظه الله تعالى على نصحه لأبنائه ،هذا هو منهجنا بصفائه ونقائه لا مجال فيه للخط الرمادي

عز الدين بن سالم أبو زخار 08 Nov 2017 06:39 AM

جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبا الحسن وسلمت يمينك.
ولو يعلم المخذل أن بأفعاله المشينة يتشبه بالمنافقين والشياطين لكفى به زجرا على تخذيله.


الساعة الآن 12:19 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013