منتديات التصفية و التربية السلفية

منتديات التصفية و التربية السلفية (http://www.tasfiatarbia.org/vb/index.php)
-   الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام (http://www.tasfiatarbia.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   ثمرة سمعنا وأطعنا ومضرة سمعنا وعصينا (http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=17510)

عبد القادر شكيمة 27 Nov 2015 04:23 PM

ثمرة سمعنا وأطعنا ومضرة سمعنا وعصينا
 
<بسملة1>

أمر الله عز وجل الناس بالسمع والطاعة لله ورسوله، ورتب على ذلك سعادة الحياتين في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: " إنَّما كان قولَ المؤمنينَ إذا دُعُوا إلى الله ورسولِهِ لِيَحْكُمَ بينهم أن يقولوا سَمِعنا وأطَعنا وأولئِكَ هم المفلِحونَ(51) ومن يُطع الله ورسولَهُ ويَخشَ الله ويتَّقهِ فأولئِكَ هم الفائِزونَ " [النور:51-52]
وأما من خالف أمره جل وعلا فقد توعده بالذلة والصغار والغضب من الله عليه.
قال سبحانه عن الكفار من أهل الكتاب لما قالوا سمعنا وعصينا ولم يؤمنوا: " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " [آل عمران:112]
بل مسخ الله سبحانه وتعالى اليهود قردة وخنازير لما عصوا أمر الله وتحايلوا على شرعه، قال عز وجل: " وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) " [الأعراف: 163-166]
وقال سبحانه: " قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) " المائدة:59-60]
وفي شأن الصحابة رضوان الله عليهم روى أبو هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284]، قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَدِ اُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا: " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: " لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] " قَالَ: نَعَمْ " " رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا" قَالَ: نَعَمْ " رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ" قَالَ: نَعَمْ " وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" قَالَ: نَعَمْ " رواه مسلم وأحمد.
وروى مسلم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ " ، قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا " قَالَ: فَأَلْقَى اللهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: " لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ " رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا" قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ " وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا" قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.

قال ابن عطية: سبب هذه الآية أنه لما نزلت : "وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ " وأشفق منها النبي (1) صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ثم تقرر الأمر على أن قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا، فرجعوا إلى التضرع والاستكانة، مدحهم الله وأثنى عليهم في هذه الآية، وقدم ذلك بين يدي رفقه بهم وكشفه لذلك الكرب الذي أوجبه تأَوُّلهم، فجمع لهم تعالى التشريف بالمدح والثناء ورفع المشقة في أمر الخواطر، وهذه ثمرة الطاعة والانقطاع إلى الله تعالى، كما جرى لبني إسرائيل ضد ذلك من ذمهم وتحميلهم المشقات من المذلة والمسكنة والجلاء إذ قالوا سمعنا وعصينا، وهذه ثمرة العصيان والتمرد على الله أعاذنا الله من نقمه. المحرر الوجيز: 2/135-136 ط قطر

ولما قل عمل المسلمين في هذه الأزمان بسمعنا وأطعنا سلط الله عليهم الذل، وسيطرة أعدائهم عليهم، قال عليه الصلاة والسلام: « إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رواه الإمام أحمد وأبو داود واللفظ له عن ابن عمر مرفوعا.

ولما طمس هذا الشعار من قلوب أشباه اليهود الشيعة الروافض، فلم يطيعوا أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم, وبنوا عقيدتهم على الشرك وبغض الصحابة الأطهار, ورموا بالفاحشة أمَّنا الطاهرة الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سماوات عائشة رضي الله عنها بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، سلط الله عليهم الذل, حتى صار أئمتهم يفعلون ببناتهم ما يشاءون، فانتهكت أعراضهم وأصبح الواحد منهم لا يعرف أباه, ووصل الذل والهوان بهم حتى صاروا يأكلون من فضلات شيوخهم. فهل من له مسكة من عقل يتبع هؤلاء أو يدافع عنهم أو يدعو إلى التقريب بينهم وبين أهل السنة؟ نعوذ بالله من الذل والهوان والبدع والأهواء والشرك والكفران.

أسال الله تعالى أن يرد الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيها وعلى فهم سلفها الصالحين، فإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1) لا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أشفق من الآية.

أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي 28 Nov 2015 09:39 AM

جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم عبد القادر على الاختيار السديد.

عبد القادر شكيمة 29 Nov 2015 08:43 AM

جزاك الله خيرا على تشجيعك لأخيك أخي أبا فهيمة

عبد القادر شكيمة 06 Dec 2017 11:11 AM

ومما غفل عنه كثير من الناس اليوم بل وبعض طلبة العلم عدم السمع والطاعة للعلماء الناصحين، وهذا ربما نشأ عن الجهل بمقام العلماء، أو الاغترار بالآراء، ونسيان أن نظرة العلماء لمآلات الأمور وعواقب الفتن ليست مثل نظرة من دونهم، وفي الحقيقة أن عدم السمع والطاعة لولاة الأمور من العلماء والحكام المسلمين في غير معصية الله هي عدم السمع والطاعة لله عز وجل، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء:59]
فعلى طلبة العلم إذا نوصحوا من أهل العلم أن يبادروا بالتوبة ويعلموا أن العلماء لا يريدون لهم إلا الخير وعدم الوقوع في الزلل، وفي توبتهم لم للشمل ورأب للصدع.

أبو عبد السلام جابر البسكري 08 Dec 2017 10:48 AM

جزاك الله خيرا استاذ عبد القادر ونفع الله بتذكيرك ، وجعلنا الله من الذين قالوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا.

أبوعبيد الله عبد الله مسعود 08 Dec 2017 06:21 PM

جزاك الله خيرا أخي عبدالقادر
مشايخنا يحافظون علينا ويحبون لنا الخير
وينظرون ﻷبعاد نحن لا نراها
وفقنا الله للالتفاف حولهم والأخذ بتوجيهاتهم .


الساعة الآن 03:17 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013